في حكم تعلم الرياضة وممارستها مع وجود منكرات
السؤال: ما حكم تعلم الرياضة الحديثة المستمدة من البلدان الأوروبية في المعاهد العليا للرياضة، علما أنّه تقترن بها جملة من المنكرات الميدانية خاصة المشاركات النسوية لها، وارتدائهن للألبسة الرياضية المكشوفة والضيقة مما يثير الغرائز والفتنة، فما حكم العمل في هذا الميدان وهل أواصل دراستي أم أنقطع عنها؟ وما هو البديل في رأيكم؟ أثابكم الله خيرا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.أمّا بعد:
فاعلم أنّ الأصل في جملة الرياضات المعينة على الدعوة والطاعة الحلّ والجواز، والتحريم إن اقترن بها فطارئ لوجود عارض من فساد، ماعدا بعض الرياضات الذي يقترن بها ضرر مؤكد، فإنّ تحريمها لذاتها كالملاكمة القائمة على الضرب في الوجه المنهي عنه بنص قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه"(۱).
ولا يخفى أنّ معظم هذه الرياضات ومختلف الدراسات التي حولها ظهرت في بلاد الغرب بصورة مؤسفة تسير باتجاه معاكس لتعاليم الشريعة ونظم الإسلام، إذ هي مشتملة على محرمات-كما تفضلت- من كشف العورات للذكور والإناث، ومن الكلام الفاحش البذيء أو من سبّ الدّين والقذف والشتم المخزي، كما أنّ مثل هذه الرياضات في الجملة تثير الفتن وتنمي الأحقاد والضغائن والتنافر والتصادم والتلاكم نتيجة التحزبات المنبثقة من طبيعة هذه الرياضات، وتصدّ المشاهد فضلا عن اللاعب عن ذكر الله ويكثر فيها القيل والقال، كما تضيع الصلاة أو أوقاتها فضلا عن المحرّمات، كلّ هذه المفاسد والنتائج السيّئة الناشئة عنها لا تهدف إلى تحقيق المبررات المبيحة للرياضة في الشريعة القائمة على أساس إيجاد القوة الجسدية والمحافظة عليها وتنميتها وتنشيطها والتدريب على إزالة الأمراض المزمنة وتحقيق المعاني السامية لتكون كلمة الله هي العليا، بل الذي يرى هو العكس فهي تخالف ما عليه المُثُل الإسلامية وما تدعو إليه من التآلف والتآخي وتزكية النفس والضمائر من الأحقاد والتنابز والتنافر والتدابر وغيرها ممّا تتنافى وتعاليم الشريعة.
وإذا تبيّن ذلك فالمضي فيه مع وجود هذه المنهيات تعاون على الإثم والعدوان بلا شك، "إذ التحريم يتبع الخبث والضرر"، كما في القواعد، ومجالات الحلال والبّرّ كثيرة، والواجب الانتقال إلى ما هو أنفع وخير ممّا يسدّ مسّده ويغنى عنه، إذ "في الحلال ما يغني عن الحرام".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الجزائر في: 16 ذي القعدة 1421ﻫ
الموافق ﻟ: 10 فيفري 2001 م
۱- أخرجه البخاري في العتق(2559)، ومسلم في البر والصلة(6817)، وأحمد(2575)، والحميدي في مسنده(1172)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الفتوى للشيخ الدكتور أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
http://www.ferkous.com/rep/Bq21.php