عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-08-2023, 10:05 PM   #2
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي

س111- ما الفرق بين أسماء الله بلفظ الاسم والتي بلفظ الاسم المضاف؟
ج- ما جاء بلفظ الاسم على وجه التسمي به مثل الرحمن الرحيم العزيز الحكيم السميع العليم ونحو ذلك فهذه أسماء كل واحد منها يدل على صفة من صفات الله ويشتق منها الفعل. وما جاء بلفظ الاسم المضاف كقوله ]يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ[ ]وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ[ وقوله ]وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ[ فهذا الاسم يطلق على الله بلفظ الإضافة كما ورد. وبلفظ الفعل فيقال خادع المنافقين ويخادع من خادعه إن أخذ الله شديد ويأخذ من عصاه ويأخذ الظالمين ولا يشتق لله منها اسم فلا يقال من أسمائه تعالى الخادع ولا المخادع ولا الشديد ولا الآخذ.
ما ورد بلفظ الفعل

س112- ما حكم ما ورد بلفظ الفعل كقوله ]وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ[ ]وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا[ ]قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا[ ]وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ[ ]إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا[ ]وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ[؟
ج- هذا يطلق على الله كما ورد ولا يجوز أن يشتق لله منه اسم فلا يقال من أسمائه الماكر ولا الكائد لأنه لم يرد. وأما تسميته مكرًا وكيدًا فقيل من باب المقابلة نحو ]وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا[ ونحو ]وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ[. وقيل إنه على بابه فإن المكر إظهار أمر وإخفاء خلافه ليتوصل به إلى مراده.
وهو ينقسم إلى قسمين محمود ومذموم فالقبيح إيصاله إلى من لا يستحقه والحسن إيصاله إلى من يستحقه عقوبة له. فالأول وهو المحمود منه نسبته إلى الله لا نقص فيها.
والثاني وهو المذموم لا ينسب إلى الله فمن المحمود مكره سبحانه بأهل المكر مقابلة لهم بفعلهم وجزاء لهم من جنس عملهم وكذا يقال في الكيد كما يقال في المكر. والله إنما يفعل من ذلك ما يحمد عليه عدلاً منه وحكمة.
صفة العفو والقدرة والمغفرة والرحمة

س113- ما الذي تعرفه عن معاني ما يلي من الآيات: ]إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا[ وقوله: ]وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ[؟
ج- في هذه الآيات إثبات صفة العفو والقدرة والمغفرة والرحمة فالعفو اسمه تعالى وصفته ومعناه المتجاوز عن خطيئات عباده إذا تابوا وأنابوا قال تعالى ]وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ[. وهو قريب من الغفور لكنه أبلغ منه فإن الغفران يُنبئ عن الستر والعفو ينبئ عن المحو والمحو أبلغ من الستر ولما كان أكمل العفو ما كان عن مقدرة تامة على الانتقام والمؤاخذة قرن الله به اسمه تعالى العفو واسمه تعالى القدير كما في هذه الآية فلولا عفوه ما ترك على ظهرها من دابة.
قال ابن القيم - رحمه الله -:
لولاه غارت الأرض بالسكان
وهو العفو فعفوه وسع الورى

ومن أسمائه تعالى القدير الذي لا يعجزه شيء. وتقدم الكلام عليه وفي هذه الآية الحث على العفو ومكارم الأخلاق. وفيها الحث على الصفح وأن العفو سبب لعفو الله عن العبد وكذلك الصفح وأن الجزاء من جنس العمل وفيها دليل على حلم الله وكرمه ولطفه بعباده مع ظلمهم لأنفسهم وإثبات فعل العبد وأنه فاعل حقيقة وفيها رد على الجبرية الذين يزعمون أن العبد لا فعل له وإنما ينسب إليه على جهة المجاز وفي ختم الآية بهاتين الصفتين إشارة إلى أن كل اسم يناسب ما ذكر معه واقترن به من فعله وأمره سبحانه. وفيها أن أسماء الرب مشتقة من أوصاف ومعان قامت به سبحانه فهي أسماء وهي أوصاف وبذلك كانت حسنى فلا أشرف ولا أحسن منها.
صفة العزة

س114- ما الذي تفهمه عن معاني ما يلي من الآيات الكريمات، ]وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ[ قوله عن إبليس ]فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ[ ]إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا[ ]هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[ واذكر ما في ذلك من تقاسيم؟
ج- تضمنت هذه الآيات إثبات صفة العزة وهي من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله. وهي تنقسم ثلاثة أقسام: عزة القوة الدال عليها من أسماء القوي المتين. وعزة الامتناع فإنه الغني فلا يحتاج إلى أحد ولن يبلغ العباد ضره فيضروه ولا نفعه فينفعوه. وعزة القهر والغلبة لكل الكائنات. قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في النونية:
أنى يرام جناب ذو السلطـان
وهو العزيز فلن يرام جنـابه
يغلبه شـيء هذه صفتـان
وهو العزيز القاهر الغلاب لم
فالعز حينئذ ثلاث مــعان
وهو العزيز بقوة هي وصفـه

ومن ما يؤخذ من قوله: ]فَبِعِزَّتِكَ[:
أولا: جواز الحلف بالعزة التي هي صفة الله وغيرها من الصفات مثلها.
ثانيًا: أن صفات الله غير مخلوقة لأن الحلف بالمخلوق شرك. والعزة تنقسم إلى قسمين قسم يضاف إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف كما في الآية الثانية وكما في الحديث: «أعوذ بعزة الله وقدرته».
والقسم الثاني من باب إضافة المخلوق إلى خالقه وهي العزة المخلوقة التي يعز بها أنبياءه وعباده الصالحين.
البركة

س115- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى ]تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ[؟
ج- المعنى تعالت أسماؤه وتعظمت صفاته وتقدست. والجلال والعظمة صفتان لله جل وعلا وأما ذكره تبارك سبحانه ففي المواضع التي أثنى فيها على نفسه بالجلال والعظمة والأفعال الدالة على ربوبيته وألوهيته وحكمته وسائر صفات كماله من إنزال الفرقان وخلق العالمين وجعله في السماء بروجًا وانفراده بالملك وكمال القدرة وتباركه سبحانه من الصفات الذاتية والدليل على ذلك أنه سبحانه يسند التبارك إلى اسمه.
س116- كم أنواع البركة وما هي؟
ج- البركة نوعان بركة هي فعله سبحانه والفعل منها بارك ويتعدى بنفسه تارة وبأداة على تارة وبأداة في تارة والمفعول منها مبارك وهو ما جعل كذلك فكان مباركًا كما يجعله تعالى.
والنوع الثاني بركة تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة والفعل منها تبارك. ولهذا لا يقال لغيره ذلك ولا يصلح إلا له عز وجل فهو سبحانه المبارك وعبده ورسوله المبارك كما قال المسيح: ]وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا[ فمن بارك الله فيه وعليه فهو المبارك. وأما صفته تعالى فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه بقوله: ]تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[.
نفي السمي والشبيه

س117- ما الذي تعرفه عن معنى قوله تعالى: ]فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[؟
ج- فيها أولاً الأمر بعبادته تبارك وتعالى ويتضمن النهي عن عبادة ما سواه. والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. وقوله: ]اصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ[ أي إذا علمت أنه المسيطر على ما في السموات والأرض وما بينهما. القابض على أعنتهما فاعبده واصبر على مشاق العبادة وشدائدها. والاستفهام هنا بمعنى النفي أي لا تعلم له شبيهًا ولا مثيلاً يقتضي العبادة لكونه منعمًا متفضلاً بجليل النعم وحقيرها. ومن ثم يجب تعظيمه سبحانه غاية التعظيم بالاعتراف بربوبيته والخضوع لسلطانه وإخلاص العبادة له وحده لا شريك له. وليس المعنى هل تجد من يتسمى باسمه. إذ بعض أسمائه قد يطلق على غيره لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كما كان معناه إذا استعمل في غيره.
نفي الند والكفو

س118- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى: ]وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادً[ وقوله ]وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[ وقوله ]فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[؟
ج- الأنداد الأمثال والنظراء والكفؤ المكافئ المساوي والنظير المثيل في الآية والأولى بعد أن ذكر سبحانه فيما تقدم من ظواهر الكون ما يدل على توحيده ورحمته وقدرته. أخبر أنه مع هذا الدليل الظاهر قد وجد في الناس من لا يعقل تلك الآيات التي أقامها برهانًا على وحدانيته فاتخذ معه ندًا يعبده من الأصنام كعبادة الله ويساويه به في المحبة والتعظيم، والمحبة المذكورة في الآية هي المحبة الشركية المستلزمة للخوف والتعظيم والإجلال والإيثار على مراد النفس وهذه صرفها لغير الله شرك أكبر ينافي التوحيد بالكلية، وفي الآية الثانية نفي النظير والشبيه من كل وجه لأن أحدًا نكرة في سياق النفي فيعم. الآية الثالثة ضمنت أولاً دعوة الخلق إلى عبادة الله بطريقين: أحدهما: إقامة البراهين بخلقهم وخلق السموات والأرض والمطر، والثاني: ملاطفة جميلة بذكر ما لله عليهم من الحقوق ومن الإنعام فذكر سبحانه أولا: ربوبيته لهم ثم ذكر خلقته لهم وآبائهم لأن الخالق يستحق أن يعبد ثم ذكر ما أنعم به عليهم من جعل الأرض فراشًا والسماء بناء وإنزال المطر وإخراج الثمرات لأن المنعم يستحق أن يعبد ويشكر وانظر قوله ]جَعَلَ لَكُمُ[ ]رِزْقًا لَكُمْ[ يدلك على ذلك لتخصيصه ذلك بهم في ملاطفة وخطاب بديع.
الثانية: المقصود الأعظم من هذه الآية الأمر بتوحيد الله وترك ما عبد من دونه لقوله في آخرها ]فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا[ وفي الآية دليل على أن الخلق مفطور على معرفة الله والإقرار به وفيها رد على المشبهة الذين يشبهون خلقه به والذين يشبهونه بخلقه وفيها رد على القدرية ونحوهم من الفرق وقوله ]وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[ أي والحال أنكم تعلمون أنه وحده الذي تفرد بخلقكم ورزقكم والذين من قبلكم وأن آلهتكم لا تخلق ولا ترزق ولا تضر ولا تنفع فاتركوا عبادتها وأفردوه بالعبادة.
أقسام الشرك

س119- ما هي أقسام الشرك وما معنى اتخاذ الند لله؟
ج- أما أقسامه فاثنان وإليك توضيحها بالأمثلة شرك أكبر كاتخاذ ند يدعوه أو يرجوه أو يخافه أو يذبح له أو يصرف له أي نوع من أنواع العبادة. والقسم الثاني شرك أصغر وحده بعضهم بأنه كل ما ورد في النصوص تسميته شركًا ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر كقول الرجل ما شاء الله وشئت ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكالحلف بغير الله وبعضهم حد الشرك الأصغر بأنه كل وسيلة وذريعة يتطرق بها إلى الأكبر فهو الأصغر والله أعلم.
آيـــة العز

س120- ما الذي تفهمه من معنى قوله تعالى ]وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا[.
ج- هذه الآية تتضمن أولا: أنه سبحانه أمر نبيه بحمده لأنه المستحق لأن يحمد لما اتصف به من صفات الكمال.
ثانيًا: تنـزيه الله عن الولد لكمال صمديته وغناه وتعبد كل شيء له فاتخاذ الولد ينافي ذلك قال الله تعالى ]قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ[ الآية.
ثالثًا: تنـزيه الله عن الشريك في الملك المتضمن تفرده بالربوبية والألوهية وصفات الكمال.
رابعًا: نفي الولاية من الذل التي تحميه وتمنعه وتؤيده وتحفظه لأنه قوي عزيز غني عن من سواه. أما الولاية التي على وجه المحبة والكرامة لمن شاء من عباده فلم ينفها المذكورة وهي بقوله تعالى: ]اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ[ وقوله: ]أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[ فمن كان مؤمنًا تقيًا كان لله وليًا، فأثبتها سبحانه للمؤمنين المتقين تفضلاً منه وإحسانًا وقوله ]وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا[ وتكبيره سبحانه أولا: يكون بذاته باعتقاد أنه واجب الوجود لذاته وأنه غني عن كل موجود.
ثانيًا: بتكبيره في صفاته بأن يعتقد أن كل صفة من صفاته سبحانه فهي من صفات الجلال والكمال والعظمة والعزة وأنه منـزه عن كل عيب ونقص.
ثالثًا: بتكبيره في أفعاله فنعتقد أنه لا يجري في ملكه شيء إلا وفق مشيئته وإرادته.
رابعًا: تكبيره في أحكامه باعتقاد أنه ملك مطاع له الأمر والنهي والرفع والخفض وأنه لا اعتراض لأحد عليه في شيء من أحكامه يعز من يشاء ويذل من يشاء. ]لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ[.
خامسًا: تكبيره في أسمائه فلا يذكر إلا بأسمائه الحسنى ولا يوصف إلا بصفاته المقدسة روى الإمام أحمد في مسنده عن معاذ الجهني أن رسول الله ﷺ‬ كان يقول آية العز ]الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا[ الآية. وفي الآثار أنها ما قرئت في بيت في ليلة فيصيبه سرق أو آفة.
صفة القدرة

س121- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى: ]يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[؟
ج- في هذه الآية الكريمة يخبر تعالى أنه يسبح له جميع المخلوقات التي في السموات والتي في الأرض. وقيل إنه بلسان المقال وأنه حقيقة وهذا القول أرجح لما في آية سورة الإسراء قوله تعالى ]وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ[.
والقول الثاني: أنها تسبحه بلسان حالها أي بما تدل عليه صنعتها من قدرة وحكمة فهي تدل بحدوثها دلالة واضحة على وجوده تعالى ووحدانيته وتفرده بالربوبية. قال الشاعر وأظنه أبا نواس:
إلى آثــار ما صنـع المليك
تأمل في نبات الأرض وانـظر
بأحداق هي الذهـب السبيك
عيون من لـجين شاخـصات
بأن الله ليـس لــه شريك
على قصب الزبرجد شاهدات؛

وقال آخر:
من الملك الأعلى إليك رسائل
تأمل سطور الكائنات فإنهــا
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وقد خط فيها لو تأملت خطها

ثالثًا: وفي هذه الآية إثبات صفة القدرة لله تعالى وهي من الصفات الذاتية فلا يعجزه شيء.
رابعًا: فيها إثبات الحمد له. حمد على ما له من صفات الكمال وحمد له على ما أوجده من الأشياء. وحمد له على ما شرعه من الأحكام وأسداه من النعم التي لا تحصى.
خامسًا: فيها إثبات جميع صفات الكمال ونفي كل نقص وعيب لأن التسبيح يقتضي ذلك.
تنزيه الله عن الولد والشريك

س122- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى: ]تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا[؟
ج- في هذه الآية الكريمة أولا: دليل علو الله، والعلو صفة ذاتية.
ثانيًا: فيها دليل على أن القرآن منـزل غير مخلوق. كما هو مذهب أهل السنة وسمي فرقانًا لأنه الفارق بين الحلال والحرام والهدى والضلال. وأهل السعادة من أهل الشقاوة. والمراد بعبده هنا محمد ﷺ‬ والتعبير عنه بهذا اللقب على وجه التشريف والاختصاص. والضمير في ]لْيَكُونُ[ يعود على محمد ﷺ‬ وقيل على القرآن والأول أقرب والمراد بالعالمين الثقلين الجن والإنس والإنذار هو الإعلام بسبب المخاوف وهذا الإنذار عام كقوله ]لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ[ الآية والإنذار الخاص كقوله ]إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا[ وفي قوله ]وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا[ ردًا على اليهود لقولهم ]عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ[ وفيها رد على النصارى الذين يقولون ]الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ[ وعلى المشركين القائلين الملائكة بنات الله تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
وفيها رد على المشركين القائلين بتعدد الآلهة كالثانوية ونحوهم ومن مشركي العرب القائلين في تلبيتهم للحج لبيك لا شريك لك إلا شريكًا تملكه وما ملك. وفيها أن الله هو الموجد المبدع. وفيها دليل على خلق أفعال العباد فهي خلق الله وفعل للعبد ولا يدخل في ذلك أسماء الله وصفاته وعموم كل شيء في كل مقام بحسبه كقوله ]تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا[ المعنى كل شيء أمرت بتدميره وكقوله ]وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ[ المعنى أنها أوتيت من الثراء وأبهة الملك وما يلزم من ذلك من عتاد الحرب والسلاح وآلات القتال الشيء الكثير الذي لا يوجد إلا في الممالك العظمى، وقد استدل الجهمية على خلق القرآن بهذه الآية. وأجاب أهل السنة بأن القرآن كلامه وهو صفة من صفاته داخلة في مسمى اسمه كعلمه وقدرته. وفيها دليل على إثبات القدر. وفيها دليل على التوكل لأن الملك له وحده وهو المتصرف النافع الضار. وفيها أن العباد لا يملكون ملكًا مطلقًا وإنما يملكون التصرف. وفيها تحريم الإفتاء بغير علم. لأن ربوبيته وملكه يمنع من الإفتاء والحكم بغير علم. وفيها إثبات صفة العلم، وفيها رد على الدهرية القائلين ما هي إلا حياتنا الدنيا والخلاصة أن كل شيء مما سواه مخلوق مربوب. وهو خالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه وكل شيء تحت قهره وتسخيره وتقديره. ومن كان كذلك فكيف يخطر بالبال أو يدور في الخلد كون سبحانه له ولد أو شريكًا في ملكه. قال تعالى: ]بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[.
تنـزيه الله عن الولد وعن وجود إله معه

س123- ما الذي تفهمه من قوله تعالى: ]مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[؟
ج- تضمنت أولا تنـزيه الله عن الولد.
ثانيًا: تنـزيهه عن وجود إله خالق معه.
ثالثًا: تنـزيهه عما يصفه به المخالفون للرسل.
رابعًا: إثبات توحيد الربوبية وأنه لا خالق إلا الله. فإن الله بعد ما أخبر عن نفسه بعدم وجود إله ثان معه أوضح ذلك بالبرهان القاطع والحجة الباهرة والدليل العقلي. فقال إذًا أي لو كان معه آلهة كما يقول المشركون لكان الإله الآخر له خلق وفعل وحينئذ فلا يرضى شركة الآخر معه. بل إن قدر على قهره وتفرده بالألوهية دونه فعل وإن لم يقدر انفرد بخلقه وذهب به كما ينفرد ملوك الدنيا بعضهم عن بعض بممالكهم إذا لم يقدر المنفرد على قهر الآخر والعلو عليه فلا بد من أمور ثلاثة. إما أن يذهب كل إلهٍ بخلقه وسلطانه وإما أن يعلو بعضهم على بعض. وإما أن يكونوا كلهم تحت قهر إلهٍ واحد يتصرف فيهم ولا يتصرفون فيه ويمتنع من حكمهم ولا يمتنعون من حكمه فيكون وحده الإله وهم العبيد المربوبون وانتظام أمر العالم العلوي والسفلي وارتباط بعضه ببعض وجريانه على نظام محكم لا يختلف ولا يفسد. من أدل دليل على أن مدبره واحدٌ لا إله غيره كما دل دليل التمانع على أن خالقه واحد لا إله غيره فذاك تمانع في الفعل والإيجاد وهذا تمانع في العبادة والإلهية فكما يستحيل أن يكون للعالم ربان خالقان متكافئان يستحيل أن يكون له إلهان معبودان. ثم ختم الآية بتنـزيهه سبحانه عن كل نقص وعيب وعما يصفه به المخالفون للرسل. وقوله عالم الغيب يخبر تعالى وهو أصدق قائل أنه يعلم ما غاب عن العباد وما شاهدوه. والغيب ينقسم قسمين غيب مطلق وغيب مقيد فالمطلق لا يعلمه إلا الله وهو ما غاب عن جميع المخلوقين. قال تعالى: ]قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ[ وقال ]عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا[ والقسم الثاني: غيب مقيد وهو ما علمه بعض المخلوقات من الجن والأنس. فهو غيب عمن غاب عنه وليس هو غيبًا عمن شهده فيكون غيبًا مقيدًا وقوله فتعالى الخ أي تنـزه وتقدس وعلا عما لا يليق بجلاله وعظمته فله العلو المطلق بأنواعه الثلاثة: علو القدر وعلو القهر وعلو الذات وفي الآية رد على اليهود والنصارى والمشركين. وفيها رد على القدرية وفيها إثبات صفة العلم فهو سبحانه يعلم السابق والحاضر والمستقبل ويعلم نفسه الكريمة ونعوته المقدسة وأوصافه العظيمة وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها. ويعلم الممتنعات حال امتناعها ويعلم ما يترتب عليها لو وجدت كما في هذه الآية والآية الأخرى ]لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا[ وقال: ]وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ[ وقال: ]وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ[ ]إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ[ إلخ…
النهي عن ضرب الأمثال لله

س124- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى ]فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[ وقوله ]قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[؟
ج- قد تقدم حكم استعمال شيء من الأقيسة في جانب الله الآية السابقة تتضمن النهي عن تشبيهه بخلقه فإنه لا مثيل له ولا ند له لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته ولا في أفعاله. فإنه سبحانه له المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
الآية الثانية فيها بيان المحرمات الخمس التي اتفق على تحريمها جميع الرسل والشرائع والكتب وهي محرمات على كل أحد في كل حال لا تباح قط، والمراد بالتحريم التحريم الشرعي لا الكوني القدري. والفواحش جمع فاحشة وهي الفعلة المتناهية في القبح. وذلك كقتل النفس والزنا واللواط والسحر وقذف المحصنات والرياء والعجب والحسد والكبر وأما الإثم فقيل إنه الخطايا المتعلقة بالفاعل وقيل الخمر وأما البغي فهو الاستطالة على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم من غير أن تكون على جهة القصاص والمماثلة، وحرم الشرك به بأن تجعلوا لله شريكًا لم ينـزل به سلطانًا أي حجة وبرهانًا، وحرم سبحانه القول عليه بلا علم في أسمائه وصفاته وشرعه وأصل الشرك والكفر القول على الله بلا علم فكل مشرك قائل على الله بلا علم دون العكس إذ القول على الله بلا علم قد يتضمن التعطيل والابتداع في دين الله فهو أعم من الشرك، والشرك فرد من أفراده. ورتب هذه المحرمات أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش ثم ثنى بما هو أشد تحريمًا وهو الإثم والظلم ثم ثلث بما هو أعظم منهما وهو الشرك به سبحانه ثم ربع بما هو أشد تحريمًا من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وقال بعض المفسرين الجنايات محصورة في خمسة أنواع:
أحدها: الجنايات على الأنساب وهي المرادة بالفواحش.
وثانيها: الجنايات على العقول وهي المشار إليها بالإثم.
ثالثها: الجنايات على النفوس والأموال والأعراض وإليها الإشارة بالبغي.
ورابعها: الجنايات على الأديان وهي من وجهين: إما طعن في توحيد الله تعالى وإليه الإشارة بقوله ]وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ[ وإما القول في دين الله من غير معرفة وإليه الإشارة بقوله: ]وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ[، وهذه الخمسة أصول الجنايات وأما غيرها فهي كالفروع والله أعلم.
الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر

س125- قد تقدم لنا حد الشرك الأكبر والأصغر فهل هنا فارق بينهما؟
ج- نعم بينهما فروق فأولا: الشرك الأكبر لا يغفر لصاحبه لقوله تعالى ]إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[ أما الشرك الأصغر فهو تحت مشيئة الله.
ثانيًا: الشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال لقوله تعالى ]لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[ وأما الأصغر فلا يحبط إلا العمل الذي قارنه.
ثالثًا: أن الشرك الأكبر مخرج من الملة الإسلامية.
رابعًا: أن الشرك الأكبر صاحبه خالد مخلد في النار. أما الأصغر فهو كغيره من الذنوب ولكنه أعظم من الكبائر وقيل لا يغفر لصاحبه إلا بالتوبة.
الاستواء

س126- ما هو الإيمان بالاستواء وما دليله من الكتاب؟
ج- هو الاعتقاد الجازم بأن الله مستوٍ على عرشه عليٌ على خلقه بائن منهم وعلمه محيط بكل شيء والدليل قوله تعالى: ]الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[ ]إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[ ]اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[ ]اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[ ]هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[ ]الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ[.
س127- اذكر ما تعرفه من معاني هذه الآيات الدالة على الاستواء؟
ج- تضمنت هذه الآيات أولا: إثبات صفة الربوبية وتربية لخلقه نوعان: عامة وخاصة. فالعامة كما في آية سورة الأعراف وآية سورة يونس وهي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتها لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
وأما الخاصة: فتربيته لأنبيائه ورسله وأوليائه فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له ويكملهم ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه وحقيقتها تربية التوفيق لكل خير والعصمة من كل شر وهذا هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة وفي هذه الآيات إثبات صفة الألوهية والخلق والاستواء والعلو والقدرة. وإثبات العرش وأنه مخلوق، والرد على الفلاسفة القائلين بقدم المخلوقات الاستدلال بهذه المخلوقات على وجود البارئ جل وعلا لأنه لا يمكن أن توجد نفسها ولا أن توجد من دون موجد. قال تعالى: ]أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ[. وفيها إثبات أسماء الله وصفاته وأنه المستحق لأن يعبد وحده. وإثبات الأفعال الاختيارية اللازمة والمتعدية وبيان تحديد الأيام التي خلقت فيها السموات والأرض والمتبادر أنها كهذه الأيام. وفيها التأني في الأمور والصبر فيها لأن الله قادر على إيجادها دفعة واحدة في ساعة واحدة. قال تعالى ]إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [. وفيها رد على الجهمية القائلين إن الاستواء والاستيلاء.
الخلق والأمر

س128- ما الفرق بين الخلق والأمر؟
ج- الفرق بينهما أن الخلق تنشأ عنه المخلوقات والأمر تنشأ عنه المأمورات والشرائع. والأصل أن المعطوف غير المعطوف عليه. ويمتنع أنهما شيء واحد فإنه صرح فيها أن ]الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ[ وذلك بعد ما أخبر أنه خلقها ثم سخرها بأمره سبحانه.
عبارات السلف الأربع

س129-ما هي العبارات التي تدور عليها تفاسير السلف للاستواء؟
ج- هي: استقر وعلا وصعد وارتفع ومعناها واحد قال ابن القيم - رحمه الله -:
قد حصلت للفارس الطعان
ولهم عبارات عليـها أربــع
تفع الذي ما فيه من نكران
وهي استقر وقد علا وقــد ار
وأبو عبيدة صاحب الشيبان
وكذاك قد صعد الذي هو رابع
أدرى من الجهمــي بالقرآن
يختار هذا القول في تفســيره
بحقيقة استولى عـلى الأكوان
والأشعري يقول تفسير استوى

أنواع الاستواء في لغة العرب

س130- ما هي أنواع الاستواء في لغة العرب الذين نزل القرآن بلغتهم؟
ج- مطلق ومقيد. فالمطلق ما لم يقيد بحرف كقوله تعالى: ]وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى[ ومعناه كمل وتم. وأما المقيد فثلاثة أقسام: مقيد بإلى كقوله ]ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ[ ومعناه العلو والارتفاع بإجماع السلف.
والثاني مقيد "بعلى" كقوله ]لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ[ وقوله ]وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ[ وقوله ]فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ[ فهذا معناه العلو والارتفاع والاعتدال بإجماع أهل اللغة.
الثالث: المقرون بواو المعية كقولهم: استوى الماء والخشبة ومعناه ساواها. فهذه معاني الاستواء المعقولة.
الرد على من أول الاستواء بالاستيلاء من وجوه

س131- ما هو دليل من فسر استواء الله على عرشه باستيلائه عليه ومن أول من عرفت عنه هذه البدعة وبم يرد عليه. وضح ذلك؟
ج- أما أول من عرفت عنه هذه البدعة فبعض الجهمية والمعتزلة وأما دليلهم فقول بعض الشعراء:
من غير سيفٍ أو دمٍ مهــراق
قد استوى بشر على العراق

وأما الرد عليه فمن وجوه: فأولا: أن الاستواء خاص بالعرش والاستيلاء عام على جميع المخلوقات.
ثانيًا: أنه أخبر بخلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. وأخبر أن عرشه على الماء قبل خلقهما والاستواء متأخر عن خلقهن. والله مستوٍٍ على العرش قبل خلق السموات وبعده فعلم أن الاستواء على العرش الخاص به غير الاستيلاء العام عليه وعلى غيره.
ثالثًا: أن معنى هذه الكلمة مشهور كما قال بعض السلف وأنه لو لم يكن معنى الاستواء في الآية معلومًا لم يحتج الإمام مالك - رحمه الله - أن يقول والكيف مجهول لأن نفي العلم بالكيف لا ينفي ما قد علم أصله.
رابعًا: يلزم من تفسير الاستواء بالاستيلاء أن الله مستوٍ على الأرض ونحوها.
خامسًا: أن إحداث القول في كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على خلافه يستلزم أحد أمرين: إما أن يكون خطأ في نفسه أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأ. ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلف.
السادس: أن هذا اللفظ قد اطّرد في القرآن والسنة حيث ورد بلفظ الاستواء دون الاستيلاء. ولو كان معناه استولى لكان استعماله في أكثر موارده كذلك. فإذا جاء في موضع أو موضعين بلفظ استوى حمل على معنى استولى لأنه المألوف المعهود. وإما أن يأتي إلى لفظ قد اطرد استعماله في جميع موارده على معنى واحد فيدعى صرفه في الجميع. إلى معنى لم يعد استعماله فيه. ففي غاية الفساد ولم يقصده ويفعله من قصد البيان أنهاها ابن القيم إلى اثنين وأربعين وجهًا في مختصر الصواعق ج2 هذه منها.
العرش والكرسي

س132- ما الذي تعتقده في العرش والكرسي ودلل على ما تقول؟
ج- اعتقد أنهما حق كما هو معتقد أهل السنة والجماعة قال تعالى ]ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ[ ]رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ[ ]اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ[ ]وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ[ عن ابن عباس أن الكرسي موضع القدمين إلى غير ذلك من الأدلة على ذلك.
الجواب السديد لمن سأل عن كيفية صفة من صفات الله

س133- ما هو الجواب السديد لمن سأل عن كيفية صفة من صفات الله؟
ج- هو جواب الإمام مالك - رحمه الله - لمن سأله عن كيفية الاستواء كاف شاف وإن كان السؤال عن كيفية صفة من الصفات غير الاستواء فيحذى بها حذو هذا الجواب فمثلاً إذا قال قائل كيف سمع الله فيقال السمع معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وكذا يقال في بقية الصفات في الجواب لمن سأل عن كيفيتها من بصرٍ ورضى وعجبٍ ويدٍ ونفس وكرهٍ وسخطٍ وعلمٍ وحياةٍ وقدرة قوةٍٍ وسائر الصفات والله أعلم.
علو الله على خلقه

س134- اذكر بعض ما تستحضره من أدلة علو الله على خلقه من الكتاب والسنة؟
ج- قال الله تعالى ]إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ[ ]بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ[ ]إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ[ ]يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِبًا[ ]أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ[ ]أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [ ]وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ[ ]يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ ]تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ[ ]تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[ ]قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ[ ]وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[ وأما الأدلة من السنة فقوله ﷺ‬ في رقية المريض «ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء أجعل رحمتك في الأرض اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ» رواه أبو داود وغيره وقوله «ألا تأتمنوني وأنا أمين من في السماء» رواه البخاري وغيره وقوله «والعرش فوق ذلك والله فوق عرشه وهو يعلم ما أنتم عليه» رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وقوله للجارية «أين الله» قالت في السماء قال: «من أنا» قالت: أنت رسول الله قال: «اعتقها فإنها مؤمنة» رواه مسلم إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة الدالة على علو الله.
س135- اذكر ما تعرفه عن معاني هذه الآيات الدالة على علو الله؟
ج- هذه الآيات تضمنت أولا: إثبات صفة الكلام وصفة العلو لله وارتفاعه فوق خلقه مباينًا لهم.
ثانيًا: فيها رد على اليهود الذي تنقصوا المسيح ابن مريم وجعلوه ابن زنا، وفيها أن الله رفعه، وفيها رد على النصارى الذي غلوا في عيسى ورفعوه فوق منـزلته إلى مقام الربوبية.
ثالثًا: فيه رد على من زعم أن كلام الله معناه المعنى النفسي.
رابعًا: أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب.
خامسًا: في الآية الرابعة دليل على أن موسى كان يقول إلهة في السماء. وهذا هو الدليل على علو الله على خلقه من هذه الآية. وقوله ]أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ[ هذا عند المفسرين على أحد وجهين: إما أن تكون في بمعنى على وإما أن يراد بالسماء العلو لا يختلفون في ذلك ولا يجوز الحمل على غيره.
سادسًا: إثبات الأفعال الاختيارية لله اللازمة والمتعدية، فاللازمة كالاستواء والمجيء والنـزول والمتعدية كالخلق والرزق والإحياء والإماتة.
سابعًا: أن القرآن منـزل غير مخلوق.
ثامنًا: فيها إثبات عظمة الله. وأما ما يؤخذ من الأحاديث.
فالأول: فيه إثبات علو الله، وفي المذكورة في الحديث يقال فيها كما قيل في التي في الآيتين على أحد وجهين.
ثانيًا: في الحديث إثبات التوسل إلى الله بربوبيته وألوهيته وتقديس اسمه.
ثالثًا: إثبات عموم أمره الشرعي وأمره القدري.
رابعًا: التوسل إلى الله برحمته وبمغفرة الحوب ثم الخطايا.
خامسًا: التوسل إلى الله بربوبيته الخاصة للطيبين من عباده بإنزال رحمة من رحمته وهذه الرحمة المطلوب إنزالها مخلوقة وتقدم بحثها. الحديث الثاني فيه ما كان عليه النبي ﷺ‬ من الصبر والتحمل لأذى المنافقين.
ثانيًا: فيه دليل علو الله على خلقه وفي المذكورة في الحديث يقال فيها كما قيل في التي قبلها على أحد الوجهين. الحديث الثالث فيه إثبات العرش وأنه مخلوق. ثانيًا فيه إثبات علو الله.
ثالثًا: فيه تفسير الاستواء بالعلو كما هو مذهب السلف. الحديث الرابع: فيه جواز الاستفهام عن الله بأين. وثانيًا فيه دليل علو الله على خلقه وفيه دليل على إيمان من شهد هذه الشهادة. وفيه جواز الإشارة إلى العلو وأنه يشترط صحة العتق والإيمان، وأن العباد مفطورون على أن الله عال عليهم. قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
ذاتًا وقدرًا مع علو الشــان
وله العلو من الوجوه جميعها

وقال الشيخ تقي الدين: وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش. وأن معناه حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف، ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل أن يظن أن السماء تقله أو تظله، وهذا باطل بإجماع أهل العلم والإيمان فإن الله قد وسع كرسيه السموات والأرض وهو الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ]وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأرْضُ بِأَمْرِهِ[.
المعية

س126- ما هي أقسام المعية وما دليل كل قسم منها وما هي أدلة قرب الله؟
ج- المعية تنقسم إلى قسمين: عامة وخاصة، وهما كسائر الصفات لا يعلم كيفيتهما إلا الله عز وجل، أما دليل العامة من القرآن فقوله تعالى ]هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ وقوله تعالى ]مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ وأما أدلة الخاصة فقوله ]لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا[ ]إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى[ ]إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[ ]إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ[ وأما أدلتهما من السنة فقوله ﷺ‬ «أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت»، وقوله ﷺ‬: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ولا عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه» متفق عليه وقوله: «اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى منـزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء أقض عني الدين وأغنني من الفقر» رواه مسلم وقوله لما رفع أصحابه أصواتهم بالذكر: «أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إنما تدعون سميعًا قريبًا إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» متفق عليه وفي الحديث: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد». وقال النبي ﷺ‬ راويًا عن ربه تبارك وتعالى: «من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا...» الحديث.
س137- اذكر بعض ما تفهمه من هذه الآيات والأحاديث الدالة على المعية والقرب؟
ج- يؤخذ منها أولاً دليل على علو الله على خلقه وإثبات صفة الخلق وإثبات قدرة الله والاستدلال بهذه المخلوقات على وجود الله وإثبات الأفعال الاختيارية اللازمة وإرشاد الخلق إلى التأني في الأمور والصبر فيها وأن الخالق غير المخلوق ومباينة الله لخلقه وإثبات صفة الاستواء وصفة العلم والرد على من زعم قدم هذه المخلوقات وإثبات صفة المعية وإثبات صفة البصر والجزاء على الأعمال وإثبات صفة السمع والحث على الصبر الذي هو حبس النفس على ما تكره تقربًا إلى الله وأنواعه ثلاثة: صبر على طاعة الله وصبر عن معاصي الله وصبر على أقدار الله المؤلمة، وفيها الحث على التقوى التي هي امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه والحث على الإحسان في معاملة الله وفي معاملة خلقه وفي الحديث دليل على تفاضل الإيمان وأن أعمال القلوب داخلة في مسمى الإيمان وفيه فضل عمل القلب وأن الإحسان أكمل مراتب الدين وفيه دليل على استحباب استحضار قرب الله وفي الحديث دليل على المعية وفي الحديث الثاني دليل على قرب الله وإحاطته على ما يليق بجلاله وعظمته وفيه دليل على معيته في حال العبادة وفيه دليل على القيام في الصلاة. وفيه دليل أن العمل اليسير لا يبطل الصلاة وأن البصاق يجوز في حال الصلاة والنهي عن البصاق قبل وجهه وعن اليمين تشريفًا لها. الحديث الثالث فيه إثبات عظمة الله وأن العرش مخلوق وفيه رد على من زعم أن العرش غير مخلوق وفيه إثبات صفة الربوبية العامة والرد على القدرية الذي يزعمون أن العبد يخلق وفيه دليل على إثبات نزول القرآن والتوراة والإنجيل وأنها غير مخلوقة والرد على من زعم أنها مخلوقة وفيها دليل على من زعم قدم هذه المخلوقات وفيه دليل على بقائه وعلى علوه وقربه سبحانه وإحاطته وإثبات صفة العلم والخبرة وإثبات الثناء على الله قبل الدعاء. وفي الحديث الرابع إثبات صفة السمع ودليل قربه سبحانه. وفي الحديث الخامس إثبات قرب الله وكذلك الذي بعده. وقربه نوعان: قرب إحاطة واطلاع وعلم، وقرب من عابده وداعيه بالإثابة والإجابة.
الفروق بين المعيتين

س138- ما الفرق بين المعية العامة والخاصة؟
ج- العامة من مقتضاها العلم والاطلاع والإحاطة بجميع الخلق.
ثانيًا: المعية العامة من الصفات الذاتية. وأما الخاصة فمن الصفات الفعلية.
ثالثًا: العامة تكون في سياق تخويف ومحاسبة على الأعمال وحث على المراقبة.
رابعًا: الخاصة من مقتضى الحفظ والعناية والنصرة والتوفيق والتسديد والحماية من المهالك واللطف بأنبيائه ورسله وأوليائه.
خامسًا: الخاصة مرتبة على الإنصاف والأوصاف الفاضلة الحميدة.
لغة العرب لا توجب أن مع تفيد
اختلاطًا أو امتزاجًا أو مجاورة
س139- هل لغة العرب توجب أن ]مع[ تفيد اختلاطًا أو امتـزاجًا أو مجاورة؟
ج- لغة العرب لا توجب أن مع تفيد اختلاطًا أو امتـزاجًا أو مجاورة قال شيخ الإسلام وليس معنى قوله ]وَهُوَ مَعَكُمْ[ أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وخلاف ما فطر الله عليه الخلق بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته وهو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع إليهم، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته، وكل هذا الكلام الذي ذكره الله من أنه فوق العرش وأن معناه حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف وتقدم بعضه قريبًا. قال ابن القيم ليس ظاهر اللفظ ولا حقيقته أنه مختلط بالمخلوقات ممتـزج بها ولا تدل لفظة مع على هذا بوجه من الوجوه، فضلاً عن أن يكون هو حقيقة اللفظ وموضوعه فإن مع في كلامهم للصحبة اللائقة، وهي تختلف باختلاف متعلقاتها ومصحوبها فكون نفس الإنسان معه لون وكون علمه وقدرته وقوته معه لون وكون زوجته معه لون وكون أميره ورئيسه معه لون وكون ماله معه لون، فالمعية ثابتة في هذا كله مع تنوعها واختلافها فيصح أن يقال: زوجته معه وبينهما شقة بعيدة. وكذا يقال مع فلان دار كذا وضيعته كذا فتأمل نصوص المعية كقوله تعالى: ]مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ[ ]وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ[ ]لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا[ ]يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ[ ]وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[ ]وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ[ ]فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ[ ]فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ[ ]فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ[ ]وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ[ وأضعاف ذلك.
هل يقتضي موضع واحد منها مخالطة في الذوات التصاقًا وامتزاجًا فكيف تكون حقيقة المعية في حق الرب تعالى ذلك حتى يدعى أنها مجاز لا حقيقة. فليس في ذلك ما يدل على أن ذاته تعالى فيهم ولا متلاصقة لهم ولا مخالطة ولا مجاورة بوجه من الوجوه وغاية ما تدل عليه مع المصاحبة والموافقة والمقارنة في أمر من الأمور وذلك الاقتران في كل موضع بحسبه يلزمه لزوم بحسب متعلقة. فإذا قيل: الله مع خلقه بطريق العموم، كان من لوازم ذلك علمه بهم وتدبيره لهم. وإذا كان ذلك خاصًا كقوله ]إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ[ كان من لوازم ذلك معيته لهم بالنصرة والتأييد والمعونة. من مختصر الصواعق ج2.
صفة الكلام لله

س140- ما هو الإيمان بصفة الكلام لله؟
ج- هو الاعتقاد الجازم بأن الله متكلم بكلام قديم النوع حادث الآحاد وأنه لم يزل يتكلم بحرف وصوت بكلام يسمعه من شاء من خلقه سمعه موسى عليه السلام من غير واسطة ومن أذن له من ملائكته ورسله وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه.
س141- ما هو الدليل على إثبات صفة الكلام لله من الكتاب والسنة؟
ج- قوله تعالى: ]وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا[ ]وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ[ ]تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ[ ]وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ[ ]يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي[ ]قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي[ ]وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ[ ]وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا[ ]وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا[ ]فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ[ ]إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي[ ]وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ[ ]وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ[ ]وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[ ]وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا[ ]وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ[. وأما الأدلة من السنة فمنها قوله ﷺ‬: "يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار". متفق عليه.
وروى عبد الله بن أنيس عن النبي ﷺ‬ أنه قال: «يحشر الله الخلائق يوم القيامة حفاة عراة بهما فينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان» رواه الأئمة واستشهد به البخاري وفي الصحيح.
وعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ‬ قال: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك ]حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ[».
وعن النواس بن سمعان t قال: قال رسول الله ﷺ‬: «إذا أراد الله أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة أو قال رعدة شديدة خوفًا من الله عز وجل فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدًا».
س142- اذكر بعض ما تعرفه من معاني هذه الآيات والأحاديث؟
ج- في هذه الآيات أولا: إثبات صفة الكلام لله عز وجل وأنه لا أحد أصدق من الله قيلاً.
وفيها رد على من زعم أن كلام الله هو المعنى النفسي لأن المعنى النفسي المجرد لا يسمع.
ثانيًا: فيه إثبات القول والنداء والنهي والنجاء.
ثالثًا: فيه إثبات الحرف والصوت على ما يليق بجلاله وعظمته وفيه الكلام لله حقيقة لأنه أكده بالمصدر لنفي المجاز. والعرب لا تؤكد بالمصدر إلا إذا كان الحقيقة.
رابعًا: فيه دليل على أن نوع الكلام قديم والكلام صفة ذات من حيث تعلقها بذاته تعالى واتصافه به ومن الصفات الفعلية حيث كانت متعلقة بالمشيئة والقدرة.
خامسًا: ارتجاف السموات بكلام الله وأنها تسمع كلامه تعالى.
سادسًا: أن الغشي يعم أهل السموات.
سابعًا: فيه إثبات عظمته، وذلك يوجب للعبد خوفه منه تعالى، وفيه إثبات الإرادة لله، وفيه رد على الأشاعرة في قولهم إن القرآن عبارة عن كلام الله، وفي الحديث صفة العلو لله وأنه الكبير الذي لا أكبر منه ولا أعظم منه تبارك وتعالى، وفيه دليل على حشر الخلق لا نعال عليهم ولا لباس عليهم، وفيه إثبات صفة الملك وإثبات الجزاء على الأعمال، وفيه إثبات الأمر، وفيه أن كلامه سبحانه حين ينادي بصوت يستوي في سماعه البعيد والقريب والله أعلم.
أنواع كلام الله

س143- ما مثال أنواع الكلام الذي بواسطة والذي بغير واسطة؟
ج- أما ما كان بلا واسطة فكلامه للأبويين. وككلامه لموسى عليه السلام. وأما النوع الثاني ما كان بواسطة إما بوحي للأنبياء وإما بإرساله إليهم رسولاً يكلمهم من أمره بما يشاء. قال تعالى ]وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ[
س144- ما دليل الكوني القدري وما دليل الديني الشرعي من كلام الله؟
ج- الكلام الكوني القدري الذي توجد به الأشياء مثاله قوله تعالى ]إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ وقوله ]إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ وأما الدليل الديني الشرعي فقوله تعالى ]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ[ الآية. وقوله ]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[ وأدلته كثيرة في القرآن، والشرعي هو الذي منه الكتب المنـزلة على الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.
الإيمان بالقرآن

س145- ما هو الإيمان بالقرآن الكريم؟
ج- هو الاعتقاد الجازم بأن من كلام الله سبحانه وتعالى القرآن العظيم وهو كتاب الله المبين وحبله المتين وصراطه المستقيم منـزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود والله سبحانه تكلم به حقيقة ولا يجوز إطلاق الكلام بأنه حكاية عن كلام الله كما يقوله الكلابية أو عبارة عن كلام الله كما يقوله الأشاعرة بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقة وهو سور محكمات وآيات بيّنات وحروف وكلمات فيه محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ وخاص وعام وأمر ونهي الخ.
الدليل على القرآن الكريم من كلام الله تعالى

س146- ما هو الدليل على أن القرآن من كلام الله، وهل يكفر من جحد آية منه أو سورة أو أقر ببعض وجحد البعض الآخر؟
ج- قال تعالى: ]وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ[ وقال ]يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ[ ]وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ[ ]اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ[ ]اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ[ ]وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ[ ]لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ[ وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينـزل[ ]قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ[ ]وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ[، ]بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ[ وقال تعالى (طس، حم، يس، ص)، وأما السنة فروى الترمذي عن علي t قال: قال رسول الله ﷺ‬ «إنها ستكون فتن»، قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضلّه الله وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن ولا تنقضي عجائبه ولا تشبع منه العلماء، من قال به صدق ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل ومن دعى إليه هُدي إلى صراط مستقيم».
وقال ﷺ‬: «من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة» حديث صحيح.
وقال عليه السلام: «اقرءوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم يتعجلون أجره ولا يتأجلونه».
وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه، وقال عليٌ t من كفر بحرف من القرآن فقد كفر به كله، واتفق المسلمون على عد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ولا فرق بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفًا متفقًا عليه أنه كافر وفي هذا حجة قاطعة أنه حروف.
س147- ما هو القول الحق في القرآن فيما إذا كُتب في الورق أو قرأه القارئ؟
ج- هو كلام الله سواء كان مكتوبًا أو محفوظًا أو مقروءًا أو مسموعًا بالآذان وأما الصوت فصوت القارئ وهو مخلوق والكلام كلام البارئ، وأما المداد والورق فمخلوقان وكلام الله غير مخلوق، قال ابن القيم مشيرًا إلى ما قال القحطاني رحمهما الله:
قال الصواب وجاء بالإحسان
ولقد شفانا قول شاعرنا الذي
بأنامل الأشياخ والشــبان
إن الذي هو بالمصاحف مثبت
ومدادنا والرق مخلوقــان
هو قول ربي آيه وحــروفه
نوعٍ وذاك حقيقة العرفان
فشفى وفرق بين متلوٍ ومص

أقوال الفرق في مسألة القرآن

س148- بين أقوال ما يلي من الفرق في مسألة القرآن. الجهمية، المعتـزلة، الكلابية، الأشعرية، الكرامية، الماتريدية، الاتحادية، السالمية، الصابئة، المتفلسفة؟
ج- مذهب الجهمية والمعتـزلة أن القرآن مخلوق وقول الكلابية وأتباعهم من الأشاعرة أن القرآن نوعان: ألفاظ ومعاني، فالألفاظ مخلوقة وهي هذه الألفاظ الموجودة والمعاني القديمة قائمة في النفس وهي معنى واحد لا تتبعض ولا تتعد. إن عبر عنه بالعربية كان قرآنًا، وإن عُبر عنه بالعبرية كان توارة، وإن عبر عنه بالسريانية كان أنجيلاً، وأنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته، وقول الكرامية. أنه متعلق بالمشيئة والقدرة، وهو قائم بذات الرب. وهو حروف وأصوات مسموعة وهو حادث بعد أن لم يكن وأخطأوا في قولهم إنه له ابتداء في ذاته. ومذهب الماتريدية أن كلامه يتضمن معنى قائمًا بذات الله هو ما خلقه في غيره وهذا قول أبي منصور ومذهب الاتحادية أن كل كلام في الوجود هو كلام الله نظمه ونثره وحقه وباطله وسحره وكفره والسب والشتم والهجر والفحش وأضداده كله عين كلام الله تعالى القائم به، ومذهب السالمية أنه صفة قائمة بذات الله لازمة لها كلزوم الحياة ولا تتعلق بالمشيئة والقدرة، ومع ذلك فهو حروف وأصوات وسور وآيات لا يسبق بعضها بعضًا بل مقترنة الباء مع السين مع الميم في آن واحد لم تكن معدومة في وقت من الأوقات ولا تعدم بل هي لم تزل قائمة بذات الله، ومذهب الصابئة والمتفلسفة أن كلام الله هو ما يفيض على النفوس من المعاني، إما من العقل الفعال عند بعضهم أو من غيره.
الإيمان برؤية المؤمنين ربهم في الآخرة

س149- ما هو الإيمان برؤية الله في الآخرة؟
ج- هو الاعتقاد الجازم بأن المؤمنين يرون ربهم عيانًا بأبصارهم في عرصة القيامة وفي الجنة ويزورونه ويكلمهم ويكلمونه.
س150- ما هو الدليل على ذلك من الكتاب والسنة؟
ج- قوله تعالى: ]وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ[ وقال تعالى: ]لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ[ فالحسنى هي الجنة والزيادة هي النظر إلى وجهه الكريم، فسرها بذلك المصطفى ﷺ‬ والصحابة من بعده، وفي الحديث الذي رواه مسلم: «فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر إليه»، وهي الزيادة، وقال تعالى: ]وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ[ وقال الطبري: وقال علي بن أبي طالب وأنس بن مالك: هو النظر إلى وجهه الله عز وجل، وقال تعالى: ]كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ[ فلما حجب أولئك في حال السخط دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضا؛ وإلا لم يكن بينهما فرق، وأما الدليل من السنة فقوله ﷺ‬ «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته» حديث صحيح متفق عليه.
وفي صحيح مسلم: «واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا». وفي الصحيحين أيضًا قالوا: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «نعم فهل تضارون في رؤية الشمس صحوًا ليس دونها سحاب». وعن عمار أنه سمع النبي ﷺ‬ يقول في دعائه: «وأسألك لذة النظر إلى وجهك».
الرد على منكري رؤية الله في القيامة وفي الجنة

س152- من الذين ينكرون الرؤية وما دليليهم على نفيها، وبم يرد عليهم؟
ج- الجهمية والمعتـزلة ومن تبعهم من الخوارج والأمامية وقولهم باطل مردود بالكتاب والسنة واستدلالهم في قوله تعالى: ]لَنْ تَرَانِي[ وقوله: ]لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ[ ويرد عليهم: أولا: بما تقدم من أدلة أهل السنة والجماعة على ثبوتها.
ثانيًا: الآيتان دليل عليهم، أما الآية الأولى فالاستدلال منها على ثبوت الرؤية من وجوه أحدها أنه لا يُظن بكليم الله موسى وأعلم الناس في وقته أن يسأل ما لا يجوز عليه بل هو عندهم من أعظم المحال.
الثاني: أنه لم ينكر عليه سؤاله ولما سأل نوح ربه نجاة ابنه أنكر سؤاله.
الثالث: أن الله قال ]لَنْ تَرَانِي[ ولم يقل إني لا أرى أو لا يجوز رؤيتي أو لست بمرئي والفرق بين الجوابين ظاهر.
الوجه الرابع: وهو قوله: ]وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي[ فأعلمه أن الجبل مع قوته وصلابته لا يلبث للتجلي في هذه الدار فكيف بالبشر الذي خلق من ضعف.
الخامس: أنه سبحانه قادر على أن يجعل الجبل مستقرًا وذلك ممكن وقد علق به الرؤية، ولو كان محالاً لكان نظير أن يقول: إن استقر الجبل فسوف آكل وأشرب وأنام، والكل عندهم سواء.
السادس: قوله ]فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا[ فإذا جاز أن يتجلى للجبل الذي هو جماد لا ثواب له ولا عقاب فكيف يمتنع أن يتجلى لرسوله وأوليائه في دار كرامته.
السابع: أن الله كلم موسى وناداه وناجاه ومن جاز عليه التكلم والتكليم وأن يسمع مخاطبه كلامه بغير واسطة فرؤيته أولى بالجواز، من شرح الطحاوية.
صفات فعلية وصفات ذاتية

س152- ما الذي تفهمه من معاني ما يلي من الأحاديث قوله ﷺ‬ «ينـزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» متفق عليه، وقوله ﷺ‬: «لله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم براحلته» الحديث متفق عليه. وقوله: «يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخلان الجنة» متفق عليه، وقوله: «عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ينظر إليكم أزلين قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب» حديث حسن وقوله: «لا تزال جنهم يلقى فيها وهي تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة رجله فيها»، وفي رواية: «عليها قدمه فينـزوي بعضها إلى بعض فتقول قط قط» متفق عليه وقوله: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان»؟
ج- يفهم من الحديث الأول إثبات صفة النـزول إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر على ما يليق بجلاله وعظمته والنـزول من الصفات الفعلية ولا يجوز تحريف معناه إلى نـزول أمره أو رحمته أو ملك من الملائكة لقوله من يدعوني فأستجيب له، ولا يعقل أن يكون القائل الأمر أو الرحمة وتقدم إبطال قول المحرفين في جواب "سؤال مائة وستة" وفي الحديث إثبات صفة الكلام وفيه دليل على أن ثلث الليل الآخر من أوقات الإجابة للدعاء وإثبات القول لله وعلو الله على خلقه وصفة الربوبية والرد على من زعم أنه حال في كل مكان بذاته وإثبات الأفعال الاختيارية ولطفه بعباده ورحمته بهم.
الحديث الثاني فيه إثبات صفة الفرح وهون من الصفات الفعلية وأن فرحه يتفاضل والحث على التوبة وفضلها.
الحديث الثالث فيه إثبات صفة الضحك وهي من الصفات الفعلية على ما يليق بجلاله وعظمته وفيه دليل على أن للقاتل توبة وفيه فضل الجهاد والحث عليه وأن القتل في سبيل الله يكفر الخطايا. وأن المقتول في سبيل الله يدخل الجنة.
الحديث الرابع فيه إثبات صفة العجب وهي من الصفات الفعلية والضحك وإثبات نظره إلى خلقه فهذه تثبت لله على ما يليق بجلاله وعظمته.
الحديث الخامس فيه أن جهنم تتكلم والمتبادر أنه بلسان المقال وقيل بلسان الحال وفيه إثبات صفة الرجل لله على ما يليق بجلاله وفيه رد على المعطلة النافين لها، وفي الرواية الأخرى إثبات القدم.
الحديث السادس فيه إثبات صفة الكلام والرد على من نفاها وهذا الكلام عام لجميع الناس ولا ينافي قوله تعالى: ]وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ[ لأن المنفي هنا تكليم المكلم بما يسره والله سبحانه أعلم.
توسط أهل السنة بين فرق الضلال

س153- كيف كان أهل السنة وسطًا في باب صفات الله بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة؟
ج- وجه ذلك أن المعطل هو من ينفي الصفات الإلهية أو بعضها وينكر قيامها بذات الله فهو بالحقيقة مقصر جافي، وأما المشبه فهو من يشبهها أو بعضها بصفات المخلوقين، فهو بالحقيقة متجاوز للحد مغالي، وأما أهل السنة والجماعة فيثبتون الصفات إثباتًا بلا تمثيل وينـزهون الله عن مشابهة المخلوقين تنـزيهًا بلا تعطيل فهم جمعوا بين التنـزيه والإثبات.
توسط أهل السنة في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية

س154- كيف كان أهل السنة وسطًا في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية ومن هم الجبرية ولم سموا بذلك ومن زعيم القدرية وما مذهبهم؟
ج- الجبرية هم أتباع الجهم بن صفوان الترمذي وسموا جبرية لأن مذهبهم أن العبد مجبور على فعله وحركاته، وأفعاله اضطرارية، فالجبرية يزعمون أن العباد لا يفعلون شيئًا ألبتة، وأن الفاعل عندهم هو الله حقيقة وإضافة أفعال العباد إليهم عند الجبرية مجاز، ومذهبهم باطل وأما القدرية فهم أتباع معبد الجهني لأنه أول من تكلم بالقدر وحقيقة مذهبهم أنهم يقولون أن أفعال العباد وطاعاتهم ومعاصيهم لم تدخل تحت قضاء الله وقدره فأثبتوا قدرة الله على أعيان المخلوقين وأوصافهم، وقد نفوا قدرته على أفعال المكلفين وقالوا إن الله لم يردها ولم يشأها منهم وهم الذين أرادوها وشاءوها وفعلوها استقلالاً وأنكروا أن يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فأثبتوا خالقًا مع الله، ولهذا سموا مجوس هذه الأمة، وهم الذين ورد فيهم الحديث أنهم مجوس هذه الأمة، ويقال لهم القدرية النفاة ومذهبهم باطل، وأما أهل السنة والجماعة فأثبتوا أن العباد فاعلون حقيقة وأن أفعالهم تنسب إليهم على جهة الحقيقة لا على جهة المجاز، وأن الله خالقهم وخالق أفعالهم قال تعالى ]وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ[ وأثبتوا للعبد مشيئة واختيارًا تابعين لمشيئة الله قال الله تعالى ]لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[ والله أعلم.
توسط أهل السنة بين المرجئة والوعيد من القدرية

س155- كيف كان أهل السنة وسطًا في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية ووضح المذاهب الثلاثة توضيحًا شافيًا كافيًا؟
ج- المرجئة نسبة إلى الإرجاء لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة غير فاسق، وقالوا لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فعندهم أن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان وأن الإيمان لا يتبعض، وأن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان. غير معرض للوعيد، ومذهبهم باطل ترده أدلة الكتاب والسنة.
وأما الوعيدية من القدرية فهم القائلون بإنفاذ الوعيد، وأن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب منها فهو خالد مخلد في النار، وهو أصل من أصول المعتـزلة، وبه تقول الخوارج، قالوا لأن الله لا يخلف الميعاد، وقد توعد سبحانه العاصين بالعقوبة، فلو قيل أن المتوعد بالنار لا يدخلها لكان تكذيبًا لخبر الله، وأهل السنة توسطوا في ذلك فقالوا إن مرتكب الكبيرة ناقص الإيمان آثم وهو معرض نفسه للعقوبة، وهو تحت مشيئة الله، وإذا مات من غير توبة، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه في النار، ولكنه لا يخلد في النار، بل يخرج بعد التطهير والتمحيص من الذنوب والمعاصي. إما بشفاعة وإما بفضل الله ورحمته قال تعالى ]إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[ قال أهل السنة وإخلاف الوعيد كرم ويمدح به بخلاف الوعد.
أسماء الإيمان والدين

س156- ما المراد بأسماء الدين والأحكام؟
ج- المراد به مثل مؤمن، مسلم، كافر، فاسق، والمراد بالأحكام أحكام هؤلاء في الدنيا والآخرة، ومسألة الأسماء والأحكام من أول ما وقع فيه النـزاع في الإسلام بين الطوائف المختلفة.
أهل السنة وسط في باب أسماء الإيمان والدين بين طوائف الضلال

س157- كيف كان أهل السنة وسطًا في باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتـزلة وبين المرجئة والجهمية؟
ج- الحرورية هم الخوارج سموا بذلك نسبة إلى قرية قرب الكوفة يقال لها حروراء، اجتمع فيها الخوارج حين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t، وأما المعتـزلة فهم أتباع واصل بن عطاء العزال، اعتـزل عن مجلس الحسن البصري، وعند الخوارج والمعتزلة أنه لا يسمى مؤمنًا إلا من أدى الواجبات واجتنب الكبائر، ويقولون إن الدين والإيمان قول وعمل واعتقاد لكن لا يزيد ولا ينقص، فمن أتى كبيرة كالقتل واللواط وقذف المحصنات ونحوها كفر عند الحرورية واستحلوا منهم ما يستحلون من الكفار، وأما المعتزلة فمرتكب الكبيرة عندهم يصير فاسقًا في منـزلة بين منـزلتين، لا مؤمنًا ولا كافرًا، وتقدم بيان مذهب المرجئة، وأنهم يقولون لا يضر مع الإيمان معصية، وأن الإيمان عندهم مجرد التصديق، وأن من أتى كبيرة فهو كامل الإيمان ولا يستحق دخول النار، وعند الجهمية أن الإيمان مجرد المعرفة والأعمال ليست من الإيمان فإيمان افسق الناس كإيمان أكمل الناس، ويقولون، لا يضر مع الإيمان معصية، وأما أهل السنة فقالوا: الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ومن أتى كبيرة فهو عندهم مؤمن ناقص الإيمان، وبعبارة أخرى مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، وفي الآخرة تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له وأدخله الجنة، لأول مرة، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه، وبعد تطهيره من الذنوب مآله إلى الجنة.
قال بعضهم:
ولو قتل النفس الحرام تعمدا
ولم يبق في نار الجحيم موحد

توسط أهل السنة في أصحاب رسول الله بين الرافضة والخوارج

س158- كيف كان أهل السنة وسطًا في أصحاب رسول الله بين الرافضة والخوارج؟
ج- الرافضة غلوا في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t وأهل البيت ونصبوا العداوة لجمهور الصحابة كالثلاثة وكفروهم ومن والاهم وقالوا لا ولاء إلا ببراءة أي لا يتولى أحد عليًا حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر، وكفروا من قاتل عليًا، وقالوا إن عليًا إمام معصوم، وسبب تسمية الشيعة بالرافضة أنهم رفضوا زيد بن علي ابن الحسين وأرفضوا عنه حين ما قالوا له: تبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال معاذ الله وزيرا جدي فتركوه ورفضوه فسموا الرافضة، وأما الزيدية فقالوا: نتولاهما ونبرأ ممن تبرأ منهما، فخرجوا مع زيد فسموا بالزيدية، وأما الخوارج فهم الذين خرجوا على أمير المؤمنين وفارقوه بسبب التحكيم، وكانوا اثني عشر ألفًا، فأرسل إليهم ابن عباس رضي الله عنهما فجادلهم ووعظهم فرجع بعضهم وأصر على المخالفة آخرون. وقالت طائفة ما يصدر من علي من أمر التحكيم فإن أنفذه قمنا على المخالفة له، ثم إنهم أعلنوا الفرقة وأخذوا في نهب من لم ير رأيهم، وقد ثبت عن النبي ﷺ‬ أنه قال: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق»، فقتلهم علي وطائفته فهم والرافضة في طريقي نقيض؛ لأن الرافضة غلوا في علي وأهل البيت.
والخوارج ضدهم كفروا عليًا وعثمانًا ومن والاهما. وأما أهل السنة والجماعة فكانوا وسطًا بين غلو الرافضة وجفاء الخوارج وتقصيرهم فهدوا لموالاة الجميع ومحبتهم وعرفوا لكل حقه وفضله، وأنهم أكمل هذه الأمة إسلامًا وإيمانًا وعلمًا وحكمة وأنزلوهم منازلهم، وبهذا يظهر توسطهم.
من فوائد سنة النبي ﷺ‬

س159- اذكر شيئًا من فواد سنة النبي ﷺ‬ وما الواجب علينا نحوها وما الدليل على ذلك؟
ج- السنة تفسير القرآن وتبيينه وتدل عليه وتعبر عنه ولا تخالفه لأن الذي جاء بها هو الذي جاء بالقرآن. قال تعالى ]وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ[ قيل هي السنة وقال تعالى ]وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى[ وقال ]وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيلِ * لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ[ ]وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[، وقال: ]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ[ فالسنة هي الأصل الثاني من أصول الإسلام فيجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي ﷺ‬ وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا نعلم أنه حق وصدق وسواء في ذلك ما عقلناه أو جهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه، فمن ذلك الأحاديث المتقدمة الواردة في الصفات الموافقة لما جاء به القرآن من إثبات الصفات لله، ومثل حديث الإسراء والمعراج والصراط والساعة وكل ما أخبر به من ما يكون بعد الموت وقبل الموت والله أعلم.
الإيمان باليوم الآخر

س160- ما هو الإيمان باليوم الآخر؟
ج- هو الإيمان بكل ما أخبر النبي ﷺ‬ مما يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذابه ونعيمه، والبعث والنشر والحشر والصحف والميزان والحساب والصراط والحوض والشفاعة، وأحوال الجنة والنار وما أعد الله فيهما لأهلهما إجمالاً وتفصيلاً.
فتنة القبر

س161- ما المراد بفتنة القبر؟
ج- المراد بها ما ورد من أن الناس يمتحنون في قبورهم فيقال للرجل من ربك وما دينك ومن نبيك، فـ ]يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ[ فيقول المؤمن: ربي الله، والإسلام ديني ومحمد ﷺ‬ نبـيي. وأما المرتاب فيقول هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها لصعق، وفي الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما عن النبي ﷺ‬ قال في قولـه تعالى ]يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ[ «نزلت في عذاب القبر» زاد مسلم فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله ونبـيي محمد فذاك قوله سبحانه: ]يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ[ وعند أبي داود: «يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله ﷺ‬ فيقولان له: وما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله تعالى فآمنت به وصدقت. فينادي منادٍ: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة وألبسوه من الجنة ويفسح له مد بصره». وقال في الكافر: «فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك فيقول ها هاه لا أدري إلى أن قال فينادي منادٍ من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه».
عذاب القبر ونعيمه

س162- ما هو الدليل على عذاب القبر ونعيمه؟
ج- قول تعالى: ]النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ[، وقوله: ]وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ[، وفي قوله: ]وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ[، وقوله: ]وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[.
وفي الصحيحين عن عائشة أنها سألت رسول الله ﷺ‬: «عن عذاب القبر قال: نعم عذاب القبر حق، وقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر، وقال: إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع وذكر منها عذاب القبر»، وفي الصحيحين أن النبي ﷺ‬ قال: "لقد أوحي إليّ أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة المسيح الدجال.
وفي الصحيحين عن أبي أيوب قال: «خرج علينا رسول الله ﷺ‬ وقد وجبت الشمس فسمع صوتًا فقال: يهود تعذب في قبورها، وفيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي ﷺ‬ بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى إنه كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة».
وفي حديث أنس: «تنـزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر من البول»، وروى الدارقطني وورد أن رجلاً غل شملة من المغنم فجاء سهم عائر فأصابه فقتله فقال الناس هنيئًا له الجنة فقال رسول الله ﷺ‬: «كلا والذي نفسي بيده أن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم التي لم تصبها المقاسم تشتعل عليه نارًا».
س163- هل عذاب القبر ونعميه يحصل للروح والبدن وهل عذاب القبر دائم أو منقطع؟ وضح تفصيل ذلك؟
ج- العذاب أو النعيم يحصل للروح والبدن جميعًا، والروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة وأنها تتصل بالبدن أحيانًا ويحصل له معها النعيم أو العذاب، والعذاب والنعيم في القبر نوعان، دائم كما في قوله تعالى ]النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا[ الآية.
النوع الثاني: له أمد ثم ينقطع وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم فيعذبون بحسب الذنب ثم يخفف عنهم العذاب كما يعذبون في النار مدة ثم يزول عنهم العذاب.
القيامة الكبرى

س164- ماذا يكون بعد انتهاء مدة البرزخ؟
ج- تقوم القيامة الكبرى فتعاد الأرواح إلى الأجساد التي كانت تعمرها في الدنيا وهذه القيامة هي التي أخبر الله بها في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ‬ وأجمع عليها المسلمون، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة عراة غرلاً وتدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق.
الميزان

س165- ما هو الميزان وهل هو حقيقي؟ وما هو الدليل على ذلك وما الذي يوزن هل هو العمل أم الشخص أم فيه تفصيل وجمع؟
ج- الميزان حقيقي له لسان وكفتان توزن به أعمال العباد قال تعالى ]وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ[ الآية. وقال ]فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ[ وقال ]وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ[ الآية. وقال: ]فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ[ الآيتين.
قال ابن عباس رضي الله عنهما توزن الحسنات في أحسن صورة والسيئات في أقبح صورة وفي الصحيح: «أن البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف»، وفي قصة القرآن وأنه يأتي صاحبه في صورة شاب شاحب اللون الحديث: وفي قصة سؤال القبر فيأتي المؤمن شاب حسن اللون طيب الريح فيقول من أنت فيقول أنا عملك الصالح وذكر عكسه في شأن الكافر والمنافق، وقيل يوزن كتاب الأعمال واستدل له بحديث البطاقة، وقيل يوزن صاحب العمل كما في الحديث: «يُؤتى بالرجل السمين فلا يزن عند الله جناح بعوضة ثم قرأ (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنًا)».
وفي مناقب ابن مسعود أن النبي ﷺ‬ قال: «أتعجبون من دقة ساقيه والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد»، والراجح القول الأول. وقيل تارة: يوزن العمل وتارة يوزن محلها وتارة يوزن فاعلها.
س166- هل الميزان واحد أو متعدد، وإذا كان واحدًا فما الجواب عن وروده بلفظ الجمع في القرآن؟
ج- قيل: إنه واحد لجميع الأمم ولجميع الأعمال، وأتى بلفظ الجمع باعتبار تعدد الأعمال والأشخاص، أو للتفخيم كما في قوله تعالى ]كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ[. مع أنه لم يرسل إليهم إلا واحدًا. وقيل إنها متعددة لكل واحد من المكلفين ميزان لقوله تعالى ]وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ[ الآية.
الدواوين

س167- ما هي الدواوين وما معنى نشرها؟
ج- هي صحائف الأعمال ونشرها بسطها وفتحها، فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره قال الله تعالى ]فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ[ الآيتين وقال ]وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا[ وقال ]وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ[ وقال ]فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا[.
الحساب

س168- ما هو الحساب وما الدليل على أنه حق ثابت؟
ج- هو توقيف الله عباده قبل الانصراف من المحشر على أعمالهم خيرًا كانت أو شرًا قال تعالى ]يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ[ وقال ]فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ[ وقال ]فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا[ وقال ]ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ[ وقال ]وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا[ وقال ]يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا[ الآية فيحاسب الله الخلائق ويخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه أخرج الترمذي من حديث أبي برزة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله ﷺ‬ قال: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه».
س169- هل هنا فرق بين محاسبة المؤمن ومحاسبة الكافر؟
ج- نعم المؤمن توزن حسناته وسيئاته كما تقدم فمن رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومن خفت موازينه بأن رجحت سيئاته بحسناته دخل النار، وأما من تساوت حسناته وسيئاته فقيل: أولئك أصحاب الأعراف. وأما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته سيئاته فإنه لا حسنات لهم، ولكن تعد أعمالهم فتحصى فيوقفون عليها ويقررون فيعترفون بها. قال تعالى ]أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ[ وقال ]وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا[ وقال ]فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا[ وقال عن أعمالهم ]كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ[ ]كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا[ الآيتين.
الحوض

س170- ما هو الإيمان بالحوض المورود، واذكر الدليل على ما تقول ووضح موضعه وصفته ومسافته وكم آنيته ومن الذي يرده وهل يظمأ من شرب منه وهل يمنع منه أحد؟ وضح ذلك.
ج- التصديق الجازم بما أجمع عليه أهل الحق من أن للنبي ﷺ‬ حوضًا في عرصات القيامة ترد عليه أمته ﷺ‬، ماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل آنيته عدد نجوم السماء طوله شهر وعرضه شهر من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا، أخرجه الشيخان وغيرهما، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ﷺ‬: «حوضي مسيرة شهر وماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من ريح المسك كيزانه كنجوم السماء من شرب منه لا يظمأ أبدًا»، وفي صحيح مسلم: «ليردن على الحوض أقوام فيختلفون دوني فأقول أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوه بعدك».
س171- هل الحوض مختص بنبينا ﷺ‬ أم لكل نبي حوض؟
ج- الحوض الأعظم مختص به ﷺ‬ لا يشركه فيه نبي غيره، وأما سائر الأنبياء فقد روى الترمذي في جامعه عن سمرة قال: قال رسول الله ﷺ‬: «إن لكل نبي حوضًا وأنهم يتباهون أيهم أكثر واردة وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة».
الصراط

س172- ما هو الصراط وأين موضعه وما حكم الإيمان به وما صفة المرور عليه وما الذي بعده ومتى يؤذن لمن تجاوزه في دخول الجنة؟
ج- هو الجسر المنصوب على متن جهنم بين الجنة والنار، يرده الأولون يمرون عليه على قدر أعمالهم فمنهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس الجواد ومنهم كركاب الإبل ومنهم من يعدو عدوًا ومنهم من يمشي مشيًا ومنهم من يزحف زحفًا ومنهم يخطف خطفًا ويلقى في جهنم.
فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، فمن مر على الصراط دخل الجنة، فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذّبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة والإيمان به واجب.
الشفاعة

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة