قال تعالى :
** وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ *وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
والآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ **
سورة الزخرف 33 - 35
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
" يخبر تعالى بأنّ الدّنيا لا تسوى عنده شيئا، وأنّه لولا لطفُه ورحمتُه بعباده
التي لا يقدم عليها شيئا ؛
لوسَّع الدّنيا على الذين كفروا توسيعا عظيما، ولَجَعَلَ
** لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ ** ؛
أي : درجا من فضة ،
{عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ** : إلى سطوحهم ،
** ولِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ** :
من فضّة، ولجعل لهم ** زُخرفا ** ؛
أي : لزخرف لهم دُنياهم بأنواع الزخارف، وأعطاهم ما يشتهون ،
ولكن منعه من ذلك رحمتُه بعباده ؛
خوفا عليهم من التسارع في الكفر
وكثرة المعاصي بسبب حبِّ الدّنيا .
ففي هذا دليلٌ على أنّه يمنع العبادَ بعض أمور الدنيا منعا عامّاً أو خاصّاً لمصالحهم، وأنّ الدّنيا لا تزن عند اللّه جناح بعوضة .
وأنّ كلّ هذه المذكورات متاعُ الحياة الدّنيا منغصة مكدرة فانية ،
وأنّ الآخرة عند الله تعالى خيرٌ للمتّقين لربِّهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ؛
لأنّ نعيمَها تامٌّ كاملٌ من كل وجه ،
وفي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ الأعين، وهم فيها خالدون .
فما أشدَّ الفرقَ بين الدارين ! " .