58)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
د) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 241 - 243 ) :
الدعاء أعلى مقامات العبودية ،
لأن العبد يظهر افتقاره إلى باريه ،
فيتذلل له ويخضع ،
وينكسر له وحده لا شريك له .
ومن تحقيق العبودية لله :
دعاء العبد ربَّه ، وسؤاله ، وطلبه الحاجات منه وحده لا شريك له .
وتقع العبودية لله في الدعاء من جهة
أخرى ، فإن الله لا يستجيب لعبده
كلما رفع يديه لله ،
فلو وقع ذلك ما حصل تكليف
ولا ابتلاء ، والمقصود :
أن يكون العبد متألِّها لله في عبادته ،
ينتظر فَرَجَه ، فيكون العبد دائم الالتجاء إلى الله ،
قال أبو بكر الطرطوشي رحمه الله
[ الدعاء المتأثور ( ص 107 ) ] :
" ولهَذا قال بعضهم : لو استجيب
للعبد في كل ما سأل ،
لخرج عن حدّ العبودية ،
وإنّما أُمِرَ بالدعاء ليكون عبداً ،
والله يفعل ما يشاء " .
وقال ابن القيم رحمه الله
[ الفوائد ( ص 233 - 234 ) ] :
" أساس كل خير أن تعلم أنّ
ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ؛ فتتيقّن حينئذ أنّ الحسنات من نعمه فتشكره عليها،
وتتضرّع إليه أن لا يقطعها عنك ،
وأنّ السيئات من خذلانه وعقوبته ،
فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها ،
ولا يكلَكَ في فعل الحسنات
وترك السيئات إلى نفسك .
وقد أجمع العارفون على أنّ كل خير
فأصله بتوفيق الله للعبد،
وكلَّ شرٍّ فأصله خِذلانُه لعبده .
وأجمعوا أنّ التوفيق أن لا يكلَك الله
إلى نفسك ، وأَنَّ الخِذلان هو أن يُخْلِيَ
بينك وبين نفسك
فإذا كان كلُّ خير فأصله التوفيق ،
وهو بيد الله لا بيد العبد ،
فمفتاحه الدعاءُ والافتقارُ وصدقُ اللَّجَأ والرغبة والرهبة إليه ؛
فمتى أعطى العبدَ هذا المفتاح
فقد أراد أن يفتح له ،
ومتى أضَلَّهُ عن المفتاح ،
بقي باب الخير مُرْتَجاً [ مُغلقاً ] دونه .
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
رضي الله عنه :
إنّي لا أحمل همَّ الإجابة ،
ولكن همَّ الدعاء ،
فإذا أُلهمتُ الدعاء ، فإنّ الإجابة معه .
وعلى قدر نية العبد وهمَّته ومراده
ورغبته في ذلك ،
يكون توفيقه سبحانه وإعانته ،
فالمعونة من الله تنزلُ على العباد
على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم
ورهبتهم ،
والخِذلان ينزلُ عليهم على حسب ذلك .
فالله سبحانه أحكم الحاكمين
وأعلم العالمين ،
يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به ، والخذلان في مواضعه اللائقة به ،
وهو العليم الحكيم ،
وما أتي مَن أتي إلاّ من قِبَل إضاعة الشُّكر وإهمال الافتقار والدُّعاء ،
ولا ظفر مَن ظفر بمشيئة الله وعونه
إلا بقيامه بالشُّكر
وصدق الافتقار والدُّعاء " .
يتبع -----------