المجلس الأول نعم الله تستوجب شكره
الحمد لله الذي ايسر نعمه ما يستوجب شكر الشاكرين وقطرة من بحار كرمه تعم جميع العالمين تملأ القلوب فرحا بالموهبة اليسيرة من هباته وتحير القلوب دهشا بالآية اللطيفة من بدائع آياته قتل ملك الارض كلها ببعوضة دخلت انفه وأغرق الذي قال انا ربكم الأعلى بقطرة اوردته حتفه وهل اغرق فرعون من تيار ذلك الماء الا قطرة حالت بينه وبين شم الهواء يجوع الملك العظيم من ملوك الارض ساعة ثم يلقى كسرة فتملأ قلبه سرورا ويبتلي الاسد الضاري بذباب يسقط على عينه فيظل في قبضته اسيرا ويسلط الحية الصغيرة على الفيل العظيم فيخر منجدلا عقيرا
وما كان الله ليعجزه من شئ في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا اذا اكتنفتك عظام الأمور ولم تر منها عليها مجيرا وصيرك الهم في قبضة من النايبات اسيرا حسيرا هنالك فارج الكريم الذي يصير كل عسير يسيراعليا كبيرا عليما قديرالطيفا خبيرا سميعا بصيراهو المنشئ الخلق من قبضته فعبدا شكورا وعبدا كفورا وعبدا سعيدا وعبدا غنيا وعبدا شقيا وعبدا فقيرا له الفضل والعدل في حكمه فطورا حبورا وطورا ثبورا لولا الخالق لم يكن المخلوق شيئا مذكورا ولولا الرازق لم يملك المرزوق فتيلا ولا نقيرا كم من نعمة قد انعم الله بها علينا وكم من حسنة قد ساقها الله الينا عافانا في ادياننا من الكفر وفي ابداننا من الضر واخرجنا من اصلاب آبائنا مسلمين وأنشأنا بين اخوان مؤمنين وجعل لساننا الذي نتكلم به من افصح الألسنة لهجة وطريقنا الذي نسلك به اليه من اوضح الطرق محجة
فبأي شكر نقابل نعمة علينا وبأي جزاء نكافيء احسانه الينا سبحانه سبحانه ما قام احد من خلقه بحقيقة شكره ولا اثنى عليه مثن من عباده كما اثنى هو نفسه ولا قدره مخلوق حق قدره لان ذلك كله موقوف على المعرفة به وهي بحر ما بلغ احد الى قعره سبحانه سبحانه ما اسبغ انعمه واعدل احكامه لو اننا شكرنا كما في وسعنا لأوسعنا مزيدا ولو اتخذناه كما ينبغي له ربا لأصطفانا لنفسه عبيدا ولكنا لكشافه الحجاب وقفنا مع الأسباب كم مدع للتوحيد وهو مشرك بربه وكم قائل انا عبد الله وهو عبد بطنه يعصي ربه في اطاعة نفسه ويبيع رضوان الله برضا مخلوق مثله كم بين متبع للهوى هوى نفسه قد اتخذه الهه هواه وبين ممتثل امر ربه يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله اما يستحي المدعي لمحبة الخالق ان يكون محبا لمخلوق احسن منه في معاملة الحبيب ادبا وأصح منه في دعوى المحبة نسبا رؤى مجنون ليلى بعد موته في المنام فقيل له ما فعل الله بك فقال غفر لي وقال لي اذهب فقد جعلتك حجة على كل من ادعى محبتي اهلونا لوصلهم ثم صدوا ليروا صبرنا فما ان صبرنا ثم جاؤوا بالقرب بعد بعاد ليروا شكرنا فما ان شكرنا عذرونا في كل شئ سوى السلو عنهم فاننا ما عذرنا
لو عرفنا حبيبنا ما سلونا ولكن قدره ما قدرنا لو سعدنا بوصله ما شقينا لو غنينا بفضله ما افتقرنا لو روينا من حبه ما ظمئنا لو سلكنا في طريقه ما عثرنا هو نعم الحبيب لكننا بئيس المجبون لم نطع اذا امرنا شعره من حنان ما قربنا ليلة في مرضاته ما سمرنا لو ذكرنا ما كان منه ومنا لخزينا لكننا ما ذكرنا
الزهد في الدنيا وطلب الاخرة
ينبغي للعبد المؤمن بربه اذا نظر الى زهرة الدنيا فدعته الى نفسها برونقها البهيج ان يقول لها بلسان الحال اليك عني يا سريعة الزوال انما تصلحين للتشويق الى دار ليس لساكنها عنها انتقال انت خزف فان وتلك جوهر باق فلتفرق بين الدارين عقول الرجال خل عن منزل الزوال والفناء ويمم نحو الجناب العالي منزل الكرامة والانس والب ر ونيل المنى ونيل النوال تلك والله دار قوم شروها بنفيس النفوس والاموال حين زفت اليهم خطوبها ثم ساقوا لها المهور الغوالي قاتلوا دون خدرها في هواها بصفاح بيض شر غوالي ثم حاموا عنها وحاموا عليها بورود الاوجال والآجال
فامتطوا عزم معشر رغبوا في ان يحلوا ساميات المعالي سادة قادة حماة كماة محب مزل فحول ورجال لبسوا للردى دروع اصطبار ولقوه بعزمه الابطال خشيةأن يفوتهم ما رجوهمن جناب المهيمن المتعال لم يزالوا في السير حتى اناخوا بمحل الاكرام والاجلال مقعد الصدق في جناب مليك ذي اقتدار وعزة وجلال
صفات الفائزين
اين خطاب هذه العرائس اين طلاب هذه النفائس هم الذين مدحهم الله في محكم القرآن في اول سورة المؤمنين وآخر سورة الفرقان تلك واللهصفات الفائزين بالرضوان الخالدين في نعيم الجنان الحائزين زغائب البر ومواهب الإحسان اللهم بما انعمت عليهم فارزقنا ما رزقتهم في الدنيا من طاعتك وذكرك وفي الاخرة من نعيم جنتك ولذة النظر الى وجهك والحقنا بهم وادخلنا فيهم واجعلنا منهم ولا تجعل نصيبنا منك ما عجلته لنا من مواهب الدنيا بل ادخر لنا عندك ما ادخرته لأهل سلامة العقبى واجعل الاخرة خير لنا من الاولى واذا اقررت اهل الدنيا بالدنيا فأقر اعيننا بموجبات المغفرة والرحمة والرضا يا من عاد يمنع ركنه العائدون سبحانك ما اعظم شأنك يا من دعته الملبون سبحانك ما اعظم شأنك يا من مد اليهم اكفهم السائلون سبحانك ما اعظم شأنك يا من تقوم السماء والارض بأمره يا من ينقاد السهم الذلول بحكمه يا من يفرق المحسن والمثنى من عدله يا من
يفتقر الغني والفقير الى رزقك سبحانك ما اعظم شأنك يا من خضعت الاعناق لعزته يا من توجهت الوجوه الى قبلته يا من اعترفت الخليقة بربوبيته سبحانك ما اعظم شأنك يا من له ما في السماوات والارض كل له قانتون يا من دعا الى حج بيته على لسان خليله فلباه في الاصلاب الملبون يا من عكف على باب فضله العاكفون اليه بالدعاء والسؤال يجارون وبرحمته في الدنيا والاخرة يتعرضون ومن مخالفة امره يستغفرون وبأذيال عفوه يتمسكون سبحانك ما اعظم شأنك سبحانك ما اوضح برهانك سبحانك ما اقدم سلطانك سبحانك ما اوسع غفرانك سبحت لك السماوات واملاكها والنجوم وافلاكها والارض وسكانها والبحار وحيتانها والسادات وعبيدهاوالامطار ورعودها والملوك ومماليكها والجيوش ومعاركها والديار واطلالها والاسود واشبالها كل معترف فانك لفطرته خالق ولفاقته رازق وبناصيته آخذ وبعفوك من عقابك عائذ وبرضاك من سخطك لائذ الا الذين حقت عليهم كلمة العذاب فالقضاء فيهم نافذ يا مالكا هو بالنواصي آخذ وقضاؤه في كل شيء نافذ انا عائذ بك يا كريم ولم يخب عبد بعزك مستجير عائذ ارجوك يا سؤلي فتحيا مهجتي والخوف من عملي لكبدي فالذ ان لاذ غيري بالانام وظلمهم فأنا الذي بظليل ظلك لائذ فامنن علي بتوبة يمحا بها ذنب فظهري في القيامة قائذ