قال الله تعالى : ** إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا * أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عليه وَكِيلًا **
[ سورة الفرقان : 42 - 43 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
والقصد من قدحهم فيه واستهزائهم به تصلبهم على باطلهم وغرورا لضعفاء العقول
ولهذا قالوا : ** إِنْ كَادَ ** هذا الرجل
** لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا **
بأن يجعل الآلهة إلها واحداً ،
** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ** : لأضلَّنا .
زعموا قبّحهم الله أنّ الضّلال هو التوحيد ،
وأنّ الهُدى ما هم عليه من الشرك ؛
فلهذا تواصَوْا بالصّبر عليه ، ** وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ ** ،
وهنا قالوا : ** لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا **
والصبر يُحمد في المواضع كلِّها ؛
إلاّ في هذا الموضع ؛
فإنّه صبرٌ على أسباب الغضب ،
وعلى الاستكثار من حطب جهنَّم ،
وأما المؤمنون ؛ فهم كما قال الله عنهم :
** وتَوَاصَوْا بالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ **
ولما كان هذا حُكماً منهم بأنّهم المهتدون
والرسول ضالٌّ ،
وقد تقرَّر أنّهم لا حيلة فيهم توعّدهم بالعذاب ،
وأخبر أنهم في ذلك الوقت ،
** حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ ** :
يعلمون علماً حقيقيّا ** مَنْ ** هو
** أَضَلُّ سَبِيلًا ** .
** وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ** الآيات .
وهل فوق ضلال مَن جعل إلهه معبودَه ؛
فما هَوِيَه فعلَه ؟!
فلهذا قال : ** أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ** :
ألا تعجب من حاله وتنظُر ما هو فيه من الضلال
وهو يحكُم لنفسه بالمنازل الرفيعة ،
** أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ** ؛
أي: لستَ عليه بمسيطر مسلَّط ،
بل إنّما أنت منذرٌ وقد قمتَ بوظيفتك .
وحسابُه على الله . اهـ