الفؤاد ...
تحدثنا عن العقل .. والنفس.. والروح .. وكلنا يعرف الجسد ..
والان ناتي لمصطلح جديد .. ورد في القران الكريم
الفؤاد ...
ما علاقته بهذا كله ؟
ولم ابدا السلسلة بهذه المصطلحات ؟
اولا : ان معرفة الادوات اللتي تسيطر على الانسان وتوجهاته وميوله ومعتقداته وغرائزه .. يجعلنا نعرف انفسنا ..
ثانيا : نعرف العوامل المؤثرة في كل منها .. ونسعى لتعزيزها وتقويتها حتى نصل الى معرفة انفسنا ...
فاذا عرفنا انفسنا ... هان علينا تعزيز قدراتنا ... ومن ثم تطوير ذاتنا ...
المهم لنتقدم الان بشرح موجز عن بعض النقاط الاعجازية بالقران الكريم واللتي تجعلنا نعرف انفسنا من خلال خالقنا اللذي هو اعلم بنا ...
فلنتوكل على الله ونبدا لندخل الى المخ البشري معا ...
شوووووو .. شو بدنا بالمخ هسه مانت شرحتلنا العقل ووجعت راسنا ...
يا اخي ان النفس عجولة بطبعها فترفق بنفسك واعطني الوقت لاصل الى الهدف المنشود ..
المخ البشري هو مركز الاستقبال لكافة المعلومات من جهة ...
ومن جهة اخرى فبه المركز الضخم والكم الهائل من المعلومات اللتي نحن بصدد تغذيتها وتطوير ذواتنا من خلالها
طيب ماشي ... بس ما اتطول بخرافك ... بدنا نصل للب الموضوع ....
هيا بنا مع أسرار المخ البشري ( منبع الحضارات وجهاز التكليف )
هيا بنا نتتبع خريطة لمناطق المخ التكليفية العقلية العليا من خلال دراسة متأنية لآيات السمع والبصر والفؤاد في القرآن الكريم
تركيب المخ البشري في ضوء القرآن الكريم :
لننظر الى الايات القرانية اللتي تتحدث بعلم التشريح بادق فصوله :
( وجعلنا لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )
(ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون )
ماذا تلا حظون :( السمع يسبق البصر والفؤاد بعدهما ) & ( السمع مفرد والبصر جمع وكذلك الفؤاد جمع )
( وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون )
فلننظر للايات التالية :
( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها )
( ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها )
( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن )
ماذا تلاحظون : ( السمع يتقدم البصر في الآيات السابقة فإن العين تتقدم الأذن في هذه الآيات والقلب يتقدمهما )
وجد العلماء أن هناك مراكز للسمع داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المسموعات وعقلها
وهناك مراكز للبصر داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المبصرات وعقلها
وأداة مركز السمع هي الأذن التي تجلب إليها الأصوات
وأداة مركز البصر العين والتي تجلب إليها الصور
ومع أن العين تتقدم الأذن في رأس الإنسان فإن مركز السمع يتقدم مركز الإبصار في مخ الإنسان تشريحياً
فالترتيب المكاني للسمع والبصر في الآيات يأتي وفقاً للترتيب المكاني لمراكز السمع والبصر في مخ الإنسان
ولكن الإنسان بالإضافة إلى أنه سميعاً وبصيراً له المقدرة على إنتاج البيان البشري الراقي ولقد وجد علماء المخ أن هناك منطقة بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف تسمى منطقة فرنيكا فعندما يلتقي مركز السمع مع مركز البصر فإن المنطقة البينية تشكل مكان إنتاج البيان البشري
قال تعالى : ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون )
تشير إلى منطقة البيان في مخ الإنسان ف( بكم ) والتي تقع بين ( صم ) من الأمام و( عمي ) من الخلف تشير إلى منطقة البيان في المخ بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف
وإذا كان الصمم هو تعطيل السمع ، والعمى هو تعطيل البصر ، فيكون البكم هو تعطيل البيان
ولأن الموصوفين ب( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) هم الكفار الذين يتمتعون بسمع جيد وبصر حاد ولسان مبين ، فإن ( صم ) هنا تعني تعطيل عقل السماع و( عمى ) تعني تعطيل عقل البصر، فتكون ( بكم ) آفة عقلية خاصة بعقل البيان
قال تعالى : ( وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم )
إذن فكأن ( بكم ) تشير إلى منطقة البيان بين مركز السمع ومركز البصر في المخ ومعنى ( بكم ) واستخداماتها في القرآن يشير إلى وظيفة مركز البيان داخل المخ البشري
ونتوقت هنا لنرسم ونحدد المناطق التي أشارت إليها الآيات الخاصة بالسمع والبصر والبيان وبعدها نسأل هل المناطق العقلية العليا في مخ الإنسان تقتصر على السمع والبصر والبيان وما يتعلق بهم من ذاكرة
وقد وجد العلماء أن هناك مركز رئيسي للبيان داخل المخ البشري يقع بين مركز السمع والبصر
والمخ به مناطق أخرى في قلبه لها علاقة بالعواطف والأحاسيس..
وبهذه المناطق يتحول مخ الإنسان من آلة حاسبة مقايسة لها ذاكرة إلى معنى زائد يتزاوج فيه العقل المقايس ذو الذاكرة مع العاطفة فهو يسمع ويفهم ما يسمع وينفعل به ويرى ويفهم ما يرى وينفعل به ومن خلال انفعاله يوجه السمع والبصر وهذا المعنى الزائد لا يوجد في الآلات المتقدمة ذات الذاكرة المدعمة بإمكانيات إدخال وإخراج عالية ، فمهما تعقدت هذه الآلات فهي جماد خالي من الانفعال والاستجابات الوجدانية
ناتي الان لتحديد مكان ووظيفة مناطق الأحاسيس والعواطف من خلال آيات الكتاب الحكيم :
لنتامل الايات التالية :
( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون )
( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) عواطف
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ، ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ماهم مقترفون ) غرائز
( نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ) أحاسيس
..... بينما القلب يأتي في معاني شاملة تشمل العقل والعاطفة : .....
( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها )
الفرق بين القلب والفؤاد :
( وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها )
وكذا في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة )
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله مثبت قلبك وهاد فؤادك )
الفؤاد :
الفؤاد يأتي في مكان ثابت بعد السمع والبصر في كل القرآن و يأتي مثل البصر على الجمع و يأتي في معاني تحول حول العواطف والغرائز والأحاسيس
وجد العلماء أن هناك مراكز للعواطف والغرائز تقع في قلب المخ
وهذه الظواهر تفك الجهة بين القلب والفؤاد وتجعل الفؤاد مرتبطاً بالسمع والبصر ارتباطاً عضوياً وله علاقة بالأحاسيس والعواطف والغرائز، فإذا كان السمع يشير إلى مركز السمع حيث إدراك وفهم المسموعات والبصر يشير إلى مركز البصر حيث إدراك المبصرات فالفؤاد المرتبط عضوياً بالسمع والبصر لا بد وأن يشير إلى منطقة الأحاسيس والعواطف ولكن هل يمكن تحديد مكان الفؤاد بأنه قلب المخ من خلال الآيات
لوجود الفؤاد في مكان ثابت بعد البصر وليس بعد مركز الإبصار من الخلف وهذا يحتم الاتجاه إلى عمق المخ إلى قلب المخ حيث اكتشف العلماء مناطق الأحاسيس والعواطف
القيمة البشرية العليا التي تجعل الإنسان أهلاً للتكليف
إنها القدرة على الاختيار بين البدائل بإرادة حرة
مقدمة الفص الجبهي في مخ الإنسان والذي اكتشف العلماء حديثاً أن له علاقة بالاختيار بين البدائل والعلاقات العقلية العليا
( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها )
( أرأيت الذي ينهى. عبداً إذا صلّى. أرأيت إن كان على الهدى. أو أمر بالتقوى. أرأيت إن كذب وتولى. ألم يعلم بأن الله يرى. كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة )
والناصية في اللغة والتفسير هي مقدّم الرأس عند منبت الشعر أو منطقة الجبهة
والآية الأولى تقرر أن الناصية هي مكان السيطرة العليا والقيادة للإنسان ، والآية التالية تبين أن الناصية هي منطقة الاختيار بين البدائل
مكان ووظيفة مراكز السمع والبصر والفؤاد والناصية :
1- العين تأتي قبل الإذن في الترتيب المكاني لها في الآية وهي كذلك في رأس الإنسان العين من الأمام والأذن تليها إلى الخلف
2- الترتيب المكاني للسمع والبصر في كل القرآن يطابق الترتيب المكاني لمراكز السمع والبصر داخل المخ البشري فالسمع يأتي قبل البصر في كلام الله ومراكز السمع أمام مراكز البصر داخل المخ البشري
3- الفؤاد يتخذ مكاناً ثابتاً بعد السمع والبصر في كل القرآن الكريم ( وجد العلماء أن هناك مراكز للعواطف والغرائز تقع في قلب المخ )
4- بكم تأتي دائماً وفي كل القرآن بين ( صم وعمي ) وجد العلماء أن هناك مركز رئيسي للبيان داخل المخ البشري يقع بين مركز السمع والبصر
ولكن السؤال الان ما علاقة الفؤاد بالميزان اللذي تحدثا عنه سابقا ؟
الجواب لا علاقة للفؤاد بالميزان فقول الله تعالى : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها )
يشير الى القلب البشري للتثبيت ، وان الفؤاد ليس سوى مركز للعاطفة والغرائز ... اي هو مخصص للنفس وهو مركز النفس البشرية
وبعد هذا الشرح المطول يبقى امامنا الالة الاخيرة من الات التحكم بالجسد البشري الا وهي القلب ....