
،،،،،،
بارك الله فيكم أخي الحبيب ( عبدالله المصري ) ، اعلم - يا رعاكم الله - أن أخذ العهد على الجن والشياطين أو القسم عليهم باسم الله الأعظم مجانب للصواب وإليكم دليل ذلك :
لا بد أن تعلم أخي الحبيب بأن ديدنهم - أي الجن والشياطين - الكذب ولا يستبعد مطلقاً أن يحصل منهم مثل هذا الأمر ، ولذلك نوصي بأنه إذا قرر الجني بإذن الله وحده الخروج ، يأخذ المعالِج عليه العهد أن لا يعود ثانية ، ويكون العهد قائما بين ذلك الجني وبين المعالِج نفسه كأن يقول :
[align=center]( أعاهدك 000 عهدا بيني وبينك أن لا أؤذيه 00 وأن لا أؤذي مسلما 0 وأن لا أعود إليه ما حييت )[/align]
ونحو ذلك من الألفاظ 0
قال ابن مفلح – رحمه الله - : ( كان شيخنا – يعني شيخ الإسلام ابن تيمية – إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه وأمره ونهاه ، فإذا انتهى وفارق المصروع أخذ عليه العهد أن لا يعود ، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارق ؛ ضربه حتى يفارقه ) ( الفروع – 1 / 607 ) 0
وقد ورد في بعض الكتب عن الكيفية التي يؤخذ بها العهد على الجن والشياطين أو الاقسام عليهم بعدم إيذائهم للإنسي أو التعرض له ، كقولهم :
[align=center]( أعاهدك بالله العظيم الذي سخر الجن لسليمان والذي فلق البحر لموسى والذي أحيا الموتى لعيسى ، أن لا أوذيه وأن لا أوذي مسلما وأن لا أعود إليه ، والله على ما أقول وكيل شهيد )[/align]
أو بنحو ذلك من أقوال 0
وأخذ العهد بهذه الكيفية مجانب للصواب لتعارضه مع ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن سليمان بن بريده عن أبيه - رضي الله عنهما - قال :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته 000 ( إلى أن قال ) وإذا حاصرت أهل حصن ، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه 0 فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه 0 ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد ( 3 ) – برقم 1731 ) 0
قال النووي : ( قال العلماء الذمة هنا العهد تخفروا بضم التاء ، يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده ، وخفرته أمنته وحميته ، قالوا وهذا نهي تنزيه أي لا تجعل لهم ذمة الله فإنه قد ينفضها من لا يعرف حقها وينتهك حرمتها بعض الأعراب وسواد الجيش ) ( صحيح مسلم بشرح النووي - 10 ، 11 ، 12 / 400 ) 0
وقد سئلت اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء عن حكم الدين في الذين يقرأون على الناس بآيات الله الكريمة وبعضهم يحضرون ويشهدون الجن ويتعهدونهم بعدم التعرض للشخص الذي يقرأ عليه هؤلاء ؟؟؟
فأجابت - حفظها الله - : ( رقية المسلم أخاه بقراءة القرآن عليه مشروعه وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية ما لم تكن شركا 0 أما من يستخدم الجن ويشهدهم ويأخذ عليهم العهد ألا يمسوا هذا الشخص الذي قرئ عليه القرآن ولا يتعرضوا له بسوء فلا يجوز 0 وصلى الله على نبينا محمد وإله وصحبه وسلم ) ( مجلة البحوث الإسلامية - فتوى رقم 7804 - 27 / 61 ) 0
قال صاحبا الكتاب المنظوم " فتح الحق المبين " : ( يلجأ بعض القراء إلى أخذ العهد بالله على الجني بأن يخرج من المصاب وأن لا يعود إليه مرة ثانية ، وكثيرا ما يعاهد الجن بالله ثم ينقضون العهد ، لذا لا ينبغي للقارئ أن يعاهد الجن بالله وقد ورد النهي عن ذلك ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين – ص 137 ) 0
والذين تمرسوا في الرقية الشرعية يعلمون بخبرتهم وتجربتهم أن كثيرا من الجن والشياطين يخلفون العهد والميثاق ، وكما بين الإمام النووي - رحمه الله - ففي ذلك العهد كراهية تنزيه لا تحريم ، فالأولى تركه ، ويؤخذ العهد كأن يقول :
[align=center]( قل : اعاهدك عهدا مغلظا بيني وبينك أن لا اؤذيه وأن لا اؤذي مسلما وأن لا أعود إليه ابدا ، وأنا عند العهد والوعد )[/align]
ونحو ذلك من أقوال 0
فيجعل العهد بينه وبين الجني أو الشيطان ويخرج بذلك من الحرج الشرعي المتعلق بهذه المسألة 0
وهذا يؤكد على كذبهم ونعتهم بهذه الصفة ، وقد ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والحديث طويل والشاهد منه :
( أما أنه قد صدقك وهو كذوب ، إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُو الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) ( سورة البقرة – جزء من الآية 255 ) حتى تختمها فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ) ( صحيح الترغيب والترهيب – 658 ) 0
وهناك مسألة مهمة : فهل تعتقد أخي الحبيب بأن الجني ساذج لهذه الدرجة حتى يندفع للإمام أو الخلف ، وحال من يفعل ذلك لا يختلف عن حال من يطالب المريض بفرد يديه فإن تحركت إلى الأعلى قال سحر وإن نزلت للأسفل قال عين وهكذا دواليك ، والأولى في حق المعالج أن يبتعد عن الأمور المشتبهة خوفاً من سوء الظن به ، والله تعالى أعلم وأحكم 0
ويكفينا أن نعلم بأن سلاحنا الرئيس في مواجة الجن والشياطين هو الكتاب والسنة 0
زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0