أخي الفاضل : اعلم وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه:
أن استنكار العبد لهذه الوساوس، واستعظامه إياها ومحاربته لها هو صريح الإيمان.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن بعض الصحابة رضي الله عنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ، إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال ((وقد وجدتموه؟)) قالوا: نعم، قال ((ذلك صريح الإيمان))
فطالما انك تحارب هذه الوساوس فاعلم انك على خير ، واعلم أن شياطين الإنس والجن لم يزالوا ولن يزالوا يوردون الكثير من الشبه للتشكيك في الحق وإخراج المسلم من النور إلى الظلمات .
وما ذاك إلا لما سبق في علم الله وقدره السابق، من جعل هذه الدار دار ابتلاء وامتحان وصراع بين الحق والباطل، حتى يتبين طالب الهدى من غيره، وحتى يتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق ... فانتبه رعاك الله وكن على حذر من خطوات الشيطان .
وإليك مقال للدكتور عبد الكريم بكار يوضح : المهمات الشيطانية !
حين يحاول الشيطان إغراء الإنسان بالوقوع في معصية أو في شيء يخالف قناعاته، فإنه يصطدم بعقيدة ذلك الإنسان ووعيه الذاتي، كما يصطدم برؤاه حول ركائز الممانعة لديه، مما يجعل بالتالي نجاحه أمرًا صعبًا؛
ومن هنا فإن الشيطان يمارس نوعًا من الاستدراج في الوسوسة أو نوعًا من التحايل على الوعي من أجل تجاوز لاءاته وحساسياته، وكثيرًا ما يكون ذلك عبر تمرير الفكرة بالتقسيط.
وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الشيطان يأتي أحدكم، فيقول: من خلق السماء؟ فيقول: الله. فيقول من خلق الأرض؟ فيقول: الله. فيقول: من خلق الله؟. فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله ورسله، فإن ذلك يذهب عنه»( أخرجه أحمد وغيره.).
إن من الصعب على الشيطان أن يفاجئ المؤمن الراسخ الإيمان بسؤال من نوع: (من خلق الله؟) ولهذا فإنه يحاول أولاً زج من يوسوس له في سياق عام قائم على التساؤل وعدم اليقين.
وورد في بعض الآثار ما يدل على أن الناس أنفسهم يقدمون المساعدة للشيطان في القيام بمهامه من خلال استخدام بعض الألفاظ أو من خلال الإغراق في الأسى والأسف على بعض ما جرى، على نحو ما نجده في قوله صلى الله عليه وسلم: «… احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل فإن (لو) تفتح عمل الشيطان»( أخرجه مسلم.).
إن النبي صلى الله عليه وسلم يوجه المسلمين هنا إلى طيّ ملفات الماضي بعد أخذ العبرة منها، لأن تحديث النفس بالنتائج التي يمكن أن تترتب على بعض التصرفات سيعني الأسف على شيء لا يمكن استدراكه، كما سيعني إفساح المجال للشيطان كي يُضعف إيمان المسلم بنفاذ ما قدره الله وأراد ولهذا جاء إرشاد من وقع في خطأ، أو أصيب بمصيبة أن يقول: «قدر الله، وما شاء فعل».
إذًا حتى لا نفتح الباب أمام وساوس الشيطان فإن علينا أن نقف الموقف القائم على الجزم واليقين والتسليم، وإلا نكون كمن يفتح أبواب القلعة الحصينة من الداخل ليدخل منها العدو.