عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 25-04-2009, 04:11 PM   #18
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

إلى ماذا ينظر في المخطوبة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اختلف العلماء اختلافًا كبيرًا فيما ينظر من المرأة، قال بعض العلماء وهم الشافعية: وَلَا يَنْظُر إِلَى غَيْر وَجْههَا وَكَفَّيْهَا؛ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْتَهِد وَيَنْظُر إِلَى مَا يُرِيد مِنْهَا إِلَّا الْعَوْرَة، وَقَالَ اِبْن حَزْم، يَنْظُر إِلَى مَا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ مِنْهَا، وَعَنْ أَحْمَد ثَلَاث رِوَايَات: الْأُولَى كَالْجُمْهُورِ، وَالثَّانِيَة يَنْظُر إِلَى مَا يَظْهَر غَالِبًا، وَالثَّالِثَة يَنْظُر إِلَيْهَا مُتَجَرِّدَة وَقَالَ الْجُمْهُور أَيْضًا: يَجُوز أَنْ يَنْظُر إِلَيْهَا إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنهَا، وَعَنْ مَالِك رِوَايَة يُشْتَرَط إِذْنهَا؛ وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ قَوْم أَنَّهُ لَا يَجُوز النَّظَر إِلَى الْمَخْطُوبَة قَبْل الْعَقْد بِحَالٍ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أَجْنَبِيَّة، وَرَّد عَلَيْهِمْ بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَة"([1]) اهـ

والسبب في اختلاف أهل العلم: أنَّه ورد الأمر بالنظر إليهن مطلقًا، وورد بالمنع مطلقًا، وورد مقيدًا: أعني بالوجه والكفين على ما قاله كثير من العلماء، في قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها** أنَّه الوجه والكفَّان، وقياسًا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر، ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء"([2]) .

ولكن بالرجوع إلى النصوص النبوية فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-:
((إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)).
قال جابر -رضي الله عنه-: ((فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها))([3]).

فقد أطلق النبي الرخصة بالنظر بكل ما يدعو إلى النكاح؛ وفي تخبأ الصحابة دليل على أنَّهم يرون أكثر من الوجه والكفين، فهذا فهم الصحابة لهذا الإطلاق، وجريان عملهم عليه، ولم يُعرف لهم مخالف فيه، فيسعنا ما وسعهم، ويكون حدُّنا ما ورد عنهم، فلا إفراط في حدِّ النظر ولا تفريط، فنتمسك بظاهر الحديث وتطبيق الصحابة له، فينظر الخاطب إلى ما يظهر غالباً، كالوجه والكفين وشعر الرأس والرقبة والساقين ونحوهما([4]).

القول الأخير للإمام الألباني في المسألة

ولكن إن نظر إليها بعلمها فإن الإمام الألباني -رحمه الله- يرى أن لا تكشف له زيادة عن الوجه والكفين، فلم يرد في ذلك عنده حديث؛ أما إن نظر إليها بغير علمها فإنه يجوز أن يرى منها ما جرت العادة بإظهاره كما فعل الصحابة، قال -رحمه الله-: " لا يجوز التعمد أن تظهر أمامه هكذا بأكثر من وجهها وكفيها، وإنَّما يكون ذلك عنها بغير علمها؛ والأحاديث الصحيحة تفيد رؤية ما جرت العادة بإظهاره ولكن ليس في عقر دارها، بل بالتخبأ لها، أما أن يتفق الخطيب مع خطيبته أن يرى منها في عقر دارها ما لا يجوز رؤية الأجنبي منها، ولو بحضور أهلها، فهذا مما لا نعلم([5]) دليلاً عليه إلا قصَّة عمر بن الخطاب وقد تبيَّن لنا ضعفها فقد رجعنا عنها"([6])،

وقال أيضًا: " هو هذا المقصود فعلاً أن لا يكون هناك اتفاق سابق، على الرؤية، وهذه الرؤية التي تكون دون شعور من المرأة المرئية هو الذي يُجيز للناظر أن ينظر إليها إلى أكثر مما يجوز لها أن تبدي من بدنها، وليس هو إلا الوجه والكفين، كما وقع من ذاك الصحابي محمد بن مسلمة، المقصود أنه رؤي وهو يتابع امرأة في إجَّار لها، قالوا له أنت صحابي رسول الله وتفعل هذا! قال عليه السلام: ((إذا وقع في قلب أحدكم خطبة امرأة فلينظر إليها))، فقد يرى منها والحالة هذه، شيء من ذراعها شيء من ساقها إلى آخره .

لكن هذا لا يجوز فيما إذا اتفق الخاطب مع ولي البنت أن ينظر إليها إلاَّ إلى ما يجوز لها أن تظهر به أمام الناس عادة ألا وهو الوجه والكفين على الخلاف المعروف بين العلماء قديمًا وحديثًا في كون الوجه والكفين من العورة أو لا .
فخلاصة القول أنَّ النظرة الأولى مباحة نصًا، أمَّا النظرة الثانية فلا تُباح، إلا إذا لم تتحقق الغاية من النظرة الأولى، أما التكرار يروح كل أسبوع يزور أهلها ويراها وينظر إليها، فهذه طريقة أوروبية ليست لها صلة بالشريعة الإسلامية"([7]) اهـ .

([1]) قاله الحافظ ابن حجر في الفتح بتصرف . ([2]) قاله ابن رشد في البداية .

([3]) كذا في الصحيحة 99 .

([4]) وهذا من الأمور التي أطلقت فيها الشريعة، والأصل في ذلك الرجوع إلى الحد اللغوي؛ فإن لم نجد فالحد العُرفي مما جرت به العادة ويعضد ذلك بشدَّة فعل الصحابة المومى إليه .

([5]) لاحظ أنَّ قول الإمام الألباني الأخير في المسألة، عدم جواز التعمد، لا عدم جواز نظر الخطيب لو حصل ذلك اتفاقًا، بأن تكون المخطوبة وأهلها آخذين بقول العلماء الذين يقولون بجواز نظر ما جرت به العادة وقد أتى ليخطب؛ فخرجت له غير متحجبة، فإنَّه ينظر حينئذ لعموم الرخصة، وإنَّما كلام الشيخ على التعمد، والاتفاق؛ أن لا دليل على ذلك عنده.

([6]) سلسلة الهدى والنور ش311 د27 .

([7]) ش 427 د35 من سلسلة الهدى والنور .

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة