أختي الفاضلة ،،،
دعك من هذه الوساوس ، احب ان اطمئنك الى ان الحياة لم تفت بعد ، ولم يفتك شيء ، كل شيء من الممكن تعويضه الا ان يفقد الانسان صبره وثقته وحسن ظنه بالله والا كيف تقولين عن نفسك انك متدينة ومؤمنة بالله ؟؟
والدراسة التي تتوهمين ان لها فترة محددة في العمر ويمر قطارها ، من الممكن تعويضها والبدء من جديد ، اعرف كثيرين ممن كانوا اميين اصلا واكبر منك بكثير ، ومع ذلك ثابروا وصبروا وواظبوا واجتهدوا وحصلوا على الشهادات العليا.لا اعرف شيئا عن نظام الثانوية العامة لديكم ولكني اعتقد ان الأمور تحسنت في كل مكان واصبح من السهل الإنتساب في اي وقت الى الثانوية العامة واحراز الشهادة ، وحتى وان كان الأمر غير ذلك لا بد من ان تجدي طريقا الى مستقبلك من خلال ابواب كثيرة،
اذكر انني في السنة الثانوية بالذات تعرضت لوسواس قاتل كنت مقتنعة دوما انني لا احفظ شيئا ولا افهم شيئا وانهي دراسة الكتاب ثم ينتابني شعور انني لا اذكر شيئا ، فأعيد من البداية لأسكت الوسواس، ولكنه لا يسكت ابدا ، وهكذا استمر طوال اليوم والليل اعيد واكرر، وعندما ذهبت الى اول امتحان ، وقبل ان استلم ورقة الاسئلة تحولت وساوسي الى يقين تام بالفشل ، فتركت الامتحان وعدت الى البيت وانا كلي قناعة انني فشلت السنة وضاعت جهودي ادراج الرياح ، وانني لن اصلح لأي شيء آخر ، الا ان معلمة صالحة لحقتني في طريق المغادرة وكلماتها بثت فيّ الايمان والاستمرار ، وشعرت انني أضيع مستقبلي بسبب خوفي من اشياء انا متمكنة منها واقوى منها ؟ وأعادتني ، صحيح انه فاتني من مدة ساعات الامتحان الثلاث ساعتين ، وانجزت ما انجزت خلال اقل من ساعة، ولكنني نجحت بالسيطرة على ضعفي ، لم اهتم لما قاله الكثيرون أن عينا حاسدة اصابتني وانني تعرضت لسحر حتى يهبّط من معنوياتي واتعرض للفشل في دراستي.
قد يكون هذا صحيحا ،وقد يكون السبب نفسيا الخوف ورهبة الامتحانات ، والخوف من شماتة الآخرين وسخريتهم ، ولكنه في النهاية وسواء كان هذا او ذاك الا انه سيؤثر سلبيا على مستقبلي ، و العلاج في الحالين لن يتم الا عن طريقي ، فلم اصبح اسيرة لهذه الافكار ، نسيت التفوق ، وتعاملت مع وضعي الراهن ، وكثّفت من جهودي، والمادة التي كانت تحتاج مني الى ثلاث ساعات للدراسة ، اصبحت تحتاج الى عشرين ساعة ، لأني أصبحت كثيرة النسيان لما احفظه فكنت اعيد كثيرا ، وكثيرة الشرود في اوقات المذاكرة فوضعت وقتا اضافيا للشرود والسرحان ( لا تضحكي ) كنت احدد لنفسي من الساعة كذا للساعة كذا سرحان وشرود واحلام يقظة ، وكنت استعين بمنبه الساعة ليوقظني من تجاوز شرودي ومخيلتي ، وكنت اخاف من تطبيق ما فهمته ، فوضعت وقتا اضافيا لحل المزيد والمزيد من الأمثلة حتى أحاول ان اسيطر على الخوف، ولم تتركني الوساوس ابدا والتي كانت ترهبني وانا في طريقي الى المدرسة فخطوة الى الوراء وخطوة الى الأمام، وكنت أتخيل اني ارى اكواما واهراما من العيون الحاقدة والساخرة والشامتة تلاحقني في كل مكان ، وتتجلى حدة هذه العيون في لحظات الامتحانات فتنتابني رغبة شديدة في ان اطلق ساقي للريح واهرب من الواقع والوذ بعالم الخيال واستسلم لأحلام اليقظة، ولكني قاومت هذا الإلحاح بالهروب ، و توقفت عن التفكير بما يدور بأذهان الناس حولي ، فليس من المعقول انني مهمة الى الدرجة التي يقضي الآخرون ليلهم ونهارهم بالتفكير فيّ وفي نجاحي وفشلي ، وضعت في رأسي أني قد لا احصل على علامة التفوق المنتظرة مني، الا انني لا اريد ان افشل ، واصلت ليلي مع نهاري بالمذاكرة وازددت قربا من الله وانا كلي ثقة وإيمان ان الله لن يضيع جهودي، وانني بالنهاية سأحصل فقط على ما كتب الله أن احصل عليه وما سيكون حالي عليه.وها انا الى يومي هذا ، اتوقع دوما ان ينهار ما احلم به واتمناه واسعى اليه ، ولكني على ثقة تامة انني لن انهار ولن افشل وستبقى شخصيتي متماسكة .والا فكيف سنواجه الظروف الصعبة.؟
في الحياة اختي ما هو اصعب من مرحلة الدراسة بكل صداعها ، هناك محطات حرجة كثيرة ، اشد ألما واكثر صعوبة ، قد تواجهنا في حياتنا المقبلة ان لم ينجح ايماننا وثقتنا بالله بتجاوزها وعدم التكسّر امامها ، فنحن فعلا لا نستحق الحياة .