عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 28-10-2012, 06:20 PM   #2
معلومات العضو
عبد الغني رضا

افتراضي

أيام وأحكام
أيام فاضلة

يوم عاشوراء:
هو اليوم العاشر من الشهر المحرم، ويُسَنُّ صيامه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ،"عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ يَبْتَغِي فَضْلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ لِيَوْمِ عَاشُورَاءَ أَوْ رَمَضَانَ قَالَ رَوْحٌ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ " [رواه أحمد] ولمخالفة اليهود واتباعًا للسنة صُم يومًا قبله وهو اليوم التاسع، أو يومًا بعده وهو اليوم الحادي عشر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ. صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا "[رواه أحمد].

العشر الأولى من شهر ذي الحجة:
والتي أقسم الله بها في القرآن بقوله: ** وَالْفَجْرِ ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ ** [الفجر: 1،2] ويُسَنُّ فيها الإكثار من الأعمال الصالحة؛ بل العمل الصالح فيها أحب إلى الله من غيرها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " [رواه أحمد]. فليكن لك حظ من الذكر والتهليل والتسبيح وسائر الصالحات، ويكفي أن فيها أعظم يوم طلعت عليه الشمس ألا وهو يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة ،ويُسَنُّ لغير الحاج صيامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ صِيَامَ عَرَفَةَ؟ قَالَ: أَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ صَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: أَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ" [رواه أحمد].
وللحاج الابتهال والتضرع والدعاء وخير ما قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير .

شهر رمضان:
هو أفضل شهور العام كلها لماله من المزايا والفضل، و يكفي أن فيه ليالي العشر المباركة. عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ " [رواه مسلم]. وفيها أعظم ليلة وهي ليلة القدر ، التي هي أعظم ليلة في العام كله تكون في العشر الأخيرة من رمضان أخفاها الله لحكمة أرادها وحتى يجتهد العباد في قيامها، هي ليلة واحدة خير من ألف شهر، قال تعالى:** إنا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ** [القدر: 1ـ5].

هذه أعيادنا
ليس للمسلمين عيد سوى عيدين: عيد الأضحى وعيد الفطر، فعيد الفطر هو اليوم الأول من شوال، وعيد الأضحى هو اليوم العاشر من ذي الحجة، ويحرم على المسلم صيامهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا صَوْمَ يَوْمَ عِيدٍ [رواه أحمد]. ويُسَن لك فيها الأكل والشرب والذكر وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ" [سنن النسائي].

صيام ست من شوال
وهي ستة أيام من شهر شوال، ويُسَنُّ فيها الصيام باتباع رمضان لمن أتمه ويجوز الصيام في أوله وفي أوسطه وفي آخره متتابعة أو متفرقة بعد القضاء لمن كان عليه قضاء من رمضان ويصبح صائمها بعد رمضان كأنما صام الدهر كله، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ " [رواه مسلم].

يوم الجمعة
هو يوم يتكرر كل أسبوع مرة فيه من الخصائص والفضائل الشيء الكثير، ومنها أن فيه ساعة إجابة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا" [رواه البخاري]، وهو خير يوم طلعت عليه الشمس وأشرق عليه النهار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ" [رواه مسلم].
وفضائل هذا اليوم كثيرة ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أكثر من مائة وثلاثٍ وثلاثين ميزة وفضلاً لهذا اليوم العظيم؛ فحري بالمسلم الإكثار من الأعمال الصالحة فيه.

الأيام البيض
هي أيام ثلاثة: اليوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، ويُسَنُّ صيامها نافلة وتطوعًا، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِصِيَامِ لَيَالِي الْبِيضِ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، وَقَالَ: هِيَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ" [رواه أحمد].

أيام التشريق
أيام منًى وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر والتي قال الله عنها: وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ  [البقرة: 203] أخرج الإمام مسلم في صحيحة من حديث كبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل " وفي بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في أيام منًى مناديًا ينادي لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ".

يومان تعرض فيهما الأعمال
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرَ مَا يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ قَالَ فَقِيلَ لَهُ قَالَ: فَقَالَ إِنَّ الأَعْمَالَ تُعْرَضُ كُلَّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ، أَوْ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ إِلا الْمُتَهَاجِرَيْنِ فَيَقُولُ أَخِّرْهُمَا" [رواه أحمد].

نفس في الشتاء ونفس في الصيف
يمر في كل عام فصل الشتاء وفصل الصيف، وفيهما آيتان عظيمتان شدة البرد و شدة الحر ، من تأملهما تذكر زمهرير جهنم وحرها يوم استأذنت النار ربها فأذن لها بنفسين: عن أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ" [رواه البخاري].

بدع وضلالات
إن الله يداول الأيام بين الناس ليعلم الذين آمنوا من غيرهم ممن ظلموا أنفسهم وعتوا عتوًّا كبيرًا وصدق الله يوم قال:** وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ** [آل عمران: 140]، وممن ظلموا أنفسهم الذين وقعوا وأوقعوا في البدع والمخالفات في أيام وشهور ومواسم هي من عند أنفسهم، فعَنْ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"الْفَجْرَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ لَهَا الْأَعْيُنُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ قُلْنَا أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ" [رواه أحمد]، ومن تلك البدع:

المولد النبوي:
ففي الليلة الثانية عشر من شهر ربيع الأول يجتمع المبتدعة في المساجد والبيوت بقصد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصلوات محدثة ويقرؤون مدائح للنبي صلى الله عليه وسلم تخرج إلى حدِّ الغلو بحجة عيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا العمل بدعي لا أصل له في الإسلام، والسبب لأنهم فعلوه من عند أنفسهم ولم يأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعله أحد صحابته ولا الخلفاء الراشدون ولا المسلمون في القرون الثلاثة المفضلة ولا التابعون لهم بإحسان ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، والصواب أن محبته وتعظيمه تكون في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهرًا وباطنًا، ونشر ما بعث به ومن أجله والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان.

يوم عاشوراء:
وقد جعله (الرافضة): يوم مأتم وحزن حيث إن الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ قتل فيه فخالفوا السنة في هذا اليوم وأحدثوا البدعة وفعل المحرمات من الندب والنياحة وضرب أجسامهم إظهارًا للجزع على قتل الحسين رضي الله عنه ويجعلون ذلك يتكرر في كل عام، ولا شك أن قتل الحسين مصيبة نزلت بالمسلمين ولكن المصائب لا تقابل بالجزع والبدع والنياحة واللطم فهذه من أمور الجاهلية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ.
وإنما تقابل المصائب بالصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله وقدره ولا يجعل لها ذكرى تتكرر كل عام وقد قتل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمنه عدد كثير من خيار الصحابة فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من الصحابة إلا الصبر والاحتساب.
و كذلك (النواصب) المتعصبون جعلوا يوم عاشوراء موسم فرح على الحسين وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الجهَّال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد ، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء ؛ كالاكتحال، والاختضاب ، وتوسيع النفقات على العيال ، ونحو ذلك مما يُفعل في الأعياد والمواسم ، فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسماً كمواسم الأعياد والأفراح .
وكلا الفريقين أحدث في الدين ماليس منه.

شهر صفر:
لقد كان يعتقد أهل الجاهلية في هذا الشهر أنه شهر شؤم يمتنعون فيه من مزاولة الأعمال المباحة التي كانوا يزاولونها في غيره فأبطل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ " [رواه البخاري]، وهذا تشاؤم وتطير وهو نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض تُعْدِي بطبعها من غير اعتقاد بتقدير الله لذلك، وقوله ولا هامة (الهامة : البومة) ومعناه نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية فيها بأنها إذا وقعت على بيت أحدهم يتشاءم، ويقول نعت إلي نفسي أو أحدًا من أهل داري فيعتقد أنه سيموت هو أو بعض أهله تشاؤمًا بهذا الطائر .
وكان أهل الجاهلية يتشاءمون بشهر صفر ويقولون: إنه شهر شؤم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وبيَّن أنه لا تأثير له إنما هو كسائر الأوقات والأيام، ومن الناس إلى اليوم من يتشاءم بصفر أو ببعض أيامه، كيوم الأربعاء أو يوم السبت فلا يتزوج في هذه الأيام ظنًّا منه أن المتزوج لا يوفَّق، وهذا اعتقاد وظن باطل.

شهر رجب:
وفيه إحياء ذكرى الإسراء والمعراج بالاحتفالات وأنواع العبادات فتخصص ليلة السابع والعشرين فيه بالذكر والعبادة والأدعية ظنَّا منهم أن هذه هي ليلة الإسراء وهذه بدعة لا أصل لها، والإسراء والمعراج حق لكن لم يقم دليل على تحديد ليله ولا على شهره وحتى لو حددت وعرفت فمن الذي أذن لهؤلاء القوم إحياءها ** آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ** [يونس: 59].
قال شيخ الإسلام ــــ رحمه الله ـــ: "وقد أحدث الناس في هذا الشهر عبادات لم يشرعها الله ولا رسوله من ذلك تعظيم أول خميس منه وليلة أول جمعة منه فإن تعظيم هذا اليوم وتلك الليلة من رجب إنما حدث في الإسلام بعد المائة الرابعة، والحديث المروي في ذلك كذب باتفاق العلماء ولا يجوز تعظيم هذا اليوم؛ لأنه مثل غيره من الأيام"
وقال الحافظ بن رجب: "فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به".
نعم شهر رجب من الأشهر الحرم، لكن لا ينبغي لأحد أن يشرِّع فيه ولا في غيره إلا ما شرِّعه الله والذي ثبت لنا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ:" اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ وَكَانَ يَقُولُ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ غَرَّاءُ وَيَوْمُهَا أَزْهَرُ".
قَالَ النَّبِيَّ : صلى الله عليه وسلم "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنْ السُّنَّةِ فَتَمَسُّكٌ بِسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ" [رواه أحمد].

شهر شعبان:
في كل عام من ليلة النصف من شعبان يرِّوج بعض الجهّال ومن يغتر بهم من العوام احتفالات بهذه الليلة ويخصونها بأنواع من الذكر والصلاة؛ لأنهم يزعمون أنها تقدّر فيها الآجال والأرزاق وما يجري في العام ويظنون أنها هي المعنية بقوله تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4] ويخصون اليوم الخامس عشر من شهر شعبان بالصيام ويستدلون بحديث روي في هذا، وهذا كله من البدع المحدثة؛ لأنه لم يثبت تخصيص ليلة النصف من شعبان بذكر ولا قيام ولا تخصيص ليومها بصيام، وما لم يثبت فيه دليل فهو بدعة في الدين ومخالف لعمل المسلمين المتمسكين بالسنة التاركين للبدعة قال بعض العلماء المحققين في هذه الليلة ومنهم أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع، وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قالما أدركنا أحدًا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان ولا يرون لها فضلاً على سواها).
وقال ابن رجب في كتابه لطائف المعارف: "وأنكر ذلك أي تخصيص ليلة النصف من شعبان أكثر علماء الحجاز منهم عطاء، وابن أبي مليكه، ونقله عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم وقالوا: ذلك كله بدعة وقال أيضًا: قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه"
وقال الحافظ العراقي: "حديث صلاة ليلة النصف من شعبان باطل" وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات.
وأما صيام يوم النصف من شعبان فلم يثبت بخصوصه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والحديث الوارد فيها ضعيف كما قال ابن رجب وغيره، والضعيف لا تقوم به الحجة، وأما زعمهم أنها الليلة التي تقدر فيها أعمال السنة (أي ليلة القدر) وأنها المعنية بقوله تعالى:** إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ، فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم ** [الدخان: 3-4]، فهو زعم باطل
قال ابن كثير ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة فإن نص القرآن أنها في رمضان ثم قال عن الحديث المروي في ليلة النصف من شعبان وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى" وقال هو حديث مرسل مثله لا يعارض النصوص؛ لذا على المسلم أن لايحدث في دين الله ماليس فيه وندعو الله كما دعا رسولنا صلى الله عليه وسلم :"اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ".

شهر شوال:
لقد كان أهل الجاهلية في هذا الشهر لا يتزوجون فيه وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاعتقاد فتزوج عائشة رضي الله عنها في شوال، وتزوج أم سلمة رضي الله عنها في شوال.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي" [رواه مسلم].
قال ابن كثير رحمه الله:"وفي دخوله صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها في شوال ردّ لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين وهذا ليس بشيء".
يتبع
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة