عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-08-2005, 07:35 AM   #2
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

افتراضي

وطبقا لتوالي سرد التجربة فان درالين لم تكن تؤمن بجدوى هذه المحاولة العلاجية ورغم أنها لم تلحظ أية تغييرات في حالتها إلا أنها عادت مرة أخرى إلى «باتريشيا» لتكرار المحاولة وتصادف أن «درالين» كانت غير مرتبطة بأية عروض راقصة في ذلك الوقت وانشغلت بأشياء أخرى ونسيت تماما النتوء العظمى في قدمها.

وبعد شهر لاحظت اختفاء النتوء من قدمها تماماً ولم يعد بعد ذلك أبداً! وهناك أكثر من احتمال لتفسير ما حدث لدرالين: الأول هو نجاح العلاج ال****** الجسدي لمعالجة باتريشيا على الرغم من عدم وجود أي دليل علمي يؤكد ذلك وهو الأمر الذي يطرح سؤالاً مهما: هل يمكن أن يكون لمثل هذه القوة العقلية تأثير على ما حدث لدرالين؟ يجيب الكاتب انه لا بد أن نترك المجال مفتوحا لهذا الاحتمال فهناك مقولة معروفة بين الأطباء تشير إلى هذا ما دمنا لا نملك دليلاً علميا على أن هناك نوعا معينا من العلاج له تأثير على مرض ما فهذا لا يعني أنه ليس له أي تأثير على الإطلاق، والاحتمال الثاني هو ضمور النتوء العظمي ذاتيا ويعتمد هذا الاحتمال بصورة أساسية على فكرة النظر إلى العظام على أنها جزء من أجزاء الجسم بل إن الحقيقة انه من اكثر الأنسجة الجسمية ديناميكية ولذلك فقد نما من هذا النسيج جزء ظهر على هيئة نتوء نتيجة لضغط موضعي على العظام وعند انتهاء هذا الضغط وجد الجسم أنه ليس هناك حاجة لهذا الجزء الزائد فامتصه.

أما الاحتمال الثالث فهو أن النتوء العظمي تحسن من تلقاء نفسه وهذا الاحتمال لا بد أن يوضع في الاعتبار لان هناك عاملا آخر هو «التطور التاريخي الطبيعي» للمرض وهو من الأشياء المهمة التي تشبه الاستجابة الحقيقية للعلاج بالبلاسيبو، الا أن هناك عاملا واحدا يقف ضد هذا الاحتمال وهو ما يعتقده اثنان من الأطباء الممارسين وهو أن هذا النتوء استمر وقتا طويلا لدرجة انه لا يمكن معها أن يختفي من تلقاء نفسه.

والجسم البشري يفرز تلقائياً مادة تسمى «الشفاء الذاتي» لكنه أحياناً يكون بطيئا في إفراز هذه المادة وفي هذه الحالة يكون في حاجة إلى مساعدة خارجية لحث صيدلية الجسم على العمل بكفاءة أكثر. وكذلك الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو، فهي تحتاج إلى مساعدة خارجية تتمثل في بعض العقاقير الإيحائية لتساعد على الشفاء.

وجسم الانسان تركيبة معقدة يعد أحد أهم ملامحها تكوينه للعلاج المناسب للخلل الوظيفي الذي قد يصيب أحد أجزائه. فهو يقوم بإفراز بعض العناصر الكيميائية أوتوماتيكيا لعلاج المرض بمقدار معين وهو ما يعرف بالصيدلية الداخلية أي المصطلح الذي يلقي بعضا من الضوء على الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو الذي طال الجدال حوله في القرن الماضي.

وعندما نأخذ نظرية «الصيدلية الداخلية» في الاعتبار لا يمكننا أن نرى فرقاً ملحوظاً بين قدرة قوة الخيال على العلاج والقوى الجسمية المتأصلة للعلاج.

فالصيدلية الداخلية هي إحدى القوى الجسمية المتأصلة للعلاج بمعنى أنها موجودة كجزء أساسي من أجزاء الجسم، فهي ليست خاصية مكتسبة يكتسبها الجسم بالخبرة أو الممارسة ولا هي خاصية إضافية.

وفي العلاج التلقائي يتجه الجسم لشفاء نفسه دون الاعتماد على أية رسائل داخلية أو خارجية موجهة للمخ لاستثارة هذا العلاج.

لكن في العلاج بالبلاسيبو يعتمد الجسم بصورة أساسية على رسالة موجهة إليه لها إيحاء معين ويتم توجيهها للمخ إما عن طريق المريض نفسه وإما من الشخصية المعالجة له.

هذه الرسالة تعمل على حث المخ ودعمه لرفع تأثير علاج موجود بالفعل في داخل الجسم أو بمعنى تحسين سير العملية العلاجية ويصنف د. اندرو تايلور مؤسس علم التخدير بأنه «مخزن الدواء الإلهي».

كما تمكن العلماء مؤخراً من التوصل إلى أن جسم الإنسان يقوم بإنتاج مادة كيميائية مخدرة هي «اندروفين» التي تعمل على التخدير وتسكين الآلام والتي يتم إنتاجها ضمن عناصر الصيدلية الداخلية للجسم.

و ليست هناك قاعدة تقضي باختيار الجسم أو تفصيله بين العلاج الداخلي أو الخارجي لشفائه وإنما يحدث الشفاء السريع عن طريق ربط العلاج الخارجي بنتائج عمل الصيدلة الداخلية.

و من الملاحظ أن الاتجاه العام في الطب أو في أي نظام علاجي يعتمد إلى حد كبير على مهارة وقوة المعالج مع إهماله القوة العلاجية للمريض وهو الاتجاه الذي يحاول الطب البديل تبنيه هذه الأيام مما زاد من شعبيته عن العلاج التقليدي بمراحل.

الصيدلية الداخلية
و يعتبر مصطلح " الصيدلة الداخلية" عاملاً مهما يؤكد مساهمة المريض الفعالة في العملية العلاجية وهو كما يقول الكاتب المصطلح الذي يعطي صورة شاملة وإيجابية وموضوعية للعلاج بالبلاسيبو لأن عدم التأكد من نتائج العلاج بالبلاسيبو يعتبر إحدى النقاط الأساسية التي تقودنا إلى تقدم العلاج والتي تجعل العلماء يرفضون الاقتناع بالعلاج بالبلاسيبو لأنهم يفضلون الحقائق والأمور التي يمكن التنبؤ بنتائجها من خلال وقائع تقترب من درجة القوانين خاصة الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو لا تعطي نفس النتائج دائما فالعلاج الذي ينجح مع بعض المرضى ربما لا يفيد في حالات أخرى مشابهة.

و للتأكد من نسبة الشفاء المذكورة في الدوريات العلمية نتيجة لاستخدام العلاج بالبلاسيبو لعلاج قرحة المعدة وهي شفاء ثلث المرضى المعالجين بهذه الطريقة قام بعض الأطباء بإجراء دراسة على استخدام البلاسيبو مع مرضى القرحة ومقارنته باستخدام دواء جديد كان قد ظهر في السبعينيات واعتبر ثورة في علاج القرحة في ذلك الوقت لأنه يعمل على إرجاع الحامض المعدي السبب الرئيسي لحدوث القرحة.

و كانت النتيجة أن نسبة الشفاء المذكورة التي تم شفاؤها عن طريق العلاج بالبلاسيبو قد اقتربت تماماً ممن طرق العلاج التقليدية الأخرى وهي نسبة صحيحة وحقيقة.

من هنا فإن السبب الحقيقي وراء عدم اقتناع العلماء بهذه النسبة هو عدم اهتمام العلماء بالنتائج التي يحققها العلاج بالبلاسيبو لذلك فإنه عندما تتساوى نتائج العلاج بالإيحاء مع أي نوع تقليدي آخر فإن العلماء يذكرون نجاح العلاج التقليدي فقط دون لعلاج بالبلاسيبو.

و القضية الحقيقية - على حد تأكيد الكاتب - للعلاج التقليدي ليست في كيفية نجاح تعامله مع المرضى الذين يتجهون لاستخدام العلاج البديل. و لكن في كيفية استعادة العلوم والمعرفة التي افتقدناها عن هذا النوع من العلاج.

و الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو من خلال الصيدلية الداخلية للجسم تمثل نقطة تقاطع مهمة مع العلاج التقليدي والبديل، خاصة أن العلاج التقليدي ما زال يلقي الاهتمام والاستحسان عن العلاج البديل أكثر من أي وقت مضى.

و بالمقارنة بين طريقتي العلاج التقليدي والبديل يجب أن نضع في الاعتبار كلتا الطريقتين قد تم استخدامهما على نطاق واسع في مجال العلاج. إلا أنهما كانت كثيرا ما تحجبان المعلومات أكثر مما توضحانها.

علاقة متبادلة
وقد أوضح أطباء العلاج التقليدي إلى أي مدى تصل أهمية ارتباط العقل بالجسم وهو ما يتحقق بإشراك المريض في العملية العلاجية بجميع مراحلها على نحو يقوم به أطباء العلاج البديل الذين يوثقون علاقتهم بمرضاهم بينما يكتفي الأطباء الآخرون بمجرد إعطاء المريض الدواء من دون التحدث معه أو الاستماع إليه لأنه ينظر إليه باعتباره مجرد مستقبل للدواء وبالتالي يصبح شفاؤه متوقعا مع إغفال تام للطبيعة النفسية للمريض وموقفه من الشفاء.. ورغم ذلك اضطر الأطباء التقليديون إلى الاعتراف بالطب البديل عن تراض منهم واقتناع.. مما أدى إلى قيام بعض الأطباء التقليديين بدراسة العديد من أنواع الطب البديل لعلاج مرضاهم بالطريقة التي يرونها.

وهناك فارق كبير بين العلاج التقليدي والبديل اليوم الذي يعتمد بصورة أساسية على الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو ليحقق نتيجة جيدة في الشفاء اكثر من الدواء التقليدي لان هناك بعض الأمراض التي لا يمكن علاجها بالعلاج التقليدي وفي هذه الحالة يبدأ المريض في البحث عن العلاج البديل للقضاء على الآلام المزمنة والتهاب المفاصل الذي لا يتأثر ولا يتحسن بالعلاج التقليدي ولان المعالجين ينظرون للمرضى باعتبارهم عاملا فعالا ومشاركا في العلاج ويضع المرضى موضع المتحكم أو المنظم للعلاج فيمكنهم اختيار الأعشاب المريحة وانتفاء المعالج ال****** المناسب.

ووجدت الاستجابة للبلاسيبو أخيراً مكانها المناسب والصحيح في التشابه مع العلاجات الأخرى ويرجع ذلك إلى نقطة التلاقي الخصيبة بين كل من العلاج التقليدي والبديل.

ويرى الكاتب أن هناك تأثيرا رمزيا لكلتا الطريقتين التقليدية والبديلة والتي يعزو إليها التأثير في معنى ما إذا كان الشخص مريضاً أو معافى كما أن النوعين من العلاج يتطلبان فترة زمنية طويلة لتحقيق الشفاء.

والحالات التي استجابت للعلاج بالبلاسيبو كانت كلها نتيجة لتحدث المريض عن مرضه ووجود من يستمع له ويجد في المقابل شرحا لمرضه وطريقة علاجه وما المفروض أن يفعله تجاهه. ويشعر بان هناك من يهتم به ويشعر بأهمية هذا الاهتمام. مما يؤدي إلى وصول المريض إلى إحساس قوي بالقدرة على التحكم في مرضه أو أعراضه.

وفي الحقيقة يبدو أن هذه الطريقة مؤثرة في الحالات الحرجة التي يواجهها العلاج التقليدي ولا تأتي بنتيجة جيدة. أما نوعية المرضى الذين يقبلون على الطب البديل فهي لا تقتصر على فئة معينة وإنما تمتد إلى المتعلمين والمصابين بأمراض خطيرة بالإضافة إلى الأمراض النفسية

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة