وكذلك العلاج بالرقى النبوية الثابتة من أنفع الأدوية ، والدعاء إذا سلم من الموانع من أنفع الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب ، فهو من أنفع الأدوية ، وخاصة مع الإلحاح فيه ، وهو عدو البلاء ، يدافعه ويعالجه ، ويمنع نزوله ، أو يخففه إذا نزل (1) ، « الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء » (2) « لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر » (3) ولكن ها هنا أمر ينبغي التفطن له : وهو أن الآيات ، والأذكار ، والدعوات ، والتعوذات التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية ، ولكن تستدعي قبول وقوة الفاعل وتأثيره فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل ، أو لعدم قبول المنفعل ، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء ؛ فإن العلاج بالرقى يكون بأمرين :
أمر من جهة المريض ، وأمر من جهة المعالج ، فالذي من جهة المريض يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى الله تعالى ، واعتقاده الجازم بأن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين ، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان ؛ فإن هذا نوع محاربة ، والمحارب لا يتم له الانتصار من عدوه إلا بأمرين :
_________
(1) انظر الجواب الكافي ص 22- 25 .
(2) الترمذي والحاكم وأحمد وحسنه الألباني . انظر صحيح الجامع 3 / 151 برقم 3403 .
(3) الحاكم والترمذي وحسنه الألباني . انظر : سلسلة الأحاديث الصحيحة 1 / 76 برقم 154 .