عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 30-12-2009, 06:55 PM   #2
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

حب حتى آخر العمر:
(بعض الناس يفضلون الخريف، ينتظرون، يترقبون، يبهجهم الخريف أكثر من الربيع، يجدون في تساقط الأوراق جمالًا أكثر من تفتح الورود، ومن ثم فهم لا ينزعجون حين يتخطون الخمسين، لا يشعرون بالانطفاء، ولكن بالتوهج، ولا تقلقهم التجاعيد الزاحفة، ولا الشعيرات البيضاء المتناثرة ربما بكثافة، ويدركون أنه وإن كانت القوة الجسدية تتراجع رويدًا رويدًا فإن هناك قوى أخرى تتزايد، تلك القوى المعبرة عن معنى الإنسان، وأهمها قوة الروح، تلك الروح التي تمنح الجسد المتراجع قوة من نوع جديد تزيد من روعة الأحاسيس، التي تجعل الرجل والمرأة مهما بلغ عمرهما قادرين على ممارسة الحب بكل أشكاله مع شريك حياته.

ربما بكفاءة أفضل من أبناء العشرين، فلديهما رصيد من خبرة وألفة، كل منهما يستطيع أن يرى تعبيرات وجه الآخر في الظلام (كل منهما يستطيع أن ينصت بفهم إلى أنفاس الآخر، كل جزء من جسمه يستطيع أن يقيم حوارًا مع كل جزء من جسم شريك حياته، بل إن هناك جوارًا روحيًا عذبًا يدور بصفة مستمرة وهما صامتان ..) [متاعب الزواج، د/ عادل صادق، ص(200- 206)، بتصرف].

الأمر هنا يتوقف على إلى أي مدى تتوفر المودة والرحمة بين الزوجين؟

إلى أي درجة هما متقاربان؟ (هل يعيشان كالغرباء، بحيث يكون العطاء مساويًا للأخذ، وإذا حدث أي خلل في الميزان، يشعر الطرف الآخر في العلاقة بالغبن والظلم، أم هما قريبان إلى الدرجة التي يشعر كل منهما أنه أم أو أب للطرف الآخر يعطيه دون أن ينتظر المقابل، ويتفانى في إسعاده ورضائه) [حتى يبقى الحب، د/ محمد محمد بدري، ص(353)].

فالعلاقة الزوجية ليست فقط مشاعر الحب والعاطفة ولكنها أيضًا (الاستعداد للتضحية، أو التصرف لمصلحة الطرف الآخر على حساب المصلحة الشخصية، ولعله من المفيد هنا أن نميز بين مشاعر الحب, وبين أعمال الحب، فالمشاعر هامة وأساسية، وأما أعمال الحب من التضحية والبذل للآخر فمن شأنها أن تحفاظ على العلاقة الزوجية السعيدة والدافئة) [التفاهم في الحياة الزوجية، د/ مأمون مبيض، ص(226)].

إن العلاقة الزوجية هي علاقة ذات طبيعة خاصة، ليس كمثلها علاقة، إنها تحتوي على شيء من كل علاقة ففي مضمون علاقة الزوج بزوجته شيء من رعاية الأب لأبنائه، وحنان الأم على أطفالها، ومساندة الأخ لأخيه، زد على ذلك إحساس الزوجين بالمسئولية المشتركة عن البيت، ومن بعد ذلك بالأطفال، ثم من بعد ذلك تلك العشرة الطويلة التي تخلق الألفة وتذهب عن الإنسان أحاسيس الوحشة والاغتراب، وتُبقي الحب بين الزوجين ليس فقط حتى خريف العمر، بل حتى آخر العمر.

تصرَّف وفق رسالتك:
إن الزواج بلاشك أحد أهم العلاقات الإنسانية التي تسعد الإنسان وتشعره بالراحة والاستقرار والسكن والمودة كما قال تعالى: **وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ** [الروم: 21].

ومن الطبيعي أن يهتم كل إنسان بزوجه اهتمامًا خاصًا، كما هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله) [صححه الألباني].

(ولكن إذا وضع الإنسان زوجه في مركز اهتمامه الوحيد في الحياة، فإن ذلك لابد أن يقوده إلى التبعية وعدم الاستقلال بحيث يعتمد عاطفيًا على شريك حياته، فيستمد إحساسه بالسعادة، وثقته بنفسه من زوجه، فيصبح نهبًا للتقلبات العاطفية أو المزاجية للنصف الآخر، وإذا ماحدث انفصال لا قدر الله إلا الخير، لسبب أو لآخر، فإن حياة الإنسان تتحطم، ويفتقد الإحساس بقيمته في الحياة،

وبالطبع ما ينطبق على الزوج فإنه ينطبق على الزوجة، وما نرفضه هنا هو التبعية العمياء وعدم الاستقلال وضعف الشخصية، تلك الأمور التي تغري الطرف الآخر بالطغيان وسوء الاستغلال، وعندها تصبح العلاقة بين الزوجين غير متوازنة على الإطلاق.

وللمحب أن يتقى الإفراط في المحبة، أما حد الاعتدال الذي وضعه الشرع الحنيف فهو الذي يلزم كل طرف بواجبات، ويجعل له حقوقًا بإزائها، بما يحفظ لكل من الزوجين شخصيته السوية، فالمطلوب إذًا أن يؤدي كل طرف واجباته، ويأخذ حقوقه، ويهتم بالطرف الآخر كما أمرته الشريعة.

فالزواج مهما بلغت أهميته فإنه وسيلة لتحقيق العفة والسعادة والاستقرار، ولكنه ليس بغاية يحيا من أجلها الإنسان.
كذلك الحال بالنسبة للأسرة:

(أن يضع الإنسان أسرته فقط في مركز اهتمامه الرئيس بحيث يعيش لهم فقط، فإن ذلك لن يكون في مصلحته ومصلحتهم على المدى الطويل، فإن الحب المفرط للأولاد وإلى حد الشغف الشديد بهم قد يعمينا عن أن نحسن تربيتهم، ويجعلنا نفرط في تدليلهم وتنفيذ رغباتهم، وإعطائهم كل ما يريدون من مال حتى يشبوا مرفهين مدللين لا يقدر أحدهم على مواجهة مصاعب الحياة، ولا يستطيع الاعتماد على نفسه، وتحمل المسئولية بمفرده.
كما أن أولادك حتمًا سيكبرون ويتزوجون، وينفضُّون من حولك، وساعتها إذا كنت قد جعلت أسرتك هي مركز اهتمامك الوحيد، فإنك ستشعر بفقدان قيمتك الذاتية وأن دورك في الحياة قد انتهى، وعلى ذلك فلا تصلح الأسرة أن تشكل مركز اهتمامنا الوحيد والرئيس) [العادات السبع لأكثر الناس فعالية، ستيفن كوفي، ص(77-78)، بتصرف واختصار].

ماذا بعد الكلام؟
1. اجعل لك أهدافًا ثابتة في الحياة وليست متغيرة، مثل إرضاء الله تعالى، فهذا هدف ثابت.
2. تكيف مع مراحل حياتك الزوجية، حتى بعد زواج الأبناء.
3. اشغل وقتك في كل مفيد، مثل الأعمال الخيرية والتطوعية عند كبر السن.
4. ساهم في تربية أحفادك ولكن بعد التعلم في مضمار تربية الأبناء؛ لأن الأجداد يؤثرون سلبًا أو إيجابًا في تربية الأحفاد.

أم عبد الرحمن محمد يوسف
المراجع:
• مجلة الفرحة العدد 65.
• متاعب الزواج د/ عادل صادق.
• حتى يبقى الحب د/ محمد محمد بدري.
• التفاهم في الحياة الزوجية د/ مأمون مبيض.
• العادات السبع لأكثر الناس فعالية ستيفن كوفي.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة