999 - " إن القبلة لا تنقض الوضوء، ولا تفطر الصائم ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف.
أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " (4 / 77 / 2 مصورة الجامعة الإسلامية) قال: أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وقال: فذكر الحديث وقال: " يا حميراء إن في ديننا لسعة " قال إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات غير عبد الملك بن محمد، أورده الذهبي في " الميزان " لهذا الحديث مختصرا بلفظ الدارقطني الآتي، وقال: " وعنه بقية بـ (عن) ، قال الدارقطني: ضعيف ". وكذا في " اللسان " لكن لم يقع فيه: بـ (عن) ". والمقصود بهذا الحرف أن بقية روى عنه معنعنا، ويشير بذلك إلى رواية الدارقطني للحديث في " سننه " (ص 50) قال: وذكر ابن أبي داود قال: أخبرنا ابن المصفى: حدثنا بقية عن عبد الملك بن محمد به مختصرا بلفظ: " ليس في القبلة وضوء ".
وقد خفيت على الذهبي رواية إسحاق هذه التي صرح فيها بقية بالتحديث، ولعله لذلك لم يذكر الحافظ في " اللسان " قوله: " بـ (عن) ". والله أعلم.
والحديث أورده الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 73) من رواية ابن راهويه كما ذكرته، دون قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا " وسكت عليه ولم يكشف عن علته وتبعه على ذلك الحافظ في " الدراية " (ص 20) وكان ذلك من دواعي تخريج الحديث هنا وبيان علته وإن كان معنى الحديث صحيحا كما يأتي في الذي بعده، ففي هذا الحديث - ومثله كثير - لأكبر دليل على جهل من يزعم أنه ما من حديث إلا وتكلم عليه المحدثون تصحيحا وتضعيفا! ثم إن قول إسحاق: " أخشى أن يكون غلطا ".
فالذي يظهر لي - والله أعلم - أنه يعني أن الحديث بطرفيه محفوظ من حديث عائشة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم فعلا منه، لا قولا، فكان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ، كما يأتي في الحديث الذي بعده، كما كان يقبلها وهو صائم. (1) فأخطأ الراوي، فجعل ذلك كله من قوله صلى الله عليه وسلم. وهو منكر غير معروف. والله أعلم.
__________
(1) أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة (219 - 221) و" الإرواء " (916) . اهـ.
1000 - " توضأ وضوءا حسنا، ثم قم فصل، قاله لمن قبل امرأة ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف.
أخرجه الترمذي (4 / 128 - تحفة) والدارقطني في " سننه " (49) والحاكم (1 / 135) والبيهقي (1 / 125) وأحمد (5 / 244) من طرق عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل: " أنه كان قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل وقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب امرأة لا تحل له، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا وقد أصابه منها، إلا أنه لم يجامعها؟ فقال: توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل، قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " الآية، فقال: أهي له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال: بل للمسلمين عامة ". وقال الترمذي: " هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، ومعاذ مات في خلافة عمر وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى عن عمر ورآه. وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ".
قلت: وبهذا أعله البيهقي أيضا فقال عقبه: " وفيه إرسال، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل ". وأما الدارقطني فقال عقبه: " صحيح ". ووافقه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. والصواب أن الحديث منقطع كما جزم به الترمذي والبيهقي، فهو ضعيف الإسناد. وقد جاءت هذه القصة عن جماعة من الصحابة في " الصحيحين " و" السنن " و" المسند " وغيرها من طرق وأسانيد متعددة، وليس في شيء منها أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء والصلاة، فدل ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة. والله أعلم. وأما قول أبي موسى المديني في " اللطائف " (ق 66 / 2) بعد أن ساق الحديث من طريق أحمد: " هذا حديث مشهور، له طرق ". فكأنه يعني أصل الحديث، فإنه هو الذي له طرق، وأما بهذه الزيادة فهو غريب، ومنقطع كما عرفت، والله أعلم.
إذا تبين هذا فلا يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء، كما فعل ابن الجوزي في " التحقيق " (1 / 113) وذلك لأمور: أولا: أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة. ثانيا: أنه لوصح سنده، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئا قبل الأمر حتى يقال: انتفض باللمس! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقا للحديث الآخر الصحيح بلفظ: " ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر له ". أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وصححه جمع، كما بينته في " تخريج المختارة " (رقم 7) .
ثالثا: هب أن الأمر إنما كان من أجل اللمس، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص، لأن الحالة التي وصفها، هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء، لا من أجل مطلق اللمس، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال. والحق أن لمس المرأة وكذا تقبيلها لا ينقض الوضوء، سواء كان بشهو ة أو بغير شهو ة، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ. أخرجه أبو داود وغيره، وله عشرة طرق، بعضها صحيح كما بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 170 - 173) وتقبيل المرأة إنما يكون مقرونا بالشهو ة عادة، والله أعلم.
1135 - " ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه إلا متقنعا، يرخي الثوب على رأسه، وما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه مني ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع.
رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 251 - 252) عن محمد ابن القاسم الأسدي: نا كامل أبو العلاء عن أبي صالح - أراه - عن ابن عباس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: فذكره.
قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الأسدي هذا كذبه أحمد وقال:
" أحاديثه موضوعة، ليس بشيء ".
وأبو صالح هو باذام وهو ضعيف.
والشطر الثاني من الحديث قد روي من طريقين آخرين ولكنهما واهيان كما بينته في " آداب الزفاف " (ص 32 - الطبعة الثانية) وذكرت هناك عن عائشة نفسها ما يدل على بطلانه.
وأما الشطر الأول، فمع تفرد ذاك الكذاب به فإنه يدل على بطلانه أيضا القرآن الكريم وهو قول الله عز وجل: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " أي: كيف شئتم. فمع هذه الإباحة الصريحة في كيفية الإتيان، لا يعقل هذا التضييق الذي تضمنه هذا الحديث الموضوع كما لا يخفى.
2662 - (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة، أو في غداة باردة فذهبت ثم جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه بعض نسائه في لحاف، فطرح علي طرف ثوبه [فصرنا ثلاثة] ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع
أخرجه الحاكم (3/364) ، والبزار (3/212/2595) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (2/611/1394) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/374) من طرق عن إسحاق بن إدريس: حدثنا أبو معاوية الضرير: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: فذكره. والسياق للبزار، وقال:
" لا نعلم له إسنادا غير هذا، ولا تابع إسحاق عليه أحد ".
قلت: وهوالأسواري، قال البخاري:
" تركه الناس ".
وتبنى هذا الذهبي في " المغني ". وفي " الميزان ":
" وقال يحيى بن معين: كذاب يضع الحديث ".
ومع هذا قال الحاكم عقب الحديث:
" صحيح الإسناد "! والظاهر أنه خفي عليه حال الأسواري هذا، لكن الغريب أن الذهبي أقره ولم يتعقبه بشيء! والأعجب من ذلك أن الزيادة في آخر المتن هي عند الحاكم من طريق محمد بن سنان القزاز، قال الذهبي في " المغني ":
" رماه بالكذب أبو داود وابن خراش ".
والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (9/152) :
" رواه البزار، وفيه إسحاق بن إدريس، وهو متروك ".
وأما ما نقله الدكتور محفوظ الرحمن في تعليقه على " البحر الزخار" (3/184) عن الهيثمي أنه قال في نفس الموضع الذي أشرت إليه:
" رواه البزار، وإسناده حسن "!
فهو وهم محض، سببه أنه انتقل بصره حين النقل عنه إلى قول الهيثمي عقب الحديث الذي يلي هذا عنده مباشرة، وهو قوله:
" وعن ابن عمر: أن الزبير استأذن عمر في الجهاد؟ فقال: اجلس فقد جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البزار، وإسناده حسن ".
على أن هذا التحسين غير مسلم، لأن البزار أخرجه عقب حديث الترجمة برقم (2596) من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمر، وهذا إسناد معروف ضعفه، وهو إسناد حديث: " اللهم بحق السائلين عليك. . . " المتقدم تخريجه وبيان ضعفه في المجلد الأول برقم (24) ، والرد في مقدمته على الشيخ إسماعيل الأنصاري، الذي انتصر لشيخ الدعوة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالباطل، والاعتداء على المؤلف ببهته والافتراء عليه، وتكلف تكلفا ظاهرا في تقويه الحديث، فراجعها فإنها مهمة.
نعم لحديث ابن عمر هذا طريق آخر يرويه قيس بن أبي حازم: أن الزبير استأذن عمر. . . فذكره.
أخرجه البزار أيضا (2597) ، وهو في " مسند عمر " من " البحر الزخار " (1/466/332) وقال:
" وهذا الإ سناد أحسن من إسناد حديث فضيل ".
وقال الحافظ عقبه في " مختصر الزوائد " (2/324) :
" قلت: وأصح، بل هو صحيح مطلقا ".
وهو كما قال رحمه الله.
ورواه حبلة بن سحيم عن عبد الله بن عمر به، وأتم منه.
أخرجه ابن عساكر (6/380) ، وفيه رجل لم يسم.
ثم رأيت حديث الترجمة في " العلل " لابن أبي حاتم (2/371) وقال عقبه:
" قال أبو زرعة: لا أعلم رواه غير إسحاق بن إدريس، وهو واه ".
4166 - (كان إذا أراد أن يزوج امرأة من نسائه يأتيها من وراء الحجاب فيقول: يا بنية! إن فلاناً قد خطبك، فإن كرهتيه فقولي: لا؛ فإنه لا يستحي أحد أن يقول: لا، وإن أحببت فإن سكوتك إقرار) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
رواه الطبراني (1/ 5/ 1) ، وابن عدي (7/ 261-262) عن يزيد ابن عبد الملك، عن يزيد بن حصيفة، عن السائب بن يزيد عن عمر مرفوعاً.
قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل يزيد هذا - وهو النوفلي -؛ قال الحافظ:
"لين الحديث".
وقد روي مرسلاً؛ أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 4/ 1) و (4/ 136 - ط) : حفص، عن ابن جريج، عن عطاء مرفوعاً.
وأخرجه عبد الرزاق (6/ 144) عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني به. فهو معضل.
ورواه ابن عساكر (4/ 289/ 1) عن بقية بن الوليد: أخبرنا إبراهيم - يعني: ابن أدهم -: حدثني أبي أدهم بن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به دون قوله: "فإن كرهتيه ... ".
قلت: وأدهم بن منصور؛ لم أجد له ترجمة، وسائر رجاله موثقون.
ورواه عبد الرزاق (6/ 141-142) ، والبيهقي (7/ 123) من طريق يحيى ابن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة المخزومي قال: فذكره.
قلت: وهذا مرسل؛ المهاجر هذا؛ تابعي مجهول الحال.
وقد وصله أبو الأسباط، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعن عكرمة، عن ابن عباس قالا: فذكره نحوه.
أخرجه البيهقي وقال:
"المحفوظ من حديث يحيى، مرسل".
قلت: وكل هذه الروايات ليس فيها قوله: "فإن كرهتيه فقولي: لا ... " إلخ، فدل على نكارته.
وحديث أبي هريرة قد جاء بإسناد آخر خير من هذا، ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2973) .
4198 - (كان إذا زوج أو تزوج نثر تمراً) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع
أخرجه البيهقي في "السنن" (7/ 287-288) عن عاصم بن سليمان: أخبرنا هشام بن عروة، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وقال البيهقي:
"عاصم بن سليمان؛ بصري رماه عمرو بن علي بالكذب، ونسبه إلى وضع الحديث".
وقال الساجي وابن عدي:
"يضع الحديث". وقال الطيالسي:
"كذاب".
وروى البيهقي أيضاً من طريق الحسن بن عمرو: أخبرنا القاسم بن عطية، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها:
"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج بعض نسائه فنثر عليه التمر". وقال:
"الحسن بن عمرو - وهو ابن سيف العبد ي -؛ بصري عنده غرائب".
قلت: بل هو شر من ذلك؛ فقد كذبه ابن المديني، وقال البخاري:
"كذاب". وقال الرازي:
"متروك".
وهذا هو الذي اعتمده الحافظ؛ أنه متروك.
5923 - (كان إذا رمدت عين امرأة من نسائه لم يأتها حتى تبرأ عينها) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع
. أخرجه أبو نعيم في ((الطب)) (ق 49 / 1) عن إسحاق بن محمد بن مروان: ثنا أبي: ثنا حصين بن مخارق عن الأعمش عن أبي صالح عن أم سلمة قالت:. . . فذكره.
قلت: وهذا موضوع؛ آفته حصين بن مخارق، كنيته أبو جنادة؛ قال ابن حبان في ((المجروحين)) (3 / 155) :
((روى عن الأعمش ما ليس من حديثه، لا يجوز الرواية عنه)) . وقال
الدارقطني: ((يضع الحديث)) .
وإسحاق بن محمد بن مروان، لم أجد له ترجمة.
وأما أبوه محمد بن مروان؛ فأظنه السدي الأصغر، وهو معروف بالوضع، وقد تقدم له أحاديث.
وكنت قديماً حكمت على الحديث بالوضع من حيث معناه، مع تفرد أبي نعيم به. والآن قد وافق ذلك النقد الحديثي العلمي لمبناه، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
5992 - (فتنة سُلَيْمَان عليه السلام: أنه كان في قومه رجل كعمر
ابن الخطاب في أمتي، فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه؛ أرسل
إلى أفاضل نسائه فقال: هل تنكرن من صاحبكن شيئاً؛ قلن: نعم؛ كان لا يأتينا حيضاً، وهذا يأتينا حيضاً. فاشتمل على سيفه ليقتله، فردّ اَللَّه
على سليمان ملكه، فأقبل، فوجده في مكانه، فأخبره بما يريد) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
باطل
. أخرجه عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال: إنه كان
في قومه. . . اَلْحَدِيث. كذا في " الدر المنثور " (5 / 312) .
فأقول: قوله: " رضي الله عنه "؛ يوهم أن عبد الرحمن بن رافع صحابي؛ لأن الترضي في اصطلاح العلماء خاص بالصحابة رضي الله عنهم، وهذا ليس منهم، فلعله من بعض الناسخين ل " الدر ".
ثم إن عبد الرحمن هذا مع كونه ليس صَحَابِيَّا فهو مُتَكَلِّم فيه، وترجمته في
" الميزان " و " التهذيب "، وهو التنوخيّ؛ قال البخاري في " التاريخ الكبير " (3 / 1 / 280)
" حديثه مناكير ".
قلت: وهذا الحديث مع كونه من بلاغاته لم يسنده إلى أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهو منكر جِدًّا؛ لما فيه من تمثل الشيطان من الجن في صورة سليمان عليه السلام، وإتيانه لنسائه وهن حيض! !
ومن الغريب أنه رويت في ذلك آثار كثيرة موقوفة في فتنة سليمان عليه وعلى
أبيه السلام فسّروا بها قوله تعالى: (ولقد فتنّا سليمان وألقينا على كرسيّه جسداً
ثم أناب! ، فقيل: إن الجسد هو هذا الشيطان، جلس على كرسي سليمان يحكم بين الناس أَيَّامًا وهم لا يشعرون أنه شيطان، حتى رابهم منه شيء وكان أخذ خاتم سليمان من إحدى زوجاته، وكان ملكه في خاتمه، فلما وضعه في يده؛ خضع له الإنس والجن، فلما رابهم أمره؛ ساعيوا نساءه عنه؛ فأجبن بما في الحديث أنه يأتيهن في حالة الحيض، فثاروا عليه، فهرب وسقط منه الخاتم في البحر، فالتقمته سمكة، فوقعت في يد سليمان الذي كان خرج إلى ساحل البحر ليعتاش! فلما شق بطنها؛ وجد الخاتم، فوضعه في إصبعه، فعاد إليه ملكه! في قصة طويلة، عزاها السيوطي للنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، وقوى السيوطي إسنادها تَبَعًا
لابن كثير وابن حجر في " تخريج الكشاف " (4 / 142) ! لكن ابن كثير استدرك فقال:
" ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما - إن صح عنه - من أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام، فالظاهر أنهم يكذبون عليه، ولهذا كان في هذا السياق منكرات، ومن أشدها ذكر النساء. وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف؛ كسعيد بن المسيّب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين، وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب ".
وذكر نحوه في تاريخه " البداية " (2 / 26) . فإن قيل: فما معنى الآية المتقدمة؛
والجواب: ما قاله العلامة الآلوسيّ في " تفسيره " (23 / 198) :
" أظهر ما قيل في فتنته عليه السلام أنه قال: " لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله. ولم يقل: إن شاء الله. فطاف عليهن، فلم تحمل إلا امرأة، وجاءت بشق رجل ". رواه الشيخان عن أبي هريرة مَرْفُوعًا. فالمراد بالجسد ذلك الشق الذي ولد له، ومعنى إلقائه على كرسيه: وضع
القابلة له عليه؛ لِيَرَاهُ ".
وذكر نحوه ابن حيان الأندلسي في تفسيره " البحر المحيط " (7 / 397) .
ثم قال الآلوسيّ بعد أن ساق القصة من رواية ابن عباس:
" قال أبو حيان وغيره:
إن هذه المقالة من أوضاع اليهود والزنادقة، ولا ينبغي لعاقل أن يعتقد صحة ما فيها، وكيف يجوز تمثل الشيطان بصورة نبي حتى يلتبس أمره على الناس، ويعتقدوا أن ذلك المتصور هو النبي؟ ! ولو أمكن وجود هذا لم يوثق بإرسال نبي، نسأل الله سلامة ديننا وعقولنا، ومن أقبح ما فيها زعم تسلط الشيطان على نساء نبيه حتى وطئهن وهن حيض! الله أكبر، هذا بهتان عظيم، وخطب جسيم ا! وجاء عن ابن عباس برواية عبد الرزاق وابن المنذر ما هو ظاهر في أن ذلك من أخبار كعب، ومعلوم أن كَعْباً يرويه عن كتب اليهود، وهي لا يوثق بها، على أن إشعار ما يأتي بأن تسخير الشياطين بعد الفتنة يأبى صحة هذه المقالة كما لا يخفى.
ثم إن أمر خاتم سليمان عليه السلام في غاية الشهرة بين الخواص والعوام، ويستبعد جِدًّا أن يكون الله تعالى قد ربط ما أعطى نبيه عليه السلام من الملك بذلك الخاتم، وعندي أنه لو كان في ذلك الخاتم السر الذي يقولون؛ لذكره الله عز وجل في كتابه. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال ".
قلت: وقد روي في حديث مرفوع ما يوافق تفسير قوله: (جَسَدًا) بأنه ولد سليمان عليه السلام، ولكنه حديث منكر، أو موضوع. اقتصر السيوطي على تضعيف إسناده في " الدر "، ووافق ابن الجوزيّ على وضعه في " اللآلئ "، وهو الأقرب كما ستراه عقب هذا.
6579 - (كانت ليلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانسلَّ، فظننت أنما انسل إلى بعض نسائه، فخرجتُ غيري، فإذا أنا به ساجدٌ كالثوب الطريح، فسمعته يقول:
سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، ربَّ! هذه يدي وما جنبيت به على نفسي، يا عظيمُ! ترجى لكل عظيم، فأغفر الذنبي العظيم. قالت: فرفع رأسه فقال:
ما أخرجك؟ قالت: ظنٌّ ظننتُه! قال:
إن بعض الظن إثمٌ، واستغفري الله! إن جبريل أتاني فأمرني أن أقول هذه الكلمات التي سمعت، فقوليها في سجودك، فإنه من قالها، لم يرفع رأسه حتى يُغفر - أظنه قال: - له) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
منكر جداً.
أخرجه أبو يعلى (8/121 -122) ، والعقيلي في "الضعفاء"
(4/116) ، وابن عدي (6/240) من طريق محمد بن عثيم أبي ذر قال:
حدثني عثيم عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عائشة قالت: ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، مسلسل بالعلل:
الأولى: محمد بن عثيم: وفي ترجمته ساقه العقيلي من مناكيره، وروى عن ابن معين أنه قال فيه:
"كذاب". وعن البخاري أنه قال:
"منكر الحديث". وضعفه آخرون.
الثانية: أبوه (عثيم) : والظاهر أنه الذي في "التهذيب": (عثيم بن كثير ابن كليب الحضرمي) ، ولكنهم لم يذكروا في الرواة عنه ابنه محمداً هذا، وهم ثلاثة ليس فيهم موثق، غير عبد الله بن منيب، ولذلك قال الحافظ:
"مجهول". وقال الذهبي:
"لا يدرى من هو؟ ".
وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (7/303) !
وقد أشار الذهبي في "الكاشف" إلى تليين توثيقه.
الثالثة: عثمان بن عطاء: ضعيف، ضعفه الدارقطني وغيره.
الرابعة: أبوه عطاء - وهو: ابن أبي مسلم الخاراساني -، لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، على انه مدلس.
وله عنها طريق أخرى: فقال الطبراني في "الدعاء" (2/1071 -1072) :
حدثنا بكر بن سهل: ثنا عمرو بن هاشم البيروتي: ثنا سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها مطولاً وفي آخره ذكر ليلة النصف من شعبان.
ومن هذا الوجه رواه ابن الجوزي في "العلل" (2/67 -68) وقال:
" لا يصح. قال ابن عدي: أحاديث سليمان بن أبي كريمة مناكير".
وأقره الحافظ في "التلخيص" (1/254) .
وبكر بن سهل: قال الذهبي:
"حمل الناس عليه، وهو مقارب الحال. قال النسائي: ضعيف". وفي "اللسان":
"وقال مسلمة بن قاسم: تكلم الناس فيه، ووضعوه من أجل الحديث الذي حدث به عن ... (ساق إسناده) عن مسلمة بن مخلد رفعه: (أعروا النساء يلزمن الحجال) "، وقد مضى تخريجه برقم (2827) .
وإن مما يؤكد نكارة هذا الحديث ما أشار إليه العقيلي بقوله عقبه:
"يروى من غير هذا الوجه بخلاف هذا اللفظ".
ويعني: ما رواه أبو هريرة عنها قالت:
فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فلمست المسجد، فإذا هو ساجد، وقدماه
منصوبتان، وهو يقول:
"اللهم! إني أعوذ برضاك من سخطك ... ". الحديث.
أخرجه مسلم وغيره من أصحاب "الصحاح" و "السنن" وغيرهم، وهو مخرج في "صفة الصلاة" (147/12) ، و "صحيح أبي داود" (823) .
52 - " إذا استصعبت على أحدكم دابته أوساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في
أذنه ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف.
أورده الغزالي (2 / 195) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه الحافظ العراقي: رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث الحسين ابن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه.
قلت: ولفظه كما في " الفردوس " (3 / 558) : " من ساء خلقه من إنسان أو دابة، فأذنوا في أذنيه ".
53 - " عليكم بدين العجائز ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
لا أصل له.
كذا قال في " المقاصد " وذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " (7) وأورده الغزالي (3 / 67) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم! وقال مخرجه العراقي:
قال ابن طاهر في " كتاب التذكرة " (رقم 511) : تداوله العامة، ولم أقف له على أصل يرجع إليه من رواية صحيحة ولا سقيمة، حتى رأيت حديثا لمحمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: ثم ذكر الحديث الآتي:
54 - " إذا كان في آخر الزمان، واختلفت الأهواء، فعليكم بدين أهل البادية والنساء ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع.
قال ابن طاهر: وابن البيلماني (يعني الذي في سنده) له عن أبيه عن ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها. قال الحافظ العراقي: وهذا اللفظ من هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء " في ترجمة ابن البيلماني.
قلت: من طريق ابن حبان أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1 / 271) ومنه تبين أن فيه علة أخرى، لأن راويه عن ابن عبد الرحمن البيلماني محمد بن الحارث الحارثي وهو ضعيف، وفي ترجمته أورد الحديث ابن عدي (297 / 2) وقال:
وعامة ما يرويه غير محفوظ، ثم قال ابن الجوزي: لا يصح، محمد بن الحارث ليس بشيء، وشيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة، وإنما يعرف هذا من قول عمر بن عبد العزيز.
وأقره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (1 / 131) وزاد عليه فقال: قلت:
محمد بن الحارث من رجال ابن ماجه، وقال في " الميزان ": هذا الحديث من عجائبه.
قلت: الحمل فيه على ابن البيلماني أولى من الحمل فيه على ابن الحارث، فإن هذا قد وثقه بعضهم، بخلاف ابن البيلماني فإنه متفق على توهينه، وقد أشار إلى ما ذهبت إليه بعض الأئمة، فقال الآجرى: سألت أبا داود عن ابن الحارث فقال:
بلغني عن بندار قال: ما في قلبي منه شيء، البلية من ابن البيلماني، وقال البزار: مشهور ليس به بأس، وإنما تأتي هذه الأحاديث من ابن البيلماني. فثبت أن آفة الحديث من ابن البيلماني وبه أعله الحافظ ابن طاهر كما تقدم، وكذا السخاوي في " المقاصد "، وقال الشيخ علي القاري: حديث موضوع.
ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن البيلماني، ومع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع؟ ! وقد أقرهما على ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " (136 / 1) فإنه أورده في " الفصل الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف فيه كما نص عليه في المقدمة.
147 - " تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له العرش ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع.
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (12 / 191) ومن طريقه ابن الجوزي (2 /277) في ترجمة عمرو بن جميع عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وقال: عمرو كان يروي المناكير عن المشاهير والموضوعات عن الأثبات.
قلت: وهو كذاب وقد تقدم له أحاديث، وجويبر ضعيف جدا وتقدم له شيء، وبهذا أعله ابن الجوزي وقال: لا يصح.
والحديث أورده الصغاني في " الموضوعات " (ص 8) .
وأقر ابن الجوزي السيوطي في " اللآليء " (2 / 179) فالعجب منه كيف أورده من رواية ابن عدي في " الجامع الصغير " الذي اشترط في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع! وأعجب من هذا استدراك الشيخ العجلوني في " الكشف " (1 / 304) على حكم الصغاني عليه بالوضع بقوله: لكن عزاه في " الجامع الصغير " لابن عدي بسند ضعيف عن علي! وكيف لا يكون هذا الحديث موضوعا، وقد طلق جماعة من السلف بل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما؟ ! .
195 - " إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع.
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2 / 271) من رواية ابن عدي (44 / 1) عن هشام بن خالد حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا، ثم قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: كان بقية يروي عن كذابين ويدلس، وكان له أصحاب يسقطون الضعفاء من حديثه ويسوونه، فيشبه أن يكون هذا من بعض الضعفاء عن ابن جريج ثم دلس عنه، وهذا موضوع.
قال السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) : وكذا نقل ابن أبي حاتم في " العلل " عن أبيه، قال الحافظ ابن حجر: لكن ذكر ابن القطان في " كتاب أحكام النظر " أن بقي بن مخلد رواه عن هشام بن خالد عن بقية قال: حدثنا ابن جريج، فما بقي فيه إلا التسوية، قال: وقد خالف ابن الجوزي ابن الصلاح فقال: إنه جيد الإسناد، انتهى.
والحديث أخرجه البيهقي في " سننه " من الطريقين التي عنعن فيها بقية والتي صرح فيها بالتحديث، والله أعلم.
قلت: وكذلك رواه ابن عساكر (13 / 295 / 2) وكذا ابن أبي حاتم (2 / 295) عن أبيه عن هشام عن بقية حدثنا ابن جريج به، ساقه ابن أبي حاتم بعد أن روى بهذا الإسناد حديثين آخرين لعلنا نذكرهما فيما بعد، وأشار إلى أن تصريح بقية بالتحديث خطأ من الراوي عنه هشام فقال: وقال أبي: هذه الثلاثة الأحاديث موضوعة لا أصل لها، وكان بقية يدلس، فظن هؤلاء أنه يقول في كل حديث حدثنا، ولم يفتقدوا الخبر منه، وأقره الذهبي في " الميزان " وجعله أصل قوله في ترجمة هشام: يروي عن ثقات الدماشقة، لكن يروج عليه، وكأنه لهذا تبع ابن الجوزي في الحكم على الحديث بالوضع ابن دقيق العيد صاحب " الإمام " كما في " خلاصة البدر المنير " (118 / 2) ، وقال عبد الحق في " أحكامه " (143 /1) لا يعرف من حديث ابن جريج، وقد رواه ابن عساكر في مكان آخر (18 / 188 / 1) من طريق هشام بن عمار عن بقية عن ابن جريج به، فلا أدري هذه متابعة من هشام بن عمار لهشام بن خالد، أم أن قوله: عمار محرف عن خالد كما أرجح، ومنه تعلم أن قول ابن الصلاح: إنه جيد الإسناد غير صواب وإنه اغتر بظاهر التحديث ولم ينتبه لهذه العلة الدقيقة التي نبهنا عليها الإمام أبو حاتم جزاه الله خيرا. ومن الغرائب أن ابن الصلاح مع كونه أخطأ في تقوية هذا الحديث فإنه فيها مخالف لقاعدة له وضعها هو لم يسبق إليها، وهي أنه انقطع التصحيح في هذه الأعصار فليس لأحد أن يصحح! كما ذكر ذلك في " مقدمة علوم الحديث " (ص 18 بشرح الحافظ العراقي) بل الواجب عنده الاتباع لأئمة الحديث الذين سبقوا! فما باله خالف هذا الأصل هنا، فصحح حديثا يقول فيه الحافظان الجليلان أبو حاتم الرازي وابن حبان: إنه موضوع؟ ! وخالف السيوطي كعادته فذكره في " جامعه ".
والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث، فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع من باب تحريم الوسائل فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجته فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها؟ ! اللهم لا، ويؤيد هذا من النقل حديث عائشة
قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، أخرجه الشيخان وغيرهما، فإن الظاهر من هذا الحديث جواز النظر، ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته؟ فقال: سألت عطاء فقال سألت عائشة فذكرت هذا الحديث بمعناه، قال الحافظ في " الفتح " (1 / 290) : وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، وإذا تبين هذا فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع فثبت بطلان الحديث.
196 - " إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى، ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع.
أورده ابن الجوزي (2 / 271) من رواية الأزدي عن إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي حدثنا محمد بن عبد الرحمن القشيري عن مسعر بن كدام عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا، ثم قال الأزدي: إبراهيم ساقط، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 170) بقوله: قلت: روى له ابن ماجه، وقال في " الميزان " قال أبو حاتم وغيره: صدوق، وقال الأزدي وحده: ساقط، قال: ولا يلتفت إلى قول الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا، انتهى.
قال الخليل في " مشيخته ": هذا الحديث تفرد به محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو شامى يأتي بمناكير.
قلت: فهذا هو علة الحديث قال فيه الذهبي: متهم ليس بثقة، وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث، ونقل في " اللسان " عن الدارقطني أنه قال: متروك الحديث، وعن العقيلي قال: في أحاديثه عن مسعر عن المقبري حديث منكر ليس له أصل ولا يتابع عليه وهو مجهول.
قلت: ونحوه في " كامل ابن عدي " (6 / 2261) ، والحديث في " الجامع " أيضا ثم ساق له السيوطي شاهدا وهو:
197 - " لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف جدا.
أخرجه ابن عساكر (5 / 700) بسنده إلى أبي الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو الأو يسي الأصل عامر وهو خطأ حدثنا خيران بن العلاء الكيساني ثم الدمشقي عن زهير بن محمد عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره قلت: وأورده السيوطي في " اللآليء " (2 / 170 - 171) شاهدا للحديث المتقدم من رواية ابن عساكر وسكت عنه وله علل أربع:
الأولى: الإرسال فإن قبيصة هذا تابعي قيل: له رؤية.
الثانية: زهير بن محمد هو التميمي مختلف فيه قال الحافظ في " التقريب ":
رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها، قال البخاري عن أحمد: كأن زهيرا الذي يروي عنه الشاميون آخر، قال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه وفي " الميزان "، قال الترمذي في " العلل ": سألت البخاري عن حديث زهير هذا فقال: أنا أتقي هذا الشيخ كأن حديثه موضوع وليس هذا عندي زهير بن محمد.
قلت: وهذا الحديث من رواية أهل الشام عنه فدل على ضعفه.
الثالثة: خيران بن العلاء، ليس بالمشهور ولم يوثقه غير ابن حبان وقد أشار لهذا الذهبي حين قال في ترجمته: وثق، له خبر منكر، لعل ذلك من شيخه يعني زهير بن محمد ولعله عنى هذا الحديث، ثم بدا لي بأن تعصيب علة هذا الحديث بمن فوق خيران أو من دونه أولى، لأنه قد روى عنه ثمانية، وأثنى عليه الأوزاعي، وهو من شيوخه، كما حققته في ترجمته من " تيسير الانتفاع ".
الرابعة: أبو الدرداء هاشم بن محمد بن صالح الأنصاري لم أجد له ترجمة.
ويبعد جدا أن يكون هو الذي في " ثقات ابن حبان " (9 / 244) ، لأنه أعلى طبقة من هذا بدرجتين، ثم إن ابن حبان لم ينسبه إلى جده الأنصاري، والله أعلم.
وبالجملة فالإسناد ضعيف جدا لا تقوم به حجة والخبر منكر والله أعلم.
759 - " أربع من سعادة المرء: أن تكون زوجته موافقة، وأولاده أبرارا، وإخوانه صالحين، وأن يكون رزقه في بلده ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف جدا.
رواه النسائي في " حديثه " (132 / 2) وابن عساكر في " تاريخه " (15 / 325 / 2) من طريقين عن بقية بن الوليد عن أبي يعقوب المدني عن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن جده. وقال ابن عساكر: " غريب جدا ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، أبو يعقوب المدني لم أعرفه، فهو من شيوخ بقية المجهولين الذين كان يدلسهم، قال ابن معين: " إذا لم يسم بقية شيخه وكناه فاعلم أنه لا يساوي شيئا ". وقال ابن المبارك: " نعم الرجل بقية لولا أنه يكني الأسماء، ويسمي الكنى "!
وعبد الله بن الحسين لم أعرفه، ولا نعلم للحسين بن علي بن أبي طالب ابنا اسمه عبد الله و (الحسين) كذلك وقع في الطريقين، ولعله خطأ من بعض الرواة أو النساخ، ويؤيده أن الحديث أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (ج 73 / 258 / 1) والديلمي (1 / 1 / 166) من طريق عمرو بن جميع عن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده مرفوعا. وعلى هذا فالحديث من مسند الحسن بن علي بن أبي طالب لا من مسند علي، فإن عبد الله هذا هو ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة مأمون، لكن الراوي عنه عمرو بن جميع كذاب: قد وجدت له طريقا أخرى عن الحسين عن علي رضي الله عنهما، فقال الدنيوري في " المجالسة " كما في " المنتقى منها " (21 / 2 نسخة حلب) : حدثنا محمد بن الحسين حدثني علي بن الحسين بن موسى عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وهذا إسناد ساقط من دون موسى (وهو ابن عبد الله بن حسن المتقدم) لم أعرفهم، لكن الدينوري نفسه متهم واسمه أحمد بن مروان، قال الذهبي: " اتهمه الدارقطني، ومشاه غيره ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وصرح الدارقطني في " غرائب مالك بأنه يضع الحديث ".
والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر والديلمي عن علي، وابن أبي الدنيا في " كتاب الإخوان " عن عبد الله بن الحكم عن أبيه عن جده.
ولم يتعقبه المناوي بشيء غير أنه قال: " رمز المصنف لضعفه ".
وقد عرفت أنه ضعيف جدا من طريق ابن عساكر، وباطل من الطريقين الآخرين، وقوله " عبد الله بن الحكم " أظنه تصحيف من " عبد الله بن الحسن " كما سبق في رواية أبي بكر الشافعي، وكذلك هو في " الجامع الكبير " (1 / 90 / 1) لكن وقع فيه " ... ابن أبي الحسن "! .
1100 - " فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكن أزواجي عونا لي، وكان شيطان آدم كافرا، وكانت زوجته عونا له على خطيئته ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع.
أخرجه أبو طالب مكي المؤذن في " حديثه " (ق 233/1) والخطيب في " تاريخ بغداد " (3/331) والبيهقي في " دلائل النبوة " (ج2 باب ما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه) عن محمد بن الوليد بن أبان بن أبي جعفر: حدثنا إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته أبو جعفر هذا، وهو القلانسي البغدادي، قال الذهبي في " الميزان ":
" قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال أبو عروبة: كذاب. فمن أباطيله ... " قلت: فذكر له أحاديث هذا أحدها.
قلت: إبراهيم بن صرمة ضعفه الدارقطني وغيره. وقال ابن عدي:
" عامة حديثه منكر المتن والسند ". وقال أبو حاتم:
" شيخ ".
وقال ابن معين:
" كذاب خبيث ". كذا في " الميزان ".
قلت: وقد سود السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورد فيه هذا الحديث الباطل من رواية البيهقي وحده في " الدلائل "، فتعقبه المناوي بالقلانسي وقول الذهبي فيه. وفاتته العلة الأخرى وهي ابن صرمة هذا. وأما في " التيسير " فقال: "
وفيه كذاب ".
1170 - " إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء: إذا كان المغنم دولا،
والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر
صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم،
وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات
والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليترقبوا عند ذلك ريحا حمراء أوخسفا
أومسخا ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف الإسناد
أخرجه الترمذي (2/33) والخطيب (3/158) ، من طريق الفرج بن فضالة الشامي عن
يحيى بن سعيد عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال:
" حديث غريب، والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه ".
قلت: وفي ترجمته من " الميزان ":
" وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن حديثه هذا؟ فقال: باطل، فقلت من فرج؟
قال: نعم، ومحمد هو ابن الحنفية ".
وفي " فيض القدير ":
" وقال العراقي والمنذري: ضعيف لضعف فرج بن فضالة. وقال الذهبي: منكر،
وقال ابن الجوزي: مقطوع واه لا يحل الاحتجاج به ".
قلت: وقد رواه الفرج بإسناد آخر بزيادات كثيرة فيه، وهو الآتي بعده:
1171 - " من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة، إذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة،
وأضاعوا الأمانة، وأكلوا الربا، واستحلوا الكذب، واستخفوا الدماء،
واستعلوا البناء، وباعوا الدين بالدنيا، وتقطعت الأرحام، ويكون الحكم
ضعفا، والكذب صدقا، والحرير لباسا، وظهر الجور، وكثر الطلاق وموت
الفجأة، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وصدق الكاذب، وكذب الصادق، وكثر
القذف، وكان المطر قيظا، والولد غيظا، وفاض اللئام فيضا، وغاض الكرام
غيضا، وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة
، والقراء فسقة، إذا لبسوا مسوك الضأن، قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من
الصبر، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة، وتظهر الصفراء
- يعني الدنانير - وتطلب البيضاء - يعني الدراهم - وتكثر الخطايا، وتغل
الأمراء، وحليت المصاحف، وصورت المساجد، وطولت المنائر، وخربت القلوب،
وشربت الخمور، وعطلت الحدود، وولدت الأمة ربتها، وترى الحفاة العراة،
وقد صاروا ملوكا، وشاركت المراة زوجها في التجارة، وتشبه الرجال بالنساء،
والنساء بالرجال، وحلف بالله من غير أن يستحلف، وشهد المرء من غير أن
يستشهد، وسلم للمعرفة، وتفقه لغير الدين، وطلبت الدنيا بعمل الآخرة،
واتخذ المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وكان زعيم القوم
أرذلهم، وعق الرجل أباه، وجفا أمه، وبر صديقه، وأطاع زوجته، وعلت
أصوات الفسقة في المساجد، واتخذت القينات والمعازف، وشربت الخمور في الطرق
، واتخذ الظلم فخرا، وبيع الحكم، وكثرت الشرط، واتخذ القرآن مزامير،
وجلود السباع صفافا، والمساجد طرقا، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليتقوا (
كذا) عند ذلك ريحا حمراء، وخسفا ومسخا وآيات ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/358) من طريق سويد بن سعيد عن فرج بن فضالة
عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن حذيفة بن اليمان مرفوعا. قال أبو
نعيم:
" غريب من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير، لم يروه عنه فيما أعلم إلا فرج بن
فضالة ".
قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ العراقي (3/297) ، وفيه علة أخرى وهي
الانقطاع، فقد قال أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن عبيد هذا (3/356) :
" أرسل عن أبي الدرداء وحذيفة وغيرهم ".
وللفرج فيه إسناد آخر بلفظ أخصر تقدم آنفا.
والحديث مما فات السيوطي والمناوي فلم يورداه في " جامعيهما ".
1172 - " من حدث عني حديثا هو لله رضى، فأنا قلته، وبه أرسلت ".
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع
رواه ابن عدي (41/1) عن البختري بن عبيد: حدثنا أبي: حدثنا أبي هريرة
مرفوعا. وقال:
" البختري روى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر عشرين
حديثا عامتها مناكير ".
ثم ذكر له ثلاثة منها، هذا أحدها.
قلت: وقال أبو نعيم الأصبهاني:
" روى عن أبي هريرة موضوعات ".
وكذا قال الحاكم والنقاش كما سبق في " سيكون أناس.. ".
ولا شك عندي أن هذا الحديث من موضوعاته، لأن فيه الإغراء على افتراء الأحاديث
على النبي صلى الله عليه وسلم أوعلى الأقل جواز روايتها ونسبتها إليه إذا كان
معناها مما يرضي الله عز وجل! ولعل البختري هذا كان من أولئك الذين يستحلون
الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله بزعمهم ويقولون: نحن
لا نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نكذب له! كما قال بعض
الكرامية! ومن هذا القبيل ما يأتي: