عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 04-01-2011, 08:54 PM   #1
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي هل يدخل في الشرك مَن اتَّخذ الفسَّاق قدوةً يقتدِ بهم ؟


هل يدخل في الشرك مَن اتَّخذ الفسَّاق قدوةً يقتدِ بهم ؟


مَا هًى أنْواع
« الشِّرْك » ؟


سُئِلَ الشَّيْخُ العَلاَّمة صالح بن سعد السحيمي حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَىٰ : أحسنُ اللهُ إليكم ؛ يقول :

هل الشِّرْك الموجود قديماً وحديثًا ؛ مقتصر علىٰ طلب الغوْث مِنَ الأموات ؛ أم أنَّهُ أوسع مِنْ ذٰلك ،

فيدخل فِي شِرك مَنْ اِتَّخَذَ الفُسَّاق مِن الْلَّاعبين والْمُطربينَ قُدْوةً وأُسْوَةً يَقْتَدِ بِهم ؟

يعني : يُحبُّهُم حُبًّا قلبيًّا .

فأجابَ بقوله : نعم ؛ الشِّركُ بابهُ واسع لا شكّ ؛ وكلُّ عِبادة لغير الله شرك ؛ سواءً كان عِبادة ،

أو طاعة فِي الاسْتحلال ما حَرَّم الله ، كما قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ ( التَّوبة : 31 ) .

فإذا اِسْتحلَّ هٰذا الأمر بناءً علىٰ فتوىٰ مِنْ الفتاوىٰ الضَّالَّة ؛ لا شكَّ أنَّ هٰذا لون مِنْ ألوان الشَّرك .

لـٰكن ما أشار إليه السَّائل يُفَصَّلُ فيه ، وهٰذا يتعلَّق بـ « الولاء والبراء » ،

ولعلّنا نعيد الكلام فِي هٰذه المسألة مرةً أُخرىٰ إنْ شاء الله ، أو نُدَرِّس كتاب شيخنا الشَّيخ : صالح الفوزان فِي هٰذا الباب .

أقول : التَّعلُّق بهٰؤلاء الفَسَقَةِ والْمَلاحدة علىٰ ضربيْن :

هُناك تعلُّقٌ مَصْلحِيٌّ دُنْيويّ عاطفيّ ، أو بِعِبارةٍ أُخرىٰ ، يعني : يُمكن أنْ يُقال بأنَّه دُنْيويّ .

أكثر ما يُوصَفُ به بأنَّه دنيا ، أو مصلحيّ أو نحو ذٰلك .

مع إيمانه بالله عَزَّ وَجَلَّ ، واعْتقاده أنَّ الله وحدهُ هو الَّذي يُعبد ، ولا يُعبد سواه ،

وعدم وقوع شيئًا مِنْ ألوان الشِّرك منه ، لـٰكنَّهُ يحبُّ هٰؤلاء عاطفةً ، أو مصلحةً دُنيويَّة ،

فهٰذا لا شكَّ أنَّهُ فاسقٌ بهٰذا وعاصٍ ، وعملهُ هٰذا حكمه مُحرَّم ؛ لـٰكن لا يحكم عليه بــ « الكفر » !.

هٰذا لون .

وهو الَّذي يُسمَّىٰ عند أهل العلم : بالموالاة المحرَّمة ، الَّتي لا تصل إلىٰ درجة الكفر .

يعني : هو يُحبُّهُم دُنيويًّا ، لـٰكن لا يُحبُّهُم كحُبِّ الله ، ولا يصرف لهم شيئًا مِنْ أنواع العِبادة ،

ولا يدَّعي أنَّهم يقدرون علىٰ ما لا يقدر عليه إلاَّ الله ، فمثل هٰذا الحبّ ،

أو مثل هٰذه الموالاة ؛ موالاةٌ مُحرَّمة .

لـٰكن لا يقول أحد أنَّه موالاةٌ كُفريَّة تنقل عن المِلَّة .

أمَّا إذا والاهُم مُوالاةً دينيَّة ؛ واعْتقد أنَّهُم قُدْوة دينًا ؛ فهٰذا كُفرٌ يُخرج مِن المِلَّة الإسْلام !

أحبَّهُم بقلبه ديانةً ، يرىٰ أنَّهُم هُم الَّذين علىٰ الحقّ ؛ يرىٰ أنَّهُم هُم الْقُدْوة ديانةً ؛

انتبه إلىٰ كلمة ديانة !، لذٰلك العلماء قيَّدوا الموالاة الكفريَّة ؛ بالموالاة في الدِّين .

مثل القائلين « بوحدة الأديان » ؛ وأنَّهُ لا فرق بين دينٍ ودين ؛ فهٰذا لا شكَّ أنَّهُ كُفر .

لا بدَّ أنْ نُفرِّق ، لا نُطلق الأحكام جزافًا هٰكذا علىٰ الْمُسلمين فنخرجهم مِن حظيرة الإسلام ؛

كما يُطلقه بعض الَّذين لا يفهمون حقيقة الولاء والبراء .

ولا يدخل في الولاء كون فلان يحبُّ أخاهُ الكافر محبَّةً طبيعيَّة ، أو أباهُ ، أو أمَّهُ ،

أو زوجتهُ الكتابيَّة ، يُحبُّها محبَّةً طبيعيَّة ، هٰذا ليس مِن الولاء ، ولا علاقة له بالولاء ،

لا المحرَّم ولا الكفريّ .

بَلْ هٰذه مُحبَّةٌ جائزةٌ وطبيعيَّة ، لا يُؤاخذُ بها المرءُ .

بلْ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرَّحَ بذٰلك عند ما زار قبر أُمِّه .

فقالَ : « اِسْتأْذنتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ، ثُمَّ اِسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي » (1) .

فزارها فبكىٰ ؛ وأبكىٰ مَنْ حوله .

فإذن ينبغي أنْ نُفرِّق بين هٰذه الأحكام الجزافيَّة الَّتي يُطْلقُها بعض مَنْ يَنتسبون إلىٰ الدَّعوة ؛

وهُم لا يُدركون حقيقة الأمر ، ولا يرجعون فيه إلىٰ الْعلماء الرَّبانيِّين الَّذين يفهمون هٰذه الحقائق .

وإنْ شاء الله لعلّنا قريبًا قد نأتي بكتاب مُختصر في الولاء والبراء فندرِّسه إنْ شاء الله ،

بعد أنْ ننتهِي مِن كتاب الاِعتصام إنْ شاء الله .اهـ.

............................
(1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : زَارَ النَّبِيُّ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَىٰ وأَبْكَىٰ مَنْ حَوْلَهُ ؛ فقالَ :
« اِسْتأْذنتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ، وَاِسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ، فَزُورا القُبُور فَإِنَّها تُذَكِّرُ الْمَوْتَ » . رواه مسلم .
مشكاة المصابيح / برقم : 1763 / باب : " زيارة القبور " / ( 1 / 552 ) .


 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة