الفصل السادس وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد :
-1-الأسماء واللغة دليل على وجود الله :
" وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين "
فبتلك الآية يضع الله أول قانون فى العلم وهو تعلم الأسماء وهو بداية أى طفل كبداية للإستيعاب وهو أيضا بداية لكل علم ويُعد علم الفطرة الذى تبدأ به كل أم متعلمة كانت و جاهلة مع طفلها .
ومن نفس الآية نستخرج دليلاً على وجود الله
وهو علاقة اللغة بالسمع
فالإنسان لا يتكلم إلا إذا كان يسمع لذا يُقال صم بكم فمن لا يسمع لا يتكلم فإذا جئنا بطفل عربى حين مولده ووضع فى بلد إيطالى لم يتحدث أحد معه العربية ثم حاولنا التحدث معه بالعربية فلن يفهم رغم كونه من أصل عربى لأنه > لم يسمعها ولأن اللغة ليست صفة وراثية بل تكتسب بالسمع .
" فلما انبأهم بأسمائهم " " واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق اذ قرّيا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال انما يتقبل الله من المتقين "
إذا آدم تحدث ومثله قابيل وهابيل وذريته بالتالى وكل من يسمع
لذا فآدم علّمه الله تعالى بدليل قوله وعلم آدم الأسماء كلها واللغات من الأسماء واللغة لا تُعرف إلا بسمع ولا تُخترع فعقلاً وعلماً لا يمكن تصور أى بداية للغة غير التى أخبرنا الله بها ( وعلّم آدم )لذا فاللغة دليل على وجود الله .
-2- لفظ الجلالة دليل على وجود الله :
" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا "
بتأمل الكريمة ثم تأمل لغة نجد أن الاسم لا يعرف إلا بعد المعنى فإذا وجد معنى ما وجد بعد ذلك اسمه فمثلاً أنت تفهم فى عقلك معنة كلمة كلمة وبالتالى تفهم لفظها وهكذا أى اسم نفهم معناه فنفهم لفظه وإن لم نفهم المعنى لن نفهم اللفظ , ولكن
الله غيب عنّا ومع ذلك نفهم لفظ الجلالة ونفهم معناه وهو لفظ فى كل لغات العالم وكل الشعوب تفهمه وهذا لا تفسير له عقلاً إلا بما ذكره الله لنا ( وأشهدهم ) أى ذكر لهم وأشهدهم على وجوده ففهموا مقتضى اسمه ففهموا لفظ الجلالة .
" رب السموات والأرض ومابينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا "
وهنا تحدى إلهى جديد فى أمر اختيارى فاسم الرحمن والله هو اسم لرب السموات والأرض وحده لم يتجرأ أحد على أن يطلقه على نفسه أو ولده لذا قال بعض العلماء كقول ابن عباس ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى وتقدس اسمه ..لأنه لا مثيل ولا شبيه ولا شريك له اسما ومثلاً وعدلاً وقدراً, وهذا تحدى فى أمر اختيارى ودليل جديد من القرآن على وجود الله .
-3- الدليل العددى على وجود الله فى التعداد:
" يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، ان أكرمكم عند الله أتقاكم "
فبتأمل الآية الكريمة والواقع نجد أن عدد الناس يتناقص كلما رجعنا إلى الوراء ويتزايد بمرور الوقت وهذا يجعل العدد للوراء فى تناقص ويؤكد ماذكرته الآية الكريمة وهى أن أصل هذا العدد الهائل الآن من ذكر وأنثى ، ولكن لو كان العكس أى العدد فى تناقص بمرور الوقت هنا ستأتى الحقيقة العلمية لتنفى ماجاء فى الآية وهذا محال فلو كان العدد مثلا مائة الآن لكان ألفا مننذ عشر سنين مثلا وهذا سينفى البداية بذكر وأنثى ولا يستطيع أن ينفى أى عالم مادى أو غير مادى أن عدد البشر يتناقص كلما عدنا إلى الوراء .
-4- الدليل المادى بمعجزة تاريخية :
" ألم تر كيف ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميمهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول "
معجزة قرآنية جديدة فى هذا الكتاب الذى لا تنقضى عجائبه الحدث : أظهر به الله قدسية البيت الحرام ومهد به لدين الإسلام الذى جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذى ولد فى عام الفيل فأشار الله بالحدث أنه لو تخلى عنه أهل الأرض جميعا أو حاربوه سيعصمه ويحفظه الله . والسورة : دليل صدق القرآن لأنه أحدا من الكفار لم يُكذب السورة أو ينكرها ومنهم أشخاص كثر شاهدوا الحدث -وكيف قضت طيور على جيش بأكمله من الأفيال والكفار على رأسهم أبرهة الذى بنى بيتا ليحجه الناس فألقوا فيه القاذورات -فشاهدوا الحدث ووصلتهم الرسالة وبعث فيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولك يكذبوا ماجاء به فى حين كان يبحث الكافرون عمّا يُهدم به هذا الدين.
فهذه معجزة تمت وذكرها فى القرآن يؤكد حدوثها وسكوت الكفار عنها دليل على ذلك رغم أن العقول - أكثرها - يرفض استيعاب ذلك , ولكن > قد كان لأن الله شاء فهل يفسر لنا علماء الأرض جميعا لماذا حاربت الطيور جيش أبرهة وكيف حدث هذا أصلا لا يوجد تفسير غير ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم ...
-5- حجر رشيد دليل على وجود الله :
فُكت رموزه وثبت أن الفترة التى كان يعيش فيها موسى عليه السلام كان يحكم مصر فيها الفراعنة لذا جاء فى القرآن " وإذ نجيناكم من آل فرعون " " ثم بعثنا من بعدهم موسى إلى فرعون "
ويأتى القرآن فى ذكر حاكم مصر فى عصر يوسف عليه السلام فيطلق على حاكم مصر وقتها ( ملك )
"وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي " "وقال الملك اني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف "
فى هذه الفترة حكم الهكسوس وبعدها عاد الحكم للفراعنة فأصبح الحكام فراعنة مرة أخرى فدقة اللفظ لا تمر هكذا بل هى دليل صدق محمد صلى الله عليه وآله وسلم وصدق القرآن وبالتالى وجود الله فكيف له صلى الله عليه وآله وسلم أن يعرف مااكتشفه العالم بعد مئات السنين بعد فك رموز حجر رشيد ..
لذا يقول العلماء أن القرآن معجزاته لا تنتهى ويظهر الله لجيل مالم يظهره لمن سبقه ذلك أن الله يكشف مايشاء لمن يشاء وقتما شاء " ولا يحيطون بشىء من علمه إلا بما شاء " واحتفظ فى علمه بأسرار لا يكشفها لغيره كالروح وقبضها والموت والرزق وغيره .
-6- الموت والحياة بيد الله وحده :
"الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين "
فى رحاب تلك الآية الكريمة
لم يستخدم الله تعالى أسلوب التأكيد فى قضية الخلق كما فى الإطعام فلم يقل الذى هو خلقنى
فقضية الخلق محسومة لله وحده ولا يستطيع أحد أن يخلق ولا ينازع الله فى ذلك والرجل الذى أتاه الله الملك و قال لإبراهيم عليه السلام أنا أحى وأميت وقتل رجلا لا يفرق بين الموت والقتل "ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون " فالقتل إهلاك وإفساد للجسد ولكن الموت خروج للروح من الجسد بأمر الله وقد يحدث بدون مرض أو حادث وأنت على فراشك لذا لا مفر منه ولكن القتل أو الإنتحار قد ينجو منه الإنسان لأن الله لم يأذن بعد بموت هذا الشخص لذا فرّق الله فى القرآن بين القتل والموت .
وأما هو يطعمنى ويسقين استخدم الله صيغة التأكيد لأن الإنسان هنا يسعى ولكن أشار الله بصيغة التأكيد إلى أن ذلك سبب وليس بأصل لأن الله هو الرزاق وهو خالق الماء والأرض والبذور والنبات والألبان والحيوان .فهاهو العلم يعجز عن صنع نقطة لبن واحدة فجرب العلماء صناعة لبن بعد أن حللوا اللبن الطبيعى وعرفوا عناصره فجمعوها وسقوها لفئران فماتت .ولكن الله يقول "وإن لكم في الأنعام لعبرة تسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين "
"وإذا مرضت فهو يشفين "
يقول البعض الشفاء بالطبيب والدواء
والسؤال البسيط لم يأخذ شخصان عندهما نفس المرض بنفس الحالة نفس الدواء ويشفى هذا والآخر لا ؟
ولماذا يعجز الأطباء عن علاج حالة معينة ويأتى طبيب حديث التخرج ويصف وصفة للمريض فيشفى رغم أنه تلقى علمه على يد أساتاذته ألا يظهر هذا أن الله يكشف الدواء لمن شاء لأنه جعل لكل داء دواء علمه من علمه وجهله من جهله ؟ !
وكثيرا مايعجز الطبيب عن معرفة سبب ألم المريض وكثيرا مايأخذ الطبيب بالـأسباب ويقوم بعملية بكل دقة ولكن يموت أيضا المريض .
" والذي يميتني ثم يحيين "
ذكر الشيخ أن هناك فرق بين الموت والقتل لذا لم يأتى اللفظ هنا بصيغة التأكيد لأن أحدا لا ينازع الله فى الخلق والحياة والإماتة والبعث فكلها بيد الله وحده ولا يستطيع أن يرفض أحد أن يُبعث كما هو عاجز عن منع الموت عن نفسه مهما أخذ بالأسباب إن أراد الله قبض روحه .
وانتهى الفصل السادس والأخير برقائق ومعجزات وأدلة كونية ساقها لنا الشيخ بصورة مبسطة كعادته فى الكتاب بأكمله الذى بين أن القرآن معجزة باقية معجزة فى البيان والدقة والحرف يكشف به الله لكل جيل معجزة جديدة لم يُظهرها من قبل معجزات فى الكون والنفس والآفاق تخاطب العقول والقلوب لذا فالقرآن فيه من الأدلة مالاينتهى حصره ليتحدى به الله المكذبين وليزداد الذين آمنوا إيمانا
" ذلكم الله ربكم، لا اله الا هو، خالق كل شيء فاعبدوه، وهو على كل شيء وكيل "
انتهيت من التلخيص الحمد لله
لا إله إلا الله ..