يقول الله -جلّ وعلا- في مُحكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ** (1)، فربنا -جل وعلا- أمرنا أن نكون من عباد الله الصادقين، لا الكاذبين المخادعين.
ولذا حينما أمر الله -عز وجل- عباده أن يدعوه ويتقرّبوا إليه ويستسقوه؛ فإنّ العبد لله -عز وجل- هو بنفسه؛ بتطهير نفسه وتطهير ماله وتطهير بيته وتطهير المجتمع، لكي يسأل الله -عز وجل- فيدعوه، لأن الله -جل وعلا- وعد السائلين والداعين بإجابتهم، قال -جل وعلا- وهو أصدق القائلين: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ** (2).
فالله -عز وجل- حينما أمر عباده بأن يدعوه وبيّن أنه قريب لمن دعاه وسأله فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ**؛ فقال: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي**، فهل استجبنا نحن لأمر الله فأتمرنا بأمره وانتهينا عن نهيه؟
فإن كثيرًا من الناس اليوم يرفع يديه يستغيث ويستسقي وقد جاهر في بيته برفع آلات الملاهي والمنكرات، الدُّشوش التي تستقبل الكفر من المشرق والمغرب، ثم يقول "يا رب .. يا رب"؛ كيف تقول "يا رب يا رب" وأنت ما صَدَقت في دعوة الله؟! والله لو أن إنسانًا نظر إليك لما أظهرتَ له إلا ما يحب، فكيف إذًا تُظهر لله ما يُبغضه الله، وتجاهر بالليل والنهار بمعصية الله؟!
الله -عز وجل- قال: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ** (3)، وقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ** (4).
وهذا أيوب -عليه السلام- لمّا تضرّع بين يدي مولاه: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ** (5)؛ فما أن دعا إلا واستجاب له.
{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ**