بارك الله فيك اخي ابو نور الاسبيعي
قصة مؤثرة والله واسمح لي بهذه الاضافة
فإن من أفضل المعارف والعلوم التي ينبغي لكل مسلمٍ أن يعلمها علمًا جيدًّا وواضحًا، هو أن هذه الدنيا هي دار ابتلاء ودار امتحان، فقد خلق الله جل وعلا الخلق بحكمته ورحمته وعدله، وجعل فيهم سُنَّة لا تتحول أبدًا ولا تتبدل، وهي أنه لابد لهم من الابتلاء ولابد لهم من الاختبار؛ لأن هذه الدنيا باختصار: (هي دار امتحان ودار ابتلاء).
يقول تعالى مبينًا هذا المعنى، ومؤكدًا عليه: **أحَسِبَ الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنَّ الله الذين صدقوا وليعلمنَّ الكاذبين**، فأخبر تعالى عن حكمة الابتلاء، وعن سنة الابتلاء، وأنها ماضية في الناس جميعًا، وأن الحكمة من ذلك هي إظهار الصادق المؤمن من الكاذب الفاجر، ظهورًا للعيان، وظهورًا للمشاهدة؛ لأن الله يعلم كل شيء قبل وقوعه، وبعد وقوعه، تبارك وتعالى.
وأيضًا فإن الناس في هذه الدنيا بين أمرين: إما أن يصابوا بالشر، وإما أن يصابوا بالخير، وهم في كلتا الحالتين مُبْتلََيْنَ، فالشر فتنة واختبار، والخير فتنة واختبار أيضًا. كما قال تعالى: **ونبلوكم بالشر والخير فتة وإلينا ترجعون**. فمعنى الآية الكريمة: أن الله يبتلي العباد جميعًا بالشر والمصائب، وبالخير والنعم، وكل ذلك لأجل الامتحان والاختبار، ثم إلى الله مرجع الجميع، فيجازي الصابر على البلاء، والشاكر على النعم، ويجازي كذلك الذي لا يصبر ولا يتقي، والذي يجحد نعمة الله تعالى. ولذلك قال في آخر هذه الآية: **وإلينا ترجعون**.
فهذا العلم، هو من أعظم العلوم، ومن أنفع الفقه في دين الله تعالى، ولذلك كلما تَبَصَّر به العبد المسلم، كلما كان أشكر لنعم الله، وأصبر على البلاء الذي يصيبه، والله المستعان في كل ذلك.
وأما عن ثواب المبتلى، فإن من أعظم ثوابه إذا صبر، واحتسب صبره عند الله تعالى؛ أن الله يكون معه، يؤيده وينصره ويسدده ويهديه، كما قال تعالى: **يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين**، وقال تعالى: **والله يحب الصابرين**؛ فتأمل هذا الفضل العظيم، كيف أن الصبر سبب عظيم في حصول محبة الله ووده.
وأما عن ثواب الصابر على البلاء، فإن ثوابه أعظم من أن يذكر، وأكبر وأجل من أن يعد ويحصر؛ لأن ثوابه لا يمكن أن يعقل بالعدِّ والحساب، حتى قال جلَّ شأنه: **إنما يوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب**!!
وثبت في سنن الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة).
وخرج الترمذي أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما يصيب المسلم من نَصَبٍ (تعب) ولا وَصَبٍ (مرض) ولا همّ ولا حَزَنٍ ولا أذىً ولا غمٍّ، حتى الشوكةُ يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه)) متفق على صحته.
فتأمل كيف صار البلاء نعمةً، يُكفر بها الخطايا ويغفر بها الذنوب، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرًا يُصِبْ منه) خرجه البخاري في صحيحه.
فنسأل الله لكم جميعًا الصبر على كل بلاء، والعافية منم كل شر، وأن يكتب أجركم، وييسر أمركم.
وجزاك الله كل خير