أختي الحبيبة "تائهة ترجو الهداية"، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً يا أختي هنيئاً لك هذا الإسم الجميل الذي اخترته "تائهة ترجو الهداية" وهذا لا يدل إلا على صدق مشاعرك وطيب نفسك...أختي كلنا ضال نرجو الهداية وكلنا عاصٍ نلتمس التوبة (إلا من رحم ربي أكيد)...وأنت مادمت واعية بحالك ونفسك تؤنبك من وضعك الذي يحزنك ... فهذه بشرى خير فاحمدي الله عليها...لأني أرى فيك بذرة طيبة تلتمس نوراً كي تنبت وتزهر...وقلبك انما هو كالزجاجة التي غطتها الأتربة تبحث عمن يمسح عنها الغبار لتعود صافيةً نقيةً تشع أملا وفرحاً...
أختي العزيزة لا تيأسي من رحمة الله، وإياك أن تتبعي وساوس الشيطان.. لأن هدف الشيطان أن يثني عباد الله عن طلب الخير وهو يفعل ذلك بكل الطرق...يوسوس لك ...يحزنك...يهدم ثقتك بنفسك...يكرهك في كل شيء في الحياة..في الأهل..في نفسك .. حتى تعتقدي أنه لا فائدة منك في هذه الحياة..ثم يذهب بك إلى الإنتحار !!! أي كلام هذا يا غالية ...سامحني في هذا القول ...أي سخافة !!! انها سخافة من سخافات الشيطان اللعين ...كيف لعبد حقير مثله أن يقنعك أن الله لن يغفر لك...أختي الغالية على قلبي والله...الإنتحار كبيرة من الكبار وهي سوء خاتمة لفاعله...إياك أن تخسري دنياك و آخرتك !!!
انظري إلى هذه الأحاديث :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ) .
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 ) .
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 113 )
أختي العزيزة أتعلمين أن الشيطان سيخطب في الناس يوم القيامة؟ أتعلمين ماذا سيقول ذلك اللعين ؟ إليك هذا من القران الكريم:
"وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" سورة ابراهيم 22
انظري إلى الأية 23 "وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ" ابرهيم 23
إياك أختي أن تسمعي إلى وساوسه وإياك أن تتبعيه...بل حقٌ عليك إتباع رب العالمين...لتفوزي بجنة الخلد مع عباده الصالحين ...
لا تخافي الشيطان ولا تعتبريه لأن كيده ضعيف
"إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" النساء 76
تأملي قول الله عز وجل " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ" الحجر:42
وهذه الأية " إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ" النحل:100
أختي الكريمة بعد ما بينت لك أن الشيطان وهو عصى رب العالمين وتوعد بني آدم ليغوينهم وليثنينهم عن طريق الحق...و ليبعدهم عن عبادة رب الأرباب ويشغلهم عن ذكره...أسوق لك قول الله عز وجل
"وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ--قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا--قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ"" طه 124-125-126
نقلت لك هذه الآيات العظيمات لتعلمي يا أخية، أن من أعرض عن ذكر الرحمن وغاص في هذه الدنيا الفانية، فإنه لن يجد طريق السعادة ولن تعرف الطمأنينة قلبه مادام هو لاه مشغول بتوافه الأمور ...
لا تجعلي عدم الخشوع في الصلاة سبباً كي لا تصلي...بل صلي وجاهدي نفسك، وكلما شردت عودي، ستكتب لك إن شاء الله أجر الجهاد وأجر الصلاة...وحاولي أن تعودي لسانك بذكر الله...حتى ابدئي بأمور بسيطة...كقليل من استغفار وتسبيح وتكبير وتهليل وحمد ... افتحي كتاب الله ... اقرئي حتى صفحة كل يوم ...لأن أحب الأعمال إلى الله ما دام حتى وإن كان قليلاً...حاولي تبتعدي عن المعاصي مثلاً سماع الموسيقى، مشاهدة الأفلام والمسلسلات ...لأن مثل هذه المحرمات تقسي القلب وتصرفه عن الذكر... اشغلي نفسك بشيء تحبينه كهواية مثلاً...اسمعي بعض الفلاشات الدعوية أو بعض المحاضرات القصيرة التي تحكي عن التوبة، عن الإيمان، عن رحمة الله، عن فضل الذكر، أو حتى عن قصص عن أشخاص ماتوا على حسن الخاتمة، اقرئي سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، أو سيرة أمهات المؤمنين أو الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ...
كل هذه أمور تلين قلبك إن شاء الله وتحثك على طلب المزيد بإذن رب العالمين.
يتبع بإذن الله