أولاً أختي الحبيبة "كلي أمل بالله" اني أحبك في الله ... لم لا وأنت أختي في الإسلام ، في هذا الدين العظيم، حزنك حزني وفرحك فرحي ويؤسفني حقاً أن أجدك هكذا حزينة ومهمومة ولا يسعني إلا أن ادعو لك دعوةً بظهر الغيب لعل الله يجيب دعائي ويفرج كربك وييسر أمرك ويسعدك...
ثانياً والله فرحت مما كتبته لأنني لمست فيك خيراً كثيراً، لماذا؟؟ لأني أحسست مدى حرصك على إتباع ما ثبت في الكتاب والسنة في الدعاء...وهذا قليل من يفقهه، إلا من رحم ربي، فكثير من الناس بجهل يتبعون أحاديث وأدعية ضعيفة وموضوعة... والله المستعان
ثالثاً اسمحي لي بنقل هذا الكلام الجميل الذي استفدت أنا أيضاً منه
الحياة لا تخلو من المحن والمصائب والدنيا معترك للامتحان والبلايا ، ليختبر الله عباده ويري ما في صدورهم من الصبر والتسليم ، فمخطيء من يظن أننا في نزهة نبحث فيها عن الاسترخاء ، ولا كل ما نريده يتحقق ولا كل ما نتمناه يكون ، ولابد من التضحية بالهوى لتستقيم النفس علي المطلوب ، الراحة فقط في طاعة الله ، فكن مع الله ولا تبالي .
من وصية لقمان لابنه : " واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور " .
نعم نحن بشر فينا الألم من البلاء والجزع إذا أصابنا الضر ، وإذا نظرنا برؤية المؤمن إلي البلاء نرى أن الله يبتلي من يحب ليرفع درجته ويمحو خطيئته حتي يخرج من الدنيا نقيا من الذنوب إلي رضوان الله ورحمته .
روي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي قال : " ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة " . وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : " ما يصيب المؤمن من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه " .
الأمر ليس في البلاء فكل الناس مبتلي ، وإنما الشأن في فهم البلاء والتعامل مع البلاء ببصيرة القلب ونور الإيمان ، فهناك من يسقط مع البلاء ولا يزداد إلا هما مع هم وغما مع غم ، وهناك من يخرج أقوي إيمانا وأرسخ يقينا وأحب إلي الله مما كان عليه ، ويبتلي المرء علي قدر دينه ، روي البخاري وأحمد والترمذي وابن ماجة عن سعد عن النبي قال : " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة " .
الصبر عبادة يحبها الله ، فالله مع الصابرين والله يحب الصابرين ، ولكن هل الصبر يأس من الحياة وهروب من البلايا وخضوع واستسلام لواقع مر ومصائب لا حل لها ؟ لا والله بل هناك صبر الواثق من الفرج بعد الشدة ، فهناك دورة زمنية للبلاء لابد أن ينتهي عندها كما تنتهي دورة الليل والنهار ، لكل محنة أمد وتنتهي وهذا ما وعدنا به نبينا عندما علم ابن عباس فقال له : " تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " .
والإمامة في الدين لا تنال إلا بالصبر واليقين ، يوسف لو زلت قدمه في الخطيئة لما نادوا عليه في السجن : يوسف أيها الصديق ، ثم أصبح علي خزائن مصر بين ليلة وضحاها ، وجاء تعقيب القرآن علي هذا فقال : "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " ، وهذا درس يتعلمه الشباب ألا يبيعوا نزوة ساعة شهوة ساعة بالدون الرخيص الفاني ، وأن يستعلوا بإيمانهم علي كل شهوة حرام .
هذه فوائد ومنافع عجيبة يخبر بها الفاروق عمر عن المنح التي جعلها الله في طي المحن ، قال : " ما ابتليت ببلية إلا كان للّه عليّ فيها أربع نعم : إذ لم تكن في ديني ، وإذ لم أحرم الرضا ، وإذ لم تكن أعظم منها ، وإذ رجوت الثواب عليها " .
كل مصائب الدنيا تهون إلا أن تكون المصيبة في الدين ، من ضاع ماله ضاعت تجارته ضاعت أسرته كل ذلك مأجور عليه إلا من ضاع دينه ، وكان من دعاء النبي : " اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا " رواه الترمذي عن ابن عمر .
من قال هذا الدعاء عوضه الله مما فاته وأبدله من مصيبته خيرا ورزقا وفرجا وسرورا ، أخرج مسلم عن أم سلمة قالت : " سمعت رسول الله يقول : " ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها . قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله ، فأخلف الله لي خيرا منه ، رسول الله " .
تأملي قول الشافعي رحمه الله تعالى
يريد المرء أن يعطى منـاه .........ويأبـى الله إلا مــا أرادا
قول المرء فائدتي ومالـي .........وتقوى الله أفضل ما استفادا
ولرب نازلةٍ يضيق لها الفتى ......ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ......فرجت وكنت أظنها لا تفرج
يتبع بإذن الله