إنجاز صيني يسلط الضوء مجددا على مستقبلها
الخلايا الجذعية آفاق النجاح والفشل
ذكرت وكالة الانباء الصينية “شينخوا” أن فريقا علميا صينيا تمكن من التوصل الى سبق علمي سيسهم في توفير مواد اساسية لإجراء عمليات استزراع الاعضاء والعلاج بالخلايا لمرضى الكبد في المستقبل. وقالت الوكالة الصينية ان الفريق العلمي بقيادة البروفيسور هوانغ شو من معهد بحوث علوم الوراثة والطب لجامعة شانغهاي تمكن من ابقاء الخلايا الجذعية البشرية حية في اكباد قطيع من حيوان الماعز الذى كان موضع التجربة.
ويعتبر هذا الانجاز تقدما مهما في مجال بحوث الخلايا الجذعية التى يمكن أن تطبق على الانسان.
وقد نشرت نتائج هذا البحث في العدد الأخير من مجلة “أكاديمية العلوم الامريكية”.
وذكرت الوكالة أن البروفيسور هوانغ شو وفريقه تمكنوا خلال التجربة من حقن خلايا جذعية مكونة للدم مأخوذة من دم الحبل السري البشري في بطن جنين ماعز يتراوح عمره بين 45 و55 يوما ونجحوا في ابقاء الخلايا الجذعية البشرية حية في جسم الماعز.
وبهذا الانجاز العلمي يكون قد توفر للعلماء المختصين حقيقة جديدة ناجحة لبحوث إبقاء الخلايا الجذعية حية في الاجسام البشرية.
كما يوفر ذلك النجاح أيضا اساسا نظريا واسلوبا فنيا جديدا لعلاج الكثير من الامراض مثل الامراض الخلقية والوراثية المستعصية لدى الانسان.
فشل المواجهة مع سرطان الثدي
وكانت دراسات قد أكدت أن زرع الخلايا الجذعية قد يساعد على نجاح العلاج الكيماوي لمرض سرطان الثدي، لكن بحثا سويسريا نشرت نتائجه في دورية “أنالز أوف أونكولوجي” قال إن عمليات زرع الخلايا الجذعية لمرضى سرطان الثدي لم تحقق النتائج المرجوة.
وأشار البحث إلى أن هذا النوع من العلاج يساعد بالفعل مرضى سرطان الدم حيث تكون استجابة المرض مختلفة.
وتستخدم الخلايا الجذعية في علاج السرطان حتى يتمكن الجسم من تحمل الجرعات المكثفة من العلاج الكيماوي والإشعاعي، غير أنه قد يضر بخلايا النخاع حيث تتكاثر سريعا كخلايا السرطان، وهو ما يحول دون قدرة الجسم على إنتاج خلايا الدم المطلوبة لحمل الأوكسجين والتصدي للإصابة بالأمراض ومنع حدوث نزيف.
وفي حال زراعة خلايا النخاع يقوم الأطباء بزرع نخاع يحتوي على خلايا جذعية صحية لتحل محل الخلايا المصابة.
وكان العلماء يأملون أن يساعد استخدام الخلايا الجذعية على علاج الأورام عن طريق إعطاء المريض جرعة أكبر من العلاج الكيماوي بدلا من الجرعات الصغيرة.
وقد قام فريق دولي بدراسة عمليات زراعة الخلايا الجذعية في أوروبا منذ عام 1991.
وخلص الباحثون إلى أن استخدام الخلايا الجذعية في علاج سرطان الثدي قد ارتفع كثيرا في بداية ومنتصف عقد التسعينات.
كما توصلوا إلى أن نحو 28 ألف عملية لزراعة الخلايا الجذعية قد أجريت في أوروبا خلال الفترة من 1991 وحتى عام 2002 لعلاج مرضى الأورام في أوروبا، وأن نحو نصف هذه العمليات قد استهدفت مرضى سرطان الثدي حيث بلغ مجموع هذه العمليات أكثر من 13500 عملية.
وقال الباحثون إن زرع الخلايا الجذعية لمرضى سرطان الثدي قد ارتفع من 94 عملية في عام 1991 إلى 2629 في عام 1997.
غير أنه هذه المعدلات انخفضت بحدة منذ عام 1997 حيث كشفت الدراسات أن زراعة الخلايا الجذعية لمرضى سرطان الثدي قد لا تفيدهم كثيرا. وفي عام 2002 أجريت 330 عملية لزراعة خلايا جذعية لمرضى سرطان الثدي.
وقال البروفيسور ألويس جراتول الذي قاد فريق البحث: “لا تزال معظم النتائج الأخيرة غامضة كما أن مدى استفادة مريض سرطان الثدي من زرع خلايا جذعية لا يزال يحتاج إلى مراجعة”.
وقال الدكتور راج تشوبرا المتخصص في العقاقير بجامعة كوليدج: “كان يعتقد أن زرع الخلايا الجذعية يساعد مرضى سرطان الثدي بشكل كبير خلال عقد التسعينات. وقد فتح ذلك بابا للأمل في إعطاء المريض جرعة كبيرة من العلاج الكيماوي بدلا من الدخول في مرحلة طويلة من العلاج الكيماوي”.
وأضاف: “ظهرت أنواع أخرى من العلاج كالعلاج بالعقاقير، ومن ثم يجب مقارنة هذه الأنواع بالخلايا الجذعية”.
غير أنه قال إن العلاج باستخدام الخلايا الجذعية يساعد مرضى سرطان الدم.
الخلايا الجذعية والسكري
وبالمقابل، يعتقد علماء أمريكيون أنه ربما يكون بمقدور الخلايا الجذعية للمخ علاج داء السكري.
ويقول العلماء من جامعة ستانفورد الأمريكية إنه على الرغم من عدم اكتمال العمل ووصوله لمرحلة الاختبار على المرضى من البشر، إلا أن النتائج التي تم إحرازها في التجارب على الحيوانات كانت مبشرة.
فقد تمكن العلماء من تطويع الخلايا غير الناضجة بالمخ لتتطور إلى خلايا بنكرياسية مُنتجة لمادة الإنسولين التي يفتقر إليها مرضى السكري.
وذكر الباحثون لإحدى المجلات الطبية الأمريكية أن تلك الخلايا يمكن استخدامها تدريجياً لعمليات استزراع تؤدي إلى شفاء المرضى من السكري.
وقد عكف العلماء على دراسة استخدام الخلايا الجذعية المأخوذة من الأجنة لعلاج السكري.
ويدرس الدكتور سونغ كيم وزملاؤه ما إذا كانت الخلايا الجذعية المكتملة المأخوذة من المخ ستعمل بفعالية وتتجنب جزءاً من تلك القضايا المثيرة للقلق.
ويقول الدكتور كيم: “عندما تنظر إلى الخلايا البنكرياسية، تدرك أنها تُشبه الخلايا العصبية”، ووضح انه في بعض الحشرات، مثل ذبابة الفاكهة، فإن الخلايا المسؤولة عن إفراز الإنسولين وتنظيم السكر بالدم هي خلايا عصبية أيضاً.
وقد اكتشف فريق الدكتور كيم أنهم عندما أضافوا مجموعة منوعة من المواد الكيميائية إلى الخلايا الجذعية للمخ، أدى ذلك إلى تغيّر الخلايا، وعلى الرغم من أن الخلايا المُنتجة ليست مطابقة للخلايا البنكرياسية، إلا أنها كانت قادرة على إفراز إنسولين يتناسب مع معدّلات السكر في الدم.
ولكي يتمكن العلماء من معرفة قابلية تلك الخلايا للعمل، قاموا باستزراعها في تجويف بكلى الفئران التي تم العثور فيها على أنماط أخرى من الخلايا المنتجة للإنسولين.
وعندما ارتفعت معدلات السكر في دم تلك الفئران، قامت خلايا المخ الجذعية “المكتملة” مرة أخرى بإفراز مادة الإنسولين.
وبعد مرور أربعة أسابيع من تلك التجربة، ظلت الخلايا حيّة واستمرت في إفراز الإنسولين ولم تتحول أي منها إلى خلايا سرطانية.
ويقول الدكتور كيم إنه على الرغم من أن التجارب ما زالت في مراحلها الأولى، إلا أن ما تم التوصل إليه من نتائج حتى الآن يشير إلى أن الخلايا الجذعية يمكن استخدامها بدلاً من الخلايا البنكرياسية ما سيؤدي إلى تحرير مرضى النمط الأول من السكري من الاعتماد على جرعات الإنسولين اليومية.
وقد أجرى بعض المرضى بالفعل عمليات الاستزراع بنقل خلايا بنكرياسية منقولة من أقارب على قيد الحياة أو متبرعين متوفين.
غير أن تقنية زرع الخلايا الجذعية تعني أن المرضى يمكنهم أن يصبحوا المتبرعين لأنفسهم.
وتقول الدكتورة أنجيلا ويلسون، مديرة قسم البحوث بجمعية ديابيتيس يو كي: “هذه نتائج مثيرة للاهتمام وربما توفر مجالاً جديداً نضيفه لمجهوداتنا البحثية الرامية للتوصل لعلاج للسكري”.
ولكنها تضيف: “ما زال العمل في مراحل مبكرة وما زال ينتظر تحقيق النتائج نفسها لدى البشر”.
وتختتم الدكتورة أنجيلا حديثها بالقول: “بالتأكيد سنظل نتابع تطور هذا البحث باهتمام فائق”.
ترميم خلايا المخ التالفة
وفي الولايات المتحدة أيضاً يقول باحثون انه قد يكون بإمكانهم أن يجربوا أبحاث الخلايا الجذعية في معالجة مرضى السكتات الدماغية والأورام الدماغية اعتبارا من العام المقبل.
وتفيد الأبحاث الجديدة التي قاموا بها بان الخلايا الجذعية تنجذب بشكل طبيعي إلى الأجزاء المريضة من الدماغ - ويقول الباحثون انهم يريدون الاستفادة من هذه الناحية في العلاج.
وقد بين الفريق الباحث لاول مرة أن الخلايا الجذعية المأخوذة من مخ العظام في الأشخاص البالغين يمكن أن تتحول إلى أنواع مختلفة من الخلايا في الجملة العصبية المركزية.
وقد أجريت التجارب حتى الآن على الفئران، ويريد الباحثون تطبيق ما توصلوا إليه على الإنسان.
والخلايا الجذعية يمكن أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا المتخصصة في الجسم. ويعتقد علماء أن بإمكانهم أن يستعملوا هذه الخلايا في معالجة حالات مرضية كثيرة، لترميم الأنسجة التالفة في مختلف أعضاء الجسم.
ومن الصعب جدا معالجة الأورام التي تنتشر في كل أنحاء الدماغ بواسطة الجراحة والأشعة بالشكل التقليدي.
ويقدم العمل الذي أجراه الدكتور جون يو وزملاؤه في معهد الأبحاث العصبية في لوس انجيلوس حلولا محتملا لمواجهة هذه المشكلة.
وقد وجد الباحثون أن الخلايا الجذعية تنجذب إلى الأجزاء المصابة، ولكنهم لم يعرفوا السبب تماما.
ويقول الدكتور يو: “الأجزاء المصابة من الدماغ ربما تفرز مواد كيماوية تجذب الخلايا الجذعية اليها”.
وتفيد الأبحاث الحديث على الخلايا الجذعية بان هذه الخلايا اكثر براعة مما كان يعتقد في السابق.
ويقول كثير من العلماء إن معظم الخلايا الجذعية الممتازة يمكن الحصول عليها من الأجنة.
ويمكن لهذه الخلايا أن تتحول إلى أنماط كثيرة من الخلايا المختلفة، ولكنها في الوقت نفسه تمثل موضوعا أخلاقيا بالغ الحساسية.
ويأمل الأطباء أن يعالجوا بالخلايا الجذعية أمراضا مثل الزهايمر وباركسون.
وإذا استعمل الأطباء خلايا جنينية فان أجسام المرضى ربما ترفض هذه الخلايا.
أما إذا أخذت الخلايا الجذعية من المريض نفسه فانه لن يكون هناك خطر من إمكانية رفض هذه الخلايا.
وقال يو انه يأمل أن يبدأ المعالجة الطبية باستعمال الخلايا الجذعية على مرضى السكتات الدماغية في خلال سنة.
..وأمراض قصور القلب
وفي مجال آخر يوضح العلماء أن العلاج بالخلايا الجذعية قد يساعد المرضى الذين يعانون من قصور في القلب.
وقام العلماء من جامعة بيتسبيرج للطب بدراسة حالات 20 مريضاً بقصور في القلب، حيث وجدوا أن المرضى الذين تم حقن الأجزاء المصابة من قلوبهم بالخلايا الجذعية أصبحوا قادرين على ضخ كمية من الدم أكثر ممن أجريت لهم جراحة فقط.
وقال البروفيسور والباحث روبرت كورموز: إن هذه النتائج قد تؤدي إلى “ثورة” في علاج قصور وظائف القلب.
وكانت دراسات سابقة قد أظهرت قدرة الخلايا الجذعية المأخوذة من أشخاص بالغين على تحفيز عضلة القلب ونمو الأوعية الدموية.
وقد أجريت الدراسة على مرضى يعانون من قصور حاد في وظائف القلب، وهو ما يعني أن قلوبهم لم تكن قادرة على ضخ كميات كافية من الدم. وقام الباحثون خلال الدراسة بتحديد كمية الدم التي يضخها البطين الأيمن للقلب.
ويصل المعدل الطبيعي لضخ الدم في القلب الى55 في المائة.
وعندما بدأت التجربة كان معدل ضخ الدم عند جميع المرضى أقل من 35 في المائة، وأجريت جراحات لجميع المرضى.
وخلال الجراحة، تم إعطاء بعض المرضى نوعين من الخلايا الجذعية التي أخذت من عظم الفخذ.
وقام العلماء بحقن الخلايا الجذعية في أماكن قصور عضلة القلب.
وبعد ستة شهور، ارتفع معدل ضخ القلب للدم عند من تلقوا العلاج بالخلايا الج
المصدر : مجلة الصحة والطب .