عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-11-2007, 08:13 PM   #1
معلومات العضو
محمد170

Icon41 صحة القلب . د.حـسان وصفي شمسي بـاشا

ضجة الستاتين .. حقيقة أم مبالغة ؟ (1)



نشرت هذه المقالة في مجلة العربي

1 / 8 / 2004



هل يكفي أن تتناول قرصًا من مركبات (الستاتين) وتتمتع بتناول ما لذّ وطاب من الدهون واللحوم والحلويات? هل صحيح أن أدوية الستاتين ينبغي أن تكون كالأسبرين يستعملها كل مرضى شرايين القلب? وهل صحيح أنه ينبغي أن نخفض مستوى الكولسترول الضار عند مرضى القلب إلى أدنى مستوى ممكن? وأن على مرضى السكر تناول أحد مركبات الستاتين بغض النظر عن مستوى الكولسترول لديهم?

أدوية (ستاتين) هي مجموعة من الأدوية الخافضة للكولسترول تتشابه في طريقة تأثيرها وتنتهي أواخر أسمائها بمقطع (ستاتين), ومن هذه الأدوية Atorvastatin Pravastatin, Simvastatin, Fluvastatin HMG Co A-reductase.



ظهرت هذه الأدوية في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين, وانتشرت بسرعة بحيث أصبحت أكثر الأدوية المستخدمة في خفض الكولسترول على الإطلاق...وإذا لم تكن أنت ممن يتناولون هذه الأدوية, فإن أحدا من أقربائك أو أصدقائك ربما يتناول أحد هذه المركبات. وفي أمريكا هناك أكثر من 15 مليون شخص يتناولون هذه الأدوية, ووفق آخر التوصيات الصحية فإن على 21 مليون آخرين تناول هذا الدواء للوقاية من مرض شرايين القلب التاجية. يقول الدكتور روي كوليتر من جامعة أكسفورد: (إن مركبات الستاتين ربما تكون الأسبرين الجديد لمرضى القلب!!).

وفي دراسة تحليلية نشرت في 28 يونيو 2003 في مجلة BMJ الشهيرة, أظهر الباحثون أن كل خفض للكولسترول بمقدار 1.8 ميلي مول/لتر (150/ملغ/100مل) يؤدي إلى خفض احتمال حدوث مرض شرايين القلب بمقدار 60% وخفض في احتمال حدوث السكتة الدماغية بمقدار 17%. ومركبات الستاتين المستعملة حاليا يمكن أن تخفض الكولسترول الضار بهذا المقدار.

وهناك دراسات بدئية تشير إلى أن مركبات الستاتين لا تقي من مرض شرايين القلب فحسب, بل إن فوائدها تمتد إلى الوقاية من خرف الزهايمر, وهشاشة العظام, بل ربما حتى بعض أنواع السرطان.

وقبل الحديث عن قاهر الكولسترول دعونا نعرف شيئا عن هذا العدو الرهيب!

الكولسترول مادة مهمة لكل خلية من خلايا الجسم, وهي بحق أكثر الجزيئات العضوية شيوعا في الدماغ. وتعتبر ضرورة لتشكيل الوصلات العصبية في الدماغ, التي تسمح للخلايا العصبية بنقل رسائلها من خلية إلى خلية. والكولسترول ضروري لتشكيل كل الهرمونات الستيروئيدية, بما فيها الأستروجين والتستوسترون والكورتيزون. ويقوم الكولسترول بتنظيم وظيفة أغشية كل خلايا الجسم, إضافة إلى تنظيم وظائف عدد من الأنزيمات. فالكولسترول مهم جدا للجسم ولكن المشكلة تكمن عندما تزداد مستوياته إلى معدلات عالية. وهي - بلاشك - إحدى أهم المشاكل الصحية في العالم المتحضر, وعلى الرغم من كل النشاط الإعلامي المركز في الولايات المتحدة في التنبيه على خطر الكولسترول, فإن نصف الأمريكان تقريبا مصابون بارتفاع كولسترول الدم!!

وخطر حدوث مرض شرايين القلب التاجية يزداد عندما يكون مستوى الكولسترول في الدم مرتفعا. وبالمقابل, فإن حمية فقيرة بالدهون, غنية بالألياف, إضافة إلى تغيير نمط الحياة يمكن أن يساعدا في خفض كولسترول الدم. ولكن الحقيقة المرة هي أن هذه الأمور قد لا تكفي للوصول بالكولسترول إلى المستوى المرغوب, ولحسن الحظ, فإن هناك الآن باقة من الأدوية الفعّالة التي يمكن أن تخفض كولسترول الدم بسرعة, ومن ثم تخفض خطورة ارتفاعه.

ولعل البعض يتساءل: كيف يرتفع كولسترول الدم عندي وأنا لا أتناول الحلويات أو الدهون في الطعام?

والحقيقة أن كبدك يصنع 80% من الكولسترول الموجود في جسمك. أما ما تبقى فتحصل عليه من المنتجات الحيوانية.



ولكي ينتقل الكولسترول عبر جسمك عن طريق الدم لابد له من أن يرتبط ببروتين خاص يحمله عبر الدم, وهذه المادة المكوّنة من الكولسترول والبروتين تدعى (ليبوبروتين). وهناك نوعان من الكولسترول: الكولسترول الضار وهو ما يسمى: (ليبوبروتين منخفض الكثافة), والكولسترول المفيد الذي يسمى: (ليبوبروتين عالي الكثافة), الأول يمكن أن يتراكم في الشرايين مع مواد أخرى مشكّلا ما يسمى (العصيدة الشريانية), ويمكن لهذه العصيدة أن تسد أحد الشرايين التاجية مما يؤدي إلى حدوث جلطة القلب (احتشاء العضلة القلبية) أو السكتة الدماغية. أما الكولسترول المفيد, فقد سمي بذلك لأنه يسهم في إزالة ما ترسّب على الشرايين من كولسترول.

وقد يكون لديك ارتفاع في الكولسترول الضار بسبب وراثي, أو بسب نمط الحياة التي تحياها أو بكليهما معا, فيمكن للجينات (المورثات) أن تعطي الخلايا أمرا بألا تزيل الكولسترول الضار من الدم بكفاءة, أو توحي إلى الكبد أن يصنع المزيد من الكولسترول. ولاشك أن نمط حياتك الذي تتّبعه يمكن أن يزيد من مستوى الكولسترول عندك, فقلة الحركة تخفض من مستوى الكولسترول المفيد, أما البدانة فتزيد من مستوى الدهون الثلاثية (تريجليسريد) - وهو نوع آخر من الدهون - وتخفض الكوليسترول المفيد.

إذا استمر مستوى الكولسترول الضار مرتفعا على الرغم من الحمية الغذائية والنشاط البدني, فإن طبيبك يمكن أن يختار لك دواء خافضا للكولسترول الضار, ولا تمنع هذه الأدوية من تشكل العصيدة الشريانية فحسب, بل تقلل من حجمها. وخلال بضعة أشهر من تناولها, فإن العصيدة الشريانية تصبح أكثر استقرارًا, وأقل عرضة لحدوث تمزق يمكن أن يسبب انسدادًا في الشريان أو خثرة فيه.

وقد أكّد العديد من الدراسات العلمية أن خفض كولسترول الدم يمكن أن يقلل من خطورة حدوث جلطة في القلب (احتشاء العضلة القلبية) أو الوفاة منها عند المعرضين لحدوث ذلك.

وبسبب تراكم كل هذه المعلومات, فقد صدرت توصيات المعهد الوطني الأمريكي للصحة عام 2001 بعد انتظار دام ثماني سنوات مؤكدة أهمية معالجة المرضى المعرضين لحدوث جلطة قلبية مثل المصابين بداء السكر أو ارتفاع ضغط الدم.

وهناك عدد من الأدوية التي تستعمل في علاج ارتفاع كولسترول الدم, منها:

1- مركبات Resins: مثل كولستيرامين, التي استخدمت لأكثر من عشرين عاما, فهي تنقص كولسترول الدم لارتباطها بالأملاح الصفراوية في الأمعاء. وهذه الأملاح تصنع أساسا في الكبد من الكولسترول, وتعد ضرورية لهضم الطعام. وعندما يرتبط بها هذا الدواء, فإن ذلك يحث الكبد على صنع المزيد من الأملاح الصفراوية. وبما أن الكبد يستخدم الكولسترول لصنع هذه الأملاح, فإن كمية أقل من الكولسترول تصل إلى الدم, فينخفض بذلك مستوى كولسترول الدم.

2- مركبات الفيبرات: مثل Gemfibrozil, وهذه المركبات تخفض الدهون الثلاثية Triglyceride, كما تزيد من مستوى الكولسترول المفيد, ولهذا فهي تستعمل بشكل أساسي في معالجة ارتفاع الدهون الثلاثية.

3- نياسين: الجرعات الكبيرة من الفيتامين (نياسين) يمكن أن تخفض الدهون الثلاثية, كما يمكن لها أن تخفض الكولسترول الضار, وترفع مستوى الكولسترول المفيد.

4- أدوية (ستاتين):

وتعمل مركبات الستاتين على تثبيط مادة يحتاج إليها الكبد لكي يصنع الكولسترول, وبالتالي تقلل من صنعه, وهذا ما يجعل الخلايا الكبدية تزيح الكولسترول من الدم. وتبعا لجرعة الستاتين, فإن هذه المركبات يمكن أن تخفّض الكولسترول الضار بمعدل يصل إلى 40%, وهذا ما يعتبر كافيا عادة لخفض الكولسترول الضار إلى المستويات المرغوبة.

ويمكن لمركبات الستاتين أن تساعد الجسم على امتصاص الكولسترول من داخل العصيدة التي تضيق الشرايين. وليس هذا فحسب, بل إن مركبات الستاتين تخفف العملية الالتهابية حول تلك العصيدة الشريانية, وهذا ما يزيد من ثباتها, ويقلل فرص حدوث تمزق فيها, وقد أكّدت الدراسات العلمية الموثقة أن أدوية الستاتين تخفض مستوى مؤشر التهابي مهم يدعى CRP, والذي ثبت أن له ارتباطا بزيادة حدوث مرض شرايين القلب.

والحقيقة أن مركبات الستاتين هي المركبات الوحيدة من خافضات كولسترول الدم التي ثبت بالدراسات العلمية أنها تخفض خطورة الوفاة من مرض شرايين القلب التاجية.

وطبقا لتوصيات المعهد القومي الأمريكي للصحة, فإن عدد الأشخاص الذين يجب عليهم أن يستخدموا مركبات الستاتين قد قفز في ليلة واحدة (ليلة صدور هذه التوصيات في 16 مايو 2001) من 13 مليون شخص إلى 36 مليون شخص.

وفي عام 2002 نشرت دراسة Heart Protection Study, وهي أكبر دراسة أجريت على أحد مركبات الستاتين على الإطلاق. فقد تضمنت بين جنباتها أكثر من 20 ألف مريض, وأظهرت الدراسة أن خطر الإصابة بجلطة القلب والسكتة الدماغية قد انخفض بمعدل 25% عند من تناول الستاتين. وإثر ذلك, قفزت مبيعات الستاتين بمعدل يصل إلى 33%, وقد وصلت مبيعات هذه الأدوية إلى أكثر من 13 بليون دولار, وهذه الأرقام تعني أرباحا كبيرة لشركات الأدوية العملاقة.

ونحن لا ننكر أن مركبات الستاتين تقلل من حدوث مرض شرايين القلب التاجية, وهو القاتل الأول في العالم الغربي. والمسئول عن موت أكثر من نصف مليون شخص في أمريكا سنويا.

بين الحمية والدواء

وعلى الرغم من التأكيد الشديد الذي وضعه المعهد القومي الأمريكي للصحة على ضرورة الالتزام بتغيير نمط الحياة كأول علاج لمحاربة ارتفاع الكولسترول, فإن العديد من المرضى لا يستطيعون الالتزام بنظام غذائي صارم, ولعل كثيرا من الناس يجدون في تناول قرص من الدواء أهون عليهم من الالتزام بالحمية والحرمان من أطايب الطعام

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة