النظر إلى المخطوبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرشد الإسلام إلى النظر إلى المخطوبة، ورخص فيه، دفعًا لضرر الطلاق إذا لم تعجبه بعد الزواج، ولِأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ تَقْدِيمِ النَّظَرِ أَدَعى للأُلْفَةِ وَالْمُوَافَقَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ، ويُستدل على مشروعية النظر من كتاب الله بقوله تعالى: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ** [الأحزاب : من الآية 52] .
فقد استنبط منها العلماء جواز النظر إلى المخطوبة؛ فَلَا يُعْجِبُهُ حُسْنُهُنَّ إلَّا بَعْدَ رُؤْيَةِ وُجُوهِهِنَّ([1]) ؛ قال القرطبي في تفسيره للآية: " في هذه الآية دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها"([2]) .
وقد كان النبي –صلى الله عليه وسلَّم- يفعل ذلك إذا أراد أن يتزوج، كما جاء في حَدِيثِ الْوَاهِبَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ : ((فَصَعَّدَ فِيهَا النَّظَرَ وَصَوَّبَهُ)) .
وجاء إرشاد النبي –صلى الله عليه وسلمَّ- لأمته بذلك كما في حديث المغيرة بن شعبة أنَّه خطب امرأة فقال الرسول -صلى الله عليه وسلَّم-: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما)) ([1]) .
وجرى فعل الصحابة على ذلك بعد إرشاد نبيهم –صلى الله عليه وسلَّم-؛ قال سهل بن أبي حثمة: ((رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك فوق إجار لها ببصره طردًا شديدًا))([2]) .
وحصل هذا من فعل الصحابة جابر بن عبدالله، والمغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة وغيرهم، رضي الله عنهم جميعًا .
قال ابن قدامة : " لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في إباحة النّظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها"([3]) .
فحكم هذا النظر أنَّه مندوب مستحب؛ فقد حث عليه النبي -صلى الله عليه وسلَّم- ورغَّب فيه .
([1]) قاله الجصاص في أحكام القرآن .
([2]) تفسير القرطبي (14/121) .
([1]) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (515-51 وكذا النسائي (2/73) والترمذي (1/202) والدارمي (2/134) وابن ماجه (1866) والطحاوي (2/ وابن الجارود في "المنتقى" (ص 313) والدارقطني (ص 395) والبيهقي (7/84) وأحمد (4/144 - 245/246) و ابن عساكر (17/44/2) عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة بن شعبة من الصحيحة الحديث 96 .
([2]) أنظر تخريج الإمام الألباني للحديث في الصحيحة برقم 97 .
([3]) كذا في الموسوعة الفقهية (19/129) .