[فاديا]

هذا ليس عنوانا لفيلم الدون كيشوت ،
بل ذكرتني حكايته بشكل من الاضطرابات في علم النفس يُدعى ، تبدد الشخصية الانفصالي

وهو احد اضطرابات الانفصال بأشكالها العديدة ، ولكن نركز على هذا النوع الذي يجد المرضى فيه صعوبة في التعبير عما يشعرون به

يشعر المريض انه فجأة دون مقدمات، خطا خطوة في عالم غريب غريب عن الواقع
فكأنه خرج من نفسه وانفصل عن واقعه ومحيطه وتحول الى نسمة او غمامة ليس لها وزن ولا ثقل ولا حيز
يراقب نفسه والآخرين من الخارج كأنه يشاهد فيلم سينمائي
تختفي حاسة اللمس والاحتكاك ، فلا يشعر انه يخطو على الأرض ، أو انه يجلس على مقعد بل يتخيل انه يمشي في عالم فارغ من الماديات وانه يسبح في فراغ الارض ، وانه يهوي الى الفراغ
تمييز الالوان يختفي ، فيرى كل شيء بلون صحراوي ترابي باهت لا حياة فيه
تمييز الذوق ايضا يختفي فلا يشعر بطعم شيء ويشرب الماء فكأنما يلقي به في وادي
احاسيس الحياة ، الجوع والشبع والتعب والراحة تختفي جميعا ويحل محلها شيء واحد ، الهلع العنيف

كل شيء غريب ، غير حقيقي ، يرى جسده وجسد الآخرين بأحجام واشكال مشوهة
كل ما حوله صور خيالية ، وجد نفسه فجأة في احد العصور البائدة التي لا يعرف احد فيها ولا يستطيع التأقلم مع بيئتها

واكثر مرارة ، هو شعوره بتباطؤ الوقت ، وكأنما الزمن توقف هنا ولم يعد يتحرك
وشعور بأفكار سلبية جدا عن الذات

يحدث كل هذا في غضون ثوان معدودة ، قد تمتد فيشكل هذا ازعاجا اكبر وهلعا أكبر


يحدث هذا الاضطراب لأشخاص حساسين ، يتأثرون بالايحاء
لا بد انهم عانوا صدمة ما ، ضغوط ما ، تعرضوا للايذاء المباشر فترة طفولتهم
فاختار العقل الهروب الى مكان ما والاحتماء به عن واقع مؤلم ، واقع مزعج

كما لا بد ان تكون عند الفرد قابلية ذاتية لاضطراب الانفصال



الآن كيف نساعد من يعاني من حالات الانفصال عن الواقع؟
ينبغي تدريبهم على مواجهة ازمات المواقف
وتحريضهم على كتابة الشعر والنثر والابداع
تشجيعهم على اختيار كلام يعبرون فيه عما يشعرون به ويتحدثون عن مشاكلهم
محاولة تبديل القناعات السلبية عن النفس بقناعات ايجابية
قراءة القرآن والصلاة لما يخلفه ذلك من استقرار نفسي


وجدير بالذكر ان الاطباء يصفون دواءا علاجيا لمعالجة الاعراض المرافقة لهذا الاضطراب وهي نفس أدوية الاكتئاب
لعلاج الهلع والفزع والقلق