عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-12-2008, 10:42 AM   #3
معلومات العضو
منذر ادريس
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

الثاني :- أن هذه الآية فيها إثبات أن الساحر كافر ، لقوله تعالى  وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ  وفي آخر الآية قال  وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ  فهذه من الأدلة على كفره ، وهو إنما كفر بسبب تعلمه للسحر، فالسحر هو الآفة التي أوجبت كفره ، فكيف نجيز للمريض أن يذهب إلى هذا الساحر ليستفيد من شيء هو أصلا سبب الكفر والضلال واللعنة والغضب؟ فإن هذا الساحر إنما سيعالج هذا المريض بما عرفه وتعلمه من السحر ، وهذا التعلم هو سبب الكفر ، وهو سبب الضلال ، فما كان سببا للكفر والضلال ونفي الفلاح والنصيب في الآخرة فهل يرجى من ورائه شفاء أو خير أو فلاح ؟
الثالث:- أن الله تعالى قد أثبت أن هذا التعلم والتعليم الحاصل بين الساحر وشياطينه ضار وغير نافع ، وذلك في قوله تعالى  وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ  وقد خرج إثبات الضرر ونفي النفع مخرج الإطلاق ، والمتقرر أن المطلق يجب بقاؤه على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل ، فالضرر هنا يراد به ضرر الدين والدنيا والآخرة ، ونفي النفع هنا يراد به نفي النفع في الدين والدنيا والآخرة ، وما ورد عن السلف من الخلاف في تفسير ذلك فإنما هو من خلاف التنوع لا التضاد ، والمتقرر أن اللفظ إذا احتمل معنيين أو أكثر لا تنافي بينهما حمل عليهما، والعافية من النفع ، فالله تعالى أثبت أنهم إنما تعلموا ما فيه ضررهم ، فما يوجد عندهم علم السحر هو في الحقيقة ضرر محض ، بقول ربنا جل وعلا ، وما كان ضررا محضا فكيف ترجى منه العافية والشفاء ؟ كيف يرجى الشفاء من علم قول الله فيه:- إنه ضرر ولا نفع فيه، أفي خبر الله تعالى شك ؟ كلا والذي نفسي بيده ، ولذلك فلا والله ما نعلم عند هذه الطائفة المعتوهة إلا كل الضرر ، بل تأمل في قول الله تعالى  مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ  أن الله تعالى لم يكتف بإثبات الضرر فقط، حتى قرن معه نفي النفع ، مع أنه لو قال  مَا يَضُرُّهُمْ  لكفى في الزجر عن تعلمه أو إتيان من تعلمه ، ولكنه لم يكتف بذلك ، بل أراد الله جل وعلا أن يقطع دابر النفع عن هذه الطائفة ، وأن يثبت كامل الضرر منها ، فقرن إثبات الضرر بنفي النفع ، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وذلك دليل ظاهر على أن من أتاهم طلبا للنفع فإننا نقول له ( ولا ينفعهم ) ومن جاءهم لرفع الضرر فنقول له ( ما يضرهم ) فلا ضرر يرفع عند هؤلاء ، بل هم الضرر بعينه ، ولا نفع يرجى من ورائهم ، بل هم شقاء وفساد البلاد والعباد ، ألا لعنهم الله وأبعدهم وأقصاهم ، ونسأل الله تعالى أن يهلكهم وأن يكفي الأمة شرهم,
الرابع:- أن الله تعالى نفى عنهم العلم فقال وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ فنفى الله تعالى عنهم العلم ، وذلك أنهم في الحقيقة إنما تعلموا ما فيه ضررهم العاجل والآجل ، ومن كان كذلك فهو جاهل في الحقيقة ، وليته ما تعلم هذا العلم الذي لم يزدد به إلا الضرر والضلال والكفر ، فالسحرة جهال بنص القرآن ، وما عندهم من العلم إنما هو خيالات شيطانية يلبسون بها على عقول السذج من الناس ، فمن أجاز الذهاب لهم لطلب أسباب الشفاء إنما ظن أنهم على دراية من الأمر ، وهم في الحقيقة جهال لا فهم عندهم ولا علم يرجى نفعه ، فالحق حرمة الذهاب لهم والله المستعان .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة