إن علاقة الزواج بين الذكر والأنثى لا تؤثر على الإنسان عاطفيا فحسب ، بل أن ما تنطوي عليه من مشاعر الحب تؤثر فسيولوجيا على الشخص ، وتؤدي الى نشاط الجهاز اللمبي وهو سبع أعضاء موجودة حول جذع المخ مسؤولة عن مشاعر الحزن والقلق ، الهم والغم ، الاكتئاب والوسواس ، الرعب والخوف ، الحب والكره ،..وغير ذلك من المشاعر الوجدانية .
وتفسير الحب من ناحية دماغية عاطفية ، هو الشعور بالرغبة في االقرب من شخص آخر وتأمين كل احتياجاته.
فهناك جزء من الحب نعيه ، وجزء آخر لا نعيه...
ولذا نرى الكثير من الأزواج - خاصة بعد مضي فترة طويلة من الزواج - ورغم كل الإختلافات التي بينهما ، إلا أن احدهما لا يستطيع تصور الحياة من غير الآخر.
النشاط اللمبي يتزايد مع الاعتياد على القرب ، ويساهم بشكل فعّال في زيادة تقبل أحد الطرفين للآخر وتهيئة كل شخص أرضية مشاعره الخاصة لاستقبال مشاعر الآخر وطبيعته وأخطائه وعاداته ، وهكذا يعتمد أحدهما على الآخر فسيولوجيا ، مما يجعلهما متشابهين عاطفيا ، وبالتالي نرى الزوجين اللذين عاشا معا فترة زمنية طويلة يشعران بالارتياح لوجود الطرف الآخر بالقرب ،فقد نشأ اعتياد على وجوده ، يؤثر هذا على حصولهما على الدعم ، الارتياح ، القوة ، الطمأنينة .لأن ايقاع العقل والجسد يستقر ......
وهذا ما يسمى ، حب الشيوخ !
لذلك تسمع ممن هو متزوج لخمسين عاما يقول : أشعر بالوحشة عند غيابها ولو لفترة قصيرة ، لا يمكن ان آكل منفردا فإني لا اشبع أبدا ،
بينما تقول زوجته : لا يستطيع الأولاد الحلول محل الزوج ، كيف لي أن اعيش بدونه ، أريده أن يعتني بصحته ليطول عمره !
إن أحدهما ينظر للآخر على أنه أقرب شريك في الدنيا ، ويعرف أحدهما الآخر أكثر من اي شخص في حياتهما ، لا يمكن لأحدهما تخيل الحياة دون الآخر .
إن هناك نتيجة فسيولوجية حقيقية مذهلة ستسعد الزوجات ، أكثر مما تسعد الأزواج !
أنه كلما طال عيش الزوجين معا ، كلما تعمّق الحب بينهما ، سواء كانا سعداء أم لا .
الشغف الكبير ، والوقوع بالحب شعور لا يدوم ،
بل أن معرفة الشريك بالآخر واحترامه في الحياة اليومية هو ما يدوم .
لا نبلغ الحب الحقيقي الا بمعرفة الشريك الآخر ، واختباره ضمن سلسلة تجارب يومية ، ومعرفة صفاته ، ما يعجبك فيه وما لا يعجبك ، فالحب حالة من الإحترام والمعرفة المتبادلة وهذا أكثر ديمومة .
عندما يصبح الزوجان متشابهين ، فإن نظام القيم وردود العقل تصبح متشابهة
هذا التشابه في أجزاء من الدماغ العاطفي التي تحدث بفعل القرب سنين طويلة ، تنتج سلسلة من الخلايا الدماغية تشكل في مجموعها شبكة الحب ... لذلك تسمع كثيرا من امرأة مسنة : بعد وفاة زوجي لا أطيق عدم وجود أحد لأخبره أني مريضة !
كان زوجي يعرف ما بي دون أن أخبره ، أشعر بوحدة كبيرة لعلمي أن زوجي غير موجود لأخبره أني مريضة جدا .
ولهذا تكون خسارة الشريك الآخر ، أشبه بخسارة الدنيا ، لأن كليهما في هذه العلاقة قد وظّف الكثير من المشاعر والعواطف ، وتهشّم هذه العلاقة هو مصدر إجهاد وضغط فسيولوجي يسبب مجموعة من الأمراض.
إن الشريك يساند جسديا وفكريا ، وبخاصة في موضوع الحديث والمشاعر ... مفاتحة الهموم وحلّها .
لهذا السبب من المهم أن يكون لديك من تثق به وتكلمه ،
لكي تحافظ على صحتك بشكل أطول ، ينبغي أن تهتم بأواصر ونوعية العلاقات مع الآخرين ، أكثر من اهتمامك بتمارين الرياضة ورفع الأثقال ! ، لأن فتح حديث مع شخص والتحدث عن الأحلام والإهتمامات أكثر فعالية في الصحة النفسية والجسدية من التمارين البدنية .