بارك الله فيكم اخي المشفق والأخت اسلامية .
وما من ألغاز ولا شيء من هذا القبيل , إن هي الا مقدمات ضرورية لسير الحديث , والنقاش يحتاج إلى خطوات هادئة وروية , فصبر جميل .
أما وقد اتفقنا على أهم نقطة في الموضوع وهي أن القرآن الكريم وما سبقه من قبل هو كلام الله , وأنا بذلك من المؤمنين , ندخل الآن في صلب الموضوع .
يقول الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ** - الشورى51 –
نرى من هنا أن كلام الله للبشر لا يكون إلا بطرق ثلاث بينها سبحانه وتعالى في كتابه الكريم .
1)وحيا .
2)من وراء حجاب .
3)إرسال رسول .
أي أن تلقي رسول الله عليه الصلاة والسلام للقرآن الكريم ( كلام الله ) لا يخرج عن هذه الطرق الثلاث .
طريقتان بلا رسول ( وحيا ) و ( من وراء حجاب ) .
وثالثة عن طريق رسول ( أو يرسل رسولا ) .
فالطريقة الأولى ( الوحي ) وهي من الله سبحانه إلى نبيه مباشرة بلا وسيلة .
والثانية ( من وراء حجاب ) هي أيضا من الله إلى رسوله مباشرة بلا وسيلة .
ولعل الأخت اسلامية توافق على ذلك وهي التي بينت وجها من وجوه الوحي حين قالت : " الخامسة : أنيكلمه الله سبحانه إما في اليقظة كما حصل في ليلة الإسراء ، أو في النوم ،كما ورد في حديث معاذ : [ أتاني ربي فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى... [.
وقدأخرج ابن سعد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : [ كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم إذا نزل الوحي يغط في رأسه ويتزبّد وجهه ويجد بردًا فيثناياه ويعرق حتى يتحدر منه مثل الجُمان[.
والثالثة ( يرسل رسولا ) وهي أيضا من الله إلى رسوله مباشرة ولكن بوسيلة والتي هي الرسول .
فهل نجد هنا من مراحل في كلام الله لرسله ؟
لا أجد ذلك في الطريقة الأولى ولا في الثانية ولا حتى في الثالثة , وما وجدناه في الثالثة ليس إلا وسيلة وطريقة ( رسول ) وليس مرحلة أو شيء من هذا .
فأرى الآية الكريمة واضحة في أن كلام الله تعالى كان يباشر الرسل دون مراحل تذكر .
ولقد كلم الله موسى من قبل تكليما في التوراة , فهل نزل الكلام حينئذ إلى اللوح المحفوظ ثم إلى بيت العزة ثم إلى جبريل ثم إلى موسى ؟
وكذلك أرسل الله إليه جبريل أيضا , فهل كان ذلك على مراحل ؟
ولقد أوحى الله إلى إبراهيم وعيسى و جميع الأنبياء كلامه , فهل كان على مراحل ؟
ولعل الله سبحانه أراد أن يؤكد لنا هذا بقوله : **وَكَذَلِكَأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ** - الشورى52 –
أي وبهذه الطرق وكما كلمنا موسى وكما أرسلنا جبريل من قبل وأوحينا إلى الرسل من قبلك , وكما كان كلامنا ووحينا إلى الرسل من قبل , أوحينا إليك هذا القرآن .
فهل نلتمس هنا أي مرحلة تذكر ؟
هذه البداية , وفي انتظار آرائكم , في هذه النقطة , ثم نكمل إن شاء الله تعالى .