ننتقل للمسألة الأخيرة وهى اللإستحاضة وأحكامها :
الاستحاضة معناها استمرار الدم على المرأة، يعنى المرأة مثلا ينزل عليها الدم لمدة خمس أيام ولا ينقطع بحال من الأحوال..هذا هو معنى الاستحاضة،وهذا الذي حدث فى عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابيات فضليات جليلات. كانت المرأة تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول إني أستحاض فلا أطهر، الدم ينزل بغزارة على المرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم..فمعنى الاستحاضة هو أن المرأة ترى الدم يستمر معها ولا ينقطع وممكن أيضا من تعريف الاستحاضة أن الدم ينزل من المرأة أيام كثيرة ولكن ينقطع بعد ذلك، مثلا هي عادتها خمسة أيام فيستمر الدم معها لغاية 17 يوما، فنقول هذه الأيام الزيادة استحاضة وحتى ولو رأت الطهر بعد اليوم السابع عشر لابد أن نحسب هذه الأيام من الاستحاضة.
إذن نقسم الاستحاضة إلى قسمين :
القسم الأول:
استحاضة مستمرة .. وهو الدم المستمر ولا ينقطع خمس أيام ..سبع أيام ...
القسم الثانى :
استحاضة منقطعة.. مثلاً أن تستمر معها فوق عادتها سبعة أيام أو عشرة أيام .. المهم أنها تعبر الـ15 يوم .. فالأيام التى تزيد عن 15 يوم نعتبرها استحاضة ..
الدليل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه:
أن عائشة رضى الله عنها وأرضاهاقالت : فاطمة بن أبى حبيش قالت للرسول صلى الله عليه وسلميا رسول الله .. أنى امرأة أستحاض ولا أطهر .. (فهذه استحاضة مستمرة)
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 212 خلاصة حكم المحدث: صحيح
(الثلاثة نساء اللاتي كن يستحضن ولا يطهرن كن بنات عم وهذا دليل لنا على أنه لابد للمرأة أن تنظر في مثيلاتها من أهلها).
أيضا في مسند أحمد حمنة بنت جحش فقالت يا رسول الله إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة، (يعني أنها أقل من الأولى لكنها أيضا مستمرة، والدم ينزل منها بغزارة، هذا معنى الإستحاضة، استمرار الدم على المرأة ويفوق عادتها.
أحوال النساء اللاتي استمر الدم معهن وحكمذلك : ؟هل هو حيض؟ هل هو استحاضة؟ هل هو طهر؟. ماذا نقول فيحكم المرأة الذى استمر معها الدم؟
نقول أننا قسمنا النساء إلى أصناف ثلاثة بالنسبة لدم الحيض .. امرأة معتادة .. وامرأة مميزة .. وامرأة مبتدئة .. ولكل منها حكم ..
الأولى المميزة:
التي تعرف كيف تميز بين دم الحيض وغيره .. تميز بين دم الحيض وبين دم الاستحاضة .. كأنها جاءها الدم خمسة أيام ثم استمر معها، هذه المرأة المميزة أول دفعة من الدم عرفت أن هذا الدم هو دم الحيض، بلونه ورائحته، وصفته المعروفة ثم بعد خمسة أيام يوم نقائها، يوم طهرها، استمر الدم معها فنظرت في آخر اليوم فوجدت الدم الذي نزل بعد خمسة أيام هو دم أحمر رقيق، وهي امرأة لبيبة تعرف كيف تفرق، فتقول الخمسة أيام الأولى الدم الأسود الثخين كان حيضا والدم الأحمر الرقيق يصبح استحاضة، فتعتبر نفسها طاهرة فتغتسل غسل الطهر –مع نزول الدم؟ نعم مع نزول الدم-وتغسل المحل وتتحفظ .. وتتوضأ للصلاة وتفعل ذلك كل صلاةحتى ينقطع عنها الدم.
* الدليل على ذلك : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبى حبيش بعد ما قالت له أنى استحاض فلا أطهر .. قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: دم الحيض أسود يعرف .. فإذاكان ذلك فأمسكيعن الصلاة.. فكأنه يقول لفاطمة أنتي امرأة مميزة فميزي،تعرفين بين الدم الأسود والدم الأحمر فإن كان الدم أسود فأمسكي عن الصلاة والصوم، وإن كان الآخر فتوضئيوصلى فإنما هو عرق .. إذن هو استحاضة وليس بحيض.
الثانية المعتادة:
تعرف عادتها وتحفظ عادتها تأتيها خمسة أيام أو سبعة أيام..من كل شهر ولسنوات طوالثم جاءت فى يوم أتعسها زوجها فلم يوف بحقها،أو أصابها بمصابأو جاءهاما يؤذيها في بدنها أو ما جاء يؤذيها معنوياً .. فاستمر الدم معها فماذا نقول؟؟.. فنقول لها إن كنت معتادة وتحفظي عادتك وعادت نساء أهلك كذلك فأنتي تنظري في أيام العادة سبعة أيام .. وكانت طبقة الدم واحدة يعني الدم واحد، كله أسود، نزل سبعة عشر يوما أسودا، نقول لها عادتك خمسة أيام فاحسبي خمسة أيام أو عادتك سبعة أيام احسبي سبعة أيام ثم اليوم الثامن بعد ذلك هو استحاضة.. وتأخذين حكم المستحاضة .. تتوضئين لكل صلاة وتصلين، ولا تقضى الصلاة فى السبع أيام الأولىوتتوضأ لكن تقضي الصوم.
* الدليل :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصنف النساء عندما قالوا أنهم لا يستطيعون أن يميزوا فيقول لها الرسول فأنتى صنف آخر من النساء ، قالت ام حبيبة : أنى استحاض حيضاً كثيراً .. واستحاض ولا أطهر أفلا أدع الصلاة ؟ قال لها : لا إنما هو عرض .. ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التى كنتي تحيضين فيها .. ثم اغتسلى وصلي ..
الصنف الثالث :
ولا تكون مميزة ولا معتادة وهى المبتدئة : ليس لها عادة تعرفها ولا تعرف أن تميز .. إذا قلنا لها دم الحيض أسود ودم الاستحاضة أحمر قالت الكل أسود في أسود، وقلنا لها طيب مادام أمك تعتاد سبعة أيام فأنت كذلك اعتدي سبعة أيام، قالت أنهم كلهم تأتيهم الدم مرة ثلاثا ومرة خمسا ومرة سبعا، -وهذا نكاية فيمن يفعلن هذا اللولب، ويرتكبن هذا من خلف أزواجهن، فلهن عند الله ما تستحق المرأة لذلك، لأن هذا لا يصح في حال من الأحوال- الإضطرابات في حيض المرأة كله بسبب حبوب تنظيم النسل، واللولب الذي تركبه المرأة. فتأتي المرأة لا تعرف لها عادة ولا تعرف كيف تميز، ماذا تفعل؟؟ امرأة ركبت اللولب وعصت الله ورسوله في ذلك، إلا أن تكون طبيبة مسلمة ثقة أن هذا ليس له أضرار، وأنها لو حملت ستؤدى فلها أن تفعل ذلك، فهذه المرأة التي ليس لها عادة تعرفها وليست من اللاتي يميزن دم الحيض عن دم الاستحاضة ماذا تفعل هذه المرأة المضطربة؟ نقول لها أرجعى إلى غالب عادة النساء وغالب عادة النساء ستة أو سبعة أيام .. فاعتبري الستة أيام حيض ثم تطهري واغتسلي غسل الطهر، ثم بعد ذلك توضئي لكل صلاة وصلي.
والدليل على ذلك في المرأة التي يستمر معها الدم من أول مرة أو بفعلها هي بما جنت يدها استمر معها الدم ولا تعرف كيف تميز واضطربت العادة : قول النبى صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش ..
( إنما هذا ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلى حتى إذا رأيت أنكِ طهرتِ واستنقيتِ فصلي أربعا وعشرين أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي )
الراوي: حمنة بنت جحش المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 287 خلاصة حكم المحدث: حسن
فتتحيض ستة أو سبعة –"أو" هنا هي ليست للتخيير بل للحيطة - ثم تغتسل غسل الطهر ثم تتوضأ لكل صلاة وتصلي..
ندخل على الصفرة والكدرة، ويعقبها أن ترى المرأة الدم يوما والطهر يوما، مثلا يوم السبت ينزل الدم ويوم الأحد ترى الطهر، يوم الاثنين ينزل الدم ويوم الثلاثاء ترى الجفاف، يوم الأربعاء ينزل الدم..
والله اعلم
انتهى
جزى الله فضيلة الشيخ محمد حسن عبد الغفار كل خير على هذا الجهد المبارك ونسأله تبارك وتعالى أن يرفع درجته وأن ينفعنا بعلمه ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.