قال تعالى : ** والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ ولَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ *
وإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ **
[ سورة الأعراف : 197]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
وهذا أيضا في بيان عدم استحقاق هذه الأصنام التي يعبُدونها من دون اللّه لشيء من العبادة ؛
لأنها ليس لها استطاعةٌ ولا اقتدارٌ في نصر أنفسهم
ولا في نصر عابديها ،
وليس لها قوة العقل والاستجابة ؛
فلو دعوتَها إلى الهدى ؛ لم تهتدِ ،
وهي صورٌ لا حياة فيها ،
فتراهم ينظرون إليك، وهم لا يبصرون حقيقة ؛ لأنّهم صوَّروها على صور الحيوانات من الآدميين
أو غيرهم ، وجعلوا لها أبصارا وأعضاء ؛
فإذا رأيتها قلت : هذه حيّة ؛ فإذا تأملتها ؛
عرفت أنها جمادات لا حراك بها، ولا حياة ؛
فبأي رأي اتّخذها المشركون آلهة مع اللّه ؟!
ولأيّ مصلحة أو نفع عكفوا عندها وتقرّبوا لها بأنواع العبادات ؟!
فإذا عُرف هذا ؛ عُرف أن المشركين وآلهتهم التي عبدوها لو اجتمعوا وأرادوا أن يكيدوا من تولاّه فاطر الأرض والسماوات مُتولِّي أحوال عباده الصالحين ؛ لم يقدروا على كيده بمثقال ذرّة من الشرّ ؛ لكمال عجزهم وعجزها وكمال قوة اللّه واقتداره وقوّة من احتمى بجلاله وتوكّل عليه ،
وقيل : إنّ معنى قوله :
** وتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ** :
أنّ الضمير يعود إلى المشركين المكذّبين
لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم،
فتحسبهم ينظرون إليك يا رسول اللّه نظر اعتبار يتبيّن به الصادق من الكاذب ،
ولكنهم لا يبصرون حقيقتك وما يتوسّمه المتوسِّمون فيك من الجمال والكمال والصدق .