سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي:
هدي السلف الصالح في الأخلاق
فإذا اختلف المرء إلى هؤلاء، وأكثر من لقائهم وزيارتهم؛ تخلق بأخلاقهم، وقبس من سمتهم ونورهم ، ولذلك ينبغي للعاقل أن يحرص و يكثر الجلوس مع أهل الأخلاق الفاضلة و الحسنة حتى يكتسب من هديهم وسمتهم و أخلاقهم ، ولا يكثر الجلوس مع السفهاء الذين لا يقدرون الشخص حق قدره وأنت أيها العاقل إذا أكثرت الجلوس مع أهل الأخلاق الفاضلة سوف تكتسب منهم بعض الصفات الحسنة وإذا حالست السفهاء سوف تكتسب بعض صفاتهم الذميمة والله هذا شيئ مجرب وهذا حصل لي شخصيًا وقد سكنت مع أحد الإخوة أصلحه الله أربع سنوات وبعد ما ذهب قال لي أحد أصدقائي أفعالك مثل فلان وكانت حركاته فيها نوع من الهزل الخفة فحينها أنتبهت لنفسيي كثيرًا وتداركتها ولله الحمد ، وصدق من قال : (فكل قرينٍ بالمقارنِ يقتدي) والآن نترككم مع بعض هدي السلف ، يروى أن الأحنف بن قيس قال: (كنا نختلف إلى قيس بن عاصم نتعلم منه الحلم كما نتعلم الفقه وكان أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يرحلون إليه، فينظرون إلى سمته، وهديه، ودله، قال: فيتشبهون به ، قال الإمام مالك: قال ابن سيرين: (كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم ، قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: روى أبو الحسين بن المنادي بسنده إلى الحسين بن إسماعيل قال: سمعت أبي يقول: كنا نجتمع في مجلس الإمام أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب، وحسن السمت ، قال إبراهيم بن حبيب بن الشهيد لابنه: (يا بني، إيت الفقهاء والعلماء ، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إلي لك من كثير من الحديث ، وقال الأعمش: كانوا يأتون همام بن الحارث يتعلمون من هديه وسمته ، ودخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة فمر برجل نائم فعثر به ، فرفع رأسه وقال: أمجنونٌ أنت ؟ فقال عمر: لا فهم به الحرس فقال عمر: مه إنما سألني أمجنون ؟ فقلت: لا ، سألني فأجبته وروي عن القعنبي قال: كان ابن عون لا يغضب. فإذا أغضبه رجل قال: بارك الله فيك .
هذا ماستطعت جمعه وتسر إراده وإن شاء الله في المجلس القادم ندأ مع أول خلق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين