أيام دراستي في كلية الشريعة والدارسات الإسلامية ....
من أجمل أيام حياتي ....
حيث الأجواء العلمية والدعوية وحماسة الشباب المتوقدة ....
وفي تلك الإثناء اطلعت على مقابلة ... أجريت مع الزميل أبو طيبة حول الصم وأهمية دعوتهم والتواصل معهم حث فيها طلاب العلم الاهتمام بهذه الشريحة ...
فما كان مني إلا أن أمسكت القلم ...وكتبت مقالة في جريدة آفاق الجامعية أثني بها على جهوده لخدمة هذه الشريحة الإنسانية في بلدنا الحبيب ...
وبعد هذه المقالة أصر الأخ أبو طيبة ...أن أذهب معه لإلقاء محاضرة لفئة الصم فقلت له مستغربا ....
لكنني لا أستطيع التفاهم معهم ... فأجابني هناك من سيترجم لك المحاضرة وأمام إصراره لم أملك سوى القبول ...
فذهبت لديوان حضره تقريبا أربعين أصم من الشباب وبدأت محاضرة في الرقائق ....بدأتها بمقدمة حول اشتراكنا في صفة عدم السمع !!!
لأني لا أسمع في الأذن اليسرى ...بسبب ضعف العصب الشديد...
وكانت هذه المعلومة ...هي البوابة لدخول قلوبهم ...فالصم يألفون من يكون شبيها بحالهم ...أكثر من غيره ...
ثم بدأت كلامي ...والمترجم يترجم كلامي بلغة الإشارة بشكل فوري ...
وتفاجأت بتفاعل الصم وأريحيتهم ... وظلت هذه المحاضرة إحدى أكثر المحاضرات تأثيرا في نفسي...
ومرت السنون ...
وانقطع تواصلي مع الصم بسبب إنشغالات الحياة المختلفة...
إلا أن تواصلي مع الزميل العزيز أبوطيبة لم ينقطع ...
وقبل بضع سنوات...
طلب مسئول دائرتي التي أعمل بها عن طريق سكرتيره حضوري لمكتبه ....
وكنت آنذاك معلماً أقدم دورات شرعية للسجناء دون سن الرشد ....وكنت أواجه مصاعب ومتاعب ومشاكل متعددة ... وكان هناك شد وجذب مع بعض الجهات والأفراد ... وهذه الأجواء جعلتني أذهب وفي ذهني عشرات الأسئلة ....
وما إن دخلت مكتب المسئول ... إلا وكانت المفاجئة ....
حيث قال لي : لقد اخترناك لتقديم تصور لإقامة مؤسسة شرعية لتعليم الصم ...
ولم يكن يعلم يوماً بقصتي معهم ...!!!!
فقلت سبحان الله لقد دارت الأيام وشاء الله أن أعود لهذه الفئة ولكن هذه المرة بعمل مؤسسي منظم ومتميز ...
وبعد سلسلة لقاءات واجتماعات دارت عجلة الدورات الشرعية وبدأنا العمل مع الصم ...
والجميل في الامر ان هذا الزميل الذي عرفني عليهم هو نفسه الان معلم ومترجم مادة الشريعة معنا ...
وتوالت النجاحات بحمد الله ...وراينا صماً لم يكونوا يقرأون ويكتبون ...
تعلموا القراءة علي يد معلمينا ...الافاضل ...
وصم كانوا في حالة نفسية صعبة ...تغيرت نفسيتهم وتحسنت أحوالهم أسرياً ...وجائتنا خطابات من عائلاتهم تشكر جهود العاملين ...
عزيزي القارئ ...
ما أجمل أن ترى سعادة إخواننا الصم أثناء فعاليات المؤسسة المختلفة سواء ...
العلمية أوالترفيهية أوالإنسانية ....
إنها لحظات يعجز عن وصفها القلم ولا يشعر بحلاوتها إلا من رآها وعايشها ...
""""
معاشر النبلاء ...
في الحلقة القادمة ...
نتناول ...مشاهد من عالم الصم ...
ومعلومات عن حياتهم وآلامهم وآمالهم ...
و يعود الداعية نبيل العوضي ...للأضواء من جديد...
في قصتنا هذه...
والله نسال لنا ولكم التوفيق والسداد ،،،