67)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
م) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 268 - 273 ) :
الخشوع : خضوعٌ وتذللٌ وانقياد لله ،
فتباشر مواعظُ اللهِ قلوبَ أوليائِه ،
فتخشع ،
فتُورث صلاحا في الجوارح ،
وإقبالا على الله ،
وقَبولاً لأوامره بالسعادة والطاعة ،
وانكفافاً عن نواهيه ابتغاء مَراضيه ،
قال تعالى في شأن عِبادِهِ العلماء
العُبّاد الصالحين :
** قَلّ آمنوا به أو لا تُؤمنوا إنَّ الَّذينَ
أُوتُوا العلم مِن قَبْلِه إذا يُتْلَى عليهم
يَخرّون للأذقان سُجّدا * ويقولون
سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا
لمفعولا * ويَخرّون للأذقان يبكون
ويَزيدهم خشوعا **
[ سورة الإسراء : 107 - 109 ] ،
فالخشوع إذا وقع في القلب صَلُحَ ،
وسَرَى صلاحُه إلى الجوارح ،
فانقادتْ إلى أمرِ اللهِ ونهيه ،
فتواضع العبد لأمر الله وحكمه وقضائه ،
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي
( 2 / 10 ) ] :
" القلب إذا خشع فإنّه يَسكُنُ خواطره
وإرادته الرديئة التي تنشأ عن اتِّباع
الهوى ،
وينكسر ويخضع لله عزّوجلّ ،
فيزول بذلك ما كان فيه من البأو والترفع والتعاظم والتكبُّر ،
ومتى سكن ذلك في القلب خشعت
الأعضاء والجوارح والحركات كلُّها
حتى الصّوت .
وقد وصف الله تعالى الأصوات بالخشوع في قوله :
** وخشعت الأصوات للرحمن
فلا تسمع إلَّا همسا **
[ سورة طه : 108 ] ،
فخشوع الأصوات هو سكونها
وانخفاضها بعد ارتفاعها .
وكذلك وصف وجوه الكُفّار وأبصارهم
في يوم القِيامَةِ بالخشوع ،
فدلّ ذلك على دخول الخشوع
في هذه الأعضاء كلَّها " .
وقال ابن القيم رحمه الله مبيناً معنى
الخشوع [ مدارج السالكين
( ص 322 - 323 ) ] :
" وقال الجنيد رحمه الله :
الخشوع تذلُّل القلوب لعلاّم الغيوب .
وأجمع العارفون على أن
« الخشوع » محلّه القلب ،
وثمرته على الجوارح ،
فهي تُظهِرُه " .
وقال تعالى :
** وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون **
[ سورة المرسلات : 48 ] ،
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ تفسير ابن رجب الحنبلي
( 2 / 23 - 24 ) ] :
" وتمام الخضوع في الركوع :
أن يخضع القلبُ لله ويذل له ،
فيتمَّ بذلك خضوع العبد بباطنه
وظاهره لله عزّوجلّ .
ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقول في ركوعه :
( خَشَعَ لك سَمْعي وبَصَري ومُخِّي وعِظامِي وما اسْتَقَلَّ به قَدَمِي ) ،
[ رواه مسلم ] .
إشارة إِلَى أن خشوعه في ركوعه
قد حصل بجميع جوارحه ،
ومِن أعظمها القلبُ الّذي هو مَلِكُ الأعضاء والجوارح ،
فَإِذَا خشع خشعت الجوارحُ والأعضاء كلُّها تَبَعًا لخشوعه .
ومن ذلك : السجود ،
وهو أعظم ما يظهر فيه ذلُّ العبد
لربِّه عزّوجلّ ،
حيث جعل العبدُ أشرف ما له
مِن الأعضاء وأعزَّها عليه
وأعلاها حقيقة ،
أوضع ما يُمكنه ،
فيضعه في التراب مُتعفِّرًا ،
ويتبع ذلك انكسار القلب وتواضعه وخشوعه لله عزّوجلّ .
ولهذا كان جزاء المؤمن إذا فعل ذلك
أن يُقَربه اللهُ عزّوجلّ إليه ،
فإن : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وهو ساجِدٌ ) ،
كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
وقال الله تعالى :
** واسْجُدْ واقْتَرِبْ **
[ سورة العلق : 19 ] " .
وحقيقة الخشوع : هو خشوع القلب والجوارح لله ، والافتقار إليه ،
والخضوع لله ،
والتذلل له الذي له العزة والكبرياء ،
وهذه أعلى مقامات العبودية ،
ومَنْ كان هذا حاله صادقاً ،
فإنه قريب من الله ،
ألا ترى إلى عبودية الصلاة التي
هي أجل الطاعات لما فيها من الخشوعِ والخضوع لله ،
لذلك قال الإمام أحمد رحمه الله في
وضع اليد اليمنى على اليسرى
قياماً بين يدي الله :
« خضوع بين يدي عزيز » ،
وأعظم هيئات الخضوع والخشوع والافتقار إلى الله في هذه العبادة
العظيمة ، هو في السجود .
يتبع -----------