وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيك بارك الله شيخي الكريم ...
فائدة عن الشواظ والشهب :
في قوله عز من قائل {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً**
يقول الجن: وأنا طلبنا بلوغ السماء لاستماع كلام أهلها كعادتنا فوجدناها قد ملئت بحراس أقوياء وبالشهب المحرقة التي تقذف من يحاول الاقتراب منها.
وكنا قبل بعثة محمد نطرق السماء لنستمع إلي أخبارها ونلقي بها إلي الكهان، ولكن من يحاول منا الآن أي بعد البعثة استراق السمع يجد له شهابا ينتظره بالمرصاد ليحرقه.
قال نافع بن جبير: كانت الشياطين في الفترة (أي ما بين عيسي ومحمد) تسمع فلا ترمي، فلما بعث محمد رميت بالشهب.
واذا ما رجعنا إلي الآية الكريمة وجدنا فيها مانعين اثنين للجن من لمس السماء وهما الحرس القوي والشهب والواو بينهما للمغايرة.
وبالنسبة للحرس القوي فالسماء لها حراس كثيرون منهم شواظ النار والنحاس كما في قوله تعالي: 'يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان. فبأي آلاء ربكما تكذبان. يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران' (الرحمن: 33 35).
ولكن ما الارتباط بين شواظ النار والنحاس؟
يقول علماء الفيزياء النووية إن قذف النحاس ببروتونات سريعة في المختبرات ينتج ما يسمي البروتون المضاد (المادة المضادة)، وحيث إن البروتونات السريعة والنحاس (شواظ النار والنحاس) متوافران في الأشعة الكونية، فإن احتمال تولد البروتون المضاد في الفضاء الكوني قائم.
ومعني هذا ان كلا من الجن والإنس معرض للزوال الفوري والاختفاء بالتحول إلي أشعة جاما غير المرئية نتيجة التقاء المادة بالمادة المضادة!
وأما عن الشهب فهي أجسام صغيرة تتحرك بسرعة كبيرة في الفضاء وتحتك بالغلاف الجوي للأرض أحيانا محدثة قدرا كبيرا من الحرارة والضوء.
ويقول المولى جلت قدرته في أمر استراق الجن للسمع من الملأ الأعلي وعقابهم بالشهب:
'لا يسمعون إلي الملأ الأعلي ويقذفون من كل جانب. دحورا ولهم عذاب واصب. إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب' (الصافات: 8 10).
والمعني كما جاء في صفوة التفاسير: لا تقدر مردة الشياطين وعتاتهم أن يستمعوا إلي الملائكة الذين هم في العالم العلوي لأنهم يرجمون بالشهب من كل جهة يقصدون السماء منها طردا لهم عن السماع لأخبار السماء، ولهم في الآخرة عذاب موصول غير مقطوع.
وقد يخطف الواحد منهم خطفة سريعة مما يدور في الملأ الأعلي فيتبعه شهاب يلاحقه في هبوطه فيصيبه ويحرقه حرقا.
د. صبري الدمرداش