64)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ي) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 257 - 260 ) :
التوكل هو : صدق الالتجاء إلى الله
في جلب المنفعة ودفع المضرة
مع بذل الأسباب .
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( ص 403 ) ] :
" التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ، ويندفع بها
المكروه ، فمن أنكر الأسباب لم يستقم
منه التوكل ،
ولكن من تمام التوكل :
عدم الركون إلى الأسباب ،
وقطع علاقة القلب بها ؛ فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها ،
وحال بدنه قيامه بها .
فالأسباب محل حكمة الله
وأمره ودينه ،
والتوكل متعلق بربوبيته
وقضائه وقدره ،
فلا تقوم عبودية الأسباب إلاّ
على ساق التوكل ،
ولا يقوم ساق التوكل إلا على قدم العبودية " .
ثم قال رحمه الله :
" لا يستقيم توكل العبد حتى
يصح له توحيده ،
بل حقيقة التوكل :
توحيد القلب ،
فما دامت فيه علائق الشرك ،
فتوكله معلول مدخول ،
وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل ، فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شُعب قلبه ،
فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة .
ومن هاهُنا ظن من ظن أن التوكل
لا يصح إلا برفض الأسباب ،
وهذا حق ، لكن رفضها عن القلب
لا عن الجوارح ،
فالتوكل لا يتم إلاّ برفض الأسباب
عن القلب ،
وتعلق الجوارح بها ،
فيكون منقطعا منها متصلا بها " .
والتوكل من علم القلب وعمله ،
وإن كان أدخل في عمل القلب ،
قال ابن القيم رحمه [ طريق الهجرتين ( ص 552 - 553 ) ] :
" إن التوكل يجمع أصلين :
علم القلب وعمله ،
أما علمُه : فيقينه بكفاية وكيله ،
وكمال قيامه بما وكله إليه ،
وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك .
وأمَّا عملُه : فسكونه إلى وكيله ،
وطمأنينته إليه ،
وتفويضه وتسليمه أمره إليه ،
وأن رضاه بتصرفه له فوق رضاه
بتصرفه هو لنفسه .
فبهذين الأصلين يتحقق التوكّل ،
وهما جماعه ،
وإن كان التوكّل أدخل في عمل القلب
من علمه ،
كما قال الإمام أحمد رحمه الله :
التوكّل عمل القلب .
ولكن لا بُدّ فيه من العلم :
وهو إما شرط فيه ،
وإما جزء من ما هيته .
والمقصود : أن القلب متى كان على الحَقِّ كان أعظم لطمأنينته
ووثوقه بأنّ الله وليه وناصره ،
وسكونه إليه ،
فما له أن لا يتوكل على ربه ؟
وإذا كان على الباطل علما وعملا
أو إحداهما ،
لم يكن مطمئنا واثقاً بربه ،
فإنه لا ضمان له عليه ،
ولا عهد له عنده ،
فإن الله لا يتولى الباطل ولا ينصره ،
ولا ينسب إليه بوجه ،
فهو منقطع النسب إليه بالكلية ،
فإنه سبحانه هو الحَقّ ،
وقوله الحق ، ودينه الحَقّ ،
ووعده حقّ ، ولقاؤه حق ،
وفعله كلُّه حقّ ،
ليس في أفعاله شيء باطل ،
بل أفعاله سبحانه بريئة من الباطل ،
كما أقواله كذلك .
فَلَمّا كان الباطل
لا يتعلق به سبحانه ،
بل هو مقطوع عليه البتة ،
كان صاحبه كذلك .
ومَن لم يكن له تَعلقٌ بالله العظيم ،
وكان منقطعاً عن ربه ،
لم يكن الله وليه
ولا ناصره ولا وكيله " .
يتبع -----------