65)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ك) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 260 - 263 ) :
والتوكّل مادته الإيمان بالله
والعبودية له ،
قال ابن القيم رحمه الله [ طريق الهجرتين ( ص 550 ) ] :
" فالتوكّل مركب السائرِ
الذي لا يَتَأَتَّى له السّير إلاّ به ،
ومتى نزل عنه انقطع لوقته ،
وهو من لوازم الإيمان ومقتضياته ،
قال الله تعالى :
** وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مّؤمنين **
[ سورة المائدة : 23 ] ،
فجعل التوكّل شرطا في الإيمان ،
فدلّ على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل ،
وفي الآية الأخرى : ** وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكّلوا إن كنتم مسلمين **
[ سورة يونس : 84 ] ،
فجعل دليل صحة الإسلام التوكل .
وقال تعالى :
** وعلى الله فليتوكّل المؤمنون **
[ سورة آل عمران : 122 ] ،
فذكر اسم الإيمان ههنا دون سائر أسمائهم دليل على استدعاء الإيمان
للتوكّل ،
وأن قوة التوكّل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه ، وكلما قوي إيمان العبد
كان توكُّله أقوى ،
وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكّل ،
وإذا كان التوكّل ضعيفا ،
فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بُدّ " .
فالشأن في تحقيق العبودية لله وبذل الأسباب مع صدق الالتجاء إلى الله ،
فيجمع العبد مع العبادة الاستعانة بالله
** إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ** ،
فتضييع الأسباب عجز ،
والنبي صلَّى الله عليه وسلم :
كان يستعيذ بالله من العجز والكسل ،
ويبذل الأسباب ،
فيلبس ما يقيه سهام العدو ويخادعهم ،
ويحسن تدبير المعارك ،
ويُنزلُ حاجتَه بالله ،
ويستعين به في قتال أعدائه ،
ومع هذا قلبُه مُعلّقٌ بالله لا بالأسباب ،
ويُعلِّمُ أُمتَه أنه قد يتعطل السبب عن سببيته
بأمر الله وحكمته ،
فقد قال صلَّى الله عليه وسلم :
( ليس السَنة أن لا تُمطروا ، ولكن السنة
أن تُمطروا ولا تنبت الأرض ) .
رواه مسلم .
قال ابن القيم رحمه الله
[ الفوائد ( ص 213 ) ] :
" الَّذِي يُحَقّق لتوكل الْقيام بالأسباب المَأْمُور بها ،
فَمن عطّلها لم يَصح توكُّله ،
كما أَن القيام بالأسباب المفضية إلى حُصُول الخَيْر يُحَقّق رَجَاءَهُ ،
فَمن لم يقم بهَا كَانَ رجاؤه تمنِّياً ،
كَمَا أَن من عطّلها يكون توكله عَجزا ،
وعجزه توكُّلا .
وسرُّ التَّوَكُّل وَحَقِيقَته هو اعْتِمَاد القلب على الله وَحده ،
فَلَا يضرُّهُ مُبَاشرَة الأَسْبَاب ،
مع خلوِّ القلب من الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا والركون إلَيْهَا ،
كما لَا يَنْفَعهُ قَولُه :
توكّلتُ على الله مع اعْتِمَاده على غَيره وركونه إِلَيْهِ وثقته بِهِ ،
فتوكُّل اللِّسَان شَيْء
وتوكل القلب شَيْء ،
كما أَن تَوْبَة اللِّسَان مع إِصْرَار
القلب شَيْء ، وتوبةَ القلب وإِن لم ينْطق اللِّسَان شَيْء .
فقول العَبْد : توكّلتُ على الله .
مع اعْتِماد قلبه على غَيره ،
مثل قوله تبتُ إلى الله .
وهو مصرٌّ على مَعْصِيَته
مرتكب لها " .
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة
رحمه الله[ مجموع الفتاوى
( 18 / 179 ) ] :
" الحاجَةُ والفقر إلى الله ثابتة
مع فعل السبب ، إذ ليس في المخلوقات ما هو وحده سبب تام
لحصول المطلوب " .
وقال :
" فمن ظن الاستغناء بالسبب عن
التوكّل فقد ترك ما أوجب الله عليه
من التوكّل وأخل بواجب التوحيد ،
ولهَذا يُخذلُ أمثال هؤلاء " .
وقال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 417 ) ] :
" إن – العبد – استطاعته بيد الله ،
لا بيده ، فهو مالكها دونه ،
فإنّه إن لم يُعطِه الاستطاعة
فهو عاجز ،
فهو لا يتحرك إلا بالله ،
لا بنفسه ،
فكيف يأمن المكر ؟
وهو أن لا يحركه مَن حركته بيده ،
بل يثبطه ويقعده مع القاعدين ،
كما قال فيمن منعه هذا التوفيق : ** ولكن كره الله انبعاثهم فثبّطهم
وقيل اقعدوا مع القاعدين **
[ سورة التوبة : 46 ] ،
فهذا مكر الله بالعبد :
أن يُقطع عنه مواد توفيقه ،
ويُخلي بينه وبين نفسه ،
ولا يبعث دواعيه ،
ولا يحركه إلى مَراضيه ومَحابه ،
وليس هذا حقّا على الله ،
فيكون ظالما بمنعه ،
تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً ،
بل هو مجرد فضله الذي يحمده
على بذله لمن بذله ،
وعلى منعه لمن منعه إياه ،
فله الحمد على هذا وهذا " .
يتبع -----------