عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 17-10-2022, 06:49 PM   #13
معلومات العضو
أحمد بن علي صالح

افتراضي

879 - " ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا اغتسال جمعة ولا تقدمهن امرأة ولكن تقوم في وسطهن " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع .
رواه ابن عدي في " الكامل " ( 65 / 1 ) وابن عساكر ( 16 / 159 / 2 ) عن الحكم عن القاسم عن أسماء ( يعني بنت يزيد ) ، مرفوعا .
وقال ابن عدي بعد أن ساق أحاديث أخرى للحكم هذا وهو ابن عبد الله بن سعد الأيلي : " أحاديثه كلها موضوعة ، وما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد ، وما أمليت للحكم عن القاسم بن محمد والزهري وغيرهم كلها مما لا يتابعه الثقات عليه ، وضعفه بين على حديثه " . وقال أحمد : " أحاديثه كلها موضوعة " . وقال السعدي وأبو حاتم : " كذاب " . وقال النسائي والدارقطني وجماعة : " متروك الحديث " . كما في " الميزان " ثم ساق له أحاديث هذا منها .
والحديث رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 1 / 408 ) من طريق ابن عدي ، ثم قال عقبه : " هكذا رواه الحكم بن عبد الله الأيلي ، وهو ضعيف ، ورويناه في الأذان والإقامة عن أنس بن مالك موقوفا ومرفوعا ، ورفعه ضعيف ، وهو قول الحسن وابن المسيب وابن سيرين والنخعي " .
( تنبيه ) : أخطأ في هذا الحديث عالمان جليلان : أحدهما أبو الفرج ابن الجوزي فإنه قال في " التحقيق " ( 79 / 1 ) : " وقد حكى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس على النساء أذان ولا إقامة " .
وهذا لا نعرفه مرفوعا ، إنما رواه سعيد بن منصور عن الحسن وإبراهيم والشعبي وسليمان بن يسار ، وحكى عن عطاء أنه قال : يقمن " . قلت : فلم يعرفه ابن الجوزي مرفوعا ، وقد روي كذلك كما سبق .
والآخر الشيخ سليمان بن عبد الله حفيد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى فقال الشيخ سليمان في حاشيته على " المقنع " ( 1 / 96 ) : " رواه البخاري عن أسماء بنت يزيد " ! وهذا خطأ فاحش لا أدري منشأه ، وهو الذي حملني على تحقيق القول في هذا الحديث ونشره على الناس ، وخاصة إخواننا النجديين ، خشية أن يغتروا بهذا القول ثقة منهم بالشيخ رحمه الله تعالى ، والعصمة لله وحده .
ثم تبين أن البخاري محرف من " النجاد " فقد عزاه إليه بعض الحنابلة كما حدثني أحد أساتذة الجامعة الإسلامية في المدينة في ( 17 / 9 / 1381 ) . و" النجاد " هذا أحد محدثي فقهاء الحنابلة وحفاظهم ، واسمه أحمد بن سلمان بن الحسن أبو بكر الفقيه ، ولد سنة 253 ، وتوفي سنة 348 .
ثم إن الحديث أخرج الشطر الأول منه عبد الرزاق في " المصنف " ( 5022 ) والبيهقي من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال : فذكره موقوفا .
وهذا سند ضعيف مع وقفه ، فإن عبد الله بن عمر هذا هو العمري المكبر وهو ضعيف . وأما قول الشوكاني في " النيل " ( 2 / 27 ) : " إسناد صحيح " فليس بصحيح . ولعله توهم أن العمري هذا هو المصغر ، فإن ثقة وليس به ، فإن اسمه عبيد الله ، على أنه أوهم أن الحديث مرفوع عن ابن عمر ، وليس كذلك كما عرفت . وقد روي عن ابن عمر خلافه ، فقال أبو داود في " مسائله " ( 29 ) : " سمعت أحمد سئل عن المرأة تؤذن وتقيم ؟ قال : سئل ابن عمر عن المرأة تؤذن وتقيم ؟ قال : أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! أنا أنهى عن ذكر الله عز وجل ؟! استفهام " .
وهذا أولى من الذي قبله وإن كنت لم أقف على إسناده ، وغالب الظن أنه لو لم يكن ثابتا عند أحمد لما احتج به . ثم صدق ظني ، فقد وجدت الأثر المذكور أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 1 / 223 ) بسند جيد عن ابن عمر ، ويؤيده ، ما عند البيهقي عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم ، وتؤم النساء وتقوم وسطهن . ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة مختصرا . وليث هو ابن أبي سليم ، وهو ضعيف . ثم روى البيهقي عن عمرو بن أبي سلمة قال : سألت ابن ثوبان : هل على النساء إقامة ؟ فحدثني أن أباه حدثه قال : سألت مكحولا ؟ فقال : إذا أذن فأقمن فذلك أفضل ، وإن لم يزدن على الإقامة أجزأت عنهن ، قال ابن ثوبان : وإن لم يقمن فإن الزهري حدث عن عروة عن عائشة قالت : " كنا نصلي بغير إقامة " .
قلت : وابن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي وليس هو محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كما ذكر المعلق على " سنن البيهقي " ، وهو العامري المدني ، فإن هذا العامري متقدم على العنسي هذا من التابعين ، والعنسي من أتباع التابعين ، وهو حسن الحديث ، وبقية الرجال ثقات ، فالسند حسن ، وقد جمع البيهقي بين هذا وبين رواية ليث المقدمة بقوله : " وهذا إن صح مع الأول ، فلا يتنافيان ، لجواز أنها فعلت ذلك مرة ، وتركته أخرى لبيان الجواز ، والله أعلم .
ويذكر عن جابر بن عبد الله أنه قيل له : أتقيم المرأة ؟ قال : نعم " . والحق في هذه المسألة ما قاله أبو الطيب صديق خان في " الروضة الندية " ( 1 / 79 ) : " ثم الظاهر أن النساء كالرجال لأنهن شقائقهن ، والأمر لهم أمر لهن ، ولم يرد ما ينتهض للحجة في عدم الوجوب عليهن ، فإن الوارد في ذلك في أسانيده متروكون لا يحل الاحتجاج بهم ، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذاك ، وإلا فهن كالرجال " .



880 - " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وابن ماشطة بنت فرعون " .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة :
باطل بهذا اللفظ .
رواه الحاكم في " المستدرك " ( 2 / 295 ) : حدثنا أبو الطيب محمد بن محمد الشعيري : حدثنا السري بن خزيمة : حدثنا مسلم بن إبراهيم : حدثنا جرير بن حازم : حدثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا - وقال : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين " ! ووافقه الذهبي وهو عجب ، فإن السري بن خزيمة لم أجد له ترجمة ، وكذلك محمد بن محمد الشعيري لم أجده إلا أن يكون ، هو الذي أورده السمعاني في " الأنساب " : محمد بن جعفر الشعيري ، قال ( 335 / 2 ) :
" حدث عن عثمان بن صالح الخياط ، روى عنه علي بن هارون الحربي " . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل عندي ، وذلك لأمرين : الأول : أنه حصر المتكلمين في المهد في ثلاثة ، ثم عند التفصيل ذكرهم أربعة ! والثاني : أن الحديث رواه البخاري في " صحيحه - أحاديث الأنبياء " من الطريق التي عند الحاكم فقال : حدثنا مسلم بن إبراهيم بسنده عند الحاكم تماما إلا أنه خالفه في اللفظ فقال : " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج ( قلت فذكر قصته وفيها : ثم أتى الغلام فقال : من أبو ك يا غلام ؟ فقال : الراعي ، ثم قال : ) وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة ، فقالت : " اللهم اجعل ابني مثله ، فترك ثديها فأقبل على الراكب ، فقال : اللهم لا تجعلني مثله " . الحديث .
وأخرجه مسلم أيضا ( 8 / 4 - 5 ) من طريق يزيد بن هارون : أخبرنا جرير بن حازم به ورواه أحمد ( 2 / 307 - 308 ) من طريقين آخرين عن جرير به .
والظاهر أن أصل حديث الترجمة موقوف ، فقد أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 12 / 115 ) : حدثنا ابن وكيع : قال : حدثنا العلاء بن عبد الجبار عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " تكلم أربعة في المهد وهم صغار ... " .
قلت : فذكرهم كما في رواية الحاكم الباطلة ! ورجال هذا الموقوف موثقون ولكن فيه علتان :
الأولى : عطاء بن السائب ، فإنه كان قد اختلط ، وحماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط وبعده ، خلافا لمن يظن خلافه من المعاصرين ! الثانية : ابن وكيع هذا وهو سفيان ، قال الحافظ : " كان صدوقا إلا أنه ابتلي بوراقه ، فأدخل عليه ما ليس من حديثه ، فنصح فلم يقبل ، فسقط حديثه " .
قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقال ابن جرير : " حدثنا الحسن بن محمد قال : أخبرنا عفان قال : حدثنا حماد قال : أخبرني عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تكلم أربعة وهم صغار ، فذكر فيهم شاهد يوسف " . قلت : وأخرجه الحاكم ( 2 / 496 - 497 ) من طريق أخرى عن عفان به وقال : " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي مع أنه قال في عطاء في " الضعفاء " ( 187 / 2 ) : " مختلف فيه ، من سمع منه قديما فهو صحيح " . وقد علمت مما سبق أن حماد بن سلمة سمع منه في اختلاطه أيضا ، ولا يمكن تمييز ما سمعه في هذا الحال عن ما سمعه قبلها ، فلذا يتوقف عن تصحيح روايته عنه . ثم إن السيوطي قد أورد حديث أبي هريرة من طريق الحاكم في " الجامع الصغير " بلفظ : " لم يتكلم في المهد إلا عيسى ابن مريم ... " فحذف منه كما ترى لفظة " ثلاثة " لمعارضتها للتفصيل المذكور في الحديث عقبها كما سبق بيانه ، وهذا تصرف من السيوطي غير جيد عندي ، بل الواجب إبقاء الرواية كما هي ، مع التنبيه على ما فيها من التناقض ، فلربما دل هذا التناقض على ضعف أحد رواة الحديث كما فعلنا نحن حيث بينا أن الحديث في " البخاري " من الطريق التي أخرجها الحاكم بغير هذا اللفظ .
هذا ، ولم أجد في حديث صحيح ما ينافي هذا الحصر الوارد في حديث الصحيحين إلا ما قصة غلام الأخدود ففيها أنه قال لأمه : " يا أمه اصبري فإنك على الحق " رواه أحمد ( 6 / 17 - 18 ) من حديث صهيب مرفوعا بسند صحيح على شرط مسلم . وفيه عنده زيادة أن أمه كانت ترضعه ، والقصة عند مسلم أيضا ( 8 / 231 ) دون هذه الزيادة ، وقد عزاها الحافظ في " الفتح " ( 6 / 371 ) لمسلم ، وهو وهم إن لم تكن ثابتة في بعض نسخ مسلم.
وقد جمع بين هذا الحديث وحديث الصحيحين بأن حمل هذا على أنه لم يكن في المهد . والله أعلم . ومن تخاليط عطاء بن السائب أنه جعل قول هذا الغلام : " اصبري ... " من كلام ابن ماشطة بنت فرعون !
وسيأتي في لفظ : " لما أسري بي .... " . ثم إن ظاهر القرآن في قصة الشاهد أنه كان رجلا لا صبيا في المهد ، إذ لوكان طفلا لكان مجرد قوله إنها كاذبة كافيا وبرهانا قاطعا ، لأنه من المعجزات ، ولما احتيج أن يقول : " من أهلها " ، ولا أن يأتي بدليل حي على براءة يوسف عليه السلام وهو قوله : ( إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ، وإن كان قميصه قد من الدبر ) الآية ، وقد روى ابن جرير بإسناد رجاله ثقات عن ابن عباس أن الشاهد كان رجلا ذا لحية ، وهذا هو الأرجح ، والله أعلم .
( فائدة ) ما يذكر في بعض كتب التفسير وغيرها أنه تكلم في المهد أيضا ، إبراهيم ويحيى ومحمد صلى الله عليه وسلم أجمعين . فليس له أصل مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فاعلم ذلك .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة