وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن مات وهو يدعو لله ندًا دخل النار )
رواه البخاري .
قال ابن القيم : ( الند ) : الشبه ،
يقال : فلان ند فلان ونديده ،
أي : مثله وشبهه ؛ انتهى .
وهذا كما قال تعالى :
** فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ **
سورة البقرة 22
وقال تعالى :
** وجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ **
سورة الزمر 8
أي : مَن مات وهو يدع لله ندًا ،
أي : يجعل لله ندًا فيما يختص به تعالى ويستحقه من الربوبية والإلهية ، دخل النار، لأنه مشرك ، فإن الله تعالى هو المستحق للعبادة لذاته ،
لأنه المألوه المعبود الذي تألهه القلوب وترغب إليه ، وتفزع إليه عند الشدائد ،
وما سواه فهو مفتقر إليه ،
مقهور بالعبودية له، تجري عليه أقداره وأحكامه طوعًا وكرهًا ،
فكيف يصلح أن يكون ندًا ؟
قال الله تعالى : ** وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً
إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ **
سورة الزخرف 15
وقال : ** إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً **
سورة مريم 93
وقال تعالى :
** يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ واللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ **
سورة فاطر 15
فبطل أن يكون له نديدٌ من خلقه ،
تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا
** ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وما كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ **
سورة المؤمنون 91 - 92
واعلم أن دعاء الند على قسمين :
أكبر وأصغر ،
فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه ،
وهو الشرك الأكبر .
والأصغر كيسير الرياء ، وقول الرجل :
ما شاء الله وشئت ، ونحو ذلك .
فقد ثبت ( أن النبي صلى الله عليه وسلم
لما قال له رجل : ما شاء الله وشئت قال : أجعلتني لله ندًا ؟
بل ما شاء الله وحده )
رواه أحمد وابن أبي شيبة ،
والبخاري في " الأدب المفرد " والنسائي ،
وابن ماجة ،
وقد تقدم حكمه في باب فضل التوحيد .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 104 - 105 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .