عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-12-2008, 10:47 AM   #6
معلومات العضو
منذر ادريس
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

ومن الأدلة أيضا :- الأدلة الدالة على أن السحر من موبقات الآثام وكبائر الذنوب ، قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه :- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حدثني سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ ابْنِ زَيْدٍ المدني عَنْ أَبِى الْغَيْثِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ » قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا هُنَّ قَالَ « الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، والتولي يَوْمَ الزَّحْفِ, وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ » فإذا كان تعاطي السحر وتعلمه من السبع الموبقات ، فلا يجوز حينئذ الذهاب لمن يتعاطاه لغرض العلاج ، لأننا سنكون بذلك نعينه على ارتكاب هذه الموبقة وانظر كيف قال " والسحر " والمتقرر أن اسم الجنس إذا دخلت عليه الألف واللام فإنه يفيد العموم فيدخل في ذلك كل ما يسمى سحرا ، والسحر الثاني الذي سيعمله الساحر لحل السحر الأول داخل في عموم قوله " والسحر " فهو من الموبقات ، لأن المتقرر أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال ، والله المستعان .
ومن الأدلة أيضا:- أن المتقرر عند عامة أهل العلم رحمهم الله تعالى أن من ضرورات الشرع حفظ الدين، فحفظ الدين مما ينقضه بالكلية أو ينافي كماله من المقاصد الضرورية الكبيرة التي جاء بها هذا الدين العظيم ، ومن المعلوم يا إخواني أن الذهاب إلى السحرة والكهان من أعظم ما يكون خطرا على الدين ، لما هم عليه من الكفر والشرك والوثنية ، والاستعانة بالشياطين ، فإن الشياطين التي تعينهم إنما تعينهم من أجل ما يقدم لها مما تأمره به ، وأكبر شيء يأمر به الشيطان الشرك ، وقتل النفس والزنا ، والغالب أنهم لا يعالجون أحدا إلا ويأمرونه بأفعال منكرة ، وغريبة ، بل في الغالب ما تكون شركية ، أو تفضي إلى ذلك ، فالذاهب لهم لا يمكن أن يسلم مطلقا ، أعني سلامة الدين لأن أكبر مقصود للشيطان هو اختراق حاجز الدين وإتلافه في قلب العبد ، وعليه :- فهذا يقرر لنا حرمة الذهاب لهم حماية لجناب التوحيد ، ومحافظة على الدين ، وحراسة للإيمان ، الذي هو أعز وأغلى ما نملكه ونتصف به ، فلا يجوز تعريض الدين لمثل هذه الأخطار ، لأن حراسته أمانة وحمالة كبيرة ، لابد من سد كل الأبواب التي من شأنها أن تكون مؤثرة فيه نقضا أو نقصا .
ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر عند أهل العلم رحمهم الله تعالى وجوب سد الذرائع ، فسد الذرائع من القواعد الكبيرة التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في الكلام على هذه المسألة ، وذلك لأن هؤلاء الكهان والعرافين والسحرة لابد وأن يكونوا سببا في هلاك التوحيد أو إنقاص كماله الواجب, وهم في الأعم الأغلب إنما يعتمدون على ما تخبرهم به شياطينهم من الأمور الغائبة عنهم ، ومن المتقرر شرعا أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ، فالله تعالى هو عالم الغيب وحده لا شريك ، فتصديق هؤلاء فيما يدعونه من علم الغيب موقع في الشرك الأكبر ، وفعل ما يأمرون به من الذبح لغير الله تعالى موقع في الشرك الأكبر ، ودعاء الأسماء الغريبة - والتي هي في الغالب أسماء من يعينهم من الشياطين - موجب للوقوع في الشرك الأكبر ، إلى غير ذلك من الأبواب التي تفضي إلى الوقوع في أمور الشرك ، والمتقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد ، فوسائل الشرك شرك ووسائل الحرام حرام ، وكل وسيلة تفضي إلى الوقوع في الأمر الممنوع شرعا فهي ممنوعة شرعا وكم ، وكم من إنسان ذهب لهم ولم يرجع من دينه بشيء ، فضلا عن الفتنة بهم وبما يخبرون به فالحذر الحذر من هذه الطائفة الفاسدة الإبليسية والثلة الكاسدة الخبيثة الشيطانية .
ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر في الشرع حرمة التعاون على الإثم والعدوان ، كما قال تعالى وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ والذهاب لهم من أجل العلاج بالسحر هو في الحقيقة تعاون معهم على الإثم والعدوان ، لأن السحر محرم كله ، وعدوان كله, ولا يحل منه شيء ، فإقرارهم على تعاطيه وعمله ودفع المبالغ الطائلة لهم من أجل العلاج كل هذا من المحرمات ، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان .
ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر أن ما كان تحريمه مما لا تحله إلا الضرورة فإنه لا يجوز التداوي به وأما التحريم الذي تبيحه الحاجة فإنه يجوز التداوي به ، وتحريم السحر لا تحله لا ضرورة ولا حاجة فلا يجوز التداوي به من باب أولى .
ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر في الشريعة أن الشريعة جاءت لتقرير المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها ، وقد قررنا لك أن الذهاب إلى السحر والكهان من الأفعال التي طفحت جوانبه من المفاسد ، ولا مصلحة فيه فيما نعلم ، وإن كان ثمة شيء من المصالح ، فإنها لا تعتبر مع تلك المفاسد الكبيرة ، فحيث كان الذهاب لهم مما كثرت مفاسده وتعددت أضراره ، فلا يكون مما يجوز لأن تجويزه تقرير لما فيه من المفاسد ، والمتقرر أن كل مفسدة فالواجب شرعا تعطيلها أو تقليها ما أمكن .
ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر في القواعد أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، والذاهب لهم وإن كان فيه شيء من المصلحة ، ولكن مفاسده أكثر ، فلابد من تقديم المفاسد على المصالح المرجوة من وراء الذهاب لهم .
ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر في القواعد أن المفاسد المتحققة لا تقتحم من أجل المصالح المتوهمة والذهاب لهم فيه مفاسد متحققة بمجرد الذهاب لهم ، وأما ما نرجوه منهم من المصالح فإنه متوهم فلا نجزم بحصوله ، فكيف نقتحم المفاسد الكثيرة المتحققة من أجل مراعاة مصالح لا ندري هل تتحقق أم لا ؟ هذا والله بعيد عن الفقه .

ومن الأدلة أيضا :- أن القول بجواز الذهاب إلى السحرة والكهان لحل السحر بما عندهم من علم الكهانة والسحر يتضمن إقرار وجودهم في البلد ، وإقرار بقائهم من الباطل الذي جاء الشرع بإبطاله ، فتجويز الذهاب لهم مقرر لوجودهم ، ووجودهم ممنوع شرعا ، فنتج منه أن الذهاب لهم ممنوع شرعا ، لأن المتقرر أن ما أفضى إلى الممنوع فهو ممنوع ، وما أفضى إلى إقرار ما أمر الشرع بإزالته وإعدامه فلا جرم أنه ممنوع شرعا .

ومن الأدلة أيضا :- أن الأكثر ممن ذهب إلى السحرة بقصد العلاج لم يستفد منهم إلا مجرد الأوهام والشكوك ، ولا تزال أعراضه المرضية على ما هي عليه إن لم تكن قد زادت ، وبعض المرضى قد تخف أعراضه في بادي الأمر إلا أنه في النهاية تضطرب حالته ، وتعود إلى أسوأ مما كانت عليه ، وهذا يبين لك أنهم دجاجلة أفاكون ، وجهلة مارقون ، وعفنة فاسدون تالفون ، فلا عقل ولا هداية ولا توفيق ، فضلا عن أن كثيرا ممن ذهب إليهم قد دفع سحره بسحر مماثل أو أقوى فعولج الشر بالشر ، ودفعت المفسدة بمثلها ، ودفع الضرر بالضرر ، والمتقرر في القواعد أن الضرر لا يدفع بالضرر.

ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر أن المبني على الباطل لا يكون إلا باطلا ، وأنت خبير في أن ما عند السحرة والكهان من العلم ، إنما هو بوحي شياطينهم ، وأنت تعرف أن الكذب في الشياطين كثير جدا ، لقوله " صدقك وهو كذوب " فكذبهم كثير لا يحصر ، وأما صدقهم فهو قليل ، فالكهان والسحرة يبنون وصفاتهم على ما تمليه عليهم الجن المصاحبة لهم ، فلابد وأن يكون كثير من هذه الوصفات التي يصفها الساحر أو الكاهن للمرضى قد بني على غير شيء ، وإنما بني على الدجل والكذب والخرافة ، فتكون كلها باطلة لا يجوز تعاطيها ، لأن ما بني على الباطل فهو باطل .

ومن الأدلة أيضا :- أن المتقرر في القواعد وجوب حفظ الصحة ، فالدين جاء بالاهتمام بأمر الصحة أيما اهتمام ، وكثير من هذه التدخينات والأعشاب التي يصفها الكاهن أو الساحر هي في حقيقتها خليط من أعشاب لا يدرى عن مدى تأثيره الصحي على البدن ، فبعضها قد يصيب بالأمراض المستعصية الخطيرة ، لأن الساحر ليس من أهل الاختصاص في وصف مثل هذه الأعشاب فسدا لباب فساد الصحة نقول :- لا يجوز الذهاب إلى الكهنة والسحرة للعلاج فالمتداوي عندهم قد يصدق عليه المثل القائل ( يبني قصرا ، ويهدم مصرا ) .

ومن الأدلة أيضا :- أن القول بتجويز الذهاب للسحرة للعلاج فيه فتح لباب التخفي وراء ستار نفع الناس ، ويجد الساحر لنفسه مسوغا لوجوده بين الناس ، وإن أخذ بالقول وشدد عليه قال :- أنا ممن يحل لا ممن يعقد ، أو يقول الآخر :- أنا أعمل بفتوى العالم الفلاني أو الشيخ الفلاني ، فلا يدرى بعد ذلك من المحق ومن المبطل فيختلط الحابل بالنابل ، فسدا لهذا الباب نقول :- لا يجوز الذهاب للسحرة أصلا ، لا في عقد ولا في حل .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة