صفعت ابنتي في المدرسة ظلما وعدوانا من طرف الأستاذة. فما رأيكم؟ وماذا تعملون لو صفع أحد أولادكم أو بناتكم صفعة أسالت الذم من وجهه. لأن الأستاذة تضع خاتما ذهبيا كبيرا في يدها..ومما أعطى مرد ودية لهذا الخاتم هو أن الصفعة لم تكن براحة اليد أو بطنها بل بظهرها حيث يتربع الخاتم الذهبي القوي والجميل.
لنغض الطرف عن الأسباب والمسببات، لأنها كانت أتفه من تافه، حيث ضبطت ابنتي تتحدث مع زميلتها ..يا له من خطإ فادح ويا لها من معصية.
فلو كانت ابنتي مشاغبة كبيرة، أو كسولة لا تنتبه، ربما سنراجع الموقف. لكن المشكلة أنها متفوقة بامتياز، وجميع أساتذتها يشهدون على أخلاقها وجدها واجتهادها.
ومهما كان السبب الذي أدى بالأستاذة إلى ممارسة الملاكمة في القسم. وقد اتضح فيما بعد أنها كانت في قمة الغضب من جراء ما تعيشه من مشاكل عائلية، وبالتالي كان لابد أن تنفس عن نفسها بضرب الخدود البريئة ولطم الوجوه الناعمة. أما الفتاة المظلومة فقد عالجنا الأمر معها بتحميلها مسؤولية الشغب والتشويش داخل القسم حتى تستوعب أن لكمة الأستاذة لم تكن من فراغ. غفر الله لنا.
لن أتوقف عند هذا الدافع أو سبب التنفيس. بقدر ما سأتوقف عند الضرب في حد ذاته وخصوصا في مؤسسة تربوية قبل أن تكون تعليمية، ومن أستاذة هي مربية قبل أن تكون معلمة.
قبل أن أتحدث عن الضرب كأسلوب تربوي تأديبي، طبعا عندما تتبع خطواته وتنفذ شروطه حتى يكون ضربا تأديبيا لا انتقاما، سأتوقف عند أكبر إجرام يقع في حق الطفل، أو الإنسان عموما، وهو الضرب في الوجه..إن الضرب في الوجه محرم شرعا لأن الوجه يمثل كرامة الإنسان، وهو أكبر إهانة له..ولذلك لن يرجى منه خير ولا تراجع عن خطإ ولا استواء سلوك. ومن هنا فإذا كان ضرب ابنك وفلذة كبدك يعد حراما وخطأ تربويا فادحا. فما بالنا بلطم وجوه تلاميذ أنت من سيعلمهم أخلاقيات تفيدهم في حياتهم منها الحفاظ على العزة والكرامة و احتواء الموقف، وضبط النفس، وغض الطرف عن الأخطاء الخفيفة لأن الوقوف عندها يأتي بنتائج عكسية..إلى غير ذلك من القيم والأخلاق.
وإذا قال قائل أن الضرب يمنح الأستاذ هبة في نفس التلاميذ..فنحن نقول: من قال أننا نريد تلاميذ يهابون أساتذتهم؟ فنحن نريد أن تكون العلاقة التي تجمع بين الأستاذ والتلميذ هي علاقة احترام وتقدير ومحبة وثقة لا خوف وهبة.
فطبيعة الإنسان كما طبيعة الطفل أنه يحترم ويقدر من يحب لا من يخاف. فجميع الذين لجأوا إلى الضرب سواء كانوا آباء أو معلمين اعترفوا بأن الضرب كأسلوب لم يزد الأطفال إلا عنادا وما زاد سلوكاتهم، غير السوية أو المشينة، إلا ترسيخا. وفي كثير من الأحيان ولد ردود فعل لدى الطفل، ففقد، من خلالها، حتى ما كان يتحلى به من فضائل وخصال.
فغالبا، عندما يلجأ الآباء أو الأساتذة والمعلمون إلى الضرب يكون بدافع الانتقام لا بدافع التأديب ومعالجة الخطأ وتهذيب السلوك. فالطفل عندما يصدر منه ما يغضبنا ويزعجنا. نضربه للتنفيس عن الغضب والحنق الذي يخنقنا و يجثم على قلوبنا وهو غضب وحنق خلفه سلوك الطفل الذي لم يرقنا.