[ أخي العزيز أرى ما نقلته يحتاج الى أن نقارنه بكلام الفقهاء المتقدمين وإليك التفصيل ا
حكم لبس المرأة للبنطال
فإن الأصل في اللباس الحل لا الحرمة ، فقد قال الله تعالى "(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) [(29) سورة البقرة] .
وقال ابن سعدي في منظومته الفقهية:
والأصل في مياهنا الطهارة والأرض والثياب والحجارة
فمن أدعى تحريم لباس معين فعليه الدليل .
ثالثاً : قول من خالف الحكم بالجواز مع عرض أدلتهم وعللهم :
وذهب المخالفون لهذا القول إلى أن لبس البنطال للمرأة محرم وذلك لعدة أدلة وتعليلات .
أدلة القائلين بالتحريم وعللهم :
أولاً :هو أن البنطال من لبس الكافرات وهو تشبه بهن ، وقد نهينا عن التشبه بالكفار ، لقوله صلى الله عليه وسلم كما عند الإمام أحمد في مسنده "من تشبه بقوم فهو منهم “ وجه الدلالة :هو أن الحديث يدل على أن النهي ، والنهي للتحريم ، فيحرم لبسه .
ثانياً :أن هذا البنطال يحدد جسد المرأة وتقاطيع جسدها، وهذا محرم .
ثالثاً : أن لبسه للنساء يدخل في التشبه بالرجال ، والتشبه بالرجال محرم لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال" . فلهذا يحرم .
فهذه علل ثلاث لمن قال بتحريمه .
رابعاً : الرد على القائلين بعدم الجواز :
فنأخذ العلل كلً على حِده :
العلة الأولى : وهي التشبه بالكافرات ، فحكمه هو الكراهة وليس التحريم ، والبنطال الآن ليس من زي الأعاجم الخاص بهم بل انتقل إلي جميع البلدان ، فالقول بالتشبه بالكفار مردود من هذه الجهة ، وإذا سلمنا بأنه من المشابه للكفار فحكم مشابهتهم هو الكراهة لا التحريم.
فعند السادة الحنابلة الكراهة : قال ابن قدامة في المغني في الجزء الثاني في صفحة300 طبعة عالم الكتب " يكره لما فيه من التشبه بأهل الكتاب ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بهم . ا هــ .وقال البهوتي في كشاف القناع الجزء الأول صفحة 260 " ويكره للرجل لبسة زي الأعاجم .... للنهي عن التشبه بالأعاجم . ا هــ .وجه الدلالة :أن الكراهة هي للتشبه .
وعند السادة الأحناف الكراهة : قال في بدائع الصنائع ج2 ص 444 (ويكره صوم يوم السبت بانفراده لأنه تشبُّهٌ باليهود (وجه الدلالة :أن المقصود من كراهة صوم يوم السبت هو التشبه باليهود فيدل على أن التشبه بهم مكروه وليس محرماً .
وقال في حاشية ابن عابدين ج 2 ص 83 ، للتشبه بأهل الكتاب: أي إن قصده فإنَّ التَّشبه بهم لا يُكْره في كل شيء، بل في المَذْموم وفيما يقصد به التشبه، كما في البحر. وجه الدلالة : أن التشبه يكره ولا يحرم بقيدين :
أولها :أن يكون العمل مذموماً .
ثانيهما :بنية وقصد التشبه .
وعند السادة المالكية : قال في التاج والإكليل لمختصر خليل ج1 ص77 (والمراد بهٍذا النهي التشبه بالعجم فيما فعلوه على خلاف مقتضى شرعنا، وأما ما فعلوه على وفق الندب أو الإيجاب أو الإباحة في شرعنا فلا يترك لأجل تعاطيهم إياه، فإن الشرع لا ينهى عن التشبه بمن يفعل ما أذن له فيه) .وجه الدلالة هو أن التشبه المكروه هو فيما يخالف شرعنا فقط .
فيتبين لنا من أقوال الفقهاء السابقين ما يلي :أن حكم التشبه بالكفار مكروه وليس محرماً بقيدين:
أولاً : أن يكون التشبه في عمل مذموم يخالف شرعنا
ثانياً : أن يكون بنية وقصد التشبه .
أما العلة الثانية : وهي تبيين مقاطع الجسد وتحديد حجم الجسم ، فهذا مكروه .كما عند السادة الحنابلة . كما قال ابن مفلح في الفروع الجزء الأول صفحة 299-300 طبعة دار الكتب العلمية " ويكره تغطية الوجه .... ، وشد وسط بما يشبه الزنار ، نص عليه وعنه لا ، زاد بعضهم : إلا أن بشده لعمل الدنيا فيكره ، نقله ابن إبراهيم ، ويكره للمرأة ، وعنه يكره المنطقة ، وزاد بعضهم وفي غير صلاة . ا هــ .
والبهوتي في كشاف القناع في الجزء الأول في الصفحة 258طبعة عالم الكتب " ويكره لامرأة شد وسطها في الصلاة ولو بغير ما يشبه الزنار لأن ذلك يبين حجم عجيزتها وتقاطع بدنها ، والمطلوب ستر ذلك ، ومفهوم كلامه : أنه لا يكره لها شد وسطها خارج الصلاة بما لا يشبه الزنار . قال في حاشية التنقيح : لأن شد المرأة وسطها معهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله ، كما صح أن هاجر أم إسماعيل اتخذت منطقاً ،وكان لأسماء بنت أبي بكر نطاقان ، وأطلق في المبدع والتنقيح والمنتهى : أنه يكره لها شد وسطها ."ا.هــ . وقال في صفحة 259 " ويكره للنساء لبس ما يصف اللين والخشونة والحجم لما روي عن أسامة بن زيد قال
(كساني الرسول صلى الله عليه وسلم قبطة كثيفة ، كانت مما أهدى له دحية الكلبي ، فكسوتها امرأتي فقال صلى الله عليه وسلم " مالك لا تلبس القبطية ؟" قلت : يا رسول الله كسوتها امرأتي .فقال : " مرها فلتجعل تحتها غلالةً ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها .ا هــ .
السادة الشافعية : قال في أسنى المطالب : ويكفي جرم يدرك الناس منه حجم الأعضاء كالسراويل الضيقة ، قوله "لكنه خلاف الأولى " أي للرجل أما المرأة والخنثى فيكره لهما .اهــ .
قول السادة المالكية : قال صاحب المنتقى شرح الموطأ " الجزء الأول صفحة 251 طبعة المكتب الإسلامي ": ويكره الرقيق الصفيق من الثياب لأنه يلصق بالجسد فيبدو حجم ما تحته وفيه بعض الوصف لما تحته .ا هــ .
وقال في حاشية الدسوقي ج1 ص151: قوله: (وكره لباس محدد) أي كره لبس لباس محدد للعورة ولو بغير صلاة، وإنما قدرنا لبس لأن الأحكام إنما تتعلق بالأفعال. قوله: (لرقته) أي وإنما حددها بذاته لأجل رقته أي والفرض أنه لا تبدو منه العورة أصلاً أو تبدو منه مع التأمل، وتقدم أن كراهة لبسه للتنزيه على المعتمد لا للتحريم. قوله: (كحزام) أي على ثوب غير رقيق، فالثوب المذكور محدد للعورة بسبب الحزام، ا هـ .
أما العلة الثالثة : وهي التشبه بالرجال ، فهذا محرم أي التشبه بالرجال .ولكن في مسألة التشبه بالرجال ضابط وهو :
أن يكون التشبه بخصائص أحد الجنسين بالآخر .
فالتشبه كما رأينا من ضابطيه هو أن يكون في خصائص أحد الجنسين بالآخر ، فإذا طبقناه على البنطال نرى أن البنطال صار عاماً لكلا الجنسين بل وحتى الأطفال ، بل ويوجد في الأسواق أنواع من البنطال خاص بالنساء ، فدل ذلك على أنه ليس من خصائص الرجال بل اشترك فيه الجنسان .