عرض الوليّ مولّيته على ذوي الصّلاح
يستحبّ للوليّ عرض مولّيته على ذوي الصّلاح والفضل، كما عرض الرّجل الصّالح إحدى ابنتيه على موسى -عليه الصلاة والسلام- المشار إليه في قوله تعالى: ** إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ** الآية، وكما فعل عمر -رضي الله عنه- حيث عرض ابنته حفصة -رضي الله تعالى عنها- على عثمان، ثمّ على أبي بكر -رضي الله تعالى عنهما- .
هل تستحب صلاة الاستخارة للخطبة والزواج؟
الزواج نفسه قد يكون واجبًا، ولكن عليه أن يستخير الله عز وجل فربما تكون هذه المرأة سببًا لصده عن الخير كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إن يك من الشّؤم شيء حقّ ففي المرأة والفرس والدّار))؛ فلا بأس أن يستخير الله -سبحانه وتعالى- أيتزوج هذه المرأة أم يتزوج غيرها؛ فربما تكون تعاسة عليه إذا تزوج بها([1]).
خُطبة الخِطبة
جرَت عادة العرب، أهل الفصاحة والبيان على الخطابة في الأمور الجليلة، وهذا منها، وقد عهد عنهم التقديم للخِطبة بخُطبة فيها التماس للصهر والمواصلة، وتكون هذه الخُطبة مبنيةً على وصف الطرفين بما يقتضي الرغبة، ويدل الخاطب عن نفسه بما يؤدي إلى الكفاية والإسعاف بالطلبة([2]) ولم يرد فيها نص صريح .
صفة خُطبة الخِطبة
ليس لها صفة معينة، و لم يرد نص في ذلك كما تقدم، وهي تتبع عرف الناس بما لا يخالف الشرع؛ وقد كان من عرف العرب وعادتهم الخُطبة للخِطبة على مر العصور؛ قال أبو عباد كاتب ابنِ أبي خالد: " وكانت خُطبة قريش في الجاهليّة - يعني في خِطبة النساء - : باسمك اللهم، ذُكِرَتْ فلانةُ وفلانٌ بها مشغوف، باسمك اللهم، لك ما سألت ولنا ما أعطيت"([3]) .
فيبدأ المسلم مثلاً بالحمد والثّناء على اللّه تعالى، ثمّ بالصّلاة على رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- ثمّ يوصي بالتّقوى، ثمّ يقول: جئتكم خاطباً كريمتكم، وإن كان وكيلاً قال: جاءكم موكّلي خاطباً كريمتكم أو فتاتكم، ويخطب الوليّ أو نائبه كذلك، ثمّ يقول: لستَ بمرغوبٍ عنكَ أو نحوه مما يفيد الرضا والقبول.
وجاء الإسلام وقد علَّم الرسول -صلى الله وسلَّم- فيه خطبة الحاجة([4])، وقد استحب العلماء أن يبدأ بها بما جاء عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم علّمنا خطبة الحاجة : إنّ الحمد للّه، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله: ** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ** ** يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة** إلى قوله : {رَقِيباً** {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً** إلى قوله {عَظِيماً** .
وكان القفّال يقول بعدها : " أمّا بعد، فإنّ الأمور كلّها بيد اللّه، يقضي فيها ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا مؤخّر لما قدّم ولا مقدّم لما أخّر، ولا يجتمع اثنان ولا يتفرّقان إلاّ بقضاء وقدر وكتاب قد سبق، وإنّ ممّا قضى اللّه تعالى وقدّر أن خطب فلان بن فلان فلانة بنت فلان . . أقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم أجمعين"([5]) .
وأمَّا قراءة الفاتحة فيها وفي العقد بدعة؛ لم تؤثر عن أحد من السلف، وخرافة من خرافات العوام([6]) .
([1]) تحفة المجيب للشيخ العلاَّمة مقبل الوادعي –رحمه الله- ف91 .
([2]) بتصرف من صبح الأعشى (3/486) .
([3]) نقله الجاحظ في البيان والتبيين (1/119) .
( [4]) يقول العلاَّمة الفوزان في شرحه لبلوغ المرام: خطبة الحاجة سنة، وقد زوج الرسول الواهبة بدون خطبة .
([5]) الموسوعة الفقهية، سبق العزو إليه .
([6]) كما قال الإمام ابن باز -رحمه الله- وغيره من علماء أهل السنة والجماعة .