القسم الثاني : الشرك في توحيد الأسماء والصفات .
وهو أسهل مما قبله ، وهو نوعان :
أحدهما : تشبيه الخالق بالمخلوق ،
كمَنْ يقول : يدٌ كيدي ، وسمعٌ كسمعي ،
وبصرٌ كبصري ، واستواء كاستوائي ،
وهو شرك المشبِّهة .
الثاني : اشتقاق أسماء للآلهة الباطلة من أسماء الإله الحق .
قال الله تعالى : ** ولِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ **
سورة الأعراف 180
قال ابن عباس : ** يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ** : يشركون ،
وعنه : سموا اللاّت من الإله ،
والعُزَّى من العزيز .
القسم الثالث : الشرك في توحيد الإلهية والعبادة .
قال القرطبي : أصل الشرك المحرَّم اعتقادُ شريكٍ لله تعالى في الإلهية ،
وهو الشرك الأعظم ، وهو شرك الجاهلية، ويليه في الرتبة اعتقاد شريكٍ لله تعالى في الفعل ، وهو قول مَنْ قال :
إنّ موجودًا " ما " غير الله تعالى يستقل بإحداث فعلٍ وإيجاده
وإن لم يعتقد كونَه إلهًا ،
هذا كلام القرطبي .
وهو نوعان :
أحدهما :
أن يجعل لله ندًّا يدعوه كما يدعو الله ،
ويسأله الشفاعة كما يسأل الله ،
ويرجوه كما يرجو الله ،
ويحبه كما يحب الله ،
ويخشاه كما يخشى الله .
وبالجملة فهو أن يجعل الله ندًا
يعبده كما يعبد الله ،
وهذا هو الشرك الأكبر ،
وهو الذي قال الله فيه :
** وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً **
سورة النساء 36
وقال : ** ولَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ **
سورة النحل 36
وقال تعالى : ** ويَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ ولا يَنْفَعُهُمْ ويَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ في السَّمَاوَاتِ ولا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُون **
سورة يونس 18
وقال تعالى : ** الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ وما بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى على العَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا شَفِيعٍ
أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ **
سورة السجدة 4
والآيات في النهي عن هذا الشرك وبيان بطلانه كثيرة جدًا .
الثاني : الشرك الأصغر ،
كَيَسِيرِ الرياء والتصنع للمخلوق ،
وعدم الإخلاص لله تعالى في العبادة ،
بل يعمل لحظ نفسه تارةً ،
ولطلب الدنيا تارة ،
ولطلب المنْزلة والجاه عند الخلق تارة ،
فله مِن عمله نصيب ، ولغيره منه نصيب .
ويتبع هذا النوعَ : الشركُ بالله في الألفاظ ، كالحلفِ بغير الله ،
وقول : ما شاء الله وشئت ،
ومالي إلاّ الله وأنت ،
وأنا في حسب الله وحسبك ، ونحوه .
وقد يكون ذلك شركا أكبر بحسب حال قائله ومقصده .
هذا حاصل كلام ابن القيم وغيره .
وقد استوفى المصنف رحمه الله بيان جنس العبادة التي يجب إخلاصها لله بالتنبيه على بعض أنواعها ،
وبيان ما يضادُّها من الشرك بالله تعالى في العبادات والإرادات والألفاظ ،
كما سيمر بك ـ إن شاء الله تعالى ـ مفصلا
في هذا الكتاب ،
فالله تعالى يرحمه ويرضى عنه .
فإن قلت : هلاّ أتى المصنف رحمه الله بخطبة تُنبئ عن مقصده ، كما صنع غيره ؟
قيل : كأنّه - والله أعلم - اكتفى بدلالة الترجمة الأولى على مقصوده ،
فإنّه صَدَّرَه بقوله : ( كتاب التوحيد )
وبالآيات التي ذكرها وما يتبعها ،
مما يدل على مقصوده ،
فكأنّه قال : قصدت جمعَ أنواع توحيد الإلهية التي وقع أكثر النّاس في الإشراك فيها
وهم لا يشعرون ،
وبيان شيء مما يضاد ذلك من أنواع الشرك، فاكتفى بالتلويح عن التصريح .
والألف واللام في التوحيد للعَهْدِ الذِّهْنِي .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 28 - 29 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...az_alhmeed.pdf
« أل » التعريفية | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
https://ferkous.com/home/?q=rihab-5-21