عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
رفع الله قدرك وسدد إلى الجنة خطاكِ الكريمة أختى الغالية .
****الفصل الثالث : الدليل الغيبى
ذكر الشيخ فى الفصل الأول أن هذا الكتاب قائم على مخاطبة العقول وذكر أننا وبالأدلة المادية سنصل معا لأدلة الإيمان بالغيب- بالعقل لا بالإيمان - .
فأوضح لنا أن هناك فرق بين وجود الشىء وإدراكه فقد يكون هناك شىء ما لا ندركه عقلاً أو نراه فعدم الإدراك لا ينفى الوجود ..
الغيب النسبى :
هو مايعرفه البعض دون آخر أو مايعرف فى وقت دون آخر لذا فهو ليس فى علم الله وحده .
مثال : فلان يعرف هذا المنتدى وفلان لا وربما يعرفه فى وقت لاحق إن أراد الله وقال كن وربما لا فالمنتدى غيب عنه لا يعرف بوجوده وأنا أعرف .. وكإكتشاف دواء ما من مواد موجودة رغم وجودها دوماً إلا أن فائدتها تظهر فى وقت ما وهكذا .
الغيب المطلق :
هو مايعرفه الله وحده وفى علمه هو وحده .
وإن أراد الله أظهر بعض غيبه المطلق فنرى الجنة ونرى النار والصراط والساعة وغيره
انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو
فهذا من الغيب المطلق فى علم الله موجود ولا يظهره إلا إن شاء
ويقول تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه
أتى :فعل ماضى
لا تستعجلوه : كلام فى المستقبل
فكيف أتى وكيف لا تستعجلوه ؟
لأنه فى علم الله غيب يعلمه الله واقع لا محالة وقتما يريد الله فيجعله مشهوداً لديكم فكل ماحدث أو سيحدث تقرر فى علم الله تعالى .
الدليل الغيبى على وجود الله فى النفس البشرية :
واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه
وأوحينا الى أم موسى أن أرضعيه فان خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انّا رادّوه اليك وجاعلوه من المرسلين
الله تعالى يسيطر على غيب تلك النفس وخواطرها وخلجاتها سيطرة كاملة إلا فيما سمح فيه بالإختيار
فالعقل والنفس فى كل ماسيحاسب عليه الله عباده لهما حرية إختيار بين افعل ولا تفعل فيؤمن فلان أو يكفر يفعل أو لا يفعل ولكن فيما لا يخص المنهج والإختيار فالعقل خاضع لله .
الغيب لابد أن يقع كما يريده الله وتحدى جديد فى القرآن الكريم بأحداث لا تُنكَر :
مثال -1-
أبو لهب أخبر الله تعالى فى القرآن الكريم أنه سيموت كافراً وكم من شخص كان كارهاً للإسلام أسلم بعد ذلك والله أعطى -كتحدى وإعجاز وآية على وجود الله وصدق محمد ( ص ) - لأبى لهب مايهدم به هذا الدين ولم يفكر حتى فى إستخدامه والتظاهر حتى بالإسلام وهذا من أدلة وجود الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم والقدرة الإلهية المطقة وعلم الله الأزلى وخضوع العقل لله فيما لا يخص المنهج والإختيار وإلا لفكر أبو لهب فى التظاهر حتى بالإسلام ! .
مثال -2-
سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها
سيقول أيضا إخبار عن أمر سيقع فى المستقبل ولو فكر هؤلاء الكفار لما قالوا ما أخبر به الله ولكن تماما مثل موقف أبى لهب لم يخطر ببالهم ذلك بل جاء موقفهم ليشهد على علم الله وقدرته وأن غيبه لابد أن ينفذ كما أراد الله .
مثال -3-
اذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله الله يشهد انّ المنافقين لكاذبون
أعلن الله ما فى صدورهم من نفاق وكذب رغم قولهم حقاً فهل كذبوا هذا الإعلان ؟؟
بالطبع لا وهذا يثبت أن الله يعلم السر وأخفى فبهتوا بهذا العلم ولم بكذبوه ولو بالإدعاء .لأن هذا من التحدى الإلهى
المثال -4-
الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين، لله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون
تحدى إلهى وحقيقة تاريخية وبشارة , وبالتالى كان لدى المؤمنين إيمان ويقين شديد أن وعد الله حق وقدره قائم لا محالة ، من غير الله يستطيع أن يخبر بنتيجة معركة بعد تسع سنوات ! بل من ويضمن عدم حدوث صلح بين الفرس والروم ، بل ومن يضمن أن الدنيا لن تزال قائمة وقتها ! من غير الله ؟! فسبحان من قال أتى أمر الله فلا تستعجلوه ليثبت لنا أنه وحده من يملك الكون ربا وإلهاً من إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون , يقول له فهو معلوم عنده وشاهد .
ذكر الشيخ فى الفصل الثانى الفرق بين عين اليقين ، وعلم اليقين ، وحق اليقين ووصل بنا إلى نتيجة منطقية وهى :أن الإيمان والتصديق لا يلزمه الرؤية أو الإدراك حتماً .
وعاد الآن ليفصل لنا بأدلة عقلية مادية على صفحة الكون كما يفعل فى الفصول كلها :
مثال -1-
الجراثيم والميكروبات هكذا هى منذ بدء الخليقة لم يكن يدركها البشر ولكن عدم الإدراك لا ينفى الوجود والآن بالتقدم رأى العلماء بالميكروسكوب والآلات العلمية تلك الجراثيم وعلموا أن لها حياة وتناسل وقدرة على التفاعل مع الدم والهجوم ...إلخ وبعد أن كان الإنسان يعتقد أن الأمراض أرواح خبيثة رأى تلك الجراثيم بل وبنفسه للتجربة استطاع أن يُدخلها فى جسد الحيوان !
مثال -2-
مكّن الله الإنسان من رؤية أمر يحدث على القمر أو فى مكان على الأرض بعيد عن طريق التطور العلمى وهكذا بعد أن كان هذا المكان غيباً أصبح شاهدا . تأكيداً على أن إدراك الشىء غير وجوده .وهذا التقدم جاء بإستخدام مواد موجودة لم يكن يعرف خصائصها فلم يخترع أحد الغلاف الجوى ولا مواد الأرض لذا " ولا يحيطون بشىء من علمه إلا بما شاء "
وهكذا نظرتنا للكون لابد أن تكون فنعلم أن وجود الشىء أمر وإدراكه أمر آخر ومالاندركه يؤدى مهمته سواء أدركناه أم لا ،ولهذا جاء الكون كله وحياة الإنسان شاهدين على أن الغيب حقيقة .
والله أعطى الإنسان وحده القدرة على وراثة وتطوير الحضارة فكل جيل يهبه الله علما جدياً فوق ماورثه ويصبح ماكان غيباً لمن قبله شاهداً له ولم يهب ذلك للحيوان فلم نسمع أن مجموعة من القردة اجتمعت لإختراع مبيد يقتل الحشرات التى تملأ جسدها مثلا أو لعلاج أمراضها !لذا فلن يأتى من يقول لم تعطنى يارب أدلة مادية عقلية على أن الغيب حقيقة !
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق
فهاهو الله أخبرنا بأن تلك الحضارات سترتقى , لذا حين نرتقى نعلم أن الله كشف لنا من قوانين الكون لنرتقى ونتطور وإذا اغتر الإنسان يريه الله من آياته كما ذكر الشيخ فى الفصل الأول عن طريق إختلال نتائج الأسباب أو بثبات القوانين .
وبما أن الله وهب الإنسان وحده هبة الرقى الإنسانى الحضارى وجعلنا نرى برؤية اليقين المعجزات مرات ومرات وجعلنا نرى ماكان غيباً عنّا فهذا كله دليل وخطوة لنتفكر فى خلق السموات والأرض لنؤمن بما يقوله لنا عن طريق رسله الكرام من غيبيات ولا ننكره لمجرّد عدم الإدراك .
مثال -3-
له ما في السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى
أخبرنا الله منذ مئات السنين أن تحت الثرى وتراب وباطن الأرض يوجد أسرار وكنوز وكان هذا غيب عنّا وكشف الله القوانين ومكّن الإنسان ليرى ماتحت الثرى من بترول ومعادن وكنوز لم يكن الإنسان يدرك وجودها ...
لذا هذا الكتاب العظيم حين يخبرنا بكل تلك الأمثلة وبالدليل العقلى عمّا هو غيب وأصبح شاهداً أو يخبرنا بالدليل العقلى على صدق وإعجاز هذا القرآن وتحدى الله به كما أسلف الشيخ الذكر لا يمكن لنا أن نكذب بعض ماجاء فيه ولم نشهده بعد ونقول هذا فوق إدراك العقول بل نعود لتلك المعجزات وصفحة الكون لنؤمن يتلك الغيبيات كالجنة والنار والصراط وغيره وتصبح بالتالى تلك الأدلة العقلية - فى النفس البشرية ، والأحداث ، والكون - طريقنا إلى الإيمان لا إلى الإلحاد .
انتهى الفصل الثالث ويُتبع إن شاء الله.