عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 18-04-2011, 07:47 AM   #1
معلومات العضو
أحمد سالم ,

افتراضي الفَرْقُ بين الأخْسَرينَ و الأسْفَلِينَ"للشيخ أبي عبد الله عبد المالك رمضاني

سورَةُ الأنبِيَاء




الفَرْقُ بين الأخْسَرينَ و الأسْفَلِينَ

قال الله تعالى : ﴿ وَ أَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ ( الأنبياء : 70 ) .
معلومٌ أنّ هذه الآية نزلت في قصّة إبراهيم صلّى الله عليه و سلّم مع قومه الكفّار الّذين أرادوا التّخلّص منه بإلقائه في النّار ، فأبطل الله كيدهم و أخبر أنّه جعلهم الأخسرين ، هكذا جاء في هذه السّورة ، و أمّا في سورة الصّافّات ( 98 ) فقد أخبر أنّه جعلهم الأسفلين ، فقال : ﴿ فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ ، فما وجهُ التّفريق بين اللّفظين ؟
و الجوابُ أنّ الكلامَ خرج حَسَب السّياق ، فقد أخبر الله في سورة الصّافات أنّ الكفّار بَنَوْا لإبراهيم صلّى الله عليه و سلّم بُنياناً عالياً و رفعوه فوقه ليرموا به من هنالك إلى النّار الّتي أجّجوها ، قال عزّ و جلّ : ﴿ قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ ( الصّافّات : 97 ) ، فلمّا عَلَوْا ذلك البناء و حطّوه منه إلى أسفل جعلهم الله الأسفلين ، فناسب أن يُوصَفوا بالسّفول ؛ لأنّهم حين أرادوا العُلوَّ قابلهم الله بضدّ مُرادهم ، و لا يكون إلاّ مراد الله القويّ المتين ، و أمّا في سورة الأنبياء فقد أخبر الله أنّ الكيد كان من الجانِبَيْن ، فإبراهيم صلّى الله عليه و سلّم توعّدهم بالكيد ، كما قال الله تعالى أنّه قال لهم : ﴿ وَ تَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ ( الأنبياء : 57 ) ، و هم توعّدوه أيضاً بالإحراق ، كما قال الله تعالى : ﴿ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَ ٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ( الأنبياء : 68 ) ، إذاً فالكيد متبادلٌ ، و المعركة بين فريقين ، و لا بُدّ أن يتمخّض بعد كلّ معركةٍ نتيجةٌ يكون فيها فائزٌ و خاسرٌ ، فلمّا ذكر الله الكيد من الجانبين ، وصف المنهزم بالخاسر فتأمَّلْ ، هذا مُحَصَّل جواب الإسكافيّ في ” درّة التّنزيل ” ( ص 209- 210 ) ، و استحسنه السّيوطيّ في ” مُعترَك الأقران في إعجاز القرآن ” فقال ( 3/83 ) : ” و قيل : رُوعيَ في الصّفة مقابلة قولهم : ﴿ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً ( الصّافّات : 97 ) ؛ لأنّه يُفهم منه إرادتهم علوّ أمرهم بفعلهم ذلك ، فقُوبلوا بالضّد فجُعلوا الأسفلين ، و هو حسنٌ ” .
منقول من كتاب ” من كل سورة فائدة ”

للشيخ أبي عبد الله عبد المالك بن أحمد بن
المبارك رمضاني الجزائري حفظه الله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة