أحاديث لا تصح في صلاة الجمعة
127 - " صلاة بعمامة تعدل خمسا وعشرين صلاة بغير عمامة، وجمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة بغير عمامة، إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين، ولا يزالون يصلون على أصحاب العمائم حتى تغرب الشمس ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
أخرجه ابن النجار بسنده إلى محمد بن مهدي المروزي أنبأنا أبو بشر بن سيار الرقي حدثنا العباس بن كثير الرقي عن يزيد بن أبي حبيب قال: قال لي مهدي بن ميمون:
دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر وهو يعتم، فقال لي: يا أبا أيوب ألا أحدثك بحديث تحبه وتحمله وترويه؟ قلت: بلى، قال: دخلت على عبد الله بن عمر وهو يعتم فقال: يا بني أحب العمامة، يا بني اعتم تجل وتكرم وتوقر، ولا يراك الشيطان إلا ولى هاربا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
فذكره، قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " (3 / 244) : هذا حديث موضوع ولم أر للعباس بن كثير في " الغرباء " لابن يونس ولا في " ذيله " لابن الطحان ذكرا، وأما أبو بشر بن سيار فلم يذكره أبو أحمد الحاكم في " الكنى " وما عرفت محمد بن مهدي المروزي، ولا مهدي بن ميمون الراوي للحديث المذكور عن سالم وليس هو البصري المخرج في " الصحيحين " ولا أدري ممن الآفة.
ونقله السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 110) وأقره وتبعه ابن عراق (159 / 2) .
ثم ذكر السيوطي أنه أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " من طريق عيسى بن يونس والديلمي من طريق سفيان بن زياد المخرمي كلاهما عن العباس بن كثير به.
قلت: ثم ذهل عن هذا السيوطي فأورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر عن ابن عمر، وتعقبه المناوي في شرحه بأن ابن حجر قال: إنه موضوع ونقله عنه السخاوي وارتضاه.
قلت: ولو تعقبه بما نقله السيوطي نفسه في " الذيل " عن ابن حجر كان أولى كما لا يخفى، وكلام السخاوي المشار إليه في " المقاصد " (ص 124) .
ونقل الشيخ على القاري في " موضوعاته " (ص 51) عن المنوفي أنه قال:
هذا حديث باطل.
ثم تعقبه القاري بأن السيوطي أورده في " الجامع الصغير " مع التزامه بأنه لم يذكر فيه الموضوع ونقل العجلوني نحوه عن النجم.
قلت: وهذا تعقب باطل تغني حكايته عن إطالة الرد عليه، وما جاءهم ذلك إلا من حسن ظنهم بعلم السيوطي، وعدم معرفتهم بما في " الجامع الصغير " من الأحاديث الموضوعة التي نص هو نفسه في غير " الجامع " على وضع بعضها كهذا الحديث وغيره مما سبق ويأتي، فكن امرءا لا يعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف الرجال.
وقد علمت مما سبق أن الحافظ ابن حجر إنما حكم بوضع هذا الحديث من قبل ما فيه من مبالغة في الفضل لأمر لا يشهد له العقل السليم بمثل هذا الأجر، ولولا هذا لاكتفى بتضعيفه لأنه ليس في سنده من يتهم، فإذا عرفت هذا أمكنك أن تعلم حكم الحديث الذي بعده من باب أولى، وهو:
158 - " اغتسلوا يوم الجمعة ولوكأسا بدينار ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 104) من رواية الأزدي بسنده إلى ابن حبان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، وقال ابن الجوزي: ابن حبان هو إبراهيم بن البحتري ساقط لا يحتج به.
قلت: هو إبراهيم بن البراء وقد سبق له حديث موضوع (رقم 114) .
هذا وقد تعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 26) فقال: قلت: له طريق آخر أخرجه ابن عدي: حدثنا إبراهيم بن مرزوق: حدثنا
حفص بن عمر أبو إسماعيل الديلمي.... عن أنس مرفوعا به.
قلت: وهذا تعقب فاشل فإن حفص بن عمر هذا كذاب كما قال أبو حاتم فيما نقله الذهبي في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا أحدها ولهذا قال ابن عراق (248 /2) فلا يصلح شاهدا، ومن الغرائب أن السيوطي أورد الحديث في " الجامع " من رواية ابن عدي هذه، ومن رواية ابن أبي شيبة عن أبي هريرة موقوفا، قال المناوي: وهو شاهد للأول يعني المرفوع، وبه رد المصنف على ابن الجوزي جعله الحديث موضوعا.
قلت: وهذا رد واه فإن الحديث إذا ثبت وضعه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا يفيده أن يرد موقوفا على بعض الصحابة إلا أن يكون من الأحاديث التي لا تقال بالاجتهاد والرأي فحينئذ يكون لها حكم المرفوع وليس منها هذا الحديث كما لا يخفى، هذا وقد سقط من النسخة المطبوعة من " اللآليء " إسناد حديث ابن أبي شيبة عن أبي هريرة فلم نتمكن من النظر في صحته ولو أنه موقوف، ثم وقفت على إسناده فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (11 / 20 / 2) : أنبأنا وكيع عن ثور عن زياد النميري عن أبي هريرة قال: لأغتسلن يوم الجمعة ولوكأسا بدينار.
وهذا سند ضعيف، زياد هو ابن عبد الله وهو ضعيف كما في " التقريب "، ثم ساق السيوطي موقوفا آخر على كعب، وسنده ضعيف أيضا، وبالجملة فالحديث موضوع مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ضعيف موقوفا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ويغني عنه الأحاديث الصحيحة في الأمر بالغسل يوم الجمعة كقوله صلى الله عليه وسلم: " غسل الجمعة واجب على كل محتلم "، رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في " الإرواء " (رقم 143) ، وقد تساهل أكثر الناس بهذا الواجب يوم الجمعة فقل من يغتسل منهم لهذا اليوم، ومن اغتسل فيه فإنما هو للنظافة، لا لأنه من حق الجمعة، فالله المستعان.
159 - " إن الله عز وجل وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعة ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
رواه الطبراني في " الكبير "، ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 189 - 190) من طريق العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا أيوب بن مدرك عن مكحول عن أبي الدرداء مرفوعا.
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 105) من هذا الوجه وقال: لا أصل له تفرد به أيوب، قال الأزدي: هو من وضعه كذبه يحيى وتركه الدارقطني، وتعقبه السيوطي بقوله (2 / 27) : اقتصر على تضعيفه الحافظان: العراقي في " تخريج الإحياء " وابن حجر في " تخريج الرافعي "، والله أعلم.
قلت: وتقليدا منه لهما، وهو مجتهد عصره! ، أورده في " الجامع الصغير "!
وقد تعقبه الشارح بقوله بعد أن ذكر قول ابن الجوزي السابق: ولم يتعقبه المؤلف بشيء سوى أنه اقتصر على تضعيفه العراقي وابن حجر، ولم يزد على ذلك، وأنت خبير بما في هذا التعقب من التعصب.
قلت: وقال الهيثمي في " المجمع " (2 / 176) بعد أن عزاه للطبراني: وفيه أيوب بن مدرك قال ابن معين: إنه كذاب، ونقل هذا عنه الذهبي في " الميزان " ثم ساق له هذا الحديث وفي " اللسان ": وقال العقيلي: يحدث بمناكير لا يتابع عليها، وقال في حديث العمائم: لا يتابع عليه.
قلت: والراوي عنه العلاء بن عمرو الحنفي متهم أيضا ومن أحاديثه الآتي عقب هذا بإذن الله.
ثم رأيت العقيلي قد أخرجه في " الضعفاء " (ص 42) من طريق يوسف بن عدي قال:
حدثنا أيوب بن مدرك به، ويوسف هذا ثقة من رجال البخاري، فبرئت ذمة العلاء بن عمرو منه وانحصرت التهمة في شيخه أيوب بن مدرك، وأخرجه ابن عدي (18 / 1) من طريق ثالث عنه، وقال: وهذا الحديث منكر.
191 - " الجمعة حج الفقراء، وفي لفظ: المساكين ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 190) والقضاعي (رقم 79) وابن عساكر (11 / 132) عن ابن عباس باللفظ الأول، وابن زنجويه والقضاعي (78) أيضا باللفظ الثاني أيضا كما في " الجامع الصغير " وقال المناوي في شرحه: ورواه الحارث بن أبي أسامة، أخرجوه كلهم من حديث عيسى بن إبراهيم الهاشمي عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس، قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف، وأورده في " الميزان " في ترجمة عيسى هذا وقال عن جمع: هو منكر الحديث، متروك.
وقال السخاوي: مقاتل ضعيف، وكذا الراوي عنه.
قلت: هذا الكلام إنما هو على اللفظ الثاني، وأما اللفظ الأول وهو الثاني في ترتيب السيوطي فلم يتكلم عليه المناوي بشيء فلعله اكتفى بذلك إشارة إلى أن طريقهما واحد وهو الظاهر من صنيع " الكشف " ولعله تبع فيه أصله " المقاصد " فإنه أورده باللفظين ثم قال: وفي سنده مقاتل ضعيف.
قلت: أما مقاتل فكذاب كما تقدم نقله عن وكيع في الحديث (168) ، وأما الراوي عنه عيسى بن إبراهيم فضعيف جدا، قال البخاري والنسائي: منكر الحديث فما دام أن الحديث من رواية الكذاب فكان اللائق بالسيوطي أن ينزه منه الكتاب! ولهذا ذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (ص 7) ومن قبله ابن الجوزي في
" الموضوعات " وأقره السيوطي نفسه لكن بلفظ آخر، وهو:
192 - " الدجاج غنم فقراء أمتي، والجمعة حج فقرائها ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3 / 8) من رواية ابن حبان في " المجروحين " (3 / 90) من طريق عبد الله بن زيد - محمش - النيسابوري عن هشام ابن عبيد الله الرازي عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا ثم قال:
قال ابن حبان: باطل لا أصل له، وهشام لا يحتج به، وقال الدارقطني: هذا كذب، والحمل فيه على محمش كان يضع الحديث.
وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 28) فلم يتعقبه بشيء البتة، وأما ابن عراق فتعقبه في " تنزيه الشريعة " (236 / 2) بقوله: قلت: اقتصر الحافظ الذهبي في " طبقات الحفاظ " على قوله بعد إيراد
الحديث: هذا غير صحيح، والله أعلم.
قلت: وهذا التعقب لا طائل تحته لسببين، الأول: أن علة الحديث المقتضية لوضعه ظاهرة، وهو كونه من رواية هذا الوضاع، ولا سيما أنه قد صرح الدارقطني بأنه حديث كذب، وابن حبان ببطلانه.
والآخر أن قوله: لا يصح، لا ينافي كونه موضوعا بل كثيرا ما تكون هذه اللفظة مرادفة لكلمة موضوع، وهي هنا بهذا المعنى لما سبق، ولأن الذهبي نفسه قد أورد هذا الحديث وحديثا آخر في ترجمة الرازي هذا من رواية ابن حبان عنه ثم قال الذهبي: قلت: كلاهما باطل، ووصف هذا الخبر في " النبلاء " (10 / 447) بأنه:
لا يحتمل.
ونقل المناوي (6 / 163) عنه أنه قال في " الضعفاء ": إنهما حديثان موضوعان.
فتبين أن الذهبي من القائلين بوضع الحديث خلافا لما ظنه ابن عراق.
207 - " أفضل الأيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة، وهو أفضل من سبعين حجة في غير جمعة ".
باطل لا أصل له.
وأما قول الزيلعي - على ما في " حاشية ابن عابدين " (2 / 348) : رواه رزين ابن معاوية في تجريد الصحاح.
فاعلم أن كتاب رزين هذا جمع فيه بين الأصول الستة: " الصحيحين " و" موطأ مالك " و" سنن أبي داود " والنسائي والترمذي، على نمط كتاب ابن الأثير المسمى " جامع الأصول من أحاديث الرسول " إلا أن في كتاب " التجريد " أحاديث كثيرة لا أصل لها في شيء من هذه الأصول كما يعلم مما ينقله العلماء عنه مثل المنذري في " الترغيب والترهيب " وهذا الحديث من هذا القبيل فإنه لا أصل له في هذه الكتب ولا في غيرها من كتب الحديث المعروفة، بل صرح العلامة ابن القيم في " الزاد " (1 / 17) ببطلانه فإنه قال بعد أن أفاض في بيان مزية وقفة الجمعة من وجوه عشرة ذكرها: وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل اثنتين وسبعين حجة، فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين.
وأقره المناوي في " فيض القدير " (2 / 28) ثم ابن عابدين في " الحاشية ".
215 - " من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين عاما، فقيل له: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: تقول: اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبى الأمي، وتعقد واحدا ".
موضوع.
أخرجه الخطيب (13 / 489) من طريق وهب بن داود بن سليمان الضرير حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس مرفوعا.
ذكره في ترجمة الضرير هذا وقال: لم يكن بثقة، قال السخاوي في " القول البديع " (ص 145) : وذكره ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " (رقم 796) .
قلت: وهو بكتابه الآخر " الأحاديث الموضوعات " أولى وأحرى، فإن لوائح الوضع عليه ظاهرة، وفي الأحاديث الصحيحة في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم غنية عن مثل هذا، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا "
رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1369) ، ثم إن الحديث ذكره السخاوي في مكان آخر (ص 147) من رواية الدارقطني يعني عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال: وحسنه العراقي، ومن قبله أبو عبد الله بن النعمان، ويحتاج إلى نظر، وقد تقدم نحوه من حديث أنس قريبا يعني هذا.
قلت: والحديث عند الدارقطني عن ابن المسيب قال: أظنه عن أبي هريرة كما في الكشف (1 / 167) .
218 - " من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
ضعيف.
رواه الدارقطني في " الأفراد " من حديث ابن عمر مرفوعا.
قال ابن القيم في " الزاد " (1 / 145) : وهو من حديث ابن لهيعة.
قلت: وهو ضعيف من قبل حفظه، وأشار الحافظ في " التلخيص " إلى إعلاله به، وأما تصحيح البجيرمي للحديث في " الإقناع " (2 / 177) فمما لا وجه له إطلاقا.
وروى ابن أبي شيبة (1 / 206 / 1) بسند صحيح عن حسان بن عطية قال:
" إذا سافر يوم الجمعة دعي عليه أن لا يصاحب ولا يعان في سفر ".
فهذا مقطوع، ولعل هذا هو أصل الحديث، فوصله ورفعه ابن لهيعة بسوء حفظه!
وللحديث طريق أخرى لكنها موضوعة وهو:
219 - " من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه أن لا يصحب في سفره ولا تقضى له حاجة ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
أخرجه الخطيب في " كتاب أسماء الرواة عن مالك " من رواية الحسين بن علوان عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال الخطيب: الحسين ابن علوان غيره أثبت منه، قال العراقي: قد ألان الخطيب الكلام في الحسين هذا وقد كذبه يحيى بن معين ونسبه ابن حبان إلى الوضع، وذكر له الذهبي في الميزان هذا الحديث وإنه مما كذب فيه على مالك، كذا في " نيل الأوطار " (3 / 194 - 195) .
قلت: ومن العجيب حقا أن العراقي نفسه قد ألان القول أيضا في الحديث هذا بقوله في " تخريج الإحياء " (1 / 188) بعد أن عزاه للخطيب:.... بسند ضعيف.
وليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعة مطلقا، بل روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سافر يوم الجمعة من أول النهار، ولكنه ضعيف لإرساله، وقد روى البيهقي (3 / 187) عن الأسود بن قيس عن أبيه قال: أبصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا عليه هيئة السفر فسمعه يقول: لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجت قال عمر رضي الله عنه: اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر، ورواه ابن أبي شيبة (2 / 205 / 2) مختصرا، وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات، وقيس والد الأسود وثقه النسائي وابن حبان، فهذا الأثر مما يضعف هذا الحديث وكذا المذكور قبله إذ الأصل أنه لا يخفى على أمير المؤمنين عمر لوكان صحيحا.
297 - " إن الله ليس بتارك أحدا من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
رواه الطبراني في " الأوسط " (48 ـ 49 من زوائده) وابن الأعرابي في " معجمه " (147) وابن بشران في " الأمالي " (24 / 290) عن المفضل بن فضالة عن أبي عروة البصري عن زياد أبي عمار - وقال ابن الأعرابي: زياد بن ميمون - عن أنس بن مالك مرفوعا وقال الطبراني: لا يروى إلا بهذا الإسناد، وأبو عروة عندي معمر، وأبو عمار: زياد النميري، كذا قال، وفيه نظر في موضعين:
الأول: زياد النميري هو ابن عبد الله البصري، لم أجد من كناه أبا عمار، بخلاف زياد بن ميمون فقد كنوه بأبي عمار، وقال ابن معين في النميري: ضعيف، وقال في موضوع آخر: ليس به بأس قيل له: هو زياد أبو عمار؟ قال: لا، حديث أبي عمار ليس بشيء.
فقد فرق هذا الإمام بين زياد بن عبد الله النميري وبين زياد أبي عمار، فضعف
الأول تضعيفا يسيرا، وضعف أبا عمار جدا، فثبت أنه غير النميري، وإنما هو ابن ميمون كما صرحت بذلك رواية ابن الأعرابي وهو وضاع باعترافه كما سبق مرارا قال الذهبي: زياد بن ميمون الثقفي الفاكهي عن أنس، ويقال له زياد أبو عمار البصري، وزياد بن أبي حسان، يدلسونه لئلا يعرف في الحال، قال ابن معين:
ليس يسوى قليلا ولا كثيرا، وقال يزيد بن هارون: كان كذابا، ثم ساق له أحاديث مناكير، هذا أحدها.
والثاني: قوله: إن أبا عروة البصري، هو معمر يعني ابن راشد الثقة شيخ عبد الرزاق، فإن هذا وإن كان يكنى أبا عروة فإني لم أجد ما يؤيد أنه هو في هذا السند، وصنيع الحافظين الذهبي والعسقلاني يشير إلى أنه ليس به فقالا في
" الميزان " و" اللسان ": أبو عروة عن زياد بن فلان مجهول، وكذلك شيخه.
قلت: شيخه هو زياد بن ميمون الكذاب كما سبق آنفا فلعل أبا عروة كان يدلسه فيقول: زياد بن فلان، كما قال في هذا الحديث: زياد أبي عمار لكي لا يعرف، فإذا صح هذا فهو كاف عندنا في تجريح أبي عروة هذا، والله أعلم.
ثم وجدت ما يؤيد أن الحديث حديث زياد بن ميمون، فقد أخرجه الواحدي في " تفسيره " (4 / 145 / 1) عن عثمان بن مطر عن سلام بن سليم عن زياد بن ميمون عن أنس، لكن سلام هذا وهو المدائني كذاب أيضا وعثمان بن مطر ضعيف، لكن رواه ابن عساكر (11 / 50 / 2) من طريق عثمان بن سعيد الصيداوي، أخبرنا سليم بن
صالح عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبي عمار به.
وأخرجه الديلمي (4 / 189) من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن سلام بن سلم عن زياد الواسطي عن أنس.
قلت: وابن الفضل هذا متروك وسلام بن سلم هو ابن سليم نفسه وزياد الواسقي هو ابن ميمون ذاته وقد أورده بحشل في " تاريخ واسط " (58 ـ 59) .
وبالجملة فإن مدار الحديث على أبي عمار وهو زياد بن ميمون وهو كذاب.
384 - " لا يترك الله أحد يوم الجمعة إلا غفر له ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
أخرجه أبو القاسم الشهرزوري في " الأمالي " (180 / 1) والخطيب (5 / 180) من طريق أحمد بن نصر بن حماد بن عجلان، حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة مرفوعا، ذكره الخطيب في ترجمة أحمد هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ":
أتى بخبر منكر جدا، ثم ساق له هذا كأنه يتهمه به، ووافقه الحافظ في " اللسان " وفي ذلك عندي نظر، لأن أباه نصر بن حماد، قال ابن معين: كذاب فالحمل عليه فيه أولى. ومع هذا وذاك فالحديث في " الجامع " وللحديث طريق أخرى عن أنس نحوه وهو موضوع أيضا كما سبق بيانه برقم (297) .
395 - " إن لله ملائكة موكلين بأبواب الجوامع يوم الجمعة يستغفرون لأصحاب العمائم البيض ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع.
أخرجه الخطيب بإسناد الحديثين السابقين، وقد عرفت أنه من وضع يحيى بن شبيب اليماني. ومن طريق الخطيب ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 106) وقال: يحيى حدث عن حميد وغيره أحاديث باطلة.
وأيده السيوطي في " اللآليء " (2 / 27) فقال:
قلت: قال في " الميزان ": هذا مما وضعه على حميد، وأقره ابن عراق (236 / 2) .
قلت: لكن وجدت له طريقا أخرى رواها أبو علي القشيري الحراني في " تاريخ الرقة " (ق 38 / 2) عن أبي يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني، حدثنا العباس بن كثير أبو مخلد الرقي، حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن ميمون بن مهران، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه مرفوعا، ذكره في ترجمة العباس هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأبو يوسف الصيدلاني لم أجد من ترجمه، فهو أو شيخه آفة هذه الطريق، فإن من فوقهما ثقات، ولا يصح في العمائم شيء غير أنه صلى الله عليه وسلم لبسها، وتقدم بعض أحاديثها برقم (127 - 129) .