عدتِ بي إلى ذكريات قديمة بعض الشيء ...
أيام دراستي في المعهد وفي المستوى الثاني تحديداً بدأنا ندرس الصلوات وأنواعها ... وبدأ الشيخ حفظهُ الله يعدد بأننا سندرس صلاة كذا وكذا ... فقلت له : يا شيخ وصلاة الجنازة فرفع رأسه وقال مبتسماً لا إله إلا الله من بدايتها جنازة ، خلينا في الأول نصلي كويس وفي النهاية تبقى الجنازة ... فضحكت الأخوات ، ثم قالت لي إحداهن تريدين كفن ؟
فقلت لها : ماذا ؟
فقالت : كفن ... عندي كفن بكرة أجيبه لج ، بصراحة سكت ... لا أدري خوف أو صدمة من كلامها
أحضرت الكفن ورأيته وتحاورنا حوله ثم أخذته معي إلى المنزل ، فوالله لم أنم ليلتها خوفاً وفي اليوم التالي أعدته إليها ... ومضت الأيام وإذا بي أتمنى أن أصبح مغسلة للأموات ... هل ليزداد إيماني أكثر أم أريد أن أزيد قوتي وثباتي عند المحن ... كلها أمنيات قابلها البعض بالاستنكار
ومرت السنوات وإذا بإعلان عن محاضرات تعلمنا الغسل والتكفين ... ذهبت إليها والخوف يتملكني ، ولكن كنت أحدث نفسي كيف تخافين وأنتي تريدين أن تعملي هذا العمل !!!
في الحقيقة اكتشفت بأني أخاف ...
مرت إحدى كبيرات السن ولا تستطيع عبور المدرج كله حتى تجلس ، فقمت من مكاني وأجلستها بيني وبين والدتي ... فالتفتت إلي وشكرتني
بدأت المحاضرة وأثناء ذلك سألوا عن مغلسات الأموات فرفعن أيديهن وكن في المقدمة ، ولكن صدمتي عندما كانت المرأة التي بجواري إحداهن ... فوالله كاد قلبي أن يخرج من مكانه من الخوف ، فاستجمعت قواي بعدها وسألتها عن بدايتها وهل خافت وهل شعوري هذا عادي ؟ فابتسمت لي ... حتى ابتسامتها في وقتها أخافتني ... المهم قالت : بأن الخوف شعور طبيعي في أول الأمر ثم يتلاشى بعد عدة تجارب ، ولكن أهم ما أوصت به أن من تقوم بهذا العمل عليها أن تتحلى بالإيمان والأمانة والستر على الناس وأن لا تحدث عن الناس بأسمائهم ولا تكشف عوراتهم
اسأل الله تعالى أن يزيد إيماننا وقوتنا ... اللهم آمين