ربحت البيع أبا محمود ولم تخسره ...
وهذا التوفيق وهذا الثبات كله من الله ... فاحمد الله عليه .
ولتزدك هذه المواقف ذلا وخضوعا وانكسارا لله
لتدوم هذه النعمة
واحرص على قلبك من أن يجد الشيطان ثغرة فيلج فيه من باب العجب فيذهب عملك هباء منثورا .
***********************
وإلى كل غريب في زمن الغربة أهدي هذه القصة ...
قصة الصحابي الجليل :صهيب بن سنان - رضي الله عنه - الذي تخلَّى يوم هجرته عن كل ثروته وجميع ذهبه الذي ربحه من تجارته خلال سنوات كثيرة قضاها في مكة..
نعم تخلى عن كل هذه الثروة - وهي كل ما يملك - في لحظة.. لم يشُبْه خلالها تردد ولا نكوص .
فبعد هجرة الرسول- صلى الله عليه وسلم - عُوِّق صهيب - رضي الله عنه - عن الهجرة بعض الوقت وبقي في مكة ... حتى استطاع أن يفلت من شانئيه، وامتطى ظهر ناقته، وانطلق بها في الصحراء وثبًا..
بيد أن قريشًا أرسلت في أثره قناصتها فأدركوه.. ولم يكد صهيب يراهم ويواجههم من قريب حتى صاح فيهم قائلاً : " يا معشر قريش.. لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً..
وأيمُ الله لا تصِلون إليَّ حتى أرميَ بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم.. وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني "
ولقد قبلوا أن يأخذوا ماله، قائلين له : أتيتنا صعلوكًا فقيرًا، فكثُر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك..؟!
فدلهم على المكان الذي خبَّأ فيه ثروته، وتركوه وشأنَه، وقفلوا إلى مكة راجعين .
والعجب أنهم صدقوا قوله في غير شك، وفي غير حذر، فلم يسألوه بيِّنةً.. بل ولم يستحلفوه على صدقه..!! وهذا موقف يُضفي على صهيب - رضي الله عنه - كثيرًا من العظمة يستحقها كونه صادقًا وأمينًا !!
واستأنف صهيب هجرته وحيدًا سعيدًا، حتى أدرك الرسول- صلى الله عليه وسلم- في قباء ..
كان الرسول جالسًا وحوله بعض أصحابه؛ حين أهلَّ عليهم صهيب ، ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متهللاً :
( ربح البيع أبا يحيى..!! ربح البيع أبا يحيى..!! )
وآنئذٍ نزلت الآية الكريمة : ** وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ** [ البقرة:207] .
أجل ... لقد اشترى صهيب - رضي الله عنه - نفسه المؤمنة ابتغاء مرضات الله بكلِّ ثروته التي أنفق شبابه في جمعها، ولم يحس قط أنه المغبون..
فما المال، وما الذهب وما الدنيا كلها، إذا بقي له إيمانه، وإذا بقيت لضميره سيادته.. ولمصيره إرادته..؟؟
مَن منا لا يريد أن يكون مثل صهيب ؟
مَن منا لا يريد أن يقابله الرسول- صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة ويقول له : " ربحت البيع يا "......."
مَن أراد هذا فليقتدِ بأبي يحيى ...