عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-08-2023, 10:03 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية

مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية

تأليف الفقير إلى عفو ربه
رحمه الله
ومن أراد طباعته لوجه الله تعالى لا يريد به عرضاً من الدنيا فقد أذن له وجزى الله خيراً من طبعه أو أعان على طبعه أو تسبب لطبعه وقفاً لله , فقد ورد عن النبي ﷺ‬ أنه قال " إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله " والحديث رواه أبو داود , وورد عنه ﷺ‬ أنه قال " إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " الحديث رواه مسلم . وورد عنه ﷺ‬ أنه قال " من دل على خير فله مثل أجر فاعله "رواه مسلم . وعن زيد بن خالد الجهني t أن رسول الله ﷺ‬ قال " من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا " متفق عليه .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تفرد بالجلال والعظمة والكبرياء والجمال، وأشكره شكر عبد معترف بالتقصير عن شكر بعض ما أوليه من الإنعام والإفضال. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فبما أن الأسئلة والأجوبة الأصولية مبسطة جامع لأصول كثيرة وقد طلب مني بعض الإخوان اختصارها ونظرًا إلى ضعف الهمم وتزاحم الدروس على الطلاب وقد كان عندنا الأساس الأول مختصرًا فعزمت على التسبب في طبعه راجيًا من الله الحي القيوم العلي العظيم بديع السموات والأرض أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم وأن ينفع به من قرأه ومن سمعه وأن يأجر من تسبب في نشره وبثه إنه جواد كريم رؤوف رحيم وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.
عبد العزيز المحمد السلمان
المدرس في معهد
إمام الدعوة بالرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
مؤلف العقيدة
شيخ الإسلام ومفتي الأنام المجتهد في الأحكام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني بلدًا الحنبلي مذهبًا.
ولد رحمه الله بحران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة 661هـ وقدم به والده وبأخويه عند استيلاء التتار على البلاد إلى دمشق سنة 667هـ فأخذ الفقه والأصول عن والده وسمع عن خلق كثير منهم الشيخ شمس الدين والشيخ زيد الدين بن المنجا والمجد بن عساكر وقرأ العربية على ابن عبد القوي صاحب عقد الفرائد نظم الفقه، وعني بالحديث وسمع الكتب الستة والمسند وأقبل على تفسير القرآن فبرز فيه وأحكم أصول الفقه والفرائض وغير ذلك من العلوم وتأهل للتدريس وله دون العشرين سنة وتضلع في علم الحديث وحفظه حتى قالوا إن كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فهو ليس بحديث وألف مؤلفات كثيرة في فنون عديدة ورد على المبتدعة وله الفتاوى المفصلة وحل المسائل المعضلة فمن مؤلفاته:
1- الصارم المسلول.
2- موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول.
3- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.
4- منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية.
5- الاختيارات الفقهية.
6- الرد على المنطقيين.
7- الفتوى الحموية.
8- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
9- الفتاوى.
10- التوسل والوسيلة.
11- معارج الوصول.
12- نظرية العقد.
ولـه غيرها منها الواسطية وسبب تسميتها بالواسطية قيل إن القاضي الواسطي عندما قدم لموسم الحج من بلدته واسط طلب من شيخ الإسلام أن يكتب له عقيدته السلفية وفي جلسة لشيخ الإسلام بعد صلاة العصر كتبها. وجرى له -رحمه الله- محن كثيرة منها محنة بسبب تأليفه الحموية وجرى له بسبب فتياه بالطلاق ولما كان في سنة 726هـ وقع الكلام في شد الرحل إلى قبور الصالحين والأنبياء فأفتى الشيخ -رحمه الله- بتحريم ذلك فحصل له ما حصل من علماء زمانه وكان منشأ ذلك الحسد والهوى فحبس بأمر السلطان بقلعة دمشق وبقي -رحمه الله- سنتين وثلاثة أشهر، وكان -رحمه الله- في هذه المدة مكبًا على التلاوة والعبادة والتهجد حتى أتاه اليقين وذلك في 728هـ فرحمة الله عليه وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا.
هذا وأسأل الله الحي القيوم أن ييسر لدين الإسلام من يقوم بنصره ويزيل ما حدث في البلاد الإسلامية من البدع والضلالات والمنكرات التي عمت وطمت وأفسدت العقائد والأخلاق وشب عليها الصغير وصارت عادات عند كثير من الناس؛ لا تستنكر فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم القوي العزيز وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
س1- ما هو معنى الحمد وما معنى لفظ الجلالة؟
ج- هو لغة: الثناء باللسان على الجميل الاختياري على وجه التعظيم والتبجيل.
وعرفًا: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعمًا على الحامد وغيره واللام والألف للاستغراق فجميع المحامد كلها لله.
أما معنى الإله فهو المألوه المعبود المستحق لإفراده بالعبادة لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال وهو أعرف المعارف على الإطلاق.
س2- من هو الرسول ومن هو النبي؟ وهل كل رسول نبي؟
ج- هو لغة من بعث إليه برسالة واصطلاحًا إنسان ذكر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه فإن أوحي إليه ولم يؤمر فهو نبي فكل رسول نبي ولا عكس.
س3- ما هو الهدى وما هي أقسامه وما هي أدلة كل قسم؟
ج- الهدى لغة الدلالة والبيان وهو ينقسم إلى قسمين:
هدى دلالة وبيان: وهو الذي يقدر عليه الرسل وأتباعهم ودليله قوله تعالى ]وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ[.
وقوله: ]وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[ وقوله ﷺ‬ لعلي t: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم».
والقسم الثاني: هو الذي لا يقدر عليه إلا الله عز وجل وهو الذي معناه: التوفيق والإلهام فهذا هو المذكور في قوله تعالى لنبيه ﷺ‬ ]إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[.
وقال: ]لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[.
وقال: ]إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ[ وفيه آيات أخر تدل على ذلك.
س4- ما المراد بالهدى المذكور في خطبة العقيدة؟
ج- الهدى معناه ما جاء به النبي ﷺ‬ من الإخبارات الصادقة والإيمان الصحيح والعلم النافع والعمل الصالح.
س5- ما هو الدين وما معنى قوله ليظهره على الدين كله؟
ج- الدين له معان كثيرة والمراد به هنا جميع ما شرعه الله من الأحكام ومعنى قوله ليظهره أي ليعليه على الأديان كلها بالحجة والبرهان.
س6- بأي شيء تكون معرفة الإنسان لدينه؟
ج- بمعرفة أركانه الثلاثة المذكورة في حديث جبريل المشهور وهي الإسلام والإيمان والإحسان وقد بينها ﷺ‬ بيانًا واضحًا شافيًا كافيًا وافيًا.
س7- ما الذي تفهمه من قوله ]وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا[ وبأي شيء تكون شهادته سبحانه؟
ج- المعنى وكفى بشهادته إثباتًا لصدقه قال تعالى ]قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ[ وشهادته سبحانه تكون بقوله وفعله ونصره وتأييده ومن أسمائه تعالى الشهيد الذي لا يغيب عنه شيء وهو مرادف للرقيب فهو سبحانه مطلع على كل شيء مشاهد له عليم بجميع المعلومات الجلية والخفية سامع لكل المسموعات مبصر لكل المبصرات محيط بكل شيء.
س8- ما معنى شهادة أن لا إله إلا الله وما أركانها؟
ج- معناه لا معبود بحق إلا الله وأركانها اثنان: نفي وإثبات وحد النفي من الإثبات "لا إله" نافيًا جميع ما يعبد من دون الله "إلا الله" مثبتًا العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته كما أنه ليس له شريك في ملكه والله أعلم.
س9- كم شروط لا إله إلا الله وما هي وما الذي ينافيها؟
ج- شروطها سبعة فأولها العلم المنافي للجهل واليقين المنافي للشك والإخلاص المنافي للشرك والصدق المنافي للكذب والمحبة المنافية لضدها والانقياد المنافي للامتناع والقبول المنافي للرد وهذه السبعة جمعها بعضهم في بيت شعر:
علمٌ يقينٌ وإخلاصٌ وصدقكَ مع ِ
محبةٍ وانقيادٍ والقبولِ لها ِ ِ

س10- هل يكتفي بالنطق بالشهادة أم لابد من العلم بمعناها والعمل بمقتضاها؟
ج- لا تعتبر إلا لمن تكلم بها عارفًا لمعناها عاملاً بمقتضاها باطنًا وظاهرًا فلا بد في الشهادتين من العلم والعمل بمدلولهما قال تعالى: ]إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ[، وقال تعالى ]فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ[ الآية إلى غير ذلك من الأدلة.
س11- ما معنى شهادة أن محمدًا رسول الله؟
ج- طاعته فيما أمر به وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع وأن يعظم أمره ونهيه فلا يقدم عليه قول أحد كائنًا ما كان.
س12- ما الحكمة في قرن شهادة أن محمدًا رسول الله بشهادة أن لا إله إلا الله؟
ج- الحكمة في جعل الشهادة للرسول ﷺ‬ بالرسالة مقرونة بالشهادة لله بالتوحيد إشارة إلى أنه لا بد من كل منهما فلا تغني إحداهما عن الأخرى ولهذا قرن بينهما في الأذان وفي التشهد وقال بعضهم في تفسير قوله تعالى ]وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ[ ذلك أن الله لا يذكر في موضع إلا ذكر معه ﷺ‬ قاله الحسن وقال قتادة رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله قال مجاهد ]وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ[ يعني: بالتأذين. قال حسان:
من الله مشهور يلـوح ويشهد
أغرٌ عليـــه للنبوة خاتم
إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وضم الإله اسم النبي مع اسمه
فذو العرش محمود وهـذا محمد
وشق له من اسمه ليجــله؛ ؛

س13- ما الحكمة في الجمع له ﷺ‬ بين وصفي العبودية والرسالة؟
ج- الحكمة في ذلك؛ لأنها أعلى ما يوصف به العبد والرسول ﷺ‬ أكمل الخلق فيهما وفيه تنبيه للرد على الذين رفعوه فوق منـزلته والذين نبذوا ما جاء به وراء ظهورهم واعتمدوا على الآراء التي تخالف ما جاء به ﷺ‬.
س14- ما حد التوحيد اذكره بوضوح؟
ج- هو علم العبد واعترافه واعتقاده وإيمانه بتفرد الرب بكل صفة كمال وتوحيده في ذلك واعتقاده أنه لا شريك له ولا مثيل له في كماله وأنه ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
س15- ما هي أقسام التوحيد عند من يجعلها ثلاثة أقسام؟
ج- توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد الألوهية.
س16- ما هو توحيد الربوبية؟
ج- هو اعتقاد العبد أن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير الذي ربَّى جميع الخلق بالنعم وربَّى؛خواص خلقه وهم الأنبياء وأتباعهم بالعقائد الصحيحة والأخلاق الجميلة والعلوم النافعة والأعمال الصالحة
س17- ما هو توحيد الأسماء والصفات؟
ج- هو اعتقاد انفراد الله بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلالة والجمال وذلك بإثبات ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ‬ من جميع الأسماء والصفات ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة.
س18- ما هو توحيد الألوهية؟
ج- هو العلم والاعتراف بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين وإفراده وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين لله وحده ويسمى هذا النوع توحيد العبادة.
س19- هل للتوحيد تقسيم ثان غير ما ذكر؟
ج- نعم، بعضهم يقول التوحيد نوعان: أولاً القولي الاعتقادي سمي بذلك لاشتماله على أقوال القلوب وهو اعترافها واعتقادها وعلى أقوال اللسان والثناء على الله بتوحيده، وهذا النوع هو توحيد الأسماء والصفات التي يدخل فيه توحيد الربوبية.
الثاني: الفعلي وهو المسمى بتوحيد الألوهية وسمي فعليًا؛ لأنه متضمن لأفعال القلوب والجوارح كالصلاة والزكاة والحج ونحو ذلك.
س20- ما هي أقسام التوحيد القولي؟
ج- الأول النفي وهو ينقسم إلى قسمين نفي النقائص والعيوب عن الله والثاني نفي التشبيه والتعطيل عن أسمائه وصفاته، والثاني من أقسام التوحيد القولي الإثباتي وهو إثبات كل صفة كمال للرحمن وردت بالكتاب والسنة.
س21- ما ينـزه عنه الله ينقسم إلى قسمين متصل ومنفصل، أذكر مثالاً لكل قسم والضابط لكل قسم؟
ج- مثال المتصل كالنوم والإعياء والتعب واللغوب والموت والجهل والظلم والغفلة والنسيان وعن احتياجه إلى طعم وزرق وضابط هذا القسم ما يناقض ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ﷺ‬ في كل ما يضاد الصفات الكاملة.
والقسم الثاني: المنفصل وضابطه تنـزيهه عن أن يشاركه أحد من الخلق في شيء من خصائصه التي لا تكون لغيره وذلك كالزوجة والشريك والكفؤ والظهير والشفيع بدون إذن الله والولي من الذل فكل ذلك ينـزه عنه الله جل وعلا وتقدس.
س22- أي أقسام التوحيد الذي جاءت به الرسل وأنزلت به الكتب وضحه مع ذكر دليله؟
ج- هو توحيد الألوهية قال تعالى: ]وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ[ وقال تعالى ]وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ[ وقال تعالى: ]وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ[ وقال: ]وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ[ وقال: ]وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ[ وقال: ]وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ[ وقال يوسف: ]إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ[ الآية.
س23- ما أركان توحيد الألوهية؟ تكلم عنها بوضوح.
ج- اثنان، الصدق والإخلاص، فالأول توحيد المراد فلا يزاحمه مراد، والثاني توحيد الإرادة ببذل الجهد والطاقة في عبادته وحده.
س24- ما ضد هذا القسم الذي هو توحيد العبادة؟
ج- ضده أمران أولاً الإعراض عن محبته والإنابة إليه والتوكل عليه ثانيًا الإشراك به واتخاذ أولياء شفعاء من دونه.
س25- ما ضد توحيد الربوبية؟
ج- أن يجعل لغيره معه تدبيرًا فالربوبية منه لعباده والتأله من عباده له.
س26- ما ضد توحيد الأسماء والصفات؟
ج- أمران: التعطيل والتشبيه، فمن نفى صفاته تعالى وعطلها ناقض تعطيله توحيده وكذّبه ومن شبهه بخلقه ناقض تشبيهه توحيده وكذبه.
س27- ما معنى الصلاة على النبي ﷺ‬ ومن هم آل النبي ﷺ‬ ومن هو الصحابي؟
ج- معناها ثناء الله عليه عند الملأ الأعلى وآل الشخص هم المنتمون إليه الذين تجمعهم به صلة وثيقة من قرابة ونحوها وأحسن ما قيل في آل النبي أنهم أتباعه على دينه والصحابي كل من لقيه ﷺ‬ مؤمنًا ومات على ذلك.
س28- ما معنى كلمة أما بعد ولأي شيء يؤتى بها وإلى أي شيء أشار المصنف بقوله: هذا اعتقاد الفرقة الناجية؟
ج- معناها أي أما بعد مهما يكن من شيء ويؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى أسلوب والإشارة فيما يظهر والله أعلم أنه إلى ما تصوره في الذهن من ما سيصنفه وإن كانت الخطبة بعد العقيدة فهي إلى العقيدة.
س29- ما معنى الاعتقاد ومن هي الفرقة الناجية؟
ج- هو مصدر اعتقد وهو يطلق على التصديق مطلقًا وعلى ما يعتقده الإنسان من أمور الدين والفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة.
س30- من أين أخذ وصفها بأنها ناجية وضح ذلك؟
ج- من قوله ﷺ‬: «ستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة»، ومن قوله: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة».
س31- ما هي السنة ومن هم أهلها ولم نُسبوا إليها؟
ج- هي لغة الطريقة وشرعًا أقوال النبي ﷺ‬ وأفعاله وإقراراته وأهلها هم المتبعون لها ونُسبوا إليها لتمسكهم بها وانتسابهم إليها دون الطرق الأخرى المنحرفة.

(الإيمان بالله)

س32- ما هو الإيمان بالله الذي هو الركن الأول من الإيمان؟
ج- هو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه وأنه الخالق الرزاق المحيي المميت وأنه المستحق لأن يفرد بالعبادة والذل والخضوع وجميع أنواع العبادة وأن الله هو المتصف بصفات الكمال والعظمة والجلال المنـزه عن كل عيب ونقص.
(الإيمان بالملائكة)

س33-ما هو الإيمان بالملائكة الذي هو الركن الثاني من أركان الإيمان؟
ج- هو التصديق الجازم بأن لله ملائكة موجودون مخلوقون من نور وإنهم كما وصفهم الله عباد مكرمون يسبحون الليل والنهار لا يفترون وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وأنهم قائمون بوظائفهم التي أمرهم الله بالقيام بها.
س34- هل يكفي الإيمان إجمالاً بالملائكة؟
ج- أما من ورد تعيينه باسمه المخصوص كجبريل وميكائيل وإسرافيل ورضوان ومالك ومن ورد تعيين نوعهم المخصوص كحملة العرش والحفظة والكتبة فبالتفصيل وأما البقية فيجب الإيمان بهم إجمالاً ولا يحصي عددهم إلا الله.
(الإيمان بكتب الله)

س35- ما هو الإيمان بكتب الله الذي هو الركن الثالث من أركان الإيمان؟
ج- هو التصديق الجازم بأن لله كتبًا أنزلها على أنبيائه ورسله وهي من كلامه حقيقة وأنها نور وهدى وأن ما تضمنته حق ولا يعلم عددها إلا الله وأنه يجب الإيمان بها جملة إلا ما سمى الله منها وهي التوراة والإنجيل والزبور والقرآن فيجب الإيمان بها على التفصيل ويجب مع الإيمان بالقرآن وأنه منـزل من عند الله الإيمان بأن الله تكلم به حقيقة كما تكلم بالكتب المنـزلة على أنبيائه وأنه المخصوص بمزية الحفظ من التبديل والتغيير قال تعالى: ]إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[ وقال ]لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ[
(الإيمان برسل الله)

س36- ما هو الإيمان برسل الله الذي هو الركن الرابع من أركان الإيمان؟
ج- التصديق الجازم بأن لله رسلاً أرسلهم لإرشاد الخلق في معاشهم ومعادهم اقتضت حكمة اللطيف الخبير أن لا يهمل خلقه بل أرسل إليهم رسلاً مبشرين ومنذرين فيجب علينا الإيمان بمن سمى الله منهم في كتابه على التفصيل والإيمان جملة بأن لله رسلاً غيرهم وأنبياء لا يحصي عددهم إلا الله ولا يعلم أسماءهم إلا هو جل وعلا قال تعالى: ]وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ [.
عدد الرسل

س37- كم عدد المذكورين من الأنبياء والرسل في القرآن ومن هم اذكرهم بوضوح؟
ج- عددهم خمس وعشرون وهم: آدم، إدريس، نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، يونس، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، أيوب، شعيب، موسى، هرون، اليسع، ذو الكفل، داود، زكريا، سليمان، الياس، يحيى، عيسى، محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
س38- ما موضوع رسالة الرسل وما الحكمة فيها؟ وما الدليل عليها؟
ج- موضوعها التبشير والتنذير قال تعالى: ]رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ[ والحكمة في إرسال الرسل دعوة أممهم إلى عبادة الله وحده والنهي عن عبادة ما سواه قال تعالى: ]وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[.
س39- من هم أولوا العزم من الرسل وأين ذكروا؟
ج- هم محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى المذكورون في آية سورة الشورى قوله تعالى: ]شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ[ وفي آية الأحزاب: ]وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [
س40- ما الواجب علينا نحو الرسل عليهم الصلاة والسلام؟
ج- يجب علينا تصديقهم وبأنهم بلغوا جميع ما أرسلوا به على ما أمرهم الله به وبينوه بيانًا واضحًا لا يسع أحدًا ممن أرسلوا إليه جهله ولا يحل خلافه قال تعالى ]مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ[ فيجب علينا الإيمان بأنهم معصومون عن الكذب والخيانة والكتمان وأنهم معصومون من الكبائر وأما الصغائر فقد تقع منهم والكتاب والسنة يدلان على ذلك لكن لا يقرون عليها بل يوفقون للتوبة منها ويجب احترامهم وأن لا يفرق بينهم ويجب الاهتداء بهديهم والائتمار بأمرهم والكف عما نهو عنه ويجب اعتقاد أنهم أكمل الخلق علمًا وعملاً وأصدقهم وأبرهم وأكملهم أخلاقًا وأن الله خصهم بفضائل لا يلحقهم فيها أحد وبرأهم من كل خلق رذيل ويجب محبتهم وتعظيمهم ويحرم الغلو فيهم ورفعهم فوق منازلهم.
س41- ما الأشياء التي تجوز على الرسل؟
ج- يجوز في حقهم عقلاً وشرعًا النوم والنكاح والأكل والجلوس والمشي والضحك وسائر الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية فهم بشر يعتريهم ما يعتري سائر أفراده فيما لا علاقة له بتبليغ الأحكام وتمتد إليهم أيدي الظلمة وينالهم الاضطهاد والأذى وقد يقتل الأنبياء كما أخبر الله في كتابه بقوله ]وَيَقْتُلُونَ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ[ ]وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأسْوَاقِ[ وقال ﷺ‬ «ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء» وكان ﷺ‬ يمرض ويتألم ويشتكي وكان يصيبه الحر والبرد والجوع والعطش والغضب والضجر والتعب ونحو ذلك مما لا نقص عليه فيه.
س42- ما الدليل على صدق الرسل وبأي شيء أيدهم الله تعالى؟
ج- أيدهم الله بالدلالة الباهرة الدالة على صدقهم في دعواهم الرسالة فمن معجزاته ﷺ‬ القرآن الذي أعجز الخلق كلهم ومثل انشقاق القمر وحراسة السماء بالشهب ومعراجه إلى السماء وكفاية الله له أعداءه وعصمته من الناس وإجابة دعائه وإعلامه بالمغيبات الماضية والمستقبلة وتأثيره في تكثير الطعام والشراب إلى غير ذلك، وكما أيد الله موسى عليه السلام قال تعال: ]وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ[ وسائر رسله مع انضمام ذلك إلى أحوالهم الجليلة وأخلاقهم السامية مع سلامة الفطرة والعفاف والكرم والشجاعة والعدل والنصح والمروءة التامة إلى غير ذلك من الأخلاق الفاضلة الدالة لمن تأملها أن ما جاءوا حق وصدق لا شك فيه.
الإيمان بالبعث

س43- ما هو البعث وما دليله وما حكم الإيمان به؟
ج- هو لغة التحريك والإثارة وشرعًا إعادة الأبدان وإدخال الأرواح فيها قال تعالى ]وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ[ وقال: ]ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ[ وقال ]فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ[، وقال: ]يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ[ فقيام الناس لرب العالمين حق ثابت يجب الإيمان به.
س44- ما حكم إنكاره وما دليل الحكم؟
ج- إنكاره كفر أكبر مخرج عن الملة الإسلامية قال تعالى ]زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[ وقال ]وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى[ وقال ﷺ‬ للعاص بن وائل وقد جاء بعظم حائل ففتته بيده وقال يا محمد يحيي الله هذا بعدما أرم قال نعم يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جنهم فنـزلت هذه الآية قوله تعالى: ]أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ[.
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في النونية في هذه الأركان الخمسة:
وبكتــبه وقيـامة الأبدان
إيماننـــا بالله ثم بـرسله
هم رســله لمصالح الأكوان
وبجنده وهم الملائـكة الأولى
الخمـس للقاضي هو الهمذان
هذي أصول الدين حقًا أصول


الإيمان بالقدر

س45- ما هو الإيمان بالقدر اذكره بوضوح؟
ج- هو التصديق الجازم بأن كل خير وشر فهو بقضاء الله وقدره وأنه الفعال لما يريد لا يكون شيء إلا بإرادته ولا يخرج شيء عن مشيئته وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره ولا محيد لأحد عن القدر والمقدور ولا يتجاوز ما خط في اللوح المسطور وأنه خالق أفعال العباد والطاعات والمعاصي ومع ذلك فقد أمر العباد ونهاهم وجعلهم مختارين لأفعالهم غير مجبورين عليها بل هي واقعة بحسب قدرتهم وإرادتهم والله خالقهم وخالق قدرتهم يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
س46- بم يوصف الله عز وجل؟
ج- بم وصف به نفسه في كتابه العزيز، وبما وصفه به رسول الله ﷺ‬ من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
التحريف

س47- ما هو التحريف وما هي أقسامه وما مثال كل قسم؟
ج- هو التغيير والتبديل واصطلاحًا تغيير ألفاظ الأسماء الحسنى والصفات العلى أو معانيهما وهو ينقسم إلى قسمين أحدهما تحريف اللفظ بزيادة أو نقص أو تغيير شكل وذلك كقول الجهمية في استوى استولى بزيادة اللام وكقول اليهود حنطة لما قيل لهم قولوا حطة وكقول بعض المبتدعة بنصب الجلالة في قوله ]وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا[ وقوله في قوله: ]وَجَاءَ رَبُّكَ[ وجاء أمر ربك والقسم الثاني تحريف المعنى وهو إبقاء اللفظ على حاله وتغيير معناه وذلك كتفسير بعض المبتدعة الغضب بإرادة الانتقام وكقولهم معنى الرحمة إرادة الأنعام وكقولهم إن المراد باليد النعمة أو القدرة وكتفسيرهم التكليم بالتجريح قال ابن القيم - رحمه الله -:
فأبوا وقالوا حنطة لهـوان
أمر اليهود بأن يقولوا حطـة
فأبى وزاد الحرف للنكـران
وكذلك الجهمي قيل استوى
في وحي رب العرش زائدتان
نون اليهود ولام جهمي هما

التعطيل

س48- ما هو التعطيل وما الفرق بينه وبين التحريف؟
ج- مأخوذ من العطل الذي هو الخلو والفراغ والترك ومعناه هنا نفي الصفات الإلهية وسلبها عن الله والفرق بينهما أن التعطيل نفي للمعنى الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وأما التحريف فهو تفسير النصوص بالمعاني الباطلة.
س49- ما هي أنواع التعطيل وكم هي؟
ج- ثلاثة أولاً تعطيل الله من كماله المقدس وذلك بتعطيل أسمائه وصفاته كتعطيل الجهمية والمعتـزلة ومن نحا نحوهم ثانيًا تعطيل معاملته بترك عبادته أو عبادة غيره معه ثالثًا تعطيل المصنوع من صانعه كتعطيل الفلاسفة الذين زعموا قدم هذه المخلوقات وأنها تتصرف بطبيعتها فهذا من أبطل الباطل إذ لا يمكن وجود ذات بدون صفات.
س50- من أول من عرف بالتعطيل لأسماء الله وصفاته؟
ج- الجعد بن درهم وأخذها عنه تلميذه الجهم بن صفوان وبثها وقتل الجعد خالد بن عبد الله القسري بعد استشارة علماء زمانه خطب يوم الأضحى فقال أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضحى بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا ثم نـزل فذبحه وذلك في أوائل المائة الثانية وأما الجهم فقتله سلم بن أحوز أمير خراسان.
التكييف

س51- بين ما هو التكييف وما هو التمثيل وبين ما فيه من تقاسيم وأمثلة؟
ج- التكييف هو تعيين كنه الصفة يقال كيف الشيء أي جعل له كيفية معلومة وأما التمثيل فهو التشبيه والتشبيه ينقسم إلى قسمين أولاً تشبيه المخلوق بالخالق كتشبيه النصارى المسيح ابن مريم بالله قال تعالى ]لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ[ وكتشبيه اليهود عزيرًا بالله وكتشبيه المشركين أصنامهم بالله والقسم الثاني تشبيه الخالق بالمخلوق وذلك كتشبيه المشبهة الذين يقولون له وجه كوجه المخلوق ويد كيد المخلوق وسمع كسمع المخلوق ونحو ذلك تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
س52- بين ما تفهمه من معنى قوله تعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير**؟ ج- الآية تتضمن أولاً تنـزيه الله عن مشابهة خلقه لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وفي أولها وهو قوله ليس كمثله شيء رد على المشبهة وفي آخرها وهو قوله وهو السميع البصير رد على المعطلة وفيها إثبات صفة السمع والبصر وفي أولها نفي مجمل وفي آخرها إثبات مفصل وفي الآية رد على الأشاعرة المثبتين لبعض الصفات دون البعض الآخر وهم متناقضون وكذلك ترد على المعتـزلة الذين يقولون سميع بلا سمع بصير بلا بصر ونحو ذلك.
الأسماء الحسنى

س53- ما مثال الأسماء الحسنى؟
ج- الله الحي القيوم العلي العظيم الرحمن الرحيم الغفور الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ.
س54- لم كانت أسماء الله حسنى وهل هي من قبيل المحكم. وهل الوصفية فيها تنافي العلمية. وضح ذلك؟
ج- لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول، وأسماؤه سبحانه أعلام وأوصاف الوصفية لا تنافي العلمية بخلاف أوصاف العباد وكل أسمائه تعالى دالة على معانيها وكلها أوصاف مدح وحمد وثناء، وهي من قبيل المحكم لأن معانيها واضحة في لغة العرب إنما الكنه والكيفية من ما استأثر الله بعلمه.
س55- ما هي أركان الإيمان بالأسماء الحسنى ومثل لذلك؟
ج- ثلاثة الإيمان بالاسم وبما دل عليه من المعنى وبما تعلق به من الآثار فنؤمن بأنه رحيم ذو رحمة وسعت كل شيء. قدير ذو قدرة ويقدر على كل شيء عليم ذو علم ويعلم كل شيء غفور ذو مغفرة ويغفر لعباده.
س56- هل أسماء الله توقيفية وإذا كانت توقيفية فما معنى ذلك؟
ج- نعم لا يتجاوز بها الوارد في الكتاب والسنة فهي تتلقى من طريق السمع لا بالآراء فلا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ﷺ‬ ولا يُسمى إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله ﷺ‬ فهذا معنى أنها توقيفية فليس للإستحسان والاجتهاد دخل في ذلك.
س57- ما هي أنواع دلالة الأسماء الحسنى وضح ذلك بالأمثلة؟
ج- ثلاثة أنواع دلالة مطابقة إذا فسرنا الاسم بجميع مدلوله ودلالة تضمن إذا فسرناه ببعض مدلولـه ودلالة التـزام إذا استدللنا به على غيره من الأسماء التي يتوقف هذا الاسم عليها فمثلاً لفظة الرحمن على الرحمة والذات دلالة مطابقة وعلى إحداهما دلالة تضمن داخلة في الضمن ودلالته على الأسماء التي لا توجد الرحمة إلا بثبوتها كالحياة والعلم والقدرة ونحوها دلالة التـزام.
س58- هل أسماء الله من قبيل المترادف أم من قبيل المتباين. وضح ذلك؟
ج- هي بالنظر إلى الذات من قبيل المترادف لدلالتها على مسمى واحد وبالنظر إلى الصفات من قبيل المتباين لأن كل صفة غير الأخرى.
س59- هل أسماء الله محصورة بعدد معروف وهل في الحديث إفادة لحصرها؟
ج- ليست محصورة بعدد معروف وأما الحديث الوارد إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة فلا يفيد أنها محصورة بالتسعة والتسعين وإنما غاية ما فيه أن هذه الأسماء موصوفة بأن على من أحصاها دخل الجنة.
س60- ما مراتب إحصاء أسماء الله التي من أحصاها دخل الجنة؟
ج- ثلاثة حفظها وفهمها ودعاء الله بها دعاء عبادة ودعاء مسألة.
س61- لم كان إحصاء أسماء الله الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم؟
ج- لأن المعلومات القدرية والشرعية صادرة عن أسماء الله وصفاته ولهذا كانت في غاية الإحكام والإتقان والصلاح والنفع.
س62- ما هو الاسم الذي ينبغي لمن دعا الله بأسمائه الحسنى أن يدعو الله به؟
ج- ينبغي له أن يتوسل إليه بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله حتى كأن الداعي يستشفع إليه متوسلاً إليه به فطالب المغفرة يقول يا غفار اغفر لي، وطالب الرحمة يقول يا رحمن ارحمني، وطالب الرزق يا رزاق ارزقني، والتائب يا تواب تب علي وهلم جرا.
س63- إذا كان الاسم منقسم إلى مدح وذم فهل يدخل في أسماء الله تعالى؟ وما مثال ذلك.
ج- لا يدخل بمطلقه بأسمائه وذلك كالمريد والصانع والفاعل فهذه ليست من الأسماء الحسنى لانقسامها إلى محمود ومذموم بل يطلق عليه منها كمالها.
س64- هل يلزم من اتحاد الاسمين تماثل مسماها؟ وضح ذلك بالأمثلة.
ج- لا يلزم ذلك فإن الله سمى نفسه بأسماء تُسمى بها بعض خلقه وكذلك وصف نفسه بصفات وصف بها بعض خلقه فلا يلزم في ذلك التشبيه فقد وصف نفسه بالسمع والبصر والعلم والقدرة، ووصف بذلك بعض خلقه فليس السميع كالسميع ولا البصير كالبصير فصفات كل موصوف تناسب ذاته وتليق به ولا مناسبة بين الخالق والمخلوق.
س65- ما مثال أسماء الله المزدوجة المتقابلة التي لا يطلق واحد منها بمفرده على الله إلا مقرونًا بالاسم الآخر وما المحذور من إفرادها؟ وضح ذلك.
ج- مثالها المانع المعطي الضار النافع المذل المعز القابض الباسط الخافض الرافع والحكمة في أنها لا تفرد لأن في إفرادها ما يوهم نوع نقص - تعالى الله - عن ذلك ولأن الكمال الحقيقي تمامه وكماله من اجتماعهما.
أقــسام الصفات

س66- إلى كم تنقسم صفات الله ووضح كل قسم منها بما يميزه عن الآخر؟
ج- إلى قسمين صفات ذات وهي التي لا تنفك عن الله وصفات فعل وهي التي تتعلق بالمشيئة والقدرة.
س67- ما مثال الصفات الذاتية والصفات الفعلية؟
ج- مثال صفات الذات العلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والوجه واليد والرجل والملك والعظمة والكبرياء والعزة والعلو والإصبع والقدم والغنى والرحمة والكلام.
وأما الصفات الفعلية كالاستواء والنـزول والمجيء والضحك والرضى والعجب والسخط والإتيان والإحياء والإماتة والفرح والغضب والكره والحب فهذه يقال لها قديمة النوع حادثة الآحاد.
س68- هل القول في الصفات يخالف القول بالذات؟
ج- القول في الصفات كالقول في الذات فكما أن لله ذاتًا لا تشبهها الذوات فله صفات لا تشبهها الصفات فالصفات فرع الذات يحذى بها حذوها والقول في بعض الصفات كالقول في بعض:
الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها

س69- ما هي الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها؟
ج- هي ستة أقسام: قسمان يقولون تجري على ظاهرها، فقسم قالوا تجري على ظاهرها اللائق بالله من غير تشبيه، وهؤلاء هم السلف الصالح والقسم الثاني المشبهة الذين غلوا في الإثبات وقالوا تجعل كصفات المخلوقين ومذهبهم باطل أنكره السلف، وقسمان ينفيان ظاهرها وهم الجهمية ومن تفرع عنهم فقسم منهم يؤولونها بمعان أخر، وقسم منهم يقولون الله أعلم بما أراد منها، وقسمان واقفان فقسم يقولون يجوز أن يكون المراد اللائق بالله ويجوز أن لا يكون المراد صفة وهذه طريقة كثير من الفقهاء، وغيرهم وقسم يمسكون عن هذا كله ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقديرات والصواب في آيات الصفات وأحاديثها القطع بالطريقة السلفية.
الواجب في آيات الصفات وأحاديثها

س70- ما الواجب في آيات الصفات وأحاديثها؟
ج- يجب التصديق بها وإثباتها وإمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف، قال بعضهم:
حقًا كما نقل الطراز الأول
وجميع آيات الصفات أمرَّها


تعريف الإلحاد في الأسماء والصفات

س71- ما هو الإلحاد في أسماء الله وصفاته وما هي أقسامه؟
ج- هو الميل والعدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها إلى الإشراك والتعطيل والكفر وأقسامه خمسة: أولا: تسميته بما لا يليق بجلاله وعظمته كتسمية النصارى له أبًا والفلاسفة له موجبًا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك.
ثانيًا: أن يسمى بها بعض المخلوقات كتسميتهم اللات من الإله واشتقاقهم العزى من العزيز.
ثالثًا: وصفه بما يتقدس ويتنـزه عنه كقول اليهود -قبحهم الله ولعنهم- إن الله فقير وقولهم يد الله مغلولة ونحو ذلك.
رابعًا: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها كقول من يقول إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني.
خامسًا: تشبيه صفاته بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وتفرقت بهم طرقه.
حكم استعمال الأقيسة في جانب الله

س72- هل يجوز استعمال شيء من الأقيسة في جانب الله عز وجل؟
ج- لا يجوز أن يشرك هو والمخلوق في قياس تمثيل ولا في قياس شمول تستوي أفراده ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولى به وكل ما ينـزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنـزه عنه قال تعالى: ]وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[.
صفة العزة

س73- ما الذي تفهم عن معنى قوله: ]سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[ ولم ساقها المصنف؟
ج- أما سياق المصنف لها في هذا الموضع ففيما يظهر أنه تعليل لما تقدم من كون كلام الله وكلام رسوله ﷺ‬ أكمل صدقًا وأتم بيانًا ونصحًا وأبعد عن العيوب والآفات من كلام كل أحد وأما ما يؤخذ منها فهي أولاً تتضمن تنـزيه الله وتقديسه وتبرئته عما يقول الظالمون، ثانيًا صحة ما جاء به المرسلون وأنه الحق الذي لا مرية فيه، ثالثًا إثبات صفة الربوبية، رابعًا إثبات صفة العزة وهي بأقسامها الثلاثة ثابتة له سبحانه عزة القوة وعزة الامتناع وعزة القهر ولما كان التسبيح يتضمن التنـزيه من النقص والتبرئة منه بدلالة المطابقة ويستلزم إثبات الكمال كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال بالمطابقة ويستلزم التنـزيه من النقص قرن بينهما في هذا الموضع وفي هذه الآية إثبات صفة الكلام والرد على المخالفين.
س74- لم كانت هذه الآية تتضمن أنواع التوحيد الثلاثة؟
ج- وجه ذلك كما ذكره ابن القيم -رحمه الله- أن الحمد يتضمن إثبات أنواع التوحيد الثلاثة فإن الحمد مدح المحمود بصفات كماله ونعوت جلاله مع محبته والرضى عنه والخضوع له ومن المعلوم أن فاقد الصفات الكاملة لا يكون إلهًا ولا مدبرًا بل هو مذموم معيب ليس له الحمد وإنما الحمد لمن له صفات الكمال ونعوت الجلال التي لأجلها استحق الحمد. وهو الله جل وعلا.
النفي والإثبات

س75- ما هي طريقة أهل السنة والجماعة في النفي والإثبات الواردين في نصوص الصفات؟
ج- طريقتهم في ذلك أنهم ينفون نفيًا إجماليًا غالبًا على حد قوله تعالى ]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ[ ويثبتون إثباتًا مفصلاً على حد قوله تعالى ]وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ فكل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ‬ من جميع الأسماء والصفات فيثبتونه لله على الوجه اللائق بجلاله وعظمته.
س76- ما الذي يقصد بالنفي وهل فيه كمال أو مدح واذكر مثالاً يوضح ذلك؟
ج- النفي مقصود لغيره وهو إثبات ما يضاده من الكمال فنفي الشريك والند والنظير لإثبات كمال عظمته وتفرده بصفات الكمال ونفي العجز لكمال قدرته ونفي الجهل وعزوب شيء عن علمه لإثبات سعة علمه ونفي الظلم لإثبات عدله ونفي السنة والنوم لإثبات كمال حياته وقيوميته ونفي العبث وترك الخلق سدى لكمال حكمته التامة والنفي المحض ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتًا فكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص ومشاركة أحد من خلقه في شيء من خصائص فإنها تدل على ضدها من أنواع الكمال.
س77- ما هو الصراط المستقيم؟
ج- قيل إنه القرآن وقيل الرسول ﷺ‬ وصاحباه من بعده وقيل الإسلام، قال ابن القيم والقول الجامع في تفسير الصراط المستقيم هو الطريق الذي نصبه الله لعباده على ألسنة رسله وجعله موصلاً لعباده إليه ولا طريق لهم سواه، وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسله بالطاعة وهو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ونكتة ذلك وعقده أن تحبه بقلبك كله وترضيه بجهدك فلا يكون في قلبك موضع إلا معمور بحبه ولا تكون إرادة إلا متعلقة بمرضاته وهذا هو الهدى ودين الحق وهو معرفة الحق والعمل به وهو معرفة ما بعث الله به رسله والقيام به فقل ما شئت من العبارات التي هذا أحسنها وقطب رحاها.
س78- لم يضاف الصراط تارة إلى الله وتارة إلى العباد ولماذا يذكر مفردًا معرفًا باللام تارة وبالإضافة تارة؟
ج- أما أضافته إلى الله فلأنه هو الذي شرعه ونصبه، وأما إضافته إلى العباد فلأنهم أهل سلوكه، وأما ذكره مفردًا معرفًا باللام تارة وبالإضافة تارة فلإفادة تعيينه واختصاصه وأنه صراط واحد بخلاف طرق أهل الضلال.
سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن

س79- لم كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن؟
ج- لأن القرآن اشتمل على ثلاثة مقاصد أساسية، أولاً علوم الأحكام والشرائع، ثانيًا ما فيه من قصص وأخبار عن أحوال الرسل مع أممهم.
ثالثًا علوم التوحيد وما يجب على العبد معرفته من أسماء الله وصفاته وهذا هو أشرفها وأجلها، وهذه السورة تضمنت أصول هذا العلم واشتملت عليها إجماليًا فهذا وجه كونها تعدل ثلث القرآن قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في قصيدة له:
وأهم فرض الله في مشـروعه
والعلم بالرحمن أول صاحب
أبدًا ولما ينهــه بقطوعــه
وأخو الديانة طالب لمزيـده
فقر الغذاء لعـلم حكم صنيعه
والمرء فاتته إليه أشــد من
يحتاجه في وقت شـدة جوعه
في كل وقت والـطعام فإنما
والصالحات فسـوأة لمضيـعه
وهو السبيل إلى المحاسن كلها؛

س80- لم سميت هذه السورة ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ سورة الإخلاص وما وجه الدلالة منها على أنواع التوحيد الثلاثة؟
ج- لأنها أخلصت لوصف الله ولأنها تخلص قارئها من الشرك العملي الاعتقادي وأما دلالتها على أنواع التوحيد فدلالتها على توحيد الألوهية والعبادة فبالالتزام، وأما على توحيد الربوبية فبالتضمن، وأما على توحيد الأسماء والصفات فبالمطابقة لأن دلالة الدليل على كل معناه تسمى مطابقة وعلى بعضه تضمن وعلى ما يستلزمه من الخارج يسمى التزامًا وتقدم موضحًا.
س81- ما الذي تفهمه عن سياق المصنف لهذه السورة وبين ما تعرفه عن معنى الأحد – الصمد- الكفؤ؟
ج- أما سياقها فلما تضمنته من النفي والإثبات الذي هو شاهد للضابط الذي ذكره المصنف من أن الله سبحانه قد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والإثبات، وأما معنى الأحد أي الواحد الذي لا نظير له ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله وأما معنى الصمد فهو الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم، وأما معنى الكفؤ فهو المكافئ والمساوي.
س82- ما الذي تعرفه من ما يستنبط من سورة الإخلاص؟
ج- يؤخذ منها:
أولا: إثبات وحدانية الله.
ثانيًا: إثبات صفة الكلام لله لأنه لو كان كلام محمد أو جبريل لم يقل قل.
ثالثًا: الرد على النصارى القائلين المسيح ابن الله.
رابعًا: الرد على المشركين القائلين أن الملائكة بنات الله.
خامسًا: الرد على اليهود لأنه أخبر وهو أصدق قائل أنه لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.
سادسًا: كمال غناه سبحانه وفقر الخلائق إليه.
سابعًا: شرف علم التوحيد.
ثامنًا: الحث على طلب الرزق من الله.
آية الكرسي

س83- ما الذي تفهمه عن سياق المصنف لآية الكرسي. وما الذي تعرفه مما استنبطه العلماء منها من الأحكام؟
ج- أما سياقها ففيما يظهر والله أعلم لما تضمنته من النفي والإثبات وما احتوت عليه من الأحكام التي
أولها إثبات الوهية الله وانفراده بذلك
ثانيًا إثبات صفة الحياة وهي من الصفات الذاتية
ثالثًا إثبات صفة القيومية ومعنى القيوم الذي قام بنفسه واستغنى عن غيره المقيم لما سواه وورد أن اسم الحي واسم القيوم الاسم الأعظم فإنهما متضمنان لصفات الكمال أعظم تضمن فالصفات الذاتية ترجع إلى اسمه الحي والصفات الفعلية ترجع إلى القيوم
رابعًا تنـزيه الله عن السنة والنوم والعجز لما في ذلك من المنافاة لكمال حياته وقيوميته وقدرته
خامسًا إثبات سعة علمه وملكه
سادسًا إثبات الشفاعة بإذنه سبحانه
سابعًا إثبات صفة الكلام
ثامنًا إثبات صفة العلم وإحاطته سبحانه بالماضي والحال والمستقبل وأنه لا ينسى ولا يغفل ولا يلهيه شأن عن شأن
تاسعًا اختصاصه تعالى بالتعليم وأن الخلق لا يعلمون إلا ما أعلمهم الله جل وعلا
عاشرًا أن عظمة الكرسي من جملة الأدلة الدالة على عظمة الله
الحادي عشر إثبات عظمة الله واقتداره
الثاني عشر إثبات صفة علو الله بأنواعه الثلاثة
الثالث عشر الترقي في نفي النقص من نفي الأضعف إلى نفي الأقوى لأن من لا تغلبه السنة قد يغلبه النوم لأنه أقوى
الرابع عشر: إثبات المشيئة
الخامس عشر: الرد على المشركين القائلين أن أصنامهم تشفع.
السادس عشر: الرد على القدرية والرافضة ونحوهم القائلين أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا
السابع عشر: الرد على من زعم أن الكرسي علمه أو أنه قدرته أو أنه ملكه أو نحو ذلك من أقوال أهل البدع.
س84- لم كانت آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله؟
ج- لما اشتملت عليه من الأسماء والحسنى والصفات العلى فقد اجتمع فيها ما لم يجتمع في غيرها فآية احتوت على هذه المعاني الجليلة يحق أن تكون أعظم آية في كتاب الله ويحق لمن قرأها بتدبر وتفهم أن يمتلئ من اليقين والعرفان والإيمان وأن يكون محفوظًا بذلك من الشيطان كما ورد بذلك الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي هريرة t قال: "وكلني رسول الله ﷺ‬ بحفظ زكاة رمضان" الحديث بطوله في الكواشف ص106.
الإحـاطة

س85- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى: ]هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[؟
ج- قد فسر ﷺ‬ هذه الأسماء الأربعة بقوله أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة وهي تنقسم إلى قسمين زمانية ومكانية فأحاطت أوليته بالقبل وأحاطت آخريته بالبعد وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن فما من ظاهر إلا والله فوقه وما من باطن إلا والله دونه فالأول قدمه والآخر بقاؤه ودوامه والظاهر علوه وعظمته والباطن قربه ودنوه وفي قوله ]وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ إثبات صفة العلم وهي من الصفات الذاتية وأحاط علمه بالظواهر والبواطن والسرائر والخفايا والأمور المتقدمة والمتأخرة.

صفة الحياة

س86- ما هو المفهوم من قوله تعالى ]وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ[؟
ج- فيها أولاً الأمر بالتوكل على الله ومعناه اعتماد القلب على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة بالله وفعل الأسباب.
ثانيًا إثبات صفة الحياة وهي من الصفات الذاتية فحياته سبحانه أكمل حياة وأتمها ويستلزم ثبوتها له ثبوت كل كمال يضاد نفيه كمال الحياة وخصص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه دون الأحياء المنقطعة حياتهم فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم.
صفة الحكمة

س87- ما الذي تعرفه عن اسمه تعالى الحكيم؟
ج- الحكيم مأخوذ من الحكمة وله معنيان أحدهما بمعنى القاضي العدل الحاكم بين خلقه بأمره الديني الشرعي وأمره الكوني القدري وله الحكم في الدنيا والآخرة قال تعالى: ]وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ المعنى الثاني للحكيم أي المحكم للأمر كي لا يتطرق إليه الفساد.
س88- ما أقسام حكمته تعالى؟
ج- هي تنقسم إلى قسمين أحدهما حكمته في خلقه وهي نوعان الأول أحكام هذا الخلق وإيجاده في غاية الإحكام والإتقان، والثاني صدوره لأجل غايات محمودة مطلوبة له سبحانه التي أمر لأجلها وخلق لأجلها.
والثانية صدور حكمته في شرعه وتنقسم إلى قسمين الأول كونها في غاية الإتقان والإحسان الثاني كونها صدرت لغاية محمودة وحكمة عظيمة يستحق عليها الحمد.
س89- بين ما تعرفه عن معنى قوله تعالى ]وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[؟
ج- اللطيف الذي لطف علمه وخبره حتى أدرك السرائر والضمائر والخفايا والغيوب ودقائق المصالح وغوامضها فالخفي في علمه مكشوف كالجلي من غير فرق وأنواع لطفه تعالى لا يمكن حصرها فيلطف بعبده في أمور الداخلية المتعلقة بنفسه ويلطف له الأمور الخارجية فيسوقه ويسوق إليه ما به صلاحه من حيث لا يشعر النوع الثاني لطفه لعبده ووليه الذي يريد أن يتم عليه إحسانه كما جرى ليوسف عليه السلام، وأما الخبير فهو من الخبرة بمعنى كمال العلم ووثوقه والإحاطة بالأشياء على وجه الدقة والتفصيل وهو العلم إلى كل ما خفي ودق فالعلم عندما يضاف إلى الخفايا الباطنية يسمى خبرة ويسمى صاحبها خبيرًا فالله سبحانه لا يجري في الملك والملكوت شيء ولا يتحرك ذرة فما فوقها وما دونها ولا يسكن ولا يضطرب نفس ولا يطمئن إلا وعنده منه خبره وهو يقرب من معنى اللطيف ولهذا تجد مقرونًا بينهما في بعض الآيات قال تعالى: ]أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[ قال ابن القيم - رحمه الله -:
واللطف في أوصـافه نـوعان
وهو اللطيف بعبده ولعبـده
واللـطف عـند مواقع الإحسان
إدراك أسرار الأمور بخـبرة
والعبد في الغفلات عن ذا الشان
فيريك عزته ويبدي لطفـه ؛


صفة العلم

س90- بين ما تفهم من معاني هذه الآيات قال الله تعالى ]يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا[ ]وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[ ]وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ[ ]لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا[؟
ج- في الآيات إثبات علم الله وصفة العلم من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله وإثبات إحاطة علمه سبحانه بالأشياء جملة وتفصيلاً، واختصاصه سبحانه بعلم الخمس المذكورة في آخر سورة لقمان التي هي مفاتيح الغيب وفيها إثبات صفة القدرة وهي من الصفات الذاتية ومن أسمائه تعالى القدير الذي لا يعجزه شيء ومن قدرته تعالى أنه إذا شاء فعل من غير مانع ولا معارض وفيها رد على القدرية الذين يقولون أفعال العباد غير داخلة في قدرة الله وفيه دليل على أنه سبحانه عالم بعلم هو صفة له قائم بذاته خلافًا للمعتـزلة الذين يقولون إنه عليم بلا علم وخلافًا للجهمية المنكرين لعلم الله قال الله تعالى: ]لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ[ وقال: ]فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ[ فعلمه سبحانه محيط بكل شيء فهو يعلم ما في الكون الماضي والحالي والمستقبل والواجب والممكن والمستحيل.
صفة الرزق والقوة والمتانة

س91- ما الذي تفهم من معنى قوله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ[؟
ج- في هذه الآية أولاً إثبات صفة الرزق وكثرته وسعته والرزق رزقان الرزق المطلق وهو ما استمر نفعه في الدنيا والآخرة وهو رزق القلوب الذي هو العلم والإيمان والرزق الحلال، والثاني مطلق الرزق وهو الرزق العام لسائر الخلق برهم وفاجرهم والبهائم وغيرها وهو إيصال القوت إلى كل مخلوق وهذا يكون من الحلال والحرام والله رازقه وقوله ذو القوة أي صاحب القوة الكاملة والقدرة التامة فلا يعجزه شيء ولا يخرج عن سلطانه أحد ومن قوته أنه أوصل رزقه إلى جميع العالم وأنه يبعث الأموات بعدما تمزقوا ومنها إيجاد الأجرام العظيمة العلوية والسفلية ومن أسمائه تعالى المتين والمتانة تدل على القوة فالله تعالى بالغ القوة والقدرة قوي من حيث أنه شديد القوة لا ينسب إليه عجز في حال من الأحوال وصفة القوة وصفة القدرة من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله.
س92- ما الذي تعرفه عن معنى قوله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا[ ]قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[ ]لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ[ ]أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ[ ]وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[؟
ج- هذه الآيات تضمنت إثبات السمع وهو من الصفات الذاتية والسميع من أسمائه تعالى الذي لا يعزب عن سمعه مسموع وإن خفي ويسمع سبحانه دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء فأحاط سمعه سبحانه بجميع المسموعات سرها وعلنها قريبها وبعيدها لا تختلط عليه الأصوات على اختلاف اللغات على تفنن الحاجات وكأنها لديه صوت واحد، وسمعه تعالى نوعان أحدهما سمعه لجميع الأصوات كما تقدم، والثاني سمع إجابة منه للسائلين والداعين والعابدين ومنه قوله تعالى عن إبراهيم ]إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ[.
س93- ما الذي يراد بفعل السمع؟
ج- ذكر ابن القيم - رحمه الله - إنه يراد به أربعة معان
أحدها سمع إدراك متعلقة الأصوات
الثاني سمع فهم وعقل ومتعلقه المعاني
الثالث سمع إجابة وإعطاء ما سئل
الرابع سمع قبول وانقياد فمن الأول: ]قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا[ ]لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا[ ومن الثاني قوله ]لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا[ ليس المراد سمع مجرد الكلام بل سمع الفهم والعقل ومنه سمعنا وأطعنا ومن الثالث سمع الله لمن حمده وفي الدعاء المأثور اللهم اسمع أي أجب وأعط ما سألتك وفي الرابع قوله: ]سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ[ أي قابلون له ومنقادون غير منكرين له ومنه على أصح القولين وفيكم سماعون لهم أي قابلون ومنقادون وقيل عيون وجواسيس وليس بشيء.
س94- قدم تقدم أدلة إثبات صفة البصر لله تعالى مع أدلة إثبات صفة السمع فما الذي تعرفه عن معنى اسمه تعالى البصير؟
ج- معناه الذي أحاط بصره بجميع المبصرات فهو سبحانه يشاهد ويرى كل شيء وإن خفي ظاهرًا وباطنًا قريبًا أو بعيدًا فلا تؤثر على رؤيته الحواجز والأستار فيرى دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء في الصخرة الصماء ويرى مناط عروق الذر وأصغر منها ويرى القوت ومجاريه في أعضائها وإن دقت والكريات البيضاء والحمراء والجراثيم كلها مهما خفيت ودقت ويرى ما في أجسامها فهو الذي خلقها وخلق ما فيها جل وعلا.
قال بعضهم:
في ظلمة الليل البهيم الأليـلِ
يا من يرى مد البعوض جناحها
والمخ في تلك العظام النحل
ويرى مناط عروقها في نحــرها؛
ما كان مني في الزمان الأول
أمنن عليّ بتوبة تمحـو بهــا

الإرادة والمشيئة

س95- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى: ]وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ[ وقوله ]وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ[ ]فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا[؟
ج- في هذه الآيات إثبات لصفتي المشيئة والإرادة الكونية القدرية المرادفة للمشيئة الشاملة وهذه الإرادة لا يخرج عنها شيء وهي المتعلقة بالخلق بأن يريد ما يفعله هو قال تعالى ]إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ فالكافر والمسلم والطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال وجميع الحوادث كلها تحتها، وفي الآية إثبات هداية التوفيق والإلهام وإثبات الفعل لله حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته.
س96- ما دليل الإرادة الدينية الشرعية وبأي شيء تتعلق؟
ج- قوله تعالى ]يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ[ ]مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ[ ]يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ[ ]وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ[ ]إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ[ وهذه الإرادة تتعلق بالأمر بأن يريد من العبد فعل ما أمره به والله سبحانه يحبها وقعت أو لم تقع.
س97- ما الفرق بين الإرادتين؟
ج- الكونية القدرية مستلزمة لوقوع المراد ومعنى ذلك أنه لابد من وقوع مرادها، الفرق الثاني أن الكونية القدرية شاملة للحوادث كلها، ثالثًا الإرادة الدينية لا تستلزم وقوع المراد إلا أن يتعلق به الأول وهو الكوني القدري فيجتمعان في حق المطيع وتنفرد الكونية في حق العاصي.
س98- أذكر ما بين الإرادتين من عموم وخصوص؟
ج- الكونية القدرية أعم من جهة تعلقها بما لا يحبه الله ويرضاه من الكفر والمعاصي وأخص من جهة أنها لا تتعلق بمثل إيمان الكافر وطاعة الفاسق والإرادة الدينية الشرعية أعم من جهة تعلقها بكل مأمور واقعًا كان أو غير واقع وأخص من جهة أن الواقع بالإرادة الكونية القدرية قد يكون غير مأمور به.
صفة المحبة

س99- ما الذي تفهمه عن معنى قوله تعالى ]وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ ]إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[ ]إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[ ]إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ[ ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ[ ]فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[ ]إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ[ ]وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ[؟
ج- في هذه الآيات إثبات صفة المحبة وهي من الصفات الفعلية وسببها امتثال ما أمر الله به من الإحسان في عبادة الله وإلى عباد الله ويؤخذ من الآية الثانية امتثال ما أمر الله به من العدل في المعاملات والأحكام مع كل أحد قريب أو بعيد عدو أو صديق قال الله تعالى ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ[ والعدل في حقوق الله بأن تُصرف نعمه في طاعته ولا يستعان بشيء منها في معصيته وسبب لمحبة الله وفي الآية الثالثة الحث على تقوى الله عز وجل والتقوى امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه وقيل التحرز بطاعة الله عن معصيته ومن التقوى الاستقامة على الوفاء بالعهد لمن استقام من المشركين على العهد ولم ينقضه وسبب لمحبة الله للعبد في الآية الرابعة الإكثار من التوبة من المعاصي والتطهر عن الأحداث والنجاسات بالطهارة الحسية والتطهر من الذنوب والمعاصي بالطهارة المعنوية بالتوبة النصوح والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة التي تمحو الخطايا والذنوب.
وفي الآية الخامسة دليل على أن من ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول ﷺ‬ فليس بصادق وأن الدليل الصادق لهذه الدعوى هو اتباع المصطفى ﷺ‬ وفيها الرد على المنكرين لصفة المحبة والمؤولين لها بالإحسان إليهم أو الثواب وما أشبه ذلك من التأويلات الباطلة.
والآية السادسة السبب المذكور فيها لمحبة الله للعبد هو ما ذكر في آخرها من الصفات الحميدة.
وفي الآية السابعة ما ذكر في القتال في سبيل الله لإعلاء كلمته قال ﷺ‬: «من قاتل لتكون كلمة الله العليا فهو في سبيل الله»، وفي الأخيرة إثبات صفة المغفرة وهي من الصفات الفعلية ومن أسمائه تعالى الغفور والغفار وهو الذي أظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها قال تعالى: ]إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ[ ففي هذه الصيغة إشعار بكثرة الستر على المذنبين والتجاوز عن مؤاخذتهم ومن أسمائه تعالى الودود ومعناه المحب المحبوب فالمحب الكثير الحب لأهل طاعته من أنبيائه ورسله وملائكته وأوليائه وعباده المؤمنين وهو سبحانه محبوبهم ولا تعادل محبة الله عند أصفيائه محبة أخرى.
صفة الرحمة

س100- بين ما تفهم من ما تضمنته الآيات التي تلي ]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[، وقوله ]وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[، ]وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[، ]فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ[، وقوله ]كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[؟
ج- في هذه الآيات إثبات صفة الرحمة وسعتها وإثبات صفة العلم وسعتها وإثبات صفة المغفرة.
والرحمن الرحيم اسمان دالان على اتصافه بالرحمة واسم الرحمن خاص بالله تعالى لا يوصف به غيره وأما الرحيم فيدل على تعلقها بالمرحوم ويوصف به غيره فيقال فلان رحيم وتضمنت إثبات الرسالة والمأخذ من لفظ الجلالة لأنه المألوه المعبود ولا طريق إلى عبادة الله إلا من طريق الرسالة وذلك من اسم الرحمن لأن رحمته تمنع من إهمال عباده وتركهم سدى وقوله كتب ربكم على نفسه الرحمة أي أوجبها على نفسه تفضلاً وإحسانًا وامتنانًا منه على خلقه ومن أسمائه تعالى الحفيظ وهو مأخوذ من الحفظ وهو الصيانة.
وللحفيظ معنيان أحدهما أنه قد حفظ على عباده ما عملوا من خير وشر وطاعة ومعصية فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علمه بأحوال العباد كلها والمعنى الثاني أنه الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون.
وحفظه لعباده نوعان عام وخاص. فالعام حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيها ويحفظ بنيتها وتمشي إلى هدايته ومصالحها بإرشاده لها وهدايته العامة قال تعالى ]أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى[ النوع الثاني حفظ خاص لأوليائه عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشبه والفتن والشهوات قال تعالى ]إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا[ وهذا عام في جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم وفي الحديث: «احفظ الله يحفظك».
أقسـام الرحمة

س101- ما أقسام الرحمة وما دليل كل قسم منها؟
ج- قسم منها عام مشترك بين المسلم والكافر والبر والفاجر والبهائم وسائر الخلق ودليلها قوله تعالى ]وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[، ]رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا[، فما يصل إلى المخلوق من رزق وصحة إلا من رحمته تعالى وقسم خاص بأنبيائه ورسله وأوليائه وعباده المؤمنين ودليلها قوله تعالى ]وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا[ وقوله ]إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[.
س102- ما أقسام الرحمة المضافة إلى الله؟
ج- نوعان أحدهما مضاف إليه من إضافة المفعول إلى فاعله ومنه ما في الحديث الصحيح: «احتجت الجنة والنار...» فذكر الحديث وفيه: «فقال للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء»؛ فهذه رحمة مخلوقة مضافة إليه إضافة المخلوق بالرحمة إلى خالقه وسماها رحمة؛ لأنها خلقت بالرحمة وللرحمة وخص بها أهل الرحمة وإنما يدخلها الرحماء، ومنه وقوله ﷺ‬: «خلق الله الرحمة يوم خلقها مائة رحمة كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض» ومنه قوله ]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا[ ومن تسميته تعالى للمطر رحمة بقوله: ]وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ[ وقوله: ]وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً[ والنوع الثاني: مضاف إليه إضافة صفة إلى موصوف وذلك مثل ما في قوله تعالى: ]إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ[ وكما في الحديث: «يا حي برحمتك أستغيث».
الصفات الفعلية

س103- بين ما تعرفه عن ما تضمنته الآيات التي تلي ]رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ[، ]وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[، وقوله ]ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ[، ]فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ[، ]وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ[، ]كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ[؟
ج- تضمنت هذه الآيات الكريمات إثبات بعض الصفات الفعلية من الرضى والغضب واللعن والكره والسخط والأسف والمقت وهذه الصفات يثبتها أهل السنة لله حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته يفعلها متى شاء، وفي هذه الآيات رد على من نفاها أصلاً ومن يرجعها إلى إرادة الثواب في الرضى وإلى العقاب في الغضب والسخط أو يقول أراد العقاب كالأشاعرة والمعتزلة ونحوهم وهذا بالحقيقة نفي للصفة وصرف للقرآن عن ظاهره وحقيقته من غير موجب، وفي الآية الثانية وعيد شديد على من يقتل مؤمنًا متعمدًا احترازًا من الكافر وقوله متعمدًا احترازًا من قتل الخطأ والعمد أن يقصد من يعلمه آدميًا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به والمراد بالجزاء العقاب والخلود المكث الطويل واللعن من الله الطرد والإبعاد عن رحمته وقوله: ]وَاعَدْ[ أي هيأ له عذابًا عظيمًا لعظم ذنبه والذي عليه الجمهور أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله، قال الله تعالى: ]وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ[ إلى أن قال ]إِلا مَنْ تَابَ[، وفي الآية الأخرى قال: ]إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[ وقال ]قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا[، وفي الحديث: «إن الله يقول يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة» إلى غير ذلك من الأدلة المؤيدة لمذهب الجمهور والخلاصة أن هذه الآية فيها وعيد شديد ترجف له القلوب وتنصدع له الأفئدة وينـزعج له أولو العقول فلم يرد في أنواع الكبائر التي دون الشرك الأكبر أعظم من هذا الوعيد ولا مثله والأسف هنا بمعنى: الغضب والمقت: شدة البغض، والانتقام: المجازاة بالعقوبة مأخوذ من النقمة، وهو شدة الكراهة والسخط، وفي قوله: ]ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ[ الآية إثبات العلل والأسباب، وأن الأعمال الصالحة سبب للسعادة والأعمال السيئة سبب للشقاوة وفيها رد على من زعم أنه لا ارتباط بين العمل والجزاء.
وفيه ذم من أحب ما كرهه الله أو كره ما أحبه الله وفي الآية الأخيرة حث على الوفاء بالعهد والنهي عن الخلف في الوعد وغيره وتفاوت مقته تعالى وأن الإنسان قد يكون عدوًا لله ثم يكون لله وليًا ويكون الله يبغضه ثم يحبه وهو قول أهل الحق وعليه تدل الأدلة.
المجيء والإتيان

س104 ما الذي تفهمه من معنى قوله تعالى ]هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأمْرُ[ وقوله ]هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ[ ]كَلا إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا[ ]وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا[؟
ج- في هذه الآيات إثبات الإتيان والمجيء والنـزول على ما يليق به وهذه من الأفعال الاختيارية المتعلقة بالمشيئة والقدرة فينـزل يوم القيامة لفصل القضاء بين الناس.
وينـزل إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر وغير ذلك على ما وردت به النصوص وكما يشاء جل وعلا وأفعاله سبحانه قائمة به فيجب إثباتها له على الوجه اللائق بجلاله وعظمته وفي الآيات دليل على صفة العلو والمجيء والإتيان والنـزول بذاته سبحانه على ما يليق بجلاله وعظمته.
كما هو المتبادر من النصوص، وأما الدلالة على النـزول من الآية الأخيرة هو أن تشقق السماء بالغمام إيذانًا بنـزول الله لأن التشقق مقدمة النـزول ومقدمة الشيء منه.
الرد على المبتدعة المؤولين للمجيء والإتيان بمجيء الأمر

س105- بم يرد على المبتدعة القائلين أن المراد بمجيء الله مجيء أمره والإتيان إتيان أمره والنـزول نزول أمره؟
ج- ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله - على قوله تعالى ]وَجَاءَ رَبُّكَ[ ]هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ[ الآية.
ونظائره قيل هو من مجاز الحذف تقديره وجاء أمر ربك. وهذا باطل من وجوه:
أحدها: أنه إظهار ما لا يدل عليه اللفظ بمطابقة ولا تضمن التزام وادعاء حذف ما لا يدل عليه يرفع الوثوق من الخطاب ويطرق كل مبطل على ادعاء إظهار ما يصحح باطله.
الثاني: أن صحة التركيب واستقامة اللفظ لا تتوقف على هذا المحذوف بل الكلام مستقيم تام قائم المعنى بدون إضمار مجرد خلاف الأصل فلا يجوز.
ثالثًا: أنه إذا لم يكن في اللفظ دليل على تعيين المحذوف كان تعيينه قولاً على المتكلم بلا علم وإخبارًا عنه بإرادة ما لم يقم به دليل على إرادته وذلك كذب عليه.
رابعًا: في السياق ما يبطل هذا التقدير وهو قوله: ]وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ[ فعطف مجيء الملك على مجيئه سبحانه يدل على تغاير المجيئين وأن مجيئه سبحانه حقيقة كما أن مجيء الملك حقيقة فمجيء الرب سبحانه أولى أن يكون حقيقة من مجيء الملك. وكذلك فمجيء الرب سبحانه أولى أن يكون حقيقة من مجيء الملك. وكذلك قوله ]هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ[، ففرق بين إتيان الملائكة وإتيان الرب وإتيان بعض آيات ربك فقسم ونوع ومع هذا يمتنع أن يكون القسمان واحدًا فتأمله وذكر وجوهًا أخر يطول ذكرها قال وأما قول من قال يأتي أمره وينـزل رحمته فإن أراد أنه سبحانه إذا نزل وأتى حلت رحمته وأمره فهذا حق وإن أراد أن النـزول والمجيء والإتيان للرحمة والأمر ليس إلا فهو باطل من وجوه عديدة قد تقدمت ونزيدها وجوهًا أخر منها أن يقال أتريدون رحمته وأمره صفته القائمة بذاته أم مخلوقًا منفصلاً سميتموه رحمة وأمرًا فإن أردتم الأول فنـزوله يستلزم نزول الذات ومجيئها قطعًا وإن أردتم الثاني كان الذي ينـزل ويأتي لفصل القضاء مخلوقًا محدثًا لا رب العالمين وهذا معلوم البطلان قطعًا وهو تكذيب صريح للخبر فإنه يصح معه أن يقال لا ينـزل إلى سماء الدنيا ولا يأتي لفصل القضاء وإنما الذي ينـزل ويأتي غيره ومنها كيف يصح أن يقول ذلك المخلوق لا أسأل عن عبادي غيري ويقول من يستغفرني فأغفر له.
ونزول رحمته وأمره مستلزمٌ لنـزول سبحانه ومجيئه وإثبات ذلك للمخلوق مستلزم للباطل الذي لا يجوز نسبته إليه سبحانه مع رد خبره صريحًا.
ومنها أن نزول رحمته وأمره لا يختص بالثلث الأخير ولا بوقت دون وقت ينـزل أمره ورحمته فلا تنقطع ولا أمره عن العالم العلوي والسفلي طرفة عين "مختصر الصواعق ص 260ج 2".
صفة الوجه

س106- ما الذي تفهمه من قوله في إثبات الوجه ]كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ[ ]إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى[ ]وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ[؟
ج- في هذه الآيات إثبات صفة الوجه وهو من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله وقد دل على ثبوتها الكتاب والسنة أما أدلة الكتاب فقد تقدمت وأما الأدلة من السنة فقد صح عن النبي ﷺ‬ أنه استعاذ بوجه الله وكان يقول في دعائه أسألك لذة النظر إلى وجهك وقول نفاة الصفات أن المراد بالوجه الجهة أو الثواب أو الذات قول باطل والذي عليه الحق أن الوجه صفة غير الذات وقوله ذو الجلال والإكرام أو ذو العظمة والكبرياء المكرم لأنبيائه ورسله وأوليائه وعباده المؤمنين وقيل المستحق لأن يجل والإجلال يتضمن التعظيم والتنـزيه والإكرام بتضمن الحمد والمحبة.
المضاف إلى الله

س107- ما هي أنواع المضاف إلى الله؟
ج- المضاف إلى الله نوعان أعيان قائمة بنفسها كبيت الله وناقة الله وعبد الله وروح الله ورسوله فهذه إضافتها إلى الله تقتضي الاختصاص والتشريف وهي من جملة المخلوقات لله النوع الثاني صفات لا تقوم بنفسها كعلم الله وحياته وقدرته وعزته وسمعه وبصره وإرادته وكلامه ويده ووجهه فهذه إذا وردت مضافة إليه فهي إضافة صفة إلى موصوف بها وكذلك ما أخبر أنه منه فإن كان أعيانًا كروح منه قال تعالى ]وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ[ فهذه منه خلقًا وتقديرًا وإن كان ذلك أوصافًا كقوله: ]تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ[ دل على أن ذلك من صفاته لامتناع الصفة بنفسها ولهذا لما اهتدى السلف لهذا الفرق الذي يحصل به الفرقان بين الحق والباطل هدوا إلى الصراط المستقيم.
اليـدين

س108- بين ما تفهمه من قوله تعالى: ]بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[ ]مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[ ]وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ[ ]أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا[؟
ج- في هذه الآيات إثبات صفة اليدين وهما من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله فيجب إثباتها لله حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته، قال عبد الله بن عمرو بن العاص إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثًا: خلق آدم بيده وغرس جنة عدن بيده وكتب التوراة بيده، وفي «محاجة آدم لموسى أنت الذي خلقك الله بيده...» الحديث.
الرد على مؤولي اليدين بالنعمة أو القدرة

س109- بم يرد على من أول اليد بالنعمة أو القدرة أو نحو ذلك؟
ج- بما ذكره الإمام المحقق ابن القيم -رحمه الله- في مختصر الصواعق من الوجوه التي تبطل تحريف الجهمية ومن نحا نحوهم فنذكر بعضها.
أولا أن الأصل في الكلام الحقيقة فدعوى المجاز مخالف للأصل.
الثاني: أن ذلك خلاف الظاهر فقد اتفق الأصل والظاهر على بطلان هذه الدعوى.
الثالث: أن اطراد لفظها في موارد الاستعمال وتنوع ذلك وتصريف استعماله يمنع المجاز. ألا ترى في قولـه: ]خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[ وقوله ]يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ[ وقوله: ]وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ[. فلو كان مجازًا في القدرة والنعمة لم يستعمل منه لفظ يمين وقوله في الحديث الصحيح: «المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين فلا يقال هذا يد النعمة والقدرة». وقوله «يقبض الله سمواته بيده والأرض باليد الأخرى ثم يهزهن ثم يقول أنا الملك». فهاهنا هز وقبض وذكر يدين ولما أخبر ﷺ‬ وذكر يدين ولما أخبر ﷺ‬ جعل يقبض يديه ويبسطهما تحقيقًا للصفة لا تشبيهًا.
الرابع: أن مثل هذا المجاز لا يستعمل بلفظ التثنية ولا يستعمل إلا مفردًا أو مجموعًا كقولك له عندي يد يجزيه الله بها وله عندي أيادي وأما إذا جاء لفظ التثنية لم يعرف استعماله قط إلا في اليد الحقيقية.
الخامس: أنه ليس في المعهود أن يطلق الله على نفسه معنى القدرة والنعمة بلفظ التثنية كقوله ]أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا[، وكقوله: ]وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا[، وقد يجمع النعم كقوله: ]وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً[، وأما أن يقول: خلقتك بقدرتين أو بنعمتين فهذا لم يقع في كلامه ولا كلام رسوله.
السادس: أنه لو ثبت استعمال ذلك بلفظ التثنية لم يجز أن يكون المراد به هنا القدرة فإنه يبطل تخصيص آدم فإنه وجميع المخلوقات حتى إبليس مخلوق بقدرة الله سبحانه فأي مزية لآدم على إبليس في قوله ]مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[.
سابعًا: أن هذا التركيب المذكور في قوله ]خَلَقْتُ بِيَدَيَّ[ يأبى حمل الكلام على القدرة لأنه نسب الخلق إلى نفسه سبحانه ثم عدى الفعل إلى اليد ثم ثناها ثم أدخل عليها الباء التي تدخل على قوله كتبت بالقلم ومثل هذا نص صريح لا يحتمل المجاز بوجه. وقال بعدما ذكر عشرين وجهًا ورد لفظ اليد في القرآن والسنة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مائة موضع ورودًا متنوعًا متصرفًا مقرونًا بما يدل على أنها يد حقيقية من الإمساك والقبض والبسط والمصافحة والحثيات والنضج باليد والخلق باليدين والمباشرة بهما وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده وتخمير طينة آدم بيده ووقوف العبد بين يديه وكون المقسطين عن يمينه وقيام رسول الله ﷺ‬ يوم القيامة عن يمينه وتخيير آدم بين ما في يديه فقال اخترت يمين ربي وأخذ الصدقة بيمينه يربيها لصاحبها وكتابته بيده على نفسه أن رحمته تغلب غضبه وأنه مسح ظهر آدم بيده إلخ ج 2 ص 171.
صفة العينين

س110- بين ما تفهمه من معنى هذه الآيات التي تلي: ]فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ[ ]فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا[ ]تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا[ ]وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا[ ]وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي[؟
ج- في هذه الآيات الكريمات إثبات العينين لله وهما من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله فيجب إثباتهما لله حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته لثبوتها بالكتاب والسنة وإجماع أهل الحق والصواب، أما الكتاب فتقدم الدليل منه وأما السنة ففي الصحيحين عن عبدالله بن عمر أن رسول الله ﷺ‬ قال: «إن الله ليس بأعور ألا أن المسيح الدجال أعور عن اليمنى كأنها عنبة طافية» وفي الحديث الآخر: «إذ قام العبد في الصلاة قام بين عيني الرحمن»، وأما إفرادها في بعض النصوص وجمعها في البعض الآخر فلا حجة للمبتدعة في ذلك على نفيها ولغة العرب متنوعة في إفراد المضاف وتثنيته وجمعه بحسب أحوال المضاف إليه فإن أضافوا الواحد المتصل إلى مفرده أفردوه وإن أضافوه إلى اسم جمع ظاهر أو مضمر فالأحسن جمعه مشاكلة اللفظ كقوله ]تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا[ وإن أضيف إلى ضمير جمع جمعت كقوله: ]أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا[ وإن أضافوه إلى اسم مثنى فالأفصح في لغتهم جمعه كقوله ]قَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا[ والله أعلم.
ما جاء بلفظ الاسم وما جاء بلفظ الاسم المضاف

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة